حكم الاستغاثة ودعاء غير الله

أدلة الاستغاثة من الكتاب والسنة والآثار (منقول)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: قال تعالى حاكيا قصة المؤمن من بني اسرائيل عند استغاثته بموسى (عليه السلام) في اثناء تشاجره مع ذلك الفرعوني الكافر (( فَاستَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِن عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيهِ )) (القصص:15).

ثانياً: عقد الحافظ الهيثمي بابا حول الاستغاثة بالملائكة او العباد الصالحين من انس وجن رغم عدم رؤيتهم قال في مجمع الزوائد 10/132: (باب ما يقول إذا انفلتت دابته أو أراد غوثا أو أضل شيئا) ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد عونا وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل يا عباد الله أعينوني فان لله عبادا لا نراهم، قال الراوي: وقد جرب ذلك. وفي رواية: فاذا اصاب احدكم عرجة بارض فلاة فليناد اعينوا عباد الله قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات. وفي رواية: فليناد يا عباد الله احبسوا يا عباد الله احبسوا فان لله حاصرا في الأرض سيحبسه.

ثالثاً: استغاثة الصحابة برسول الله (صلى الله عليه وآله) للاستسقاء حين الجدب لتمطر السماء وينزل الغيث فقد فعلوه كثيرا كما هو ثابت.

رابعاً: استغاثة عمر بالعباس عم النبي (صلى الله عليه وآله) واستسقاءه به ثابت في البخاري ايضا حينما جدبوا.

خامساً: استغاثة معاوية (رضي الله عنه) بالاسود بن يزيد واستسقى به ثابت متفق عليه ايضا.

سادساً: استغاثة امة محمد يوم القيامة بالانبياء ومن ثم كل نبي يرسلهم الى اخر حتى يرسلهم عيسى لمحمد (صلى الله عليه وآله) فيغيثهم رسول الرحمة فيسجد ويطلب لهم الرحمة من الله تعالى ويغيثهم الله ورسوله من هول المطلع وذلك الموقف العصيب.

سابعاً: لقد استعان واستغاث نبي الله سليمان (عليه السلام) بالبشر لقضاء حاجة وامر لا يقدر عليه بشر عادة وهو حمل عرش بلقيس من اليمن الى الشام (( قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُم يَأتِينِي بِعَرشِهَا قَبلَ أَن يَأتُونِي مُسلِمِينَ * قَالَ عِفريتٌ مِنَ الجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبلَ أَن تَقُومَ مِن مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلمٌ مِنَ الكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبلَ أَن يَرتَدَّ إِلَيكَ طَرفُكَ.. )) (النمل:38-39).

ثامناً: استغاثة الاعمى برسول الله (صل الله عليه وآله) حين طلب من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان يدعو له ليشفى ولم يدع الله عز وجل مباشرة ولذلك امره النبي (صلى الله عليه وآله) ان يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء( اللهم اني اسألك واتوجه اليك بمحمد نبي الرحمة يا محمد اني توجهت بك الى ربي في حاجتي هذه لتقضى اللهم فشفعه فيّ).

تاسعاً: استعانة الرسول الاعظم واستغاثته باهل بيته عندما باهل نصارى نجران فاخذ عليا وفاطمة والحسن والحسين ليباهل نصارى نجران ولم يذهب ليباهلهم لوحده (صلى الله عليه وآله) حتى نزل قوله تعالى (( فَقُل تَعَالَوا نَدعُ أَبنَاءَنَا وَأَبنَاءَكُم وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُم وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُم ثُمَّ نَبتَهِل فَنَجعَل لَعنَتَ اللَّهِ عَلَى الكَاذِبِينَ )) (البقرة:61).

عاشراً: ما رواه الذهبي في سيره (5/359) وابن عساكر (56/50) ان محمد بن المنكدر كان يجلس مع اصحابه وكان يصيبه صمات فكان يقوم كما هو يضع خده على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) ثم يرجع فعوتب في ذلك فقال: انه يصيبني خطر فاذا وجدت ذلك استعنت بقبر النبي (صلى الله عليه وآله). وفي لفظ: استغثت بقبر النبي (صلى الله عليه وآله).

الحادي عشر: روى الامام احمد في مسنده 5/317 ان ابا بكر قال: قوموا نستغيث برسول الله (صلى الله عليه وآله) من هذا المنافق فقال (صلى الله عليه وآله): لا يقام لي انما يقام لله. وفي لفظ: لا يستغاث بي انما يستغاث بالله. فلو كانت الاستغاثة مختصة بالله تعالى لما اشرك ابو بكر وجهل هذا الامر حيث انه في المدينة ويريد من الصحابة ان يتوجهوا في دفع الضرر من المنافق ( ابن سلول) الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يقل له النبي (صلى الله عليه وآله) لقد اشركت يا ابا بكر او لا تفعل ذلك فانه شرك ولا قال له: الله اكبر لقد جعلت لله ندا ووو. وانما صرفهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن فعل خلاف الاولى ولم يكفره ولا يمكن لابي بكر وجميع من معه من الصحابة ان يشركوا بالله ولا يعرفوا حقيقة التوحيد والشرك فهذه عقيدة تعتبر اصل الدين وابده بديهياته وليست مسألة فقهية يمكن غيابها عنهم او جهلهم بها. ونقول ايضا لو كان ثمت فرق بين الاستغاثة بالحي والميت لما نهى هنا رسول الله عن الاستغاثة به (صلى الله عليه وآله) وهو حي يرزق! فتبين ان الموت والحياة لا علاقة لها بجواز الاستغاثة من عدمه.

الثاني عشر: نقل الذهبي وغيره ان تلميذ احمد بن حنبل ابراهيم الحربي قال: (قبر معروف الترياك المجرب) راجع سير اعلام النبلاء للذهبي 9/343.

الثالث عشر: عقد الدارمي بابا في سننه 1/412: باب ما اكرم الله تعالى نبيه (صلى الله عليه وآله) بعد موته بسنده عن ابي الجوزاء قال: قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة فقالت انظروا قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كوى إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف قال ففعلوا فمطرنا مطرا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق. ومن الواضح ان المسلمين كانوا يعلمون بصلاة الاستسقاء بل وصلوها ولكنهم مع عدم تحصيل نتيجة لجأوا الى عائشة لتدلهم على خيار اخر لعله انفع من الصلاة فدلتهم على القبر النبوي الشريف وكشفه الى السماء ليغاث الناس في مثل هكذا شدة وقحط وهذا يؤكد جواز ذلك وعدم كونه شركا.

الرابع عشر: واخرج ابن ابي شيبة في مصنفه 7/482 عن مالك الدار حينما جدب الناس في عهد عمر قال: (جاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأتى الرجل في المنام فقيل له: ائت عمر فأقرئه مني السلام وأخبرهم أنهم مسقون وقل له: عليك بالكيس الكيس فبكى عمر ثم قال: يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه).
قال الحافظ ابن حجر بعد الرواية في فتح الباري 2/412:ان الرجل الذي رأى هذا المنام هو بلال بن الحارث المزني احد الصحابة. وقال عن هذا الاثر: اسناده صحيح. وصححه ابن كثير ايضا في البداية والنهاية 7/101 وفي جامع المسانيد كذلك 1/221 ولكنه قال: اسناده جيد قوي، واقرّ ابن تيمية بثبوته وصحته في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم وفي هذا الاثر نفس دلالة الاثر السابق حيث يقوم الصحابة بعد اليأس من الفرج وعند خوف الهلاك باللجوء الى قبر النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله) والاستعانة به.

الخامس عشر: وروى ابن قدامة المقدسي الحنبلي رواية العتبي في المغني 3/588 وكذا في الشرح الكبير وذكرها ايضا النووي الشافعي في المجموع 8/274 حيث قال ما نصه: ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتوسل به في حق نفسه ويستشفع به إلى ربه سبحانه وتعالى ومن أحسن ما يقول ما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيب وسائر أصحابنا عن العتبي مستحسنين له قال ( كنت جالسا عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول (( وَلَو أَنَّهُم إِذ ظَلَمُوا أَنفُسَهُم جَاءُوكَ فَاستَغفَرُوا اللَّهَ وَاستَغفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا )) (النساء:65) وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي ثم أنشأ يقول:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه *** فطاب من طيبهن القاع والاكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه *** فيه العفاف وفيه الجود والكرم

ثم انصرف فحملتني عيناي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال يا عتبى الحق الاعرابي فبشره بان الله تعالى قد غفر له )
ومن الواضح ان هذا الاعرابي تكلم مباشرة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) طالبا منه ان يشفع له عند الله عز وجل وهذا ما يقوم به المؤمنون من اتباع اهل البيت (عليهم السلام) تماما.
ورواه الحنبلي الكبير ابن قدامة المقدسي السلفي وكذلك حكاه النووي عن الشافعية وحكى استحسانهم لهذا الفعل وهذا الحديث دون أي اعتراض او نكير

السابق
تفضيل القاضي عياض وابن عقيل وغيره من الحنابلة لموضع قبره عليه الصلاة والسلام على الكعبة والعرش وتفضيل الأرض التي مشى عليها على السماء خلافا لابن تيمية والعثيمين
التالي
“ملف خاص بتكفير الوهابية للمسلمين وجرائمهم في حق أمة الإسلام ” (منقول)