والحاصل أن السمعاني ـ رحمه الله ـ سلك مسلكي الأشاعرة في الصفات المتشابهة وهما التأويل أو التفويض، وهما مسلكان باطلان عن ابن تيمية ـ رحمه الله ـ بإجماع السلف كما يزعم، فكيف يحتفي المغراوي التيمي بتفسير السمعاني ويجعله تفسيرا سلفيا؟!!!
المغراوي والتفاسير السلفية!!!
(سلسلة ابن تيمية حَكَما على الأمة ودِينها، بسلفها وخلفها، أبو المظفر السمعاني نموذجا)
ذكر المغراوي أن السمعاني على عقيدة السلف الصالح وأن تفسيره يدل على عقيدته السلفية !! ثم عرض لنا أقوالَ السمعاني في الصفات من خلال تفسيره … والمتأمل فيها يجد أن السمعاني يسلك مسلكي التأويل تارة والتفويض تارة أخرى وهما مسلكان مرضيان عند الأشاعرة، باطلان عند ابن تيمية بإجماع السلف كما يزعم … وبالتالي فكيف صار تفسير السمعاني عند المغراوي التيمي سلفيا ؟!!
أما أن السمعاني سلك مسلك التأويل تارة، فمثال ذلك أن السمعاني تأول معنى العلي العظيم بأن العلي هنا هو المتعالي عن الأشباه والأنداد، ويؤول محبة الله لعبده على أنها بمعنى عفوه عنه وثناؤه عليه، ويحمل قولَه تعالى “إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ” أن المراد بالعندية التقريب والكرامة للملائكة، ويؤول آية {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا } [البقرة: 26] أي لا يمتنع ولا يترك، ويذكر تأويلات عن السلف لآيات الوجه ويختار أنه صفة بلا كيف، ويؤول آية “فإني قريب” على معنى لا يخفى علي شيء، ويؤول آية “الله نورالسماوات والأرض” على أنه منوّرها، ويؤول صفة المعية على أنه بالعلم والقدرة كذا عن ابن عباس، وعن الحسن أنه هو معكم بلا كيف.
ويذكر أن الكرسي هو العلم عند ابن عباس، وهو العرش عند الحسن، وفي عن أبي هريرة هو موضع أقدام العرش،ويذكر أنه أيضا في جنب العرش كحلقة في أرض فلاة، ولا يذكر أبدا أن الكرسي موضع قدميه تعالى كما هو مذهب التيمية.
وأما أن السمعاني سلك مسلك التفويض تارة أخرى وأنكر التأويل، فإن السمعاني أثبت بعض الصفات الخبرية كالوجه والكلام واليد والمجيء والإتيان والاستواء وذكر أنها يُؤمن بها وتثبت بلا كيف، ويذكر في بعض تلك الآيات الواردة فيها أنها من المتشابهات وأنها لا تُفسرولا تأوّل وأنه يوكل علمها إلى الله، وأن تفسيرها تلاوتها لا تفسير لها سوى ذلك كما قال ابن عيينة الذي استشهد به السمعاني غير مرة، وينزّه السمعاني الله عن سمات الحدوث والنقص .
طبعا هذا كله يخالف مذهبَ ابن تيمية القائم على أن هذه الآيات من المحكمات لا المتشابهات وأنها تفسر على ظاهرها الحسي ولا ينزه الله عن الحدوث بل يقول بحلول الحوادث بذاته، واعتبر صفة الكلام والمجيء والنزول والرحمة والرضا والغضب والعجب كلها عبارة حركات أو أعراض وحوادث تعتري الله، ولكن يخجل أن يسميها أعراضا وحوادث وإنما يسميها صفات اختيارية أو فعلية، وعدم تفسيرها أصلا ـ كما يرى السمعاني وكما قال ابن عيينة وغيره من السلف ـ يعتبره ابن تيمية تفويضا وهو أشد سوءا عنده من التأويل عنده!! والحاصل أن السمعاني ـ رحمه الله ـ سلك مسلكي الأشاعرة في الصفات المتشابهة وهما التأويل أو التفويض، وهما مسلكان باطلان عن ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فكيف يحتفي المغراوي التيمي بتفسير السمعاني ويجعلها تفسيرا سلفيا أي تيميا؟!!!
ملاحظة: ذكر أحدهم على موقع الأصلين أن السمعاني هذا مجسم وأن تفسيره يدل على ذلك وكذا كتابه الانتصار لأصحاب الحديث .. وهذا غير صحيح كما بسطناه ولعل نرجع للسمعاني هذا مرة أخرى لمزيد من التحقيق في ذلك ولا سيما وأن أحد الوهابية له رسالة ماجستير من مجلدين بعنوان “جهود أبي المظفر السمعاني في تقرير عقيدة السلف” لمحمد بنعلي، وقد نزلتها للتو من الشبكة ونظرت فيها وإذ هو يؤول كلامَ السمعاني السابق حين قال بأن آيات الصفات المتشابهة تمر بلا تأويل ولا تفسير فقال بنعلي هذا: معنى بلا تفسير أي بلا تكييف …!! فالتفسير عند القوم صار يحتاج إلى تفسير!!!
ولكن نسي هذا المؤلف الوهابي بنعلي أن يفسر ويؤول قولَ السمعاني أيضا أن “نكل علمه إلى الله” ونسي أن يؤول قوله بأن آيات الاستواء والإتيان ونحوها من المتشابهات!! ونسي أيضا أن يؤول كلامَ ابن عيينة الذي نقله السمعاني عنه وهو أنها تفسيرها تلاوتها لا تفسير لها غير ذلك … ويبدو أن بنعلي هذا نسي أيضا أنه يستخدم التأويلَ ـ حين قال بأن بلا تفسير تعني بلا تكييف ـ الذي هو عنده أصلا رجس من عمل الشيطان !!!! ونسي أيضا أنه أصلا يثبت الكيف لله والسمعاني ينفيه مرارا بقوله بلا كيف، ولكن بنعلي لم ينس قط أن يفسر لنا كلمة “التفسير” في كلام السمعاني…!!! ولنا عودة إلى بنعلي هذا إن شاء الله.
http://www.aslein.net/showthread.php?t=18563
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/2845142792266391