ابن تيمية حكما على الأمة

عقيدة الإمام البغوي (لأخينا الشيخ الفاضل ياسين بن الربيع وفقه الله)

عقيدة الإمام البغوي

س: هل حقا الإمام البغوي على عقيدة التيمية كما يدندن الوهابية وأدعياء السلفية؟!

? الجواب:

? إثبات الاستواء على طريقة المفوضة من أهل السنة الأشاعرة:
قال الإمام البغوي: (({ثم استوى على العرش} [الأعراف:54] قال الكلبي ومقاتل: استقر. وقال أبو عبيدة: صعد. وأولت المعتزلة الاستواء بالاستيلاء، وأما أهل السنة فيقولون: الاستواء على العرش صفة لله تعالى، #بلاكيف، يجب على الرجل الإيمان به، #ويكل العلم فيه إلى الله عزوجل. وسأل رجل مالك بن أنس عن قوله: {الرحمن على العرش استوى} [طه:5]، كيف استوى؟ فأطرق رأسه مليا، وعلاه الرحضاء، ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أظنك إلا ضالا ثم أمر به فأخرج. وروي عن سفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك وغيرهم من علماء السنة في هذه الآيات التي جاءت في #الصفاتالمتشابهة: أمروها كما جاءت #بلا_كيف)) [تفسير البغوي (236 – 235/ 3)].
وتأمل هنا:
(أ) عده آية الاستواء من متشابه الصفات بينما هو من المحكمات عند التيمية!
(ب) تفسير الاستواء بالاستيلاء هو قول المعتزلة وليس قول أهل السنة (والحق أن من أهل السنة من يفسره كذلك .. )، وكذلك تفسير الاستواء بالاستقرار -كما يدعي التيمية! – ليس هو من مذهب أهل السنة، بدليل مغايرة الرجل بين هذه التفاسير وبين ما قرره من مذهب أهل السنة عند قوله: ((وأما أهل السنة فيقولون .. )).
(ج) حكايته تفويض المعنى في صفة الاستواء كما في قوله: ((ويكل العلم فيه إلى الله عز وجل)).

إذن: الإمام البغوي يثبت الاستواء على طريقة المثبتة المفوضة من أهل السنة الأشاعرة، ومما يقطع بهذا قوله أيضا في تفسيره: ((نفى الله تعالى عن نفسه النوم لأنه آفة، وهو منزه عن الآفات، #ولأنه تغير ولايجوزعليه_التغير)) [تفسير البغوي (312/ 1)] وهذا صريح في أن الإمام البغوي ينفي قيام الحوادث بالذات العلية، وبالتالي فهو لا يثبت الاستواء على معنى حدوث تغير في ذات الله [جلوس؛ قعود؛ استقرار بعد أن لم يكن] كما هو صريح مذهب ابن تيمية وأتباعه التيمية.

? صفات الله قديمة ولا يجوز عليه صفة محدثة:
قال: ((ويجب أن يعتقد أن الله عز اسمه #قديم بجميع أسمائه وصفاته، لا يجوز له اسم حادث، #ولاصفةحادثة، كان الله خالقا ولا مخلوق، وربا ولا مربوب، ومالكا ولا مملوك، كما هو الآخر قبل فناء العالم، والوارث قبل فناء الخلق، والباعث قبل مجيء البعث، ومالك يوم الدين قبل مجيء يوم القيامة. وأسماء الله تعالى لا تشبه أسماء العباد، لأن أفعال الله تعالى مشتقة من أسمائه، وأسماء العباد مشتقة من أفعالهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله سبحانه وتعالى: “أنا الرحمن خلقت الرحم، وشققت لها من اسمي” فبين أن أفعاله مشتقة من أسمائه، #فلايجوزأن يحدث له اسم بحدوث فعله، ولا يعتقد في صفات الله تعالى أنها هو ولا غيره، #بل هي صفات له أزلية، لم يزل جل ذكره، ولا يزال موصوفا بما وصف به نفسه، ولا يبلغ الواصفون كنه عظمته، هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، وهو بكل شيء عليم)) [شرح السنة (180 – 179/ 1)]. وهذا ما ينسف عقيدة التيمية نسفا فيذرها قاعا صفصفا.

? تأويل المجيء:
قال: (({وجاء ربك} [الفجر:22] قال الحسن: #جاءأمره وقضاؤه)) [تفسير البغوي (422/ 8)].

? تأويل الرحمة:
قال: ((والرحمة: #إرادةالله تعالى الخير لأهله. وقيل: هي #ترك عقوبة من يستحقها وإسداء الخير إلى من لا يستحق، فهي على الأول #صفةذات، وعلى الثاني #صفة_فعل)) [تفسير البغوي (51/ 1)].

? تأويل الغضب:
قال: ((قوله تعالى: {غير المغضوب عليهم} [الفاتحة:7] يعني: صراط الذين غضبت عليهم، #والغضب هو إرادة_الانتقام من العصاة، وغضب الله تعالى لا يلحق عصاة المؤمنين إنما يلحق الكافرين)) [تفسير البغوي (55/ 1)].

? تأويل العلو:
قال: (({وهو العلي} [البقرة:255]: الرفيع فوق خلقه، #والمتعالي عن الأشياءوالأنداد، وقيل: #العلي بالملك_والسلطنة)) [تفسير البغوي (313/ 1)].
وقال: (({إن الله كان عليا كبيرا} [النساء:34]: متعاليا من أن يكلف العباد ما لا يطيقونه)) [تفسير البغوي (208/ 2)].
وقال: (({المتعال} [الرعد:9]: المستعلي على كل شيء بقدرته)) [تفسير البغوي (299/ 4)].
وقال: (({فوق عباده} [الأنعام:18]: هو صفة الاستعلاء الذي تفرد به الله عز وجل)) [تفسير البغوي (133/ 3)].

? تأويل النظر:
قال: (({ولا يكلمهم الله} [آل عمران:77]: كلاما ينفعهم ويسرهم، وقيل: هو بمعنى الغضب، كما يقول الرجل: إني لا أكلم فلانا إذا كان غضب عليه. {ولا ينظر إليهم يوم القيامة} [آل عمران:77] أي: لا يرحمهم ولا يحسن إليهم ولا ينيلهم خيرا)) [تفسير البغوي (58/ 2)].

? نفي الكيفية والحد عن الله وتجويز تأويل حديث الأطيط [حديث باطل] مع تفضيل طريقة التفويض في مثله:
قال: ((وذكر أبو سليمان الخطابي على هذا الحديث: #إن الكيفيةعن الله وعن صفاته منفية، وإنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله وجلاله من حيث يدركه فهم السائل. ومعنى قوله: “أتدري ما الله؟ “، وقوله: “إنه ليئط به” معناه: ليعجز عن جلاله وعظمته حتى يئط به إذ كان معلوما أن أطيط الرحل بالراكب إنما يكون لقوة ما فوقه، ولعجزه عن احتماله، ومن بهذا النوع من التمثيل عنده معنى عظمة الله وجلاله، وارتفاع عرشه، ليعلم أن الموصوف بعلو الشأن، وجلالة القدر لا يجعل شفيعا إلى ما هو دونه، تعالى الله على أن يكون #مشبها بشيء، أو #مكيفا بصورةخلق، أو #مدركا بحد {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى:11]. قال الشيخ -رحمه الله-: والواجب فيه وفي أمثاله الإيمان بما جاء في الحديث، والتسليم، وترك التصرف فيه بالعقل، والله الموفق)) [شرح السنة (177 – 176/ 1)].

? تأويل حديث الصورة:
قال: ((قال أبو سليمان الخطابي في قوله صلى الله عليه [وآله] وسلم: “خلق الله آدم على صورته”، #الهاءمرجعهاإلى_آدم صلى الله عليه وسلم، فالمعنى: أن ذرية آدم خلقوا أطوارا كانوا في مبدإ الخلق نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم صاروا صورا أجنة إلى أن تتم مدة الحمل، فيولدون أطفالا، وينشئون صغارا إلى أن يكبروا، فيتم طول أجسادهم، يقول: إن آدم لم يكن خلقه على هذه الصفة، ولكنه أول ما تناولته الخلقة، وجد خلقا تاما طوله ستون ذراعا.
وذكر بعضهم من فوائده أن الحية لما أخرجت من الجنة، شوهت خلقتها، وإن آدم كان مخلوقا في الأول على صورته التي كان عليها بعد الخروج من الجنة لم تشوه صورته، ولم تغير خلقته)) [شرح السنة (255/ 12)].

? تأويل القرب والدنو والهرولة:
قال في الحديث القدسي: ” فإن دنوت مني شبرا دنوت منك ذراع … وإن أتيتني تمشي #أتيتك أهرول” ما نصه: ((قال قتادة: #والله أسرع_بالمغفرة)) [شرح السنة (24/ 5)].
وقال أيضا: ((روي عن الأعمش في تفسيره، قال: “#تقربت منه ذراعا”، يعني: #بالمغفرةوالرحمة، وكذلك قال بعض أهل العلم: إن معناه: إذا تقرب إلي العبد بطاعتي، واتباع أمري، #تتسارع إليه مغفرتي ورحمتي)) [شرح السنة (26/ 5)]

? تنزيه الله عن الحركة والانتقال والتغير والصورة الحسية وغيرها من سمات المحدثات عند الرؤية:
قال: ((قوله: “#فيأتيهم الله في #غيرالصورة التي يعرفون” قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله: هذا يحتاج إلى تأويل، وليس ذلك من أجل أنا ننكر رؤية الله تعالى، بل نثبتها، ولا من أجل أنا ندفع ما جاء في الكتاب، وفي أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم من ذكر المجيء والإتيان غير أنا لا نكيف ذلك، #ولانجع له حركة_وانتقالا كمجيء الأشخاص وإتيانها، إلى غير ذلك من نعوت الحدث، وتعالى الله علوا كبيرا … وذكر من الكلام غير هذا، وقال: الصورة في هذه القصة بمعنى الصفة. قلت: والواجب فيه وفي أمثاله الإيمان والتسليم، والله أعلم.
وروي عن إسحاق بن عيسى الطباع، قال: أتينا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشوني برجل كان ينكر حديث يوم القيامة، وأن الله يأتيهم في صورته، فقال له: يا بني، ما تنكر من هذا؟ قال: إن الله أجل وأعظم من أن يرى في هذه الصفة.
فقال: يا أحمق، #إن الله ليس تتغير عظمته، #ولكن عيناك يغيرهما حتى تراه كيف شاء. فقال الرجل: أتوب إلى الله. ورجع عما كان عليه)) [شرح السنة (179 – 177/ 15)].

? تأويل الساق:
قال: ((قوله: “#يكشف ربنا عن ساقه”، قال الخطابي: هذا مما تهيب القول فيه شيوخنا، وأجروه على ظاهر لفظه، ولم يكشفوا عن باطن معناه على نحو مذهبهم في التوقف في تفسير كل ما لا يحيط العلم بكنهه من هذا الباب، وقد تأوله بعضهم على معنى قوله: {يوم يكشف عن ساق} [القلم:42]، فروي عن ابن عباس، أنه قال: #عن شدةوكرب، وسئل عكرمة عن قوله: {يوم يكشف عن ساق} [القلم:42]، قال: #إذا اشتد الأمر في الحرب، قيل: #كشفت الحرب عن الساق)) [شرح السنة (142/ 15)].

? تأويل الحقو:
قال: ((قيل في معنى: التعلق #بحقوالرحمن: إنه #الاستجارةوالاعتصامبالله سبحانه وتعالى، يقال: #عذت بحقو فلان: #إذااستجرت_به. وقيل: الحقو: الإزار، #وإزاره: #عزه، ولاذت الرحم بعزه من القطيعة)) [شرح السنة (21/ 13)].

? تأويل التردد:
قال: ((وقوله: “ما #ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن” فإنه أيضا مثل، فإن #التردد على الله تعالى على ماهوصفةالمخلوقين غيرجائز، والبداء عليه في الأمور غير سائغ، وتأويله على وجهين، أحدهما: أن العبد قد يشرف في أيام عمره على المهالك مرات ذات عدد: من آفة تنزل به، أو داء يصيبه، فيدعو الله، فيشفيه منها، فهو المراد من التردد، إلى أن يبلغ الكتاب أجله، وهذا على معنى ما روي: “أن الدعاء يرد البلاء”. والوجه الأخر: أن يكون المراد منه ترديد الرسل، معناه: ما رددت رسلي في شيء أنا فاعله ترديدي إياهم في نفس المؤمن، كما روي من قصة موسى، وإرسال ملك الموت إليه، ولطمه عينه، ثم رده إليه مرة بعد أخرى، وحقيقة المعنى في الوجهين: #عطف الله عزوجل على العبد ولطفه_به، والله أعلم)) [شرح السنة (21 – 20/ 5)].

? تأويل الفرح والضحك والاستبشار بالرضا:
قال: ((قال أبو سليمان الخطابي: قوله: “لله أفرح”، معناه: #أرضى بالتوبةوأقبل_لها، والفرح الذي يتعارفه الناس في نعوت بني آدم غير جائز على الله عز وجل، إنما معناه الرضا، كقوله عز وجل: {كل حزب بما لديهم فرحون} [المؤمنون: 53] أي: راضون، وكذلك فسر #الضحك الوارد في الحديث في صفات الله سبحانه وتعالى #بالرضى، وكذلك #الاستبشار قد جاء في الحديث، ومعناه عندهم: #الرضا.

والمتقدمون من أهل الحديث فهموا من هذه الأحاديث #ماوقع الترغيب فيه من الأعمال، #والإخبارعن فضل الله عزوجل، وأثبتوا هذه الصفات لله عز وجل، #ولم يشتغلوا_بتفسيرها، مع اعتقادهم أن الله سبحانه وتعالى منزه عن صفات المخلوقين: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى:11])) [شرح السنة (88/ 5)].

? تأويل الغيرة:
قال: ((قيل: #الغيرةمنالله: #الزجر، والله غيور، أي: #زجوريزجرعنالمعاصي، وقوله: “لا أحد أغير من الله”، أي: #أزجرعنالمعاصيمنه)) [شرح السنة (269/ 9)].

? تأويل الاستحياء:
قال: ((قوله: “فاستحيا، #فاستحيا الله منه” قيل: معناه: #جازاه على استحيائه بأن ترك عقوبته على ذنوبه، وقوله سبحانه وتعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا} [البقرة:26]، أي: #لايترك لأن الحياءسبب للترك)) [شرح السنة (299/ 12)].

? تأويل العجب والاستهزاء والسخرية والفرح والاستبشار:
قال: ((وقيل في قوله: “#عجب الله” معناه: #الرضى، #وكذلك الفرح_والاستبشار الوارد في صفات الله عز وجل معناه: #الرضى، وقرئ: {بل عجبت ويسخرون} [الصافات:12]، بضم التاء.
قيل: “قل فيه” مضمر، وقيل: معناه: #جازيتهم على عجبهم، وذلك أن الله سبحانه وتعالى أخبر عنهم في غير موضع بالعجب من الحق، فقال: {وعجبوا أن جاءهم منذر منهم} [ص:4]، وقال: {إن هذا لشيء عجاب} [ص:5]، وهذا كقوله سبحانه وتعالى: {الله يستهزئ بهم} [البقرة: 15]، أي: #يجازيهم على استهزائهم، وقال: {فيسخرون منهم #سخر الله منهم} [التوبة: 79]، أي: #جازاهم على سخريتهم، وقد يكون العجب بمعنى وقوع ذلك العمل عند الله عظيما، فيكون معنى قوله: {بل عجبت} [الصافات:12]، أي: #عظم عندي فعلهم)) [شرح السنة (77 – 76/ 11)].

? تأويل إضافة “استطابة الروائح” لله:
قال: ((وقيل: معنى كونه #”أطيب عندالله من ريح المسك”: #الثناء على الصائم والرضا بفعله، لئلا يمنعه من المواظبة على الصوم الجالب للخلوف، كأنه قال: إن خلوف فم الصائم #أبلغ في القبول عندالله من ريح المسك عندكم)) [شرح السنة للبغوي (223 – 222/ 6)].

والله الموفق ..

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=3084609365107012&id=100006739351796&post_id=100006739351796_3084609365107012&notif_id=1630868116721759&notif_t=close_friend_activity&ref=notif&sfnsn=scwspwa

السابق
أقوال السادة الحنابلة في التوسل بالنبي الكريم وطلب الشفاعة منه (منقول)
التالي
كم قرأتُ عن موضوع البناء على القبور للإخوة السلفية والوهابية فلم أر أحدا ذَكر أن العلة في ذلك أحد الأقوال الثمانية التي سردها العلامة الغماري رحمه الله