الاجتهاد والتقليد واللامذهبية عند الوهابية

مقارنة أتباع النجدي ابن عبدالوهاب بين دعوته ودعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. !!!! (منقول)

مقارنة أتباع النجدي ابن عبدالوهاب بين دعوته ودعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. !!!!

من قرأ كتب العلماء المعاصرين لخروج ابن عبدالوهاب النجدي أو العلماء القريبين من زمانه من الحنابلة وغيرهم يجد في كثير منها اتهامه بأنه يدعي النبوة بلسان حاله، وإن أنكر ذلك بلسان مقاله، وكان أتباعه يعاملونه بالتعظيم والاتباع لأقواله بطريقة غريبة.
يقول عبدالله بن داود الحنبلي في كتابه [الصواعق والرعود، ص 175]: (وأما ابن عبدالوهاب فلسان حاله يشعر بأنه يدعي النبوة، وقبيح أفعاله تدل على ذلك، وأما أتباعه فكلهم مجتهدون، حتى من لا يعرف أ، ب، ت، ث).
ويقول السيد أحمد دحلان في [الدرر السنية في الرد على الوهابية، ص ١١٤]: (فكان محمد بن عبد الوهاب المذكور بينهم- أي بين أتباعه- كالنبي في أمته لا يتركون شيئا مما يقول، ولا يفعلون شيئا إلا بأمره).
ويقول آخر: (فإنه – أي ابن عبد الوهاب – كانت لوائح دعوى النبوة تظهر عليه).
ومن الطبيعي أن ينكر أتباعه خوارج العصر ومجسمته هذه الدعوى، ويردون عليها، ويبالغون في ذلك، ولكن من الغريب حقا أن تجد في كتبهم المؤلفة في تعظيمه مقارنة غريبة بين دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوة النجدي الخارجي ابن عبدالوهاب!!
والعجيب أن هذه المقارنة ليست من عوامهم وجهلتهم، بل من مشايخهم، حتى أنهم قارنوا بين معجزة سراقة وشيء زعموا أنه وقع لابن عبدالوهاب!!
ألف القاضي أحمد بن حجر آل بوطامي كتابا في ابن عبدالوهاب ودعوته، فقدم له وصححه عبدالعزيز بن باز،
وفي هذا الكتاب عقد آل بوطامي بابا للمقارنة، فقال:
(المشابهة بين عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ودعوته وبين عصر الشيخ محمد ودعوته)
ثم اعتذر عن ذلك اعتذارا باردا فقال:
(ليس القصد أن نجعل الشيخ محمد بن عبد الوهاب كالرسول صلى الله عليه وسلم، لأن الرسول قد فضله الله على جميع الأنبياء والمرسلين، وجعله خاتمهم وليست درجته كدرجة غيره).
هكذا بكل بساطة!!
قال: (وأما الشيخ محمد، فعالم مصلح مجدد لما اندرس من دين الرسول صلى الله عليه وسلم ).
ثم قال:
إلى القارئ وجه الشبه بين العصرين في بعض الأمور التي جرت للرسول الأكرم وللشيخ محمد بن
عبد الوهاب رحمه الله:

1 عصر الرسول كان عصراً قد بلغ من فساد العقائد والعادات والأخلاق مبلغاً عظيماً.
فالأصنام كانت تعبد من دون الله في المسجد الحرام عند الكعبة وغيرها، وكانت العرب قد انحطت إلى أسفل الدركات من الوثنية الممقوتة والعادات السافلة الرذيلة، من شرب الخمور والبغاء، ووأد البنات وتحكم الأقوياء في الضعفاء.
وقصارى ما يقال في هذا العصر أنه عصر انتحار الفضائل الإنسانية الكبرى، والمعاني السامية العليا.
وكان عصر الشيخ بن عبد الوهاب شبيهاً بذلك العصر، بما كانوا فيه من جاهلية مطلقة، كما كانوا غارقين في أودية الجهالة والرذيلة والوثنية المسبوكة في قالب حب الصالحين.
وأوجز ما يقال فيه، أنه عصر انتحار الفضائل الإنسانية والمعاني الرفيعة، يضاف إليه محو الدين، والخضوع لسلطان الخرافات والبدع.
2 بعث الله صلى الله عليه وسلم بعد فترة من الرسل، وكانت الإنسانية بما أصابها في مقاتلها تنتظر وتتعطش إلى هذه البعثة الكريمة، لعلها تهتدي بعد الضلال البعيد، وتنتقل من فوضى الأخلاق والطباع إلى نظام وطمأنينة وراحة.
وجاء الشيخ في وقت كانت جزيرة العرب في أمس الحاجة إلى مصلح يعالجها من أمراضها القاتلة، ويرجع بها إلى تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم وينقذها مما وقعت فيه ويأخذ بيدها من تلك الهوة السحيقة التي ارتطمت فيها، لكي تسير في سبيل مستقيم، حيث تصفو العقائد، وتشفى العقول، حيث النور المنبثق من القرآن والسنة يملآن الرحاب والبقاع.
3 كما وفق نبينا في الدعوة إلى الله وتوحيد ونبذ الشرك وتهجينه، وفق محمد بن عبد الوهاب في تجديد دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم والسير على مناهجه، ونشر ما أتي عنه، نقياً خالصاً من كل شائبة وباطل
4 لم يطب المقام للرسول صلى الله عليه وسلم بمكة التي ولد فيها بإيذاء قريش له، وتسلطهم عليه بالسوء والأذى حتى أجمعوا أخيراً على قتله.
فهاجر إلى المدينة مع صِدِّيقه وصَديقه ، ووجد من الأنصار عوناً وحباً ثم تبعه صحابته فانتقلوا إليها مستخفين ، خشية من الأذى والفتك ، وفراراً بالدين والعقيدة .
وكذلك الشيخ قد تآمر عليه مماليك بلده الذي ولد فيه على قتله وتسوروا عليه الجدار، ولقي من أهله الأذى والتنكيل، ما جعل الإقامة به أمراً مستحيلاً.
ففر بدينه وعقيدته إلى الدرعية ، ولقي فيها محبين كانوا عوناً له . هناك استطاع أن يهنأ بالعبادة والدين ، وانتقل مريدوه وأتباعه إليها هرباً بمعتقداتهم وأرواحهم
5 كما حدث للرسول صلى الله عليه وسلم في طريقه للمدينة وهو مهاجر ، أن تبعه سراقة بن مالك ،طمعاً في جعل قريش .
ولما أدرك النبي وأبا بكر،ساخت قوائم فرسه في الأرض ، فإذا هو في وثاق ، لا يستطيع منه فكاكا ، حتى يستنجد بالرسول فينطلق .
كذلك قد جرى للشيخ محمد بن عبد الوهاب،فقد وكل به أمير العيينة عثمان بن معمر عندما أمر بمغادرة الشيخ البلاد فارساً والشيخ كان راجلاً حافي القدم،حاسر الرأس، إلا من مروحة يتقي بها لظى القفر، حتى إذا رام أن يقتله، واستل سيفه، إذا بيده القوية تتهالك ،فيسقط منها.
6 وكان ابن عبد الوهاب يعرض نفسه على القبائل والبطون فمن ناصرة ومجيرة ،إلى خاذلة وصادفة عنه،إلى قبائل لا تتورع عن إيذائه والكيد له كما كان يكيد له الكبراء والزعماء،فلا تلين له قناة.
كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل، ويستقبلها في المواسم والأسواق فينصره بعضها، ويخذله بعضها، ويهزأ به بعضها، ويناله بعضها بما يكره، ولكنه صابر يقول في ابتسامته الحلوة الرائعة: (اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون).
7 ومثل ما عترض حياة الرسول الكريم الخطر والهلاك، اعترضت حياة تابعه المخلص، الويلات والكوارث، فكان يستدبر كارثة ليستقبل أُخرى بنفس مطمئنة وقلب مفعم بالإيمان.
8 وكما كان الرسول يغزو بنفسه، ويزج بها في المعارك والميدان، وإذا احتدم القتال يقوي قلوب صحابته الكرام، ويعززهم ويذكرهم، ويدعو الله لهم.

9 وكان محمد عليه الصلاة السلام يرسل الرسل للملوك، يدعوهم إلى الهدى ودين التوحيد، ويرسل السريا للغزو، إن أعلنوا الحرب على الدعوة،
وكان ابن عبد الوهاب يفعل ذلك أيضاً، متبعاً سنة رسولنا عليه الصلاة والسلام.

10 وكما ابتلى الرسول بأعداء أقوياء لدد في الخصومة، ينفسون عليه ويتهمونه بالسحر والكذب، حتى إن أقرب ذوي قرباه كانوا في حيرة من أمره، وحتى إن عمه أبا لهب، كان لا يرضى عنه، وخاصمه وسفه حلمه، ولم يأل جهداً في تأليب الناس عليه،
ابتلي ابن عبد الوهاب أيضاً بخصوم أشداء، نصبوا له الحبائل، ورشقوه بالسهام، ولكنها كانت تطيش وكان ينجوا بفضل الله، حتى أخوه سليمان كان عدواً لدوداً، طعنه طعنات وانظم إلى صفوف المناوئين لا يتورع عن شتمه ونقد آرائه ودعوته وطريقة نقداً.
11 وكما انتصر الرسول على أعدائه وخضعوا له وأصبحوا من خيرة أنصاره، كعمر ، وخالد ، وعمر بن العاص.
فكذلك انتصر تابعه المخلص الأواه، على مناوئيه وأتوا إليه معتذرين، فإذا به يعفوا كرماً، ويرتاح إليهم، ويصفح عنهم، وإذا بهم يعودون إخوة وأنصاراً مخلصين)

انتهى بلفظه السقيم معنى ومبنى، وهذا هو الجهل والتعصب.

السابق
ابن خلدون ينسف مذهب الحشوية (منقول)
التالي
أليس هذا سرّ الهجوم على سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وعلى مقامه الشريف ؟ (منقول)