عقيدة أَيمة السادة المالكية في الغرب الإسلامي.
جَاءَ فِي فَتَاوَى الْإِمَام ابْن رُشْد الْجَدّ قَاضي الْمَالِكِيَّة في زَمَانِهِ (ت:520هـ)، مَا نَصُّهُ: ((وَكَتَبَ إِلَيْهِ الْأَمِيْرُ أَبُو إِسْحَاق بْن أَمِيْر الْمُسْلِمِيْنَ [الْأَمِيْر يُوسُف بْن تَاشَفِيْن] مِنْ مَدِيْنَةِ “إِشْبِيلِيَّة” سَائِلًا عَنْ أَئِمَّةِ الْأَشْعَرِيِّينَ : هَلْ هُمْ مَالِكِيُّونَ أَمْ لَا؟ وَهَلْ ابْن أَبِي زَيْدٍ [الْقَيْرَوَانِي] وَنُظَرَاؤُهُ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَغْرِبِ أَشْعَرِيُّونَ أَمْ لَا؟)).
فَأَجَابَهُ : ((لَا تَخْتَلِفُ مَذَاهِبُ أَهْلِ الْسُّنَّةِ فِي أُصُولِ الْدِّيَانَاتِ، وَمَا يَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ مِنَ الْصِّفَاتِ، وَيُتَأَوَّلُ عَلَيْهِ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ وَالْسُّنَنِ وَالآثَارِ مِنَ الْمُشْكَلَاتِ، فَلَا يَخْرُجُ أَئِمَّة الْأَشْعَرِيَّةِ بِتَكَلُّمِهِم فِي الْأُصُولِ وَاخْتِصَاصِهِم بِالْمَعْرِفَةِ بِهَا عَنْ مَذَاهِبِ الْفُقَهَاءِ فِي الْأَحْكَامِ الْشَّرْعِيَّاتِ الَّتِي تَجِبُ مَعْرِفَتهَا فِيمَا تَعَبَّدَ اللهُ بِهِ عِبَادَهُ مِنَ الْعِبَادَاتِ، وَإِنْ اِخْتَلَفُوا فِي كَثِيْرٍ مِنْهَا، فَتَبَايَنَتْ فِي ذَلِكَ مَذَاهِبهُم، لِأَنَّهَا كُلّهَا عَلَى اخْتِلَافِهَا مَبْنِيَّة عَلَى أُصُولِ الْدِّيَانَاتِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهَا أَئِمَّة الْأَشْعَرِيَّةِ وَمَنْ عُنِيَ بِهَا بَعْدَهُم. فَلَا يُعْتَقَدُ فِي ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ مِنْ نُظَرَائِهِ أَنَّهُ جَاهِلٌ بِهَا. وَكَفَى مِنَ الْدَّلِيْلِ عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِهَا مَا ذَكَرَهُ فِي صَدْرِ رِسَالَته مِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادهُ فِي الْدِّيْنِ)) [فَتَاوَى ابْن رُشْد (2/1060-1061)].
وَهَذَا الاسْتِفْتَاء مِنَ الْأَمِيْر يَنْسِف دَعْوَى أَنَّ عَقِيْدَة دَوْلَة الْمُرَابِطِيْنَ كَانَت تُصَادِم أُصُول عَقِيْدَة أَهْل الْسُّنَّة وَالْجَمَاعَة الْسَّادة الْأَشَاعِرَة وَالْمَاتُرِيْدِيَّة وَفُضَلَاءِ أَهْلِ الْحَدِيث..كَمَا يُبَيِّنُ بِمَكَانٍ اعْتِقَاد كِبَار عُلَمَاء الْمَالِكِيَّةِ بمُوَافَقَة عَقَيْدَة ابْن أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِي لِهَذِهِ الْأُصُول السُّنِّيَّةِ السَّنِيَّةِ.