ابن تيمية حكما على الأمة

ومن سخافة المشهد أن المدافع عن وليّ الله النووي ما دافع عنه إلا لاعتقاده بجهله نفي أشعريته (الشيخ نزار حمادي)

ما بعد هدوء الغبار:

جل طلبة العلم وكثير من عوام المسلمين تابعوا الضجة المثارة حول وليّ الله تعالى الشيخ النووي والمناظرة بين دَعِيَّيْن من أدعياء السلفية ولكن أحدهما أكثر انسجاما مع قواعدهم الفاسدة من الآخر..

ومن سخافة المشهد أن المدافع عن وليّ الله النووي ما دافع عنه إلا لاعتقاده بجهله نفي أشعريته، وهو لغرقه في الجهل يظن أنه مصيبٌ في نفي أشعرية الإمام النووي، جعله فقط ذا أخطاء يسيرة هينة في العقائد لا تلحقه بالأشاعرة، وأما الطرف الآخر فإن كان جهولا وحقودا وتكفيريا إلا أنه محقٌّ في تمَسُّكه بنسبة الإمام النووي للأهْل السُّنة الأشاعرة.

وبالجملة فالمشهد عجيبٌ لأنه كشف في نفس الوقت عن أمور منها أن أدعياء السلفية فِرَقٌ وإن اشتركوا جميعا في الأخذ من نفس المستنقعات وهي كتب الدعوة النجدية التي رضعت سموم ابن تيمية وابن القيم:
ـ لكن منها فرقةٌ تحاول أن تظهر بمظهر الوسطية فيضللون النووي في عقائد كلية ولكنهم يتحاشون من تكفيره، ويرتكبون نفس الشيء من سائر أيمة أهل السنة الأشاعرة، وهؤلاء لهم مئات الرسائل الجامعية على هذا المنوال.

ـ ومنها فرقةٌ أخرى سيكون لها السطوة في مستقبل الأيام وهم الغلاة التكفيريون الذين يريدون تطبيق ما في تلك المستنقعات من السموم على أيمة أهل السنة الأشاعرة بل وطبقوها حتى على ابن تيمية بسبب أنه كان يعذر في العقائد بالخطإ الناتج عن الاجتهاد ويعذر بضروب من الجهل، فكفروه لأنه لم يكفر أعيان الأشاعرة.

وهذه الفرقة الأخيرة على قبحها وشدة شرّها بدأت تجد رواجا في أوساط شباب أدعياء السلفية خصوصا بعد انتكاسة جيل أدعياء السلفية القدامى بل صار هؤلاء منعوتين من قبل الآخرين بالجهل بعقيدة السلف ولوازمها..

فهذا التطاحن بين أدعياء السلفية سيفضي إلى انتصار الفرقة الغالية التكفيرية لأنهم أشد تطبيقا لتشنيع ابن تيمية وابن القيم على الأشاعرة ووصفهم بالجهمية والمعطلة والمجبرة إلى غير ذلك من الافتراءات، وأشدّ تطبيقا لتكفير الوهابية النجدية لتكفير عموم المسلمين المخالفين لهم في مسألة التوسل والاستغاثة.

والسؤال الكبير: أين أهل السنة الأشاعرة من كل ذلك؟ المؤسسات الرسمية غارقة في التكالب على الدنيا والمصالح الفانية، مع الجهل الشديد بتلك المسائل التي تحتاج إلى رجال وفحول في العلم مع الشجاعة والقوة والعزيمة للدخول في هذا الجهاد الأكبر الأعظم للمحافظة على عقيدة أهل السنة والجماعة وهي رأس المال.

السابق
كلمات ابن تيمية وتلاميذه في كتبهم عندما يذكرون الإمام النووي يصفونه بالإمام العلامة وشيخ الإسلام (منقول، مع مقالات أخرى في مدح النووي وفي التعليق على مناظرة الحسيني مع محمد شمس الدين حول عقيدته)
التالي
سبب رفض ابن تيمية للمنطق الصوري(منقول)