الاجتهاد والتقليد واللامذهبية عند الوهابية

بدعة (الدليل) وتجرؤ العوام على شرع الله /منقول/

بدعة (الدليل) وتجرؤ العوام على شرع الله:
1- من أخطر البدع المنكرة التي سبّبها انتشار الفكر المتسلف النابتي بين عوام الناس (وكلامي هنا عن العوام وليس عن مقام التعليم مع طلاب العلم) .. أنه صار آحاد الناس إذا كلمته في أي مسألة تراه يطالبك بالدليل على ما تقول، مع أن المفتي والمستفتي كلاهما مقلد، والتقليد كما هو مقرر في علم لأصول (قبول قول الغير بلا حجة).
2- لقد كان الناس قديما قبل انتشار بدع المتسلفة يقنعون غاية القناعة بأن هذا هو قول الشيخ فلان أو العالم الفلاني ثقةً منهم فيه، وإذا ارتفعوا في سقف العلماء فكان حدهم الأعلى مالك وأبو حنيفة وبقية الأربعة.
3- ثم حصروا (الدليل) في أي مسألة أو قضية في (الكتاب والسنة) فقط، وغفلوا وتجاهلوا: الإجماع والقياس والعرف والاستحسان والمصالح المرسلة وعمل أهل المدينة، وغير ذلك من بقية الأدلة مما هو موضح في محله من كتب الأصول.
4- ثم صوّروا للعامة والدَّهْماء أن العلم هو ذات الدليل، وهو مجردُ سرد الآية الكريمة من آيات القرآن العظيم، أو إيراد حديث من الأحاديث المشرفة.
والحق أن الدليل هو ثلث العلم، والثلث الثاني: مناهج فهمه واستنباطه، مما يرجع إلى جمع الأدلة، ومعرفة العموم والخصوص، والإطلاق والتقييد، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، ومستويات الدلالة وجوبا وندبا واستحبابا، إلى غير ذلك مما تجمعت موارده عند أهل العلم في علم أصول الفقه. والثلث الثالث: حال المستفيد (العالم) وما ينبغي أن يتوفر فيه من علوم ومهارات في الاستنباط.
5- فكانت نتيجة كل ذلك هو تمزيقَ العلم، وعزلَ الأدلة عن مناهج فَهمها، وإتاحةَ المجال لكل متهجم بالفَهْم الساذَجِ على حمى القرآن العظيم والسنة المشرفة، والتهجم على أئمة الشرع الكبار المجتهدين، والاستهانة بهم ومقدارهم، تحت دعوى (هم رجال ونحن رجال)، و(فقه السنة)، و(فقه الكتاب والسنة)..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

السابق
سند كتاب شرح السنة للإمام المزني والمجاهيل التي فيه (منقول عن الشيخ محمود يزبك وفقه الله)
التالي
إجازتي (وليد ابن الصلاح) في علم الحديث من شيخنا فضيلة العلامة حسن قاطرجي الشافعي البيروتي حفظه الله ونفعنا به في الدارين آمين

اترك تعليقاً