الفكر الوهابي الجديد بلباس المذهبية
انتبهوا هذا الرجل في العقيدة وهابي وان كان متقنا في المذهب الشافعي
الرئيسية أرشيف التيليجرام محمد سالم بحيري43425 1
الـتـاريـخ
من الأحدث الى الأقدم
تيليجرام محمد سالم بحيري
تحريم الاستغاثة بغير الله سبحانه، ومذهب الشافعية فيه …
الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، أمَّا بعدُ؛
فهذا تفصيلٌ في حكم الاستغاثة بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم وبأولياء الله الصالحين، أبيّن فيه أحكامَ المسألة على وجه الإجمالِ، ثم أشرَعُ في التفصيل، وأجيبُ فيه عن دلائل المخالِف.
وقد قسَّمتُه إلى مباحث أربعة.
المبحث الأولُ: في بيانِ الحكم الإجمالي بتحريم الاستغاثة بالأنبياء والأولياء.
المبحث الثاني: في تقرير تحريمِ الاستغاثة من حيثُ المذهب.
المبحث الثالث: في تقرير كونِها شركًا على المذهب.
المبحث الرَّابع: في الجوابِ عن أدلَّة المُجَوِّزِين للاستغاثة.
*
المبحث الأولُ: في بيان الحكم الإجمالي بتحريم الاستغاثة بالأنبياء والأولياءِ.
الاستغاثَةُ بالأنبياءِ والأولِياءِ بطلبِ جلبِ نفعٍ أو دفع ضرٍّ منهم = محرَّمة، بل شركٌ، كالاستغاثة بسيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بأولياءِ الله الصالحين، كقول العامَّة: (أغِثني يا فلان) أو (أعطِني يا فلان).
كلُّ ذلك محرَّمٌ، بل شركٌ، وقد أفتى بتحريمِ ذلك جماعَةٌ من أصحابِنا الشافعيَّة كأبي زُرعة العراقيِّ رحمه الله في «فتاويه»، والبدر الأهدل رحمه الله.
والخلاف في المسألة ليس سائغًا.
ومن أفتى بجوازِه = مخطئ بلا شكٍّ، وقولُه مردودٌ، ولكن معذورٌ بتأويلِه.
أما التَّوَسُّل بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم = فجائزٌ، وذلك نحوُ أن يقولَ الداعي: «اللهمَّ إني أتوسَّلُ إليك بنبيِّك أن تفعل لي كذا»، فلا حرج في ذلك.
والفرقُ بينهما جَلِيٌّ؛ إذ التوسلُ دعاءُ الله سبحانه بنبيِّه، والثاني دعاءُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
هذا بيانُ الحكمِ إجمالًا، ويبقى بعد ذلك تقريرُ ذلك على المذهبِ، ثمَّ الجوابُ عن أدلَّة المخالف.
*
المبحث الثاني: في تقرير تحريمِ الاستغاثَة من حيثُ المذهبِ.
أمَّا تحريمُ الاستغاثة وتغليطُ مُجَوِّزِها من حيثُ قاعدة المذهب = فينبغي أنْ يُعْلَم أنه ليس في الاستغاثة نقلٌ عن أحدٍ من الأصحابِ مطلقًا من زمان الشافعيِّ رضي الله عنه إلى سنة سبعمائة، وأولُ نصٍّ يكتبُ فيها إنما كان بعد سنة سبعمائة، وهو غلطٌ على قاعدة المذهب لا ريب، تَرُدُّه نصُوصُ الشافعيِّ في نظائرِه ونصوصُ متقدِّمي أصحابِه، ويدلُّ عليه تنقيحات حُذَّاق العالِمين بنصوصه ونصوهم من المتأخرين.
وذلك أنَّ المُتأمِّلَ في نصوصِ الشافعيِّ رضي الله عنه ومتقدِّمِي أصحابه يجدُ أنَّهم «يُنِيطون الأحكامَ في ذلك بالصُّورِ لا بالقُصُود».
ومما يدلُّك على ذلك في نظائرِه:
(1) ما حكَاهُ الدميريُّ في «النجم الوهَّاج» (جـ9/ص472) عن نصِّ الشافعيِّ رضي الله عنه أنه قالَ: «إذا قالَ: أذبَحُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم أو تقربًا له = أنه لا يحلُّ أكلُها».
بل إنَّ ابن الرِّفعة يحكِي اتفاقَ الأصحابِ على منعِ ذلك؛ كما سيَرِدُ ذكرُه.
وأيَّد منعَ ذلك الزكشيُّ رحمه الله، فقالَ في «خادم الرافعيِّ والرَّوضة» (جـ15/لوحة 130/ نسخة الظاهريَّة): «قضيَّة كلام الشافعيِّ والأصحابِ امتناعُ هذا اللفظِ وعدَمُ حِلِّ الذبيحة؛ كما تقدَّم عن ابن كجٍّ، وقد قالَ ابنُ الرِّفعة مع اطلاعه: (ولا نزاعَ في أنه لو قالَ: أذبح للنبيِّ صلى الله عليه وسلم أو تقرُّبًا إليه = أنه لا يحلُّ أكلُها، ونصَّ الشافعيُّ في الأم على أنه لو قالَ: أهللتُ بها لعيسى بن مريم = حَرُمَ أكلُها)»، ثمَّ عقَّب الزركشيُّ فقالَ: «وهذا الإطلاقُ من الشافعيِّ يقتضِي تعميمَ المنع».
تأمَّل؛ هذا الاتفاق الذي ساقَهُ ابنُ الرِّفعة رحمه الله (وهو للمتقدمين) = على أنَّ من ذبح للنبيِّ صلى الله عليه وسلم أو تقرُّبًا إليه = لا يحلُّ أكلُ الذبيحة، وهو يدلُّك على أنَّ الحكم منُوطٌ بالصُّور لا بالقصُودِ.
ومُرَادُ الزركشيِّ بما سبَق عن ابن كجٍّ = ما حكوه عن «مجموع ابن كجٍّ» أنه قالَ: «إنَّ المسلمَ لو ذبَحَ للكعبة أو ذبحَ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم = فيقوى أنْ يُقال: يحرمُ؛ لأنه ذبحٌ لغير الله تعالى».
ثمَّ عضَّد الزركشيُّ رحمه الله ما ذكرَ في الصورة المذكورة، وفي الذَّبح للكعبة، فقالَ: «ويدلُّ على التحريم فيمن ذبحَ للكعبة أمرانِ:
الأول: عُمُومُ قولِه تعالى: (وما أُهلَّ لغير الله به)، وهذا قد أهلَّ به لغير الله، أو له ولغيرِه.
والثاني: أنَّ من ذبحَ للكعبة فقد نُسب لعبدة الأوثانِ، حيث ذبحُوا لأصنامهم وعبدوها لتقرِّبهم إلى الله».
تأمَّل؛ استدلالَ الزركشيَّ الحاذق العليم بنصوصِ الأصحابِ، لم يستصحب في ذلك قصُودَ الفاعِلِين، بل ناطَ الحُكْم بالصُّور.
كذلك الأذرعيُّ رحمه الله له بحثٌ نفيسٌ في تغليطِ قولِ مَنْ جَوَّز «أذبحُ للكعبة» أو «للرسول صلى الله عليه وسلَّم»، استفادَ منه الزركشيُّ، فقد نصرَ الأذرعي المنع مطلقًا.
فقالَ رحمه الله في «التوسط والفتح بين الرّوضة والشرح» (جـ3/لوحة 203/ نسخة الظاهريَّة» في قول المجوِّزين: «الأقربُ إلى النصِّ وكلام الأصحابِ المنعُ مُطلقًا، ولا أرى أحدًا من الأصحاب يُجَوِّزُون إطلاق ه
الرد على زعم أن الشافعية يمنعون الاستغاثة
=============================
الاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم في مذهب الشافعية (٢)
ضياء الحق أبوبكر المباحث الأصولية January 18, 2018 1 Minute
بسم الله، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
أثبتُّ في مقالي السابق اعتبار القصد في مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه
مخالفة مذهب الشافعي لما ادعاه محمد سالم بحيري مذهبًا للشافعية من اعتبار الصورة دون القصد، وذكرت أن الشافعية يعتبرون تارة الصور دون القصود، وتارة القصود والصور، وتارة القصد دون الصورة، وأيدت قولي بأمثلة من قواعد الفقه وأصوله، واليوم أكتب في قضية الاستغاثة بذاتها عند الشافعية، وهل هي بالفعل محرمة عندهم أم لا.
وقد حاولت استقراء كتب المذهب محاولا التعرف على نشأة البحث في قضية الاستغاثة فلم أعثر على نص يسبق قول شيخ الإسلام تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي رضي الله تعالى عنه في (شفاء السقام في زيارة خير الأنام) وقد عقد فيه فصلًا عن الاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم، في ص: 384 (ط العلمية) قال: “وأما الاستغاثة: فهي طلب الغوث، وتارة يطلب الغوث من خالقه وهو الله تعالى وحده كقوله تعالى: (إذ تستغيثون ربكم)، وتارة يطلب ممن يصح إسناده إليه على سبيل الكسب، ومن هذا النوع الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وفي هذين القسمين تعدى الفعل تارة بنفسه، كقوله تعالى: (إذ تستغيثون ربكم)، وقوله: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه)، وتارة بحرف الجر كما في كلام النحاة في المستغاث به، وفي كتاب سيبويه رحمه الله تعالى: فاستغاث بهم ليشتروا له كليبًا؛ فيصح أن يقال: استغثت بالنبي واستغثت النبي على معنى واحدٍ، وهو طلب الغوث منه بالدعاء ونحوه على النوعين السابقين في التوسل من غير فرق، وذلك في حياته وبعد موته.
ويقول السبكي كذلك: “ويقول استغثت بالله وأستغيث الله، بمعنى طلب خلق الغوث منه، فالله تعالى مستغاث ومستغاث به، والغوث منه خلقا وإيجادًا، والنبي صلى الله عليه وسلم مستغاث والغوث منه تسببا وكسبا، ولا فرق”.
ثم بين التقي السبكي أن الاستغاثة قد تحمل على التوسل به صلى الله عليه وسلم، كما تقول: استغثت الله بالنبي.
ثم جاء بحديث الطبراني في المعجم الكبير: “قوموا بنا تستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله”، فرغم أن الحديث فيه ابن لهيعة غير أنه بعد أن أبان ذلك ناقش الاستدلال بالحديث على فرض صحته وذكر أن هناك احتمالاتٍ للمقصود، أحدها: أنه يحتمل أن الاستغاثة كانت بقتل المنافق، أو بأن يموت المنافق، أو بإحداث حكم لهذا المنافق، فأبان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذا لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى، فيكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم: لا يستغاث بي في أمر لا يقدر عليه إلا الله، ثم ضرب لذلك أمثلة من الألفاظ المحتملة إطلاقها على السبب وعلى المسبب، مثل قول الله تعالى: (إنك لا تهدي من أحببت)، وقول الله تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا)، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم”، ثم استدل تقي الدين السبكي بالحديث الذي رواه البخاري في صحيحه في كتاب الزكاة، باب من سأل الناس تكثرا برقم: 1405 وهو حديث الشفاعة، وفيه: “فبينما هم كذلك إذ استغاثوا بآدم، واستغاثوا بموسى، ثم يستغيثون بمحمد صلى الله عليه وسلم”.
ثم ألف ابن التلمساني رحمه الله تعالى كتاب: “مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام”، وقد سرد فيه الأدلة المتكاثرة على الاستغاثة به صلى الله عليه وآله وسلم وذكر أطراف من أحوال المستغيثين به صلوات الله عليه وعلى آله وسلم، ولست بحاجة لسردها هنا إذ فيها الكفاية لمن أراد الهداية واكتفى بما قاله أهل العلم والتزم مكانته وقدره ولم يتعدَّ حده وطوره.
غير أننا ونحن نتكلم عن مذهب الشافعي رضوان الله عليه في المسألة نجد في كلام علماء الشافعية ما يغني عن البحث فيها، من ذلك كلام الإمام المحدث المقرئ الفقيه الأصولي محمد بن محمد بن محمد الجزري المتوفى سنة 833هـ رحمه الله تعالى، وهو صاحب النشر في القراءات العشر وطيبة النشر، والدرة المضية في القراءات، وقد كتب قصيدة لطيبة بت طول الليل أسري، وفيها من الاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما فيها، والرجل شافعي المذهب، إمام من أئمة الحديث، رأس علماء القراءات في زمانه وإلى يومنا هذا، وكان مما قال فيها:
رسول الله جئتك في انكسارٍ * من الآثام فارحمني بجبر
رسولَ الله جئتكَ مستقيلًا * من الزَّلاتِ فاكنُفها بِستر
رسول الله جئت ظلمت نفسي * وجئتك تائبًا فامنن بغفر
رسول الله كن لي شافعًا من * تغابن عند صف يوم حشر
رسول الله يا حسن المحيا * فدتك النفس يا سمعي وبصري
رسول الله كم لي من ذنوب * وعنها في حماك هواي عذري
رسول الله ضيفك نازل في * جوارك عله يُقرى وتَقري
رسول الله ضعفي وانكساري * لديك فجد على ضعفي وكسري
رسول الله أنت لنا ملاذ * ليوم كريهة وسداد ثغر
وهذه استغاثة صريحة بطلب غفران الذنوب، وبطلب الستر على الذنوب، وطلب الشفاعة، ويطلب المدد ويُقرى، فما قول المدعي فيها
وفيها أبيات أكثر من الاستغاثة بهذا وأزعم أنه لم يوجد بين الشافعية شافعي واحد أنكر على الرجل أو قال له فعلت المحرم يابن الجزري أو زعم أن ما فعله كان شركًا أو كفرًا في مذهب الشافعي أو في أي مذهب من مذاهب المسلمين عدا فرقة محمد ابن عبد الوهاب.
هذا وإن ممن شرح بردة البوصيري المباركة شافعية منهم شيخ الإسلام وإمام الأعلام زكريا الأنصاري المتوفى 926هـ، وفيها أبيات يزعم من هم على نحلة سالم بحيري أنها شرك صريح من بينها قول البوصيري:
ومن تكن برسول الله نصرته * إن تلقه الأسد في آجامها تجم
وهذا شرك ربوبية على زعم ملة محمد ابن عبد الوهاب.
وقول البوصيري:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به * سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي * إذا الكريم تحلى باسم منتقم
وهو استغاثة صريحة، وقد شرحها شيخ الإسلام زكريا الأنصاري بقوله: “أي ألجأ إليه سواك” كما في ص: 223، 224 من طبعة كشيدة. وبنصه الباجوري في شرح البردة، كما في ص: 90، 91 طبعة الآداب، ونجم الدين الغزي ص: 151، وابن حجر الهيتمي ص: 651 من شرحه على البردة، وكل أولئك شافعية لا ينازع في شافعيتهم منازِعٌ، وكلهم أئمة فحول في المذهب لا يخالف في تقدمهم وعلو كعبهم واعتماد أقوالهم مخالف، وهذا نصهم في الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم لا استنباطًا من قولهم، وليت الرجل زعم مذهبا غير الشافعي فيه عدد أقل من شراح البردة، وهو جهل صريح بحال رجال المذهب وأقوال أئمته.
ثم وجدت الرملي رحمه الله تعالى يقول في فتاواه 3/148 بجواز الاستغاثة، ثم قال ما نصه في: 4/382 جوابًا عن سؤال عن حكم من يقول عند الشدائد يا شيخ فلان أو يا رسول الله أو الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم والمرسلين والأولياء، فقال: “الاستغاثة بالأنبياء والمرسلين والأولياء والعلماء والصالحين جائزة، وللرسل والأولياء والأنبياء إغاثة بعد موتهم، لأن معجزة الأنبياء وكرامة الأولياء لا تنقطع بموتهم، أما الأنبياء فلأنهم أحياء في قبورهم، ثم فصل الرملي الحديث عن الشهداء وأنهم أحياء في حواصل طيرٍ خُضْرٍ … إلخ ما قال، وهو نص فتوى عن شافعي ابن شافعي تلميذُ تلامذته أدرى بمذهب الشافعي قواعده وفروعه وأصوله من ملء الأرض من أمثال سالم بحيري.
وعَوْدًا لمقال البحيري في تخريجه على فروع الشافعية في الذبح والنَّذْرِ، والكلام في مناقشة المستشهد به لا المستشهد فإن التخريج والقياس على قواعد الأئمة له مقالٌ آخر يبين فيه من له صلاحية التقعيد والتخريج والقياس على الفروع وعلى الأدلة الشرعية ليعرف كل امرئ قدره طالما سنتكلم عن التمذهب والتزام منهج الأمة.
استشهد الرجل بنص الدَّميري في (النجم الوهاج 9/471)، حيث قال: “ولا يقل باسم الله واسم محمد فذلك غير جائز، لأن من حق الله تعالى أن يجعل الذبح باسمه فقط كما في اليمين، والسجود له من غير شركة مخلوقٍ.
قال الرافعي: “إن أراد أذبح باسم الله وأتبرك باسم محمد صلى الله عليه وسلم، فينبغي أن لا يحرم، وقول من قال لا يجوز محمولٌ على الكراهة، قال: وقد تنازع جماعة من فقهاء قزوين فيه: هل تحل ذبيحته؟ وهل يكفر أو لا؟ والصواب ما بيناه”.
ثم قال الدميري 9/472: “ونص الشافعي على أنه إذا قال أذبح للنبي صلى الله عليه وسلم أو تقربا له .. أنه لا يحل أكلها”، وهو ما نقله بنصه محمد سالم بحيري ولم ينقل ما قبله من التبرك به وباسمه صلى الله عليه وآله وسلم، أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟
على كل تدبر قول الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ “أو تقربا له” للدلالة على قصد القربة للنبي لا لله، وأن من نذر لرسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا عرف منه قصد ذات الرسول فإنه لا يجوز نذره، وهو ما سبق ذكره في التقعيد في مقالي السابق الذي تكلمت فيه عن اعتبار القصود، حين قلت إن العبرة في هذه الصورة بالقصود لا بالصور.
وبنحو تعليل الدميري المشار إليه منقولا عن نص الشافعي علل ابن حجر تحريم الذبيحة كما في التحفة 9/236، وفي 10/75، 76. وعلل الرملي كما في النهاية 8/119، وهو دليل على أن المعيار القصد لا الصورة، ثم أزيدك بما قالوه في النذر، حيث قال ابن حجر في الفتاوى 4/268 وقد سئل في شخص قال نذرت هذه العين للنبي صلى الله عليه وسلم أو للشيخ عبد القادر مثلافأجاب: “نذر شيء للنبي صلى الله عليه وسلم أو لغيره كالشيخ المذكور نفعنا الله تعالى به يحمل حيث لم يعرف قصد الناذر [وتدبر قوله “قصد الناذر”] على ما اطَّرد به العرف في ذلك النذر، فإن اطرد بصرفه لمصالح قبره الشريف أو لصالح مسجده أو لأهل بلده عمل بذلك العرف في هذا النذر كما يفيده كلام الشيخين وغيرهما في النذر للقبر أو للفقير المشهور بجرجان، فإن لم يكن عرف أو كان وجهله الناذر: فللزركشي فيه تردد، والذي يتجه البطلان [تدبر يا مؤمن قوله “البطلان” وليس “الكفر”] فإن عرف قصده: فالذي يتجه أنه يأتي فيه قول الأَذْرَعِيِّ في النذر للمشاهد المبنية على قبر ولي أو نحوه أن النذر إن قصد به تعظيم البقعة أو القبر أو التقرب إلى من دفن فيها أو من تنسب إليه وهو الغالب من العامة؛ لأنهم يعتقدون أن لهذه الأماكن خصوصيات لأنفسهم، ويرون النذر لها مما يندفع به البلاء فلا يصح النذر في صورة من هذه الصور لأنه لم يقصد به التقرب إلى الله سبحانه وتعالى [وتدبر قوله: “بطلان النذر” ولم يقل “كفر الناذر” وقال: “لأنه لم يقصد به التقرب” ولم يقل: “لأن صورة التقرب”] بخلاف ما إذا قصد به التصدق على من يسكن تلك البقعة أو من يرد إليها، فإنه يصح لأن هذا نوع قربة.
ثم بَيَّنَ أن النذر يقصد به غالبا التصدق على من هم حول القبر فقال كما في: 4/284 من الفتاوي: “النذر للولي إنما يقصد به غالبا التصدق عنه لخدام قبره وأقاربه وفقرائه، فإن قصد الناذر شيئا من ذلك أو أطلق صح، وإن قصد به التقرب لذات الميت كما يفعله أكثر الجهلة لم يصح [لم يقل: “شرك وكفر على قاعدة المذهب”، لكن قال: “لم يصح”] وعلى هذا الأخير يحمل إطلاق أبي الحسن الأزرق عدم صحة النذر للقبر مطلقًا لكن مراد الرافعي ـ كما في الخادم ـ أن العرف اقتضى أن يتصدق به على فقراء جيران مشهده أو خدمته أن النذر للمسجد صحيح؛ لأنه حر يملك، وحينئذ يصرف لمصالحه كالوقف عليه … إلخ ما قال رضي الله عنه.
وفي 4/286 النذر للحجرة الشريفة وتأكيده في الصفحة ذاتها على بطلان النذر إن علم قصد القبر بالنذر.
وفرق رضي الله عنه بين النذر لميت والنذر لحي، فقال في 4 / 287 النذر للولي الحي يُصرف إليه وأما الميت فلا يجوز إن علم قصد الميت بالذات ويبطل نذره”، وتدبر أنه لم يقل كفرا ولا شركًا، وقال في 4 / 289 بالنذر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبنحو ذلك نص الرملي كما في الفتاوى 4/99، وفي 4/106 التبرك بتقبيل قبور الصالحين، وفي 4/111 عن حكم النذر على أضرحة الصالحين.
وهو الأمر الذي نص عليه في النهاية 8/222، وابن حجر في التحفة 10/75، 76.
وفي الروضة للإمام النووي رضي الله عنه (3/337 ط المكتب الإسلامي) في الفروع المحتاج إليها قال: “ومما يحتاج إليه إذا نذر زيتا أو شمعا ليسرج به في مسجد أو غيره إن كان بحيث ينتفع ولو على الندور مصل هناك أو نائم أو غيرهما صح ولزم”، وهذا بعينه تعليل الرملي في النذر على قبور الصالحين إن كان بحيث ينتفع به حي لزم.
فإن نازع الأخ في البحث بالفارق بين الاستغاثة والنذر ألزمناه بنقوله التي نقلها أنها كلها في الذبح والنذر ونقل حكمها للاستغاثة، وأثبتنا عليه بنقولنا بالنص أن الشافعية يجيزون الاستغاثة والتوسل فلا ينازعنا في ذلك مدَّعٍ.
هذا والرجل في مذهبه يقول إن هذا كله من قبيل العبادات، والنذر: التزام قربة غير لازمة بأصل الشرع، فالنذر قربة، وهذا يتقرب بما صورته لذات رسول الله، فأحيل على معرفة قصده وأنه لو تمحض لرسول الله قربة له بطل، ولم يقل أحد من العلماء المنقول عنهم كفرا، وليعلم أن هناك فرقًا بين أن تقول محرمًا وأن تقول باطلا، وتعبير العلماء رضوان الله عليهم بالبطلان لا التحريم يدل على عدم لزوم كونه محرَّمًا لذاته، وعليه يبطل ما ادعاه مذهبا للشافعي إذ أحكام الوضع لا تندرج في أحكام التكليف. وغاية الأمر أن يقال باطل، ونحيل الأخ على دراسة الحكم الشرعي من جديد فإن العلماء يفرقون بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي.
وعليه فإن الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم ليست محرمة ولا منكرة في مذهب الشافعي رضي الله عنه، يدل على ذلك صنيع الشافعية رضي الله تعالى عنهم وهم أدرى من مليون بحيري بالمذهب، وإلا لزم الرجل أن يقول أن شيوخ الإسلام في المذهب جهلوا قواعده ونصوصه فوقعوا في الشرك جملة وشرحوه وأصلوه بينما مذهبهم الذين هم حجة الله على خليقته فيه يقول بكفر فاعلي ذلك، عصمني الله وإياكم من الزلل والخطأ.
ثم قال الطوفي الحنبلي رحمه الله تعالى كلاما نفيسا في الإشارات الإلهية إلى المباحث الأصولية 3 / 89 ما نصه: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) احتج به الشيخ شمس الدين الجزري شارح المنهاج في أصول الفقه ـ أي معراج المنهاج الأصولي ـ على الشيخ تقي الدين ابن تيمية فيما قيل عنه إنه قال: لا يستغاث برسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الاستغاثة بالله عز وجل من خصائصه وحقوقه الخاصة به فلا تكون لغيره كالعبادة.
وتقرير الحجة المذكورة أنه قال: يجب أن ينظر في حقيقة الاستغاثة ما هي، وهي الاستنصار والاستصراخ، ثم قد وجدنا هذا الإسرائيلي استغاث بموسى واستنصره واستصرخه بنص هذه الآيات وهي استغاثة مخلوق بمخلوق، وقد أقر موسى عليها الإسرائيلي، وأقر الله عز وجل موسى على ذلك، ولم ينكر محمد صلى الله عليه وآله وسلم ذلك لما نزلت عليه هذه الآية، أي، فكان هذا إقرارا من الله عز وجل ورسوله على استغاثة المخلوق بالمخلوق
وإذا جاز أن يستغاث بموسى فبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم أولى؛ لأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أفضل بإجماع.
ومما يحتج به على ذلك حديث هاجر أم إسماعيل حيث التمست الماء لابنها، فلم تجد، فسمعت حسا في بطن الوادي، فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غواث، وهذا في معنى الاستغاثة منها بجبري، وقد أقرها على ذلك ولم ينكرها النبي صلى الله عليه وسلم عليها لما حكاه عنها.
ولأن اعتقاد التوحيد من لوازم الإسلام (والكلام للطوفي) فإذا رأينا مسلما يستغيث بمخلوق علمنا قطعًا أنه غير مشرك لذلك المخلوق مع الله عز وجل، وإنما ذلك منه طلب مساعدة، أو توجه إلى الله ببركة ذلك المخلوق، وإذا استصرخ الناس في موقف القيامة بالأنبياء ليشفعوا لهم في التخفيف عنهم (وهو ما سبق أن استدل به التقي السبكي في حديث البخاري) جاز استصراخهم بهم في غير ذلك المقام (من باب قياس المساواة) وقد صنف الشيخ أبو عبد الله بن النعمان كتابا سماه: “مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام” (وقد سبقت الإشارة إليه، ثم قال الطوفي(: “واشتهر هذا الكتاب وأجمع أهل عصره على تلقيه بالقبول، وإجماع أهل كل عصر حجة فالمنكر لذلك مخالف لهذا الإجماع”. اهـ
وبعد ذلك ناقش منكر أن تكون الآية في محل النزاع، وتكلم عن الاستغاثة بالأموت، وما دام نقاشنا في الاستغاثة من حيث الأصل فليبق على ما فيه، وليستزد من رغب في الاستزادة في الإشارات الإلهية 3/ 91 – 93.
وهذا رحمني الله وإياك استدلال حنبلي بكلام شافعي، والحنابلة متفقون معنا في أصول الفقه إلا ما اختص كل مذهب بما اختص به من أدلة الشرع واعتبارها وعلى مدعي المخالفة هنا إثبات المخالفة التي أزعم الاتفاق فيها، والله المستعان.
ورحم الله ابن الجزري حيث قال:
رسول الله ليت العمر يفنى * وفيك مدائحي نظمي ونثري
وليت الشعر في علياك يرضي * وهل يرضيك مني ليت شعري
رسول الله فيك شددت رحلي * ولا أخشى وحقك قول نكر
وها أنا قائم وجهت وجهي * وما باليت حيث جعلت ظهري
جعلتك قبلتي لدعاء ربي * وأنت وسيلتي في كل عسر
وجاهك كعبتي ومنى منائي * وجاهك لم يزل ركني وحجري
حججت إليك قبل الحج علي * يكون الحج مني حج بر
لعمري إن حجي هادم ما * مضى وارووا مقالته لعمري
فدع عنك العذول فلست تصغي * ودع قول الجهول فليس يدري
أدام الله علي وإياكم محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآل بيته، والانتصار لهم.
يتبع إن شاء الله تعالى
تعديل وزيادة لاتصالها بالمقصود من هذا المقال:
أثير موضوع الاستغاثة الذي كتبه سالم بحيري مرة أخرى بعد مرور ما يقرب من سنة على نشر هذا المقال للمرة الأولى دون تعقيب منه رغم علمه بما فيهما ومشاركة بعض الاخوة لروابط المقالات على صفحته ثم وعده بالرد ثم الاعتذار لضيق وقته الثمين وكان مني أن كتبت على صفحتي على الفيس بوك – قبل إغلاقها بمعرفة ادارة الموقع – حين اثير الموضوع من جديد أني رددت عليه وأبنت عن كذبه وبهتانه وجهله بالمذهب أصلا وفرعا وقاعدة وقد ثبت ذلك والحمد لله في هذا المقال وسابقه لو أحسنا الظن ببحيري ولم نقل انه يلوي أعناق النصوص او يتقول على الأئمة.
فما كان منه إلا أن كتب مقالا حاد فيه عن موضوع النقاش كلية صدره بفرية لا يغسلها ماء البحر.. حيث قاء في اول مقاله قولته ذهبت فيه إلى تغليط الشيخين الرملي وابن حجر.
قلت لا حول ولا قوة إلا بالله من جرأة الأدعياء على مقام شيوخ الإسلام. ولكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها فزعمه هذا معناه دعواه فهم نصوص الشافعية اكثر منهم وعلمه مقصود أئمة المذهب خيرا منهم.
على كل سلمنا جدلا انهما مخطئين وانك يابن بحيري أعلم الناس بمذهب الشافعي … لكن قال النووي في المناسك بحاشية ابن حجر ص ٢١٨ و ٢١٩ بذلك ونقل عن أبي الطيب الطبري وهو من أعيان الأصحاب. فالنووي هنا مخطئ والطبري مخطئ ام ماذا؟؟
ثم عقب ذك بزعمه أنه يعرفني كما يعرف ولده وأنا أشهد بالله أنه لا معرفة بيني وبينه لا من قريب ولا من بعيد وأول كلامي معه هو هذه المقالات، ولا أفهم سبب احتياجه للكذب في معرفته بشخصي.
ولا نتشاغل بما أورده في مقاله ذاك لسخافة تساؤلاته غير أن المهم منه شيئان.
قال اني كتبت في مقالي كليهما كلاما مضحكا وليت شعري اي مضحك فيما قلت؟! وقد نقلت نصوص أئمة المذهب اصلا وفرعا وقاعدة بل واستشهدت بعين ما استدل به من نصوص وابنت عن عجره وبجره وجهله بقراءة النص.
وليته أتى بكلامي المضحك لنضحك معه لكنه كعادته رمى كلاما يسعد به الدراويش الملتفين حوله.. كلاما من عينة الاصحاب ولم قالوا ولم فعلوا. وفلان مخطئ وفلان يفعل دون أن يبين لنا وجه الخطأ فيما قال فلان. ولا من من أصحاب الوجوه إن كان يعني فعلا انهم هم.
ثانيا يكثر في كلامه استعمال اصطلاح الاصحاب وغيرهم وليته يسمي لنا أصحابه هؤلاء الذين كفروا المستغيثين برسول الله بخلاف سليمان بن سحمان صاحب محمد بن عبد الوهاب الذي كان اول من ذهب لتغليط الشيخين الرملي وابن حجر ورميهما بالشرك كما في الدرر السنية في الرسائل النجدية. فاعلم سلفه فيما ذهب إليه. وأصحابه الذين يعتمد أقوالهم. ولسبب زعمه تغليط الشيخين مقال مستقل يظهر في حينه. تقر به أعين الموحدين من أمة سيد المرسلين.
وأخيرا أزعم أن محمد سالم بحيري يدعي الاجتهاد في مذهب الشافعي فقد ختم مقاله الذي كتب فيه موضوع الاستغاثة ان هذا موضوع غير نقلي.. ولو قيل غير نقلي يقال إنه استنباطي. فهل توافرت فيه شروط الاجتهاد في المذهب؟ على كل حال هنا على هذه المدونة مقالات عن الاجتهاد بين تحريف الغالين وتأويل المبطلين فراجعها وادع الله تعالى لي الفراغ والزمن أن أتممها.. ثم قوله في معرض رده – الذي لم يرد فيه على هذه المقالات – عن التفرقة بين معتمد المذهب والمعتمد مذهبا ليبرر اجتهاده وتفريعه. وقد مهد لهذا بمقدمات منها مقاله الطويل عن موضوع مصنع المعتمد الذي كال فيه المديح للانضباط المذهبي!!!! وللصدفة البحتة فقد كان سابقا على مقال الاستغاثة باسبوع او عشرة أيام تقريبا!!! . وعلى كل ايضا فالتقعيد والتفريع له رجاله ولهم شروطهم.
ولم أعتن بكتابة مقال مستقل في الموضوع وآثرت زيادة هذا الكلام هنا لصلته به ولرغبتي في وحدة الرابط وعدم تشتت القارئ. غير أن على هذه المدونة مقالات أخرى تتناول الموضوع أحتفظ بها كمسودات ربما يأتي الوقت لنشرها… والله المستعان.
وقد حذفت ادارة الفيس بوك حسابي من موقعهم في خضم تلك المعمعة ولست أقول إن سببه تقارير دراويشه عن حسابي. وأنشأت آخر جديدا حفظه الله من الحذف مع وجوب الاشارة إلى حظره لحسابي المغلق على الفيس بعد نشري لهذه المقالات مع اني ما كنت صديقا عنده ولا علقت على منشوراته. ثم فكه للحظر حين اراد جر الشكل!!! وامثير أنه حظر كل من علق عنده برابط مقالي هذين. ثم اثار على صفحته مع دراويشه عاصفة سخرية من شخصي ولا أدري السخرية من ردي السابق أم اللاحق وما سببها اللهم إلا أن يكون لعجزه عن الكتابة ملتزما مذهب الشافعي الذي يدعي النسبة إليه.
وعلى كل فليس لي سوى توفيق الله للكتابة على هذه المدونة أبقاها الله تعالى.