فوائد وفرائد في التصوف والصوفية

تفاوت أجر الصلاة على النبي ﷺ حسب التعظيم والقصد عند السادة الصوفية (منقول)

الصلاة على النبي ﷺ مع حضور القلب بدون غفلة
نقل القاضي عياض في الاكمال عن بعض مَن رآه من المُحققين أنه كان يقول في قوله ﷺ “مَن صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه عشراً” ان ذلك انما هو لمَن صلى عليه محتسباً مخلصاً قاضياً حقه بذلك اجلالاً له وحباً فيه لا لمَن يقصد بذلك حظ نفسه من الثواب أو رجاء الاجابة لدعائه.
وقال سيدي عبد العزيز الدباغ في الباب الثالث من كتاب الابريز: ولذا ترى رجلين كل منهما يُصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فيخرج لهذا اجر ضعيف ويخرج لهذا اجر لا يُكيف ولا يُحصى وسببه أن الرجل الاول خرجت منه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع الغفلة وعمارة القلب بالشواغل والقواطع وكأنه ذكرها على سبيل الالفه والعادة فاُعطيَّ أجراً ضعيفا والثاني خرجت منه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع المحبة والتعظيم أما المحبة فسببها ان يستحضر في قلبه جلالة النبي صلى الله عليه وسلم وعظمته وكونه سبباً في كل موجود ومن نوره كل نور وانه رحمة مُهداه للخلق، وأن رحمة الأولين والاخرين وهداية الخلق اجمعين انما هي منه ومن اجله ﷺ فيُصلى عليه لأجل هذه المكانة العظيمة لا لاجل علة اخرى ترجع إلى نفع ذاته، وأما التعظيم فسببه أن ينظر إلى هذه المكانة العظيمة و بأي شيء كانت وكيف ينبغي أن تكون خصال صاحبها، وان الخلائق أجمعين عاجزون عن تحمل شيء من خصالها لأنها ارتقت حقائقها فيه صلى الله عليه وسلم إلى حد لا يُكيف بالفكر فضلاً عن أن يُطاق تحمله بالفعل، فاذا خرجت الصلاة من العبد على النبي صلى الله عليه وسلم فإن اجرها يكون على قدر منزلة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى قدر كرم الرب سبحانه لان محرك هذه الصلاة والحامل عليها هو مجرد تلك المكانة العظيمة فكان الاجر عليها على قدر تلك المكانة الحاملة عليها، وصلاة الاول كان المحرك عليها حظ نفسه وغرض ذاته فكان الاجر عليها على قدر محركها ولا يظلم ربك احدا، فهكذا عمل العبد بينه وبين ربه سبحانه فإذا كان المُحرك له هو عظمة الرب و جلاله و علوه في كبريائه فالأجر على قدر عظمة الرب سبحانه وإذا كان المُحرك له والحامل عليه مجرد غرض العبد وما يرجع لذاته فالأجر على قدر ذلك والسلام
وقال العارف بالله الشيخ محمود الكردي في كتابه أدل الخيرات: اعلم أن مَن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في حال الاستغراق في النوم او السِنة والغفلة او غلبه الحال بحيث لا يدري ما يقول فثوابه في هذه الحالات ثابت تعظيماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم واحتراماً لقدره فافهم تُثب إن شاء الله تعالى
وقال سيدي عبد الوهاب الشعراني في الطبقات في ترجمه سيدي أبي المواهب الشاذلي انه قال: رأيت سيد العالمين صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله صلاة الله عشرا لمن صلى عليك مرة واحدة هل ذلك لمَن كان حاضر القلب قال لا بل هو لكل مصلٍ عليّ غافلاً ويعطيه الله امثال الجبال من الملائكة تدعو له وتستغفر وأما إذا كان حاضر القلب فيها فلا يعلم ثواب ذلك إلا الله تعالى
📗 سعادة الدارين في الصلاة على سيد الكونين

السابق
تأويل حديث النزول (ينزل ربنا في الثلث الأخير من الليل) عند الخطابي والبيهقي والبيضاوي وابن حجر مع مقارنته بفهم ابن تيمية له (منقول)
التالي
«الخروج من الخلاف مستحب ، نعم ، ولكن بقيودٍ ثلاثة» (منقول)