حكم الاستغاثة ودعاء غير الله

[4] القول الجيد ببطلان التفريق في الاستغاثة بين الحي والميت

[4] القول الجيد ببطلان التفريق في الاستغاثة بين الحي والميت

ثانيا: كرامات الأولياء الثابتة في الكتاب والسنة:

فقد استطاع أحد الأولياء[1] من قوم سليمان عليه السلام أن يأتيه بعرش بلقيس قبل أن يرتد إليه طرْفه كما قال تعالى: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ }…!!

ومن ذا الذي يقدر على حمل عرش عظيم فضلا عن الإتيان به من بلد إلى آخر وفي لمحة عين؟ إن هذا الأمر يحتاج عادة إلى أشهر، هذا بالنسبة للزمن الذي يستغرقه، أما بالنسبة للعدد والعتاد الذي يتطلبه؛ فإنه يتطلب تجهيز جيوش جرارة كي تستطيع أن تقاتل جيش بلقيس ـ الذي كان عدوا لسليمان ـ وتقضي عليه وتدخل قصر بلقيس بعد أن تقضي على جميع الحرس والخدم والحشم ثم تأخذ عرشها عنوة وتأتي به إلى سليمان، وهذا كله إذ كُتب النصر لهذه الجيوش الجرارة.

فتصور كم يحتاج هذا العمل إلى أنفس وأموال وعتاد وجهد وجهاد ووقت طويل وصبر ومصابرة وتوفيق من الله ونصر عزيز! ومع ذلك كله طَلب سيدُنا سليمان ـ وهو نبي كريم أعلم بالتوحيد من ابن تيمية وابن عبد الوهاب ومن تبعهما ـ هذا العمل من شخص واحد وأن ينجزه بسرعة؛ وقد استجاب له الذي عنده علم بالكتاب فجاءه به قبل أن يرتد إليه طرفه؛ ولو كانت الاستغاثة بالحي فيما لا يقدر عليه: شركا؛ لما طَلب سيدنا سليمان هذا العمل الجبار من إنسان بمفرده، لأن سليمان عليه السلام يعلم أن هذا العمل لا يقدر عليه إنسان بمفرده بل يحتاج إلى جيوش جرارة، بدليل أن سيدنا سليمان نفسه قال قبل أن يطلب عرشها: { ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ } [النمل : 37]؛ بل لو أن سليمان لم يطلب ذلك، وبادر الذي عنده علم بالكتاب فقال لسليمان عليه السلام: أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك؛ لأنكر عليه سليمان عليه السلام لو كان هذا شركا؛ ولقال له: إن هذا لا يقدر عليه إلا الله، فكيف تدعيه؟!

ولكن سيدنا سليمان كان يعلم أن المتصرف هو الله وحده، ولا فعل لأحد غيره مطلقا اللهم إلا الكسب والسببية، لذلك لما استقر العرش عنده لم يلتفت إلى من كان سببا في ذلك وهو الذي عنده علم بالكتاب، بل ذكر الفاعل الحقيقي وهو الله، وهذا واضح في قوله: {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} [النمل : 40]، أي: “هذا البصر والتمكن والملك والسلطان الذي أنا فيه حتى حمل إليّ عرش هذه في قدر ارتداد الطرف من مأرب إلى الشام، من فضل ربي الذي أفضله عليّ وعطائه الذي جاد به علي، ليبلوني[2]”.

فتأمل …هذا التوحيد الحقيقي، وليس التوحيد أن تعتقد أن هناك أمورا يقدر عليها الإنسان فيجوز أن تطلبها منه، وهناك أمور لا يقدر عليها إلا الله فتُطلب من الله فقط؛ فهذا شرك وليس توحيدا، لأنك جعلت لله شريكا في ملكه يتصرف فيه ويُطلب منه، وزعمت أن لغير الله قدرةً أو تدبيرا على فعل شيء ما؛ وهذا شرك في الربوبية لم يقع فيه أبو جهل كما زعم ابن تيمية؟

فإن قلتم: إن الطلب من الحي فيما يقدر عليه ليس شركا بدليل النصوص الكثيرة التي تأمر…….انتظره

وانظر الحالات التي قبلها: https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=573763795987813&id=551774174853442

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]وهو على قول الجمهور ومنهم ابن عباس ويزيد بن رومان والحسن:آصف بن برخيا بن شمعيا، كان وزيرا لسلميان، قيل كان يعلم اسم الله الأعظم. انظر: روح المعاني – (19 / 203)، وانظر: تحفة المريد للباجوري ص252.

[2] جامع البيان، للإمام الطبري – (19 / 468)

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/404132089700819/

السابق
[6] هل صحيح ما زعمه ابن عبد الوهاب وأتباعه من أن من ينطق بكلمة التوحيد “لا إله إلا الله ” ولا يعرف المعنى الصحيح لها الذي كان يعرفه أبو جهل وسائر المشركين فهو كالحمار يحمل أسفارا وهو أشد كفرا وشركا من أبي جهل وأبي لهب ….؟!!
التالي
[1] “القول الجيد ببطلان التفريق في الاستغاثة بين الحي والميت”