العورة غير الحقيقية هي شيء يمثل عضو العورة بتعدد طريقة مثل الحقيقة، أي العضو الجسدي نحو صورة وتمثال وانعكاس مرآة وارتداد ماء وظل وما عرض في الشاشة الرقمي وهلوغرام وغيرهم بصيغة متنوعة. حكم العورة ماثلة بالحقيقة لا يستوى هو وحكم العورة الحقيقي به. والنظر إليه قد أباحه الفقهاء من الشافعية والحنفية والحنابلة وإن اعتمدوا تحريم النظر إلى العورة الحقيقية. ومن أقوال الفقهاء الشافعيين تال:
1) سليمان بن محمد بن عمر البجيرمي: “وخرج به رؤية الصورة في نحو المرآة ومنه الماء فلا يحرم ولو مع شهوة”. (تحفة الحبيب على شرح الخطيب، ج. 4، ص. 372، دار الفكر).
2) أبو العباس سهاب الدين أحمد بن سلمة القليوبي: “وخرج به رؤية الصورة في الماء أو في المرآة فلا يحرم ولو مع شهوة”. (حاشيتا قليوبي وعميرة على شرح المحلى على منهاج الطالبين، ج. 3، ص. 209، دار الفكر).
3) أبو بكر عثمان بن محمد شطا الدمياطي الشافعي: “قوله: لا في نحو مرآة، أي لا يحرم نظره لها في نحو مرآة كماء وذلك لأنه لم يرها فيها وإنما رأى مثلها. ويؤده قولهم لو علق طلاقها برؤيتها لم يحنث برؤية خيالها والمرآة مثله فلا يحرم نظرها له في ذلك”. (إعانة الطالبين، ج. 3، ص. 301، دار الفكر للطبعة والنشر والتوزيع).
4) أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي: “خرج مثالها فلا يحرم نظره في نحو مرآة كما أفتى به غير واحد ويؤيده قولهم لو علق الطلاق برؤيتها لم يحنث برؤية خيالها في نحو مرآة لأنه لم يرها ومحل ذلك كما هو ظاهر حيث لم يخش فتنة ولا شهوة”. (تحفة المحتاج في شرح المنهاج، ج. 7، ص. 192، المكتبة التجارية الكبرى).
5) شمس الدين محمد بن أبي العباس بن حمزة شهاب الدين الرملي: “وخرج مثالها فلا يحرم نظره في نحو مرآة كما أفتى به جمع لأنه لم يرها”. (نهاية المحتاج إلى شرح المحتاج، ج. 6، ص. 187، دار الفكر، بيروت).
ومن أقوال الفقهاء الحنفيين تال:
1) محمد بن فرامرز بن علي: “إذا نظر إلى فرجها الداخل من زجاج أو ماء هي فيه تحرم هي له وأما إذا نظر إلى مرآة أو ماء فرأى فرجها الداخل بالانعكاس لا تحرم له. كذا في فتاوى قاضى خان والخلاصة”. (درر الحكام شرح غرر الأحكام، ج. 1، دار إحياء الكتب العربية).
2) كمال الدين ابن الهمام: “النظر من وراء الزجاج إلى الفرج محرم بخلاف النظر في المرآة ولو كانت في الماء فنظر فيه فرأى فرجها فيه ثبتت الحرمة ولو كانت على الشط فنظر في الماء فرأى فرجها لا يحرم كأن العلة والله أعلم أن المرئي في المرآة مثاله لا هو وبهذا عللوا الحنث فيما إذا حلف لا نظر إلى وجه فلان فنظره في المرآة أو الماء وعلى هذا فالتحريم من وراء الزجاج على نفوذ البصر منه فيرى نفس المرئي بخلاف المرآة والماء وهذا ينفى كون الإبصار من المرآة ومن الماء بواسطة انعكاس الأشعة وإلا لرآه بعينه بل بانطباع مثل الصورة فيهما بخلاف المرئي في الماء لأن البصر ينفذ فيه إذا كان صافيا فيرى نفس ما فيه وإن كان لا يراه على الوجه الذي هو عليه”. (فتح القدير، ج. 3، ص. 224، دار الفكر).
3) في الخلاصة: “(لا) تحرم (المنظور إلى فرجها) إذا رآه (من مرآة أو ماء) لأن المرئي مثاله (بالانعكاس) لا هو”. (رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ج. 3، ص. 34، دار الفكر، بيروت).
4) ابن عابدين: “قوله: لأن المرئي مثاله إلخ، يشير إلى ما في الفتح من الفرق بين الرؤية من الزجاج والمرآة وبين الرؤية في الماء ومن الماء حيث قال كأن العلة والله سبحانه وتعالى أعلم أن المرئي في المرآة مثاله لا هو وبهذا عللوا الحنث فيما إذا حلف لا ينظر إلى وجه فلان فنظره في المرأة أو الماء وعلى هذا فالتحريم به من وراء الزجاج بناء على نفوذ البصر منه فيرى نفس المرئي بخلاف المرأة ومن الماء وهذا ينفي كون الإبصار من المرآة ولماء بواسطة انعكاس الأشعة وإلا لرآه بعينه بل بانطباع مثل الصورة فيهما بخلاف المرئي في الماء لأن البصر ينفذ فيه إذا كان صافيا فيرى نفس ما فيه وإن كان لا يراه على الوجه الذي هو عليه”. (رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ج. 3، ص. 34، دار الفكر، بيروت).
وقال: “وقد يجاب بأنه ليس مراد المصنف بالانعكاس البناء على القول بأن الشعاع الخارج من الحدقة الواقع على سطح الصقيل كالمرآة والماء ينعكس من سطح الصقيل إلى المرئي حتى يلزم أنه يكون المرئي حينئذ حقيقته لا مثاله وإنما أراد به انعكاس نفس المرئي وهو المراد بالمثال فيكون مبينا على القول الآخر ويعبرون عنه بالانطباع وهو أن المقابل للصقيل تنطبع صورته ومثاله فيه لا عينه ويدل عليه تعبير قاضي خان بقوله لأنه لم ير فرجها وإنما رأى عكس فرجها فافهم”. (رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ج. 3، ص. 34، دار الفكر، بيروت).
وقال: “لم أر ما لو نظر إلى الأجنبية من المرآة أو الماء وقد صرحوا في حرمة المصاهرة بأنها لا تثبت برؤية فرج من مرآة أو ماء لأن المرئي مثاله لا عينه بخلاف لو نظر من زجاج أو ماء هي فيه لأنه البصر ينفذ في الزجاج والماء فيرى ما فيه ومفاد هذا أنه لا يحرم نظر الأجنبية من المرآة أو الماء إلا أن يفرق بأن حرمة المصاهرة بالنظر ونحوه شدد في شروطها لأن الأصل فيها الحل بخلاف النظر لأنه إنما منع منه خشية الفتنة والشهوة”. (رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ج. 6، ص. 372، دار الفكر، بيروت).
التعقيب عليه من أخي العلامة أحمد زاهر سالم
ادعى الراقم ان هذا مذهب الحنابلة ولم يورد أي نص يدل على مذهبهم
وادعى ان هذا مذهب الحنفية ولم يورد شيئا يدل على ما افتراه عليهم بل أورد ما يدل على خلافه من كلام ابن عابدين المبتور
ويجب ان نفرق بين امرين عند الحنفية: تحريم النكاح بالنظر الى فرج اجنبية او الخلوة او الدخول بها فتصير امها وبنتها ونحوهما محرمات حرمة ابدية على الناظر لا يحل له نكاحهن بعد ذلك وهذه هي المسالة المبحوث عنها في كتب الحنفية وبين النظر الى عورة الاجنبية وهذا ما نص ابن عابدين على انه لم ير لهم نصا يدل على حكمه ثم بحث في ذلك بحثا من عند نفسه واستقر على اعتماد ما قاله ابن حجر الهيتمي من تحريمه اذا خشي منه فتنة او اثارة شهوة وهذا تتمة كلامه الذي حذفه الراقم الآثم ذكره ابن عابدين ، حيث قال:( لم أر ما لو نظر إلى الأجنبية من المرآة أو الماء، وقد صرحوا في حرمة المصاهرة بأنها لا تثبت برؤية فرج من مرآة أو ماء لأن المرئي مثاله لا عينه ، بخلاف ما لو نظر من زجاج أو ماء هي فيه، لأن البصر ينفذ في الزجاج والماء فيرى ما فيه ، ومفاد هذا أنه لا يحرم نظر الأجنبية من المرآة أو الماء، إلا أن يفرق بأن حرمة المصاهرة بالنظر ونحوه شدد في شروطها، لأن الأصل فيها الحل ، بخلاف النظر، لأنه إنما منع منه خشية الفتنة والشهوة ، وذلك موجود هنا، ورأيت في فتاوى ابن حجر من الشافعية ذكر فيه خلافا بينهم ورجح الحرمة بنحو ما قلناه ). وكلامهم كان فيما لو نظر الى مرآة او وجه ماء فعرض له رؤية العورة لا فيمن تعمد النظر لذلك وقصده، وفرق بين الامرين.
وأما مذهب الشافعية فالمعتمد فيه عند المتأخرين قول اماميه ابن حجر والرملي وقد نص ابن حجر على تحريم النظر الى عورة الاجنبية المنعكسة في مرآة او وجه ماء اذا خشي فتنة او شهوة وهذا حاصل عند كل رجل يشاهد الافلام الاباحية او ما شابهها الا اذا كان قد فقد رجولته وصار هرما زمنا يشبه حائط البيت.
وأما كلام القليوبي المتوفى سنة ١٠٦٩ ه فلا يلتفت اليه فهو فهمه ومقوله لا منقوله عن المذهب وقد حذر أئمتنا كالمحقق الكردي من الالتفات الى شذوذات القليوبي وتصرفاته في المذهب بعقله وللأسف فان البجيرمي قد تابعه هنا وتحرز عن هذه المتابعة في حاشيته على المنهج فلم يقل: ولو مع شهوة. فتنبه.
فكيف تجرأ هذا الراقم الآثم على إطلاق القول بذلك ونسبته للشافعية بل للمذاهب الثلاثة؟!
سبحانك هذا بهتان عظيم.