ابن تيمية حكما على الأمة

صفة الكلام ….مسألة: هل كلام الله أزلي؟/ (سلسلة ابن تيمية حَكَما على الأمة ودِينها، بسلفها وخلفها، الإمام أبو حنيفة نموذجا)/ الاتباع الانتقائي للوهابية لأبي حنيفة

(((وهذا هو ما أسمّيه بالمنهج الانتقائي الذي ينتهجه ابن تيمية وأتباعه في اتّباع السلف، وهو أنهم يَنتقون ما يعجبهم مما ورد عن السلف حتى ولو كان ضعيفا سندا أو دلالة، وما لا يعجبهم ردوه أو ضعفوه أو تأولوه حتى ولو كان صريحا صحيحا)))

(3)صفة الكلام ….مسألة: هل كلام الله أزلي؟!!!![1]

(سلسلة ابن تيمية حَكَما على الأمة ودِينها، بسلفها وخلفها، الإمام أبو حنيفة نموذجا) [2]

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/774170272696997/

….وحين تكلم د.خميس عن خَلق القرآن وعقيدة أبي حنيفة في ذلك، قال خميس في “كتابه أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة” (ص: 334): …نصّ كلام الإمام في الفقه الأكبر حيث قال: “والقرآن غير مخلوق”.اهـ

ولكن د.خميس لم ينقل قولَ أبي حنيفة السابق الفقه الأكبر (ص: 26): “والحروف مخلوقة، وَكَلَام الله تَعَالَى غير مَخْلُوق”.اهـ فهذا لم ينقله لأنه يعارض مذهبَ ابنِ تيمية، حيث إن ابن تيمية يرى أن حروفَ القرآنِ ليست مخلوقةً وإنما هي حادثةٌ أحدثها اللهُ في نفسه كما في المنشور السابق لهذا….!!!!!

وهكذا نرى أن د.خميس يقرر عقيدةَ أبي حنيفة على ضوء عقيدة ابن تيمية رحمهما الله…..!!!! ولذلك فإن كل ما نُقل عن أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ في العقيدة ويخالف مذهبَ ابنِ تيمية راح د.خميس يكذّبه بحجة أنه مخالف لعقيدة للسلف … التي يمثلها عنده ابن تيمية حصرا….!!!!!

ولنستمع إلى د. خميس وهو يقرر ذلك فهو يقول في أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة (ص: 142):….ولهذا كان المنهج الذي سلكته في هذا البحث:هو الاعتماد على العقيدة التي قررها الطحاوي في بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة على مذهب أبي حنيفة وصاحبيه، والكتب السلفية المسندة وتقديمهما على غيرها من كتب الإمام أبي حنيفة، على أنني أعتمد على كتاب الفقه الأكبر برواية حماد بن أبي حنيفة، والوصية والرسالة إلى البتي، وكلتاهما برواية أبي يوسف، إذ قد استفاضت شهرتها وذاع صيتها وتناقلها العلماء من حنفية وغيرهم، ونقل منها العلماء المحققون في كتبهم، فما نراه في هذه الكتب مخالفا للعقيدة التي قررها الطحاوي، نجزم أنه أدخل فيها مثلما جاء: “أن الله كلم موسى بكلامه الذي هو صفة له في الأزل ، وهو يتكلم بلا آلة ولا حرف ، وأن القرآن لا هو ولا غيره، وأن الحروف والكلمات والآيات دلالة القرآن ، ولفظنا بالقرآن مخلوق ، وأن الله يرى بلا جهة ، ولا يكون بينه وبين خلقه مسافة” . فكل هذا مما أحدثه المتأخرون بعد أبي حنيفة، ولا يعرف هذا في كلام السلف، فمنها ما يرجع إلى أن كلام الله معنى نفسي، وأن القرآن الذي نقرؤه هو عبارة عن ذلك المعنى النفسي، وهذا المذهب أحدثه ابن كلاب.

ومنها ما يرجع إلى بدعة التلفظ بالقرآن، وأول من أحدث هذه البدعة الكرابيسي في زمن الإمام أحمد بن حنبل. ومنها ما يرجع إلى شروط مخترعة توجب امتناع الرؤية، وهذا مما أحدثه أهل الكلام من الأشاعرة والماتريدية. فكل هذا مما أدخل على كتب أبي حنيفة.اهـ

قال وليد: فتأمل كيف عزل د.خميس منذ البداية معظمَ نصوصِ أبي حنيفة التي لا تعجبه بحجة أن ” …كل هذا مما أحدثه المتأخرون بعد أبي حنيفة، ولا يعرف هذا في كلام السلف ” ونسي أو تناسى الدكتور خميس أن أبا حنيفة نفسه من كبار علماء السلف … وأما قوله ” فمنها ما يرجع إلى أن كلام الله معنى نفسي، وأن القرآن الذي نقرؤه هو عبارة عن ذلك المعنى النفسي، وهذا المذهب أحدثه ابن كلاب.”… فلماذا لا يكون أبو حنيفة سلفا لابن كلاب فيها ؟

وكذا قول خميس ” ومنها ما يرجع إلى بدعة التلفظ بالقرآن، وأول من أحدث هذه البدعة الكرابيسي في زمن الإمام أحمد بن حنبل” فأيضا لماذا لا يكون الكرابيسي أخذها من أبي حنيفة مثلا؟

وكذا قوله ” ومنها ما يرجع إلى شروط مخترعة توجب امتناع الرؤية، وهذا مما أحدثه أهل الكلام من الأشاعرة والماتريدية ” فلماذا لا يكون أبو حنيفة هو سلف الأشاعرة والماتريدية في نفي الجهة في الرؤية ؟!!

أم أن كل ما خالف ابنَ تيمية فهو بدعة …؟!!!

إنه من المضحك حقا أن يُحَاكم د.خميس عقيدةَ أبا حنيفة إلى عقيدة ابن تيمية …..!!! إذ الواجب هو العكس تماما وهو أن يحاكم د.خميسُ عقيدةَ ابنِ تيمية إلى عقيدة أبي حنيفة … وذلك لأمرين:

الأول: أن أبا حنيفة متقدِّم، وابن تيمية متأخر … فكيف يُحاكم المتقدِّمُ إلى المتأخر……؟!!!!

الثاني: أن ابن تيمية يدّعي اتباعَ السلف لاسيما في العقيدة…. وأبو حنيفة من سادة السلف…. فكيف تكون عقيدة أبي حنيفة مخالفة للسلف وهو أي أبو حنيفة من كبار علماء السلف؟!!!

وهذا يؤكد أن د.خميس وأمثاله من التيمية عندهم ابن تيمية هو السلف، والسلف هو ابن تيمية كما قلتُ ذلك مرارا… ـ والطريف في الأمر أن هذا الذي اعتبره خميس مكذوبا على أبي حنيفة: موجود في نفس الكتب المروية عن أبي حنيفة كالفقه الأكبر والأبسط والوصية وغيرها من الكتب التي هي من المصادر الأساسية لرسالة د.خميس وهي “أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة” كما صرح هو بذلك فيما سبق….ولاسيما كتاب الفقه الأكبر الذي اعتمد عليه خميس وسائر الوهابية وإمامهم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم فكلهم ينقلون عن أبي حنيفة كلامَه في الاستواء[3] وكلامَه في صفة اليد والوجه[4]ويستدلون به على أن السلف كانوا يثبتون الصفات كالاستواء واليد والوجه وينهون عن تأويلها …فهنا تجد ابنَ تيمية وأتباعه الوهابيةَ يتمسكون بكتاب الفقه الأكبر وبمؤلفه أبي حنيفة ويعضون عليه بالنواجذ ويكرروا ذِكره في كتبهم…!!!

فمثلا د.خميس كرّر نصّ أبي حنيفة في اليد خمسَ مراتٍ في كتابه “أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة” وهي: (ص: 194، 298، 301، 313، 582)

… والشيخ عبد الرحمن دمشقية كرره أربعَ مرات في كتابه محتجا بل مشنعا به على من يؤول اليد والوجه، وذلك في كتابه موسوعة أهل السنة (ص: 308، 350، 353، 574).

وأما نصوص أبي حنيفة الأخرى، مثلا قوله في الفقه الأكبر (ص: 26): وَيتَكَلَّم لَا ككلامنا وَيسمع لَا كسمعنا وَنحن نتكلم بالآلات والحروف وَالله تَعَالَى يتَكَلَّم بِلَا آلَة وَلَا حُرُوف والحروف مخلوقة وَكَلَام الله تَعَالَى غير مَخْلُوق.اهـ

فهذا النص لم يذكره دمشقية في موسوعته السابقة ولا مرة … ولم يذكره د.خميس إلا مرة واحدة من أجل ردّه وتضعيفه كما سبق… وأما سائر الوهابية فلم يذكروه أصلا وذلك بعد البحث في المكتبة الشاملة في قسم كتب العقيدة الوهابية التي تحوي أكثر من 550 كتابا .

ولدى البحث في نفس الكتب على الشاملة عن نص أبي حنيفة في اليد وهو قوله:” ولا يقال: إن يده قدرته” فوجدت هذه العبارة موجودة في أكثر من ثلاثين موضعا من كتب العقيدة الوهابية على الشاملة.

أي أن نصوص أبي حنيفة التي لا تعجبهم في العقيدة ـ كالتي استثناها د.خميس وكذّبها ـ فتجد الوهابية يتجاهلونها ويُعرضون عنها وإذا ذكروها فإنما يذكروها لردها وتضعيفها والتحذير منها كما فعل خميس سابقا… والنصوص التي تعجبهم يتمسكون بها وينكرون على من خالفها ….على الرغم من أن نصوص أبي حنيفة التي أعجبتهم والتي لم تعجبهم هي في كتاب واحد وهو كتاب الفقه الأكبر….!!!! فكيف تكون النصوص التي لم تعجبهم في كتابه هذا مدسوسةً على أبي حنيفة قد ألحقها المتأخرون من أصحابه …والتي أعجبتهم هي ثابتة عنه؟!!!!

كان الواجب أحد أمرين: إما الطعن بثبوت كتاب الفقه الأكبر بجملته … أو قبوله بجملته …. أما الإيمان ببعضه والكفر ببعضه الآخر فهذا تَحَكم بارد …. وترجيح بحسب الهوى… وبحسب موافقة ما في الكتاب لعقيدة ابن تيمية ليس إلا كما سبق بيانه ….!!!!

وهذا هو ما أسمّيه بالمنهج الانتقائي الذي ينتهجه ابن تيمية وأتباعه في اتباع السلف، وهو أنهم ينتقون ما يعجبهم مما ورد عن السلف حتى ولو كان ضعيفا سندا أو دلالة، وما لا يعجبهم ردوه أو ضعفوه أو تأولوه حتى ولو كان صريحا صحيحا …..!!!

ولكن هذا المنهج الانتقائي يُحْسنه كلُّ أحدٍ ليس فقط مع العقيدة المنقولة عن السلف بل مع الكتاب والسنة … فكل أحدٍ يمكن أن يأخذ من الكتاب والسنة وأقوال السلف ما يتوافق مع مذهبه وما تبقى يُضعّفه فإن لم يستطع يؤوله ….ولبسط هذا موضع آخر.!!!!!!!

وأخيرا أعقّب على قول د.خميس: “فما نراه في هذه الكتب مخالفا للعقيدة التي قررها الطحاوي، نجزم أنه أدخل فيها” يقصد أن ما في كتاب الفقه الأكبر وغيره مما يخالف عقيدة الطحاوي فهو مردود …. وهذا أمر طريف جدا … إذ هل سَلِمتْ عقيدةُ الطحاوي من هؤلاء…. كم وكم تعقبوه وتأولوا كلامه بل شككوا في ثبوت بعض عبارات التنزيه في عقيدته؟!!!!!

فهذا الألباني عندما يصل إلى قول الإمام الطّحاوي: “وَتَعَالىَ – الله – عَنِ: الحُدُودِ وَالغَايَاتِ وَالأَرْكَانِ وَالأَعْضَاءِ وَالأَدَوَاتِ لاَ تَحْوِيهِ الجِهَاتُ السِّتُّ كَسَائِرِ الـمُبْتَدَعَاتِ” تراه يحتفي بقول ابن مانع هنا وهو أنه لا ينبغي لطالب الحق (((الالتفات إلى هذا ولا التّعويل عليه وما كان أغنى الطّحاوي عن مثل هذه الكلمات الـمجملة الـموهمة الـمخترعة وليس ببعيد أن يكون ذلك مدسوس عليه، وعلى كلٍّ فالباطل مردود على قائله كائنًا من كان ))).اهـ

وجاء في موسوعة أهل السنة لعبد الرحمن دمشقية (ص: 429): شبهة: واحتج الحبشي بقول الطحاوي “لا تحويه الجهات الست” وهي كلمة تحتاج إلى استفصال، وليس من الإنصاف المسارعة إليها فإن الله أثبت لنفسه جهة العلو، ولا يجوز التمسك بقول مخلوق بما يؤدي إلى نفي ودفع كلام الخالق الذي هو أعلم بنفسه وبما يليق به من مخلوقه.

ومع تعظيمنا للطحاوي فإن الله أعظم. ونفيه متروك معارَض بإثبات الله لنفسه جهة العلو إذ قال {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ}.

ولا يلزم التسليم بكل كلمة قالها الطحاوي. وإلا لزم الأحباش التسليم بقول الطحاوي “وبُغضُهم – أي الصحابة – كفر” وهم يحذرون الناس من تكفير ساب الشيخين.اهـ

ثم إن كان د.خميس صادقا في أن كل ما في الفقه الأكبر ونحوه مما يخالف عقيدة الطحاوي مكذوب … فلماذا لم يُكذّب د.خميس ما ورد في الفقه الأكبر من قول أبي حنيفة في الاستواء والعلو حيث قال في الفقه الأكبر (ص: 135): من قَالَ لَا اعرف رَبِّي فِي السَّمَاء اَوْ فِي الأَرْض فقد كفر….اهـ

فإن الطحاوي لم يذكر في عقيدته الاستواء والعلو فضلا عن أمور أخرى لم يذكرها الطحاوي ويقول بها ابن تيمية وأتباعه؛ وهذا باعتراف الوهابية مثل الشيخ ابن جبرين حيث قال: ((وكَتب في ذلك الطحاوي عقيدته الـمشهورة ولـم يصرّح فيها بالـمذهب الصحيح في إثبات صفة الاستواء والعلو الحقيقي والصفات الفعليّة على قول سلف الأمّة الذي تؤيّده الأدلة الصريـحة، لأنّه كان في زمان قد كثر فيه المنكرون للصفات. وإن كان صرّح ببقيّة الصفات، وعلى كلٍّ فهو قد دخل عليه شيء من شبهات أهل الكلام، فلأجل ذلك تعاطى شيئاً من بدعهم)).انتهى[5]!!!

النص الثاني : نعيم بن حماد (ت 228 هـ)

قال الحافظ ابن حجر……انتظره.

========================

[1] انظر السابق:

https://www.facebook.com/…/permalink/773344956112862/

[2] انظر السابق: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/765032890277402/

[3] وانظر استدلالهم بقول أبي حنيفة في الاستواء في كتابه الفقه الأكبر في: مجموع الفتاوى (5/ 46)، درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية (6/ 263)، اجتماع الجيوش الإسلامية (ص: 73)، شرح الطحاوية ت الأرناؤوط (2/ 387)، التحفة المدنية في العقيدة السلفية (ص: 86)، توضيح المقاصد شرح الكافية الشافية نونية ابن القيم (1/ 447)، مباحث العقيدة في سورة الزمر (ص: 41)، معارج القبول بشرح سلم الوصول (1/ 184) وغيرها.

[4] وهو نص أبي حنيفة في الفقه الأكبر (ص: 27):وَله يَد وَوجه وَنَفس كَمَا ذكره الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن فَمَا ذكره الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن من ذكر الْوَجْه وَالْيَد وَالنَّفس فَهُوَ لَهُ صِفَات بِلَا كَيفَ وَلَا يُقَال إِن يَده قدرته اَوْ نعْمَته لِأَن فِيهِ إبِطَال الصّفة وَهُوَ قَول أهل الْقدر والاعتزال وَلَكِن يَده صفته بِلَا كَيفَ.اهـ

قال وليد: ولا حجة لهم فيه، لأن أبا حنيفة أثبت يدا ووجها بلا كيف، أي نفى الكيف من أصله، وأما ابن تيمية وأتباعه فهم يثبتون الكيف ولكن ينفون العلم به فقط، كما أنهم يقولون مثلا: إن لله يدين على الحقيقة. وهذا خلاف نص أبي حنيفة هنا لأنه لم يذكر كلمة حقيقة أصلا، كما أنه أثبت يدا واحدة لا يدين.

[5] انظر للتوسع في عقيدة الطحاوي في التنزيه: غاية البيان في تنزيه الله عن الجهة والمكان ص67، التجسيم والمجسمة للشيخ قديش اليافعي ص201

وانظر ما كتبه الأخ الفاضل ياسين بن ربيع:

https://www.facebook.com/groups/202140309853552/permalink/793824910685086/

السابق
خلاصة القول بالقاضي أبي يعلى الحنبلي رحمه الله (منقول)
التالي
فتوى في حكم القات ، وتعقيب عليها (منقول)