الاجتهاد والتقليد واللامذهبية عند الوهابية

من الشذوذات التي ذكرتها للشيخ الألباني قوله أن السنة تقتضي وضع اليدين على الصدر في الصلاة ..(منقول)

من الشذوذات التي ذكرتها للشيخ الألباني -غفر الله له-  في الجلسة التي عقدت ، قوله أن السنة تقتضي وضع اليدين على الصدر في الصلاة ..

بينت شذوذ هذا القول البدعي الذي لم يقل به إمام من أئمة السلف والذي انتشر للأسف في عصرنا حتى صار شعار لهؤلاء الذين يدعون الانتساب للسلف ، فالواحد منهم يحارب عن هذه البدعة ويدافع عنها باستماتة ، فإن دخلت مسجد ورأيت فيه الشباب يصلون ويضعون أيديهم على صدورهم مخالفين بذلك جماهير الفقهاء وقلت للواحد منهم يا أخي ماذا تفعل لماذا لا تلتزم بما عليه الناس لماذا تضع يديك على صدرك بهذه الهيئة ، يقول بغرور : هكذا صلى النبي كما جاء في كتاب صفة صلاة النبي للألباني كأن الناس كلها غاب عنها الهيئة التي صلى النبي بها ، يل من المضحك والمستفز أن ترى أن الواحد من هؤلاء المبتدعة يتهم من لا يفعل ذلك بالبدعة ، فالذي يدعي محاربة البدع هو أكثر من يغرق بها دون أن يشعر وما ذاك إلا لسوء الظن والجهل بنفس الوقت ..وقد بينت أن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله نص على كراهة ذلك كما قال الشيخ ابن تيمية الذي يعظمه هؤلاء ..ثم ذكرت كلام المرداوي في ذلك في الإنصاف حيث بين أن المذهب عند الحنابلة هو وضع اليمنى على اليسرى ووضعهما تحت السرة وأن هذه أصح الروايات عن الإمام أحمد ..

ثم بينت ضعف الرواية التي اعتمد عليها الألباني والتي هي رواية وائل بن حجر والتي فيها أن النبي عليه الصلاة والسلام وضع يده اليمين على اليسار ووضعهما على صدره رواية ضعيفة والذي تفرد فيها وهو مؤمل بن إسماعيل لليس ممن يقبل تفرده خصوصاً إن خالف الثقات ..ثم ذكرت كلام قاله الشيخ ماهر الفحل – الذي أظنه سلفي المشرب – حيث وضح أن كل الذين نُسب لهم هذا القول لا يصح عنهم ذلك وتكلم عن رواية مؤمل هذه وبين أنه اضطرب في هذه الرواية عن سفيان الثوري لأنه مرة روى على صدره ومرة عند صدره ومرة دون هذه الزيادة أصلاً ..
وقال أيضاً :
( رواية مؤمل مع شدة فرديتها واضطرابه فيها لا تصح لشدة مخالفته بها الرواة عن سفيان الثوري والرواة عن عاصم والرواة عن وائل بن حجر ) 

وقد عدت للمجموع لإمامنا النووي رضي الله عنه حيث وضح أن مذهب سفيان الثوري هو كمذهب الحنابلة والأحناف في وضع اليدين تحت السرة ..يقول النووي رضي الله عنه :

(( قد ذكرنا أن مذهبنا أن المستحب جعلهما تحت صدره فوق سرته وبهذا قال سعيد بن جبير وداود ،  وقال أبو حنيفة والثوري وإسحق يجعلها تحت سرته وبه قال أبو إسحاق المروزي من أصحابنا كما سبق وحكاه ابن المنذر عن أبي هريرة والنخعي وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه روايتان إحداهما فوق السرة والثانية تحتها ، وعن أحمد ثلاث روايات..))

ذكرت أيضاً أن الألباني ادعى أن إسحاق بن راهويه كان يفعل ذلك ،وهذا خطأ إسحاق بن راهويه لم يفعل ذلك بل كان يضع يديه عند ثدييه عند الدعاء لا في الصلاة ..

قال بإرواء الغليل :
(وأسعد الناس بهذه السنة الصحيحة الإمام إسحاق بن راهويه فقد ذكر المروزي في المسائل كان إسحاق يوتر بنا … ويرفع يديه في القنوت ويقنت قبل الركوع، ويضع يديه على ثدييه أو تحت الثديين)

وهذا الاستدلال يدل على عدم فهمه لما يقرأ وهذه آفة الاعتماد على الكتب دون التعلم على الشيوخ ..و بينت أيضاً أن الألباني -غفر الله له – يدخل نفسه بمباحث أصولية لا قبل له بها ولم يحط بها علماً ، مثلا بإرواء الغليل استدل على قوله هذا بحديث موجود بسنن أبي داود فيه عن طاوس أنه قال كان رسول الله يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشد بينهما على صدره فعلق الألباني قال :
( وهو وإن كان مرسلا فهو حجة عند جمع من العلماء على اختلاف مذاهبهم في المرسل ).. وهذا دليل على عدم معرفته بمنهج الفقهاء ، فصحيح أن الأحناف والمالكية والحنابلة تعاملوا مع الحديث المرسل على أنه حجة لكن بشروط من أهمها أن لا يتعارض مع ما عليه العمل ولا يُعارض بما هو أقوى منه وهناك شروط أخرى مذكورة بالكتب ، لكن الجدير بالذكر أن الألباني هنا تناقض مع ما قرره مراراً أن الحديث الضعيف لا قيمة له نهائياً وينبغي أن يوضع مع الحديث الموضوع المكذوب والمرسل ضعيف عند المحدثين ، لكن مع ذلك استدل الألباني بهذا الحديث لدعم مذهبه الشاذ وبالتالي خالف علماء الحديث وعلماء الفقه ..

والله المستعان .

السابق
منهج ابن تيمية الجدلي 8‏/ م.محمد أكرم أبو غوش
التالي
من جناية أدعياء اللامذهبية على الدين : تجرؤ الجهال على الإنكار في مسائل الخلاف وتخطئة العلماء بزعمٍ أنّهم خالفوا الدليل…و رحم الله مالكا حين سئل : “يا أبا عبد الله هل عرفت حديث البيِّعان بالخيار !؟