شذوذ الوهابية عن جمهور الأمة

هل السلفيون المعاصرون من أهل السنة والجماعة؟ (منقول)

هل السلفيون المعاصرون من أهل السنة والجماعة؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:

فأولاً: أعني بالسلفيين المعاصرين الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وأتباعه. وأتباعه هم الموافقون له في تقريراته في مسائل الدين، ولا سيما مسائل توحيد العبادة ومسائل شرك العبادة.

ثانيًا: قاعدتي أني أحكم على الناس باعتبار الأصل، فالأصل في المنتسبين للإسلام ولأهل السنة أنهم مسلمون سنيون، وبناءً على هذه القاعدة فإني أحكم على السلفيين المعاصرين بأنهم مسلمون سنيون. وخلافي معهم إنما هو في تقريراتهم في مسائل الدين التي خالفوا فيها السلف الصالح، وخلافي معهم أيضا في سوء أخلاقهم مع من يخالفهم في تقريراتهم.

ثالثًا: السلفيون المعاصرون هم من أهل السنة والجماعة، ولكن بناءً على خلافهم للسلف الصالح في تقريراتهم فإني أرتضي تسميتهم بـ “أهل الفتنة والفرقة” ، فأما أهل الفتنة فلأن أعظم خلافهم هو تكفيرهم أو تبديعهم بغير حق لكل من سواهم من المنتسبين للإسلام ولأهل السنة، وما ترتب على التكفير من استباحة الدماء والأموال المعصومة بدعوى الجهاد في سبيل الله، وما ترتب على التبديع من المعاملة بالجفاء مع الأحياء وعدم الترحم على الأموات بدعوى هجر المبتدع. وأما أهل الفرقة فلأنهم أكثر الجماعات الدينية تفرقًا فيما بينهم، وما ترتب على ذلك من استمرار الأمة في الفشل والضعف. وبناءً على سوء أخلاقهم مع من يخالفهم فإني أرتضي تسميتهم بـ “أهل الاتهام والاستهزاء” ، فأما أهل الاتهام فلأن من السهل عليهم ـ إلا من رحم الله ـ اتهام المخالف لهم بالحكم على ما في قلبه بأنه يبطن ما لا يظهر، وأما أهل الاستهزاء فلأنهم ـ إلا من رحم الله ـ يتفننون في السخرية بالمخالف بحجة استحقاقه لذلك.
فإن قيل: لا نرى من أكثر السلفيين المعاصرين الآن التكفير والاستباحة؟ فالجواب: التكفير والاستباحة هما واقع الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه في حياته، وأما أتباعه الذين بعد موته فلم يتركوا ذلك تركا مطلقا، إلا أنه قل فيهم تدريجيا لأسباب متنوعة لا يناسب ذكرها خشية الإطالة، ولكن لا يكاد أحد منهم يتبرأ مما حدث من الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه في حياته من التكفير والاستباحة.
وإن قيل: لا يوجد في واقع الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه في حياته ما يدل على تفرقهم وعلى اتهامهم واستهزائهم بالمخالف؟ فالجواب: لا يوجد ما يدل على تفرقهم؛ لأن همتهم كانت مجتمعة في مواجهة مخالفيهم، وأما أتباعه الذين بعد موته فإنهم لما انتشرت دعوتهم وكثر عددهم اختلفوا فيما بينهم في مسائل عقدية اختلافا أدى إلى تفرقهم. ولا يوجد ما يدل على اتهامهم واستهزائهم بالمخالف؛ لأن هذا من الكلام، وهم كانوا مشغولين بالفعل الذي هو استباحة دماء مخالفيهم، وأما أتباعه الذين بعد موته فلمَّا قَلَّ فيهم الفعل في مخالفيهم حل مكانه الكلام فيهم.

رابعا: من غرائب السلفيين المعاصرين الذين خالطناهم أنهم يحكمون على من خالفهم حكما يقينيا، بلا تثبت، فلا يحرصون على تفهم مراد من خالفهم، ولا النظر في حجته. وحينما يرد أحدهم على من خالفهم فإنهم يسارعون ـ إلا من رحم الله ـ في نشر الرد دون التأكد من صلاحية الرد للنشر، ولهذا أرتضي تسميتهم بـ “أهل الهدم، لا أهل البناء”.

خامسا: من يتوقع أن عودة الأمة لعزتها ستتحقق على أيدي السلفيين المعاصرين فهو واهم؛ لأنهم “أهل الفتنة والفرقة” و”أهل الاتهام والاستهزاء” و”أهل الهدم”، فهم سبب لفساد الواقع الديني وسبب لاستمرار فساد الواقع الدنيوي.

سادسا: مصلحة الأمة تقتضي التعجيل بإسقاط الأحياء من السلفيين المعاصرين؛ لأنهم لا يرغبون في تصحيح مسارهم؛ لتوهمهم بأنهم على الحق في تقريراتهم وأخلاقهم وهدمهم، ولأنهم حجر عثرة في طريق إصلاح الواقع.

الخلاصة: السلفيون المعاصرون من أهل السنة والجماعة، ولكنهم يستحقون الإسقاط، وأعني بإلإسقاط بيان الأسباب الشرعية والعقلية الدالة على عدم استحقاقهم الثقة بدعوتهم.

فإن قيل: أليس وصفك لهم بتلك الصفات المذمومة يقتضي تكفيرهم أو تبديعهم؟ فالجواب: أنا أتجنب الخوض في التكفير والتبديع؛ لأنه إخراج عن الأصل، ولا يصح الإخراج إلا بشرطين: أحدهما: وجود ضوابط محررة للتكفير والتبديع، خالية من الإشكالات العلمية، والثاني: أن يكون تطبيق هذه الضوابط للعلماء دون غيرهم.
وإن قيل: أليس وصفك لهم بتلك الصفات يقتضي وقوعك في التنابز بالألقاب؟ فالجواب: التنابز بالألقاب هو: التداعي، أي أن يدعو بعضهم بعضا بالأسماء المكروهة للمسمى، إما لأنه ليس فيه؛ كدعائه بالكذاب مع كونه ليس كذلك، وإما لأنه فيه ولكن لقصد السخرية أو لغير حاجة؛ كدعاء الأعمى بالأعمى سخرية منه أو مع عدم وجود حاجة لذلك. وأما تسمية السلفيين المعاصرين بالأسماء التي ارتضيت تسميتهم بها فلأنها فيهم مع وجود الحاجة، وهي كشف حقيقتهم ليساعد ذلك على تعجيل إسقاطهم مراعاة لمصلحة الأمة.
وإن قيل: أليس إسقاط السلفيين المعاصرين مراعاة لمصلحة الأمة من وظيفة العلماء؟ فالجواب: نعم، وجمهور علماء الأمة الذين هم أتباع المذاهب الأربعة على إسقاطهم منذ بداية دعوتهم إلى الآن، فالتحذير منهم مشهور، وإنما التبس الأمر على الناس لكثرة عدد السلفيين المعاصرين فيما بعد.
وإن قيل: ما أسرع طريقة لإسقاط السلفيين المعاصرين؟ فالجواب: أسرع طريقة لإسقاطهم تحديهم بالمناظرة العلنية في مطالبتهم بضابط مستقيم للعبادة ؛ لأنها أخطر مسألة انحرفوا فيها، وأسهل مسألة يدرك العوام فيها انحرافهم. ومن يرد أن يتصور أصول انحرافهم فليستمع لمحاضراتي التي هي بعنوان: “تشخيص انحراف السلفيين المعاصرين” والإجابة عن الأسئلة المتعلقة بها. ومن يرد أن يتأهل لمناظرتهم فليستمع لمحاضرتي التي هي بعنوان: “عجز السلفيين المعاصرين عن الإتيان بضابط مستقيم للعبادة” ، والتعليق على الردود والإجابة عن الأسئلة المتعلقة بها.
والله الموفق.

كتبه: خالد بن عبد الله باحميد الأنصاري.
مؤسس اتحاد طلبة العلم في حضرموت.
11/3/1444هـ، الموافق: 7/10/2022م

السابق
استقراء لبعض البدع التي فعلها السلف واستحسنوها (من رسالتي للدكتوراه ضوابط الاجتهاد واتجاهاته المعاصرة)
التالي
تعال لأعلّمك يا شيخ الإسلام عثمان المكي كيف يكون الكذب على أصوله …!! (وضع ابن تيمية لأثر فلما ماتوا عكفوا على قبورهم)