فوائد وفرائد في التصوف والصوفية

قال الشافعي: صحبتُ الصُّوفيّة، فما انتفعتُ منهم إلّا بكلمتين… قال ابن القيم: يا ‌لهما ‌من ‌كلمتين ما أنفعَهما وأجمعَهما!

قال ابن القيم في مدارج السالكين 3/ 546: قال الشّافعيُّ – رحمه الله -: صحبتُ الصُّوفيّة، فما انتفعتُ منهم إلّا بكلمتين. سمعتهم يقولون:‌‌ الوقت سَيفٌ، فإن قطعتَه وإلّا قطَعَك. ونفسك إن لم تَشْغَلْها بالحقِّ شَغَلَتْك بالباطل(4).
‌‌_

(4) انظر: «مناقب الشافعي» للبيهقي (2/ 208)، و «تلبيس إبليس» (ص 301)، والكلمة الثانية فيهما: «ومن العصمة أن لا تقدر». وذكر المؤلف الفقرة الأولى فيما مضى (ص 428)، وفي «الداء والدواء» (ص 358)

——

قلت: يا ‌لهما ‌من ‌كلمتين ما أنفعَهما وأجمعَهما! وأدلَّهما على علوِّ همّة قائلهما ويقظته! ويكفي هذا ثناءً من الشّافعيِّ على طائفةٍ هذا قدْرُ كلماتهم.
وقد يريدون بالوقت ما هو أخصُّ من هذا كلِّه، وهو ما يصادفهم من تصريف الحقِّ لهم دونَ ما يختارونه لأنفسهم فيقولون: فلانٌ بحكم الوقت، أي مستسلمٌ لما يأتي من عند الله من غير اختيارٍ.
وهذا يحسُن في حالٍ، ويحرُم في حالٍ، وينقُص صاحبَه في حالٍ:
فيحسُن في كلِّ موضعٍ ليس لله فيه على العبد أمرٌ ولا نهيٌ، بل في موضع جريان الحكم الكونيِّ الذي لا يتعلّق به أمرٌ ولا نهيٌ، كالفقر والمرض، والغربة والجوع، والألم والحرِّ والبرد، ونحو ذلك.
ويحرم في الحال التي يجري عليه فيها الأمر والنّهي والقيام بحقوق الشّرع، فإنّ التّضييع لذلك والاستسلام والاسترسال مع القدر انسلاخٌ من الدِّين بالكلِّيّة.
وينقُص صاحبَه في حالٍ يقتضي قيامَه بالنّوافل وأنواعِ البرِّ والطّاعة.
وإذا أراد الله بالعبد خيرًا أعانَه بالوقت، وجعل وقتَه مساعدًا له. وإذا أراد به شرًّا جعلَ وقتَه عليه، فكلّما أراد التّأهُّبَ للمسير لم يساعده الوقت، والأوّل كلّما همَّتْ نفسه بالقعود أقامه الوقت وساعده.
‌‌_
(1) «من» ليست في النسخ.
(2) ر: «في».
(3) ش، د: «ومحرم»

الكتاب: مدارج السالكين في منازل السائرين

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣١)]

المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (٦٥٩ – ٧٥١)

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) – دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ – ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

السابق
وقد شرحت سبب هذه الأخطاء في فيديو آخر
التالي
ولا إنكار في مسائل الاجتهاد.. (ومن أنكر) شيئا من مسائل الاجتهاد، (فلجهله بمقام المجتهدين).. قال ابن عقيل:.. كانت أيدي الحنابلة مبسوطة في أيام ابن يوسف، وكانوا يستطيلون بالبغي على أصحاب الشافعي في الفروع حتى ما يمكنونهم من الجهر والقنوت..