حكم الاستغاثة ودعاء غير الله

القول التفصيلي الفصل في الاستغاثة (منقول)

القول التفصيلي الفصل في الاستغاثة.

الاستغاثة هي طلب الغوث، والأصل في الغوث خلقا وإيجادا هو من الله وحده. وقد يطلب الغوث من العبد تسببا وكسبا.

وطلب الغوث ومناداة المستغاث به يكون من العبد في حالات ثلاثة:

١- طلب الغوث من العبد حال حياته، وهذا جائز بالاتفاق وله أدلته منها قوله تعالى عن موسى عليه السلام:(فاستغاثه الذي من شيعته).

٢- طلب الغوث من الأنبياء يوم القيامة، وهذا جائز لا خلاف فيه وقد ورد في حديث الشفاعة الكبرى(كذلك استغاثوا بآدم…)، وورد مناداة أمة محمد نبيهم عليه الصلاة والسلام وهم على الصراط وهو يهتز بهم(وامحمداه).

٣- طلب الغوث من العبد الميت وهو على ثلاثة أوجه:

أ- طلب الغوث من الميت ومناداته مع اعتقاد أنه يضر وينفع بذاته من غير إذن الله وهذا شرك بالاتفاق، وهو لا يتصور من أهل التوحيد.

ب- مناداة النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته تبركا، وهذا لا خلاف فيه وقد ورد عن الصحابة أن شعارهم يوم اليمامة كان (يا محمداه)، كما أننا ننادي نبينا ونسلم عليه في كل صلاة في القعود بقولنا(السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته).

ج- طلب الغوث من النبي صلى الله عليه وسلم أو الأولياء كسبب ليقضي الله بهم أو عندهم الحوائج، وهذا مما اختلف فيه العلماء إلى فريقين:

الفريق الأول: ذهب إلى جوازه، وأنه في حقيقته طلب من الله خلقا وإيجادا، وأما الطلب من العبد فهو على سبيل التسبب والتكسب، فالطلبان متنافيان، فما يطلب من الله أي الخلق والإيجاد لا يطلب من العبد، وما يطلب من العبد أي التسبب والتكسب لا يطلب من الله فهو مسبِب الأسباب وليس سببا، ولكن بين الطلبين رابط ولازم بأن الطلب من العبد سبب لوقوع الطلب من الله على خرق العادة، ولهم أدلة في ذلك، منها: حديث مالك الدار.

الثاني: منع الاستغاثة على العوام سد لذريعة الشرك لأن حال عوام المسلمين وخاصة من هم في القرى مما يخشى عليهم من الشرك لكثرة جهلهم وبعدهم عن علم التوحيد، وهذا مشاهد في كثير من بلاد المسلمين اليوم، فيخاف أن يتدرج طلب العوام من أوليائهم ليصل إلى طلب الضر والنفع الذاتيين كما يطلب من الله، فيدخل الشرك قلوبهم، فهم كحال بعض المسلمين الأوائل القريبي عهد بالإسلام قبل أن يتمكن الإيمان من قلوبهم.

وأرى أن القولين غير متعارضين، فالثاني وإن منع الاستغاثة سدا للذريعة ولكنه يرى أن الأصل الجواز والمنع خوفا من الوقوع في الشرك للجهل وضعف التوحيد في قلوب العوام.

وأما من جعل الاستغاثة شركا بالإطلاق فهذا جاهل تكفيري خارجي لا يلتفت لكلامه. وقد ابتلينا اليوم بالكثير من أمثال هذا في زماننا، وقد ألبسوا على الناس دينهم وكفروا الموحدين بلا وجه حق ولا علم ولا هدى ولا صراط منير.
نسأل الله أن يهديهم لما ظهر من الحق.

والحمد لله رب العالمين.

أخوكم عبدالناصر حدارة.

السابق
أبو بكر ابن العربي (إن الله سبحانه منزَّه عن الحركة والانتقال لأنه لا يحويه مكان، كما لا يشتمل عليه زمان… صدق ربنا وصدق نبينا والنزول في اللغة في الحقيقة حركة والحركة لا تجوز على الله سبحانه وتعالى، فلم يبق إلا العدول عن حقيقة النزول إلى مجازه وهو النزول بالمعاني…)
التالي
عقيدة السادة المالكية عقيدة التنزيه تنسف عقيدة المتسلفة نسفا/ الإمام مكي تلميذ الإمام ابن ابي زيد القيرواني (منقول)