(2) فتح العلّام في الرد على من قاس الاستغاثة بخير بالأنام على استغاثة المشركين بالأصنام. (وليد الزير آدمن 9)
الوجه الثاني في بيان بطلان هذا القياس من حيث الجملة والشكل:
كيف تكفرون المسلمين وتستحلون دماءهم بقياس اخترعه ابن تيمية حين قاس استغاثة المسلمين برسولهم على استغاثة المشركين بأصنامهم في الوقت الذي تنكرون فيه القياس في العبادات مع أنه صادر عن كبار المجتهدين من فقهاء السلف؟!
فقد أنكرتم على الإمام الشافعي لأنه أجاز النداء لصلاة العيد بـ‘‘ الصلاة جامعة’’ قياسا[1] على النداء بذلك إلى صلاة الكسوف[2]، فقلتم إن ذلك بدعة والقياس لا يكون في العبادات[3].
فكأن الأولى أن تعكسوا الأمر فتقبلوا بقياس الشافعي وترفضوا قياس ابن تيمية لعدة أمور:
الأمر الأول: إن القياس في العبادات جائز عند الجمهور[4]؛ وأما مسائل التكفير فلا يصلح فيها القياس قط بل نص العلماء قاطبة على أن التكفير لا يكون إلا لإنكار المكلفِ الشيءَ المعلوم من الدين بالضرورة الذي ثبت بنصوص متواترة صحيحة صريحة واضحة كالشمس لا لبس فيها مطلقا؟
فليت شعري كيف عكستم الأمر؟! أفتتورعون عن قياس صلاة العيد ونحوها على صلاة الكسوف، ولا تتورعون عن قياس أشرف الخلق وسيد المرسلين وأتباعه على حصب جهنم من الأوثان وعُبّادها من المشركين؟!
الأمر الثاني: إن غاية ما في قياس الشافعي لصلاة العيد على صلاة الكسوف هو إباحة أو ندب النداء لها بـ “الصلاة جامعة”، وهذا القياس أمره يسير، لأنه على تقدير وقوع الخطأ فيه لا يترتب عليه كفر ولا إيمان ولا فساد للصلاة، إذ سواء ناديت لصلاة العيد ونحوها بـ “الصلاة جامعة” أم لم تنادي بذلك، فصلاتك للعيد صحيحة وإيمانك صحيح لم ينتقض.
وأما قياس ابن تيمية للنبيِ على الصنم، وقياس المسلمِ على المشرك فأمر جد خطير، إذ يترتب على الخطأ في هذا القياس سفك دماء المسلمين وانتهاك أعراضهم وتكفيرهم، وهذه أمور جاءت النصوص القاطعة بحرمتها والتنفير منها بأشد عبارات الوعيد.
فأما أن تعكسوا الأمر فتتورعوا عن القياس في المباحات أو المندوبات ولا تتورعون عن القياس لتكفير الناس، فهذا ورع بارد ممجوج من تلبيس إبليس لا شك في ذلك ولا ريب.
الأمر الثالث: قلتم إن قول “الصلاة جامعة” في صلاة العيد ونحوها بدعة، ونسيتم أو تناسيتم أن قولكم بكفر المستغيثين بخير الأنام وقياس ذلك على المستغيثين بالأصنام: هو بدعة أيضا؛ بل بدعة أعظم؛ لأن البدعة الأولى ـ وهي النداء لصلاة العيد بالصلاة جامعة ـ منقولة عن السلف كالشافعي الذين تدّعون اتباعهم، وأما بدعتكم ـ وهي قياسكم في الاستغاثة ـ فمنقولة عن ابن تيمية من الخلف الذين تنفرون الناس منهم وتتهمونهم بالضلال، فكيف يكون قول الشافعي بدعة مع أنه من السلف، وقول ابن تيمية: سنة مع أنه من الخلف، أم أن السلف عندكم هم ابن تيمية وصحابته، والسنة هي ما سنّه ابن عبد الوهاب وأتباعه؟!
الوجه الثالث: وحين قاس العلماء العامد على الناسي في وجوب قضاء الصلاة…… انتظره
قال وليد : هذه الحالة سبق أن نشرتها هنا على:https://www.facebook.com/Soufiahdrmut/posts/504063002964576
وانظر السابق: https://www.facebook.com/Soufiahdrmut/posts/503909742979902
وانظر اللاحق: https://www.facebook.com/Soufiahdrmut/posts/504225646281645
ــــــــــــــــــــــــ
[1] جاء في الأم للشافعي – (1/ 102): ولا أذان إلا لمكتوبة وكذلك لا إقامة فأما الأعياد والخسوف وقيام شهر رمضان فأَحبُّ إليَّ أن يقال فيه ” الصلاة جامعة “.اهـ
وقال العمراني: ولا يؤذن لصلاة الاستسقاء … فيشرع فيها: (الصلاة جامعة) ، كصلاة العيد والكسوف. انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (2/ 636، 680).
وجاء في مغني المحتاج (1/ 134): (ويقال في العيد ونحوه) من كل نفل تشرع فيه الجماعة … كالعيد والكسوف والاستسقاء والتراويح …والوتر حيث يسن جماعة …( الصلاة جامعة ) لوروده في الصحيحين في كسوف الشمس وقيس به الباقي.اهـ
[2] أخرج الشيخان: “لما كُسفت الشمس على رسول الله صلى الله عليه وسلم نودي إن الصلاة جامعة”.
[3] فقد ذكر ابن تيمية وابن القيم والصنعاني وابن عثيمين أن النداء إلى صلاة العيد والاستسقاء بدعة؛ قال ابن تيمية: ولا ينادي للعيد والاستسقاء وقاله طائفة من أصحابنا ولهذا لا يشرع للجنازة ولا للتراويح على نص أحمد خلافا للقاضي لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه و سلم والقياس على الكسوف فاسد الاعتبار اهـ الفتاوى الكبرى (5/ 321). زاد المعاد في هدي خير العباد – (1/ 443). سبل السلام” 1/ 173، ط/دار الحديث، مجموع فتاوى ابن عثيمن (16/ 237). وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء – (8/ 442) النداء لصلاة العيدين أو الاستسقاء بالصلاة جامعة أو غيرها من الكلمات لا يجوز بل هو بدعة محدثة؛ لأنه لم يرد عنه صلى الله عليه وسلم، وإنما الذي ورد عنه في صلاة الكسوف، والأصل في العبادات التوقيف.
[4] مذهب الجمهور أن القياس يجري في العبادات، و”كل حكم شرعي أمكن تعليله فالقياس جار فيه”. انظر: المستصفى (3 / 694)، قال البيضاوي: القياس يجري في الشرعيات، حتى الحدود والكفارات، لعموم الدلائل.اهـ وذهب الكرخي من الحنفية والجبائي من المعتزلة إلى أنه لا يجوز إثبات أصول العبادات بالقياس. قال ابن السبكي: والحق خلافه.اهـ انظر الإبهاج في شرح المنهاج 6/2246 وما بعدها. والدليل على ذلك ما قاله القرافي في شرح التنقيح ص415، ط2/ االكليات الأزهرية، 1993م: حجة الجواز أن الشريعة إذا وُجد فيها أصلُ عبادة لنوع من المصالح، ووجد ذلك النوع من المصالح في فعل آخر وجب أن يكون مأمورا به عبادة، قياسا على ذلك النوع الثابت بالنص تكثيرا للمصلحة، والأدلة على القياس لم تفرّق بين مصلحة ومصلحة.اهـ هذا وقد استخلص الشافعية قاعدة وهي “القياس حجة في العبادات” وبنوا عليها كثيرا من الفروع منها هذه المسألة “النداء بالصلاة جامعة في العيد قياسا على الكسوف”.انظر: المدخل إلى أصول الإمام الشافعي من خلال “تحفة المحتاج”، د. مرتضى المحمدي الداغستاني، المشرق للكتاب، ط1/2008م: 2/480.
https://www.facebook.com/groups/211024422427190/posts/288945031301795/