مقالات قيمة في التفويض

[2] المطلب الأول: أدلة ابن تيمية على أن السلف لم يكونوا مفوضة، مع المناقشة.

[2] المطلب الأول: أدلة ابن تيمية على أن السلف لم يكونوا مفوضة، مع المناقشة.*

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/457020584411969/

إنه لدى البحث والاستقراء لكلام ابن تيمية حول تصوره هذا لمذهب السلف في الصفات ….وجدت أن أهم أدلته على ذلك ما يلي:

الدليل الأول: قول مالك “الاستواء معلوم والكيف مجهول”.

في الواقع إن هذا الدليل هو أقوى ما استدل به ابن تيمية ـ وأتباعه أيضا ـ وأكثر من التعويلِ عليه في جميع كتبه، واستشهد به مرارا وتكرارا، بحيث أعاده أكثر من ستين مرة في مواضع مختلفة من مؤلفاته، فمثلا يقول ابن تيمية رحمه الله: ولهذا قال مالك وربيعة وغيرهما : الاستواء معلوم والكيف مجهول وكذلك قال ابن الماجشون وأحمد بن حنبل وغيرهما من السلف يقولون : إنا لا نعلم كيفية ما أخبر الله به عن نفسه وإن علمنا تفسيره ومعناه…وكذلك الصحابة والتابعون فسروا جميع القرآن وكانوا يقولون : إن العلماء يعلمون تفسيره وما أريد به وإن لم يعلموا كيفية ما أخبر الله به عن نفسه وكذلك[1].اهـ

وقال أحد أتباعه د. عبد الرحمن المحمود في “موقف ابن تيمية من الأشاعرة” (3/ 1181): فالإمام مالك وشيخه ربيعة بينا أمرين: أن الاستواء معلوم وأن الكيف مجهول، وهذا حقيقة مذهب السلف، يؤمنون بالصفات الواردة، ويفهمون ما دلت عليه من المعاني اللائقة بالله تعالى، أما الكيفية فيفوضونها لعالمها.اهـ

قال وليد: فحاصل استدلال ابن تيمية بقول مالك هنا على أن السلف لم يكونوا مفوضة، هو أن قول مالك “الاستواء معلوم، والكيف مجهول”؛ يعني أن الاستواء معلوم معناه في لغة العرب، وعليه يُحمل، وهو الاستقرار أو العلو بالمعنى الظاهر الحسي المتبادر لعوام الناس كما قال ابن تيمية ونقلت نصه في الحالة السابقة؛ ولم يقل مالك: الاستواء مجهول المعنى كما تقول المفوضة، بل هو معلوم المعنى عنده وعند السلف، وإنما كيفية هذا الاستواء مجهولة لهم، ففوضوها إلى الله؛ فالسلف أثبتوا حقيقة الصفة ومعانها على ظاهرها في لغة العرب، وفوضوا كيفيتها إلى الله تعالى، ومن ثَم قال مالك: والكيف مجهول.

هكذا استدل ابن تيمية برواية مالك وهكذا فهمها، ولم يكتف بذلك، وإنما طَرد ابنُ تيمية هذا الفهم في جميع آيات الصفات، وليس في الاستواء فحسب، بل إن ابن تيمية ذهب إلى أبعد من ذلك فطَرد هذا الفهم وعمّمه على جميع الصحابة والتابعين وأتباعهم وسائر السلف، فزعم أن هذا هو مذهبهم وهو أن معنى آيات الصفات المتشابهة كان معلوما لديهم كما في نصه السابق وغيره، والمعنى هنا الذي يقصده هو ـ بالطبع ـ المعنى الظاهر والحسي لتلك الآيات والأحاديث، فهذا المعنى كان معلوما للسلف، وهو الذي كانوا يثبتونه لله تعالى، وإنما كانوا يجهلون كيفيته، لذلك كانوا يفوضون العلم بالكيفية إلى الله ولا يخوضون فيها، أما المعنى فهو معلوم لهم، فكانوا يفسرونه على ظاهر كلام العرب.

والواقع أن كلام ابن تيمية هنا اشتمل على دعاوٍ أربع، وهي:

1) أن مالك وغيره من السلف كانوا يقولون في آية الاستواء “الاستواء معلوم، والكيف مجهول”.

2) أن معنى هذه العبارة هو حَمْل الاستواء على ظاهر معناه عند العرب، وهو الفوقية والعلو أو الاستقرار على العرش، أو نحو ذلك من المعاني الحسية، ثم تفويض كيفية ذلك إلى الله.

3) أن هذا كان منهجَ مالك في جميع الصفات لاسيما المتشابهة كاليدين والعينين والوجه والنزول….. وليس في الاستواء فحسب.

4) أن هذا المنهج كان منهج جميع الصحابة والتابعين وأتابعهم وسائر السلف في جميع الصفات ، وليس هو منهج مالك فحسب.

والواقع أن هذه الدعاوي الأربعة غير مُسلّمة جملة وتفصيلا، وسوف نخصص لمناقشة كل دعوى من هذه الدعاوي الأربع مرصدا خاصا.

المرصد الأول: مناقشة الدعوى الأولى لابن تيمية رحمه الله، وهي: أن مالك وغيره من السلف كانوا يقولون “الاستواء معلوم والكيف مجهول”.

والجواب عنها من وجوه:

الوجه الأول: أننا نطالبكم بتصحيح سند هذه العبارة إلى …..انتظره

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*انظر السابق: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/456581227789238/

[1] درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية – (1 / 207)، وانظر أيضا: الفتاوى الكبرى – (6 / 473)؛ مجموع الفتاوى – (5 / 41).

السابق
ابن القيم: وكم قد رئي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر في النوم قد هزمت أرواحهم عساكر الكفر والظلم
التالي
نقاش حول حكم تهنئة النصارى بأعيادهم (منقول من مجموعة على الواتس أب)