الجزء الرابع:- (حياة البرزخ بعد الموت)
من (سلسلة الإغاثة في رد دعاوي التكفيريين الذين يكفرون المسلمين بالتوسل والإستغاثة:
بقلم ?جامعه/ محمد عثمان محجوب.
??الجزء الرابع:
———–؛؛؛؛؛؛؛————
بسم الله الرحمن الرحيم
??حياة البرزخ للأنبياء والأولياء والشهداء والصالحين.
??أدلة العلماء على أن ا? نبياء وا? ولياء أحياء في قبورهم حياة برزخية كاملة:
معنى الموت: الموت ليس عدما، وإنما هو انتقال من الحياة الدنيا إلى الحياة البرزخية التي تفصل
ما بين الحياة الدنيا والحياة ا? خرة.
فالموت هو تلك اللحظة التي تخرج فيها الروح من الجسم،ثم يتحول ا?نسان إلى حياة أخرى هي
الحياة البرزخية،فيكون منعما أو معذبا وذلك حسب عمله في الدنيا.
و التوسل با? نبياء عليهم السلام وا? ولياء رضي الله عنهم قائم على اعتقاد أنهم أحياء في قبورهم حياة برزخية هي أكثر كما? من الحياة الدنيا،وأنهم يسمعون من يطلب منهم
ا? عانة ويستطيعون سؤال الله تعالى والدعاء للأحياء فالأنبياء والاولياء خاصة لا يحجبون عن الله تعالى في حالة الموت.
ولذا فلابد أن نبحث أو? في تحقيق ا? دلة الدالة على دعوى أنهم أحياء حياة برزخية،وأنهم يسمعون.
فنبدأ بذكر بعض ا?دلة على ذلك.
??الدليل ا?ول:
قال الله تعالى: “و? تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن ? تشعرون “
فعدم شعور أهل الحياة الدنيا بحياة أهل البرزخ ? يعني عدم وجودها،كما قال تعالى “بل أحياء ولكن لاتشعرون” فعدم الشعور بهذه الحياة البرزخية هو حال أكثر الناس،ولكن عدم شعورهم بها لا يبيح لهم إنكارهاأوإنكارخصائصها، ولذا فالحياة الدنيا يعقبها الحياة البرزخية،ثم الحياة الآخروية.
وأما الأدلة أيضا ما ورد من الأحاديث الشريفة فمنها:
??الدليل الثاني: وهو حديث ا? سراء والمعراج:فقد جاء فيه أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى با? نبياء عليهم السلام في المسجد ا? قصى،وجاء فيه أنه التقى بهم في السموات عند المعراج
إلى السماء.
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” … وقد رأيتني في جماعة
من ا? نبياء فإذا موسى قائم يصلى فإذا رجل ضرب جعد كأنه من رجال شنوءة، وإذا عيسى ابن مريم عليه السلام قائم يصلي، أقرب الناس به شبها عروة بن مسعود الثقفي، وإذا إبراهيم عليه السلام قائم يصلى أشبه الناس به صاحبكم – يعني: نفسه -فحانت الصلاة فأممتهم “.رواه مسلم (172).
يعني صلى بهم إماما لهم عليهم الصلاة والسلام،وتأمل في الحديث، كيف يصف صورهم،ومن يشبههم من الناس في الصورة.
و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى قام يصلي فالتفت ثم التفت فإذا النبيون أجمعون يصلون معه “.رواه ا? مام أحمد في المسند (4/ 167)
ثم لقاء سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام با? نبياء في السموات، ويسلمون عليه ويرحبون به ففي صحيح البخاري في باب المعراج ما نصه ( …. فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح،فقيل من هذا؟ قال جبريل،قيل:ومن معك؟ قال محمد،قيل: وقد أرسل إليه؟ قال:نعم،قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح،فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه،فسلمت عليه،فرد السلام،ثم قال: مرحبا با? بن الصالح،والنبي الصالح،ثم صعد حتى إذا أتى السماء الثانية …… فلما خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة قال: هذا يحيى،وعيسى فسلم عليهما، فسلمت،فردا،ثم قا?:مرحبا با? خ الصالح،والنبي الصالح، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة …. فلما خلصت إذا يوسف قال:هذا يوسف فسلم عليه،فسلمت عليه، فرد ثم قال: مرحبا با? خ الصالح والنبي الصالح،ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة ….. فلما خلصت إلى إدريس قال: هذا إدريس فسلم عليه،فسلمت عليه،فرد ثم قال: مرحبا با? خ الصالح،والنبي الصالح،ثم صعد بي حتى إذا أتى السماء الخامسة ……… فإذا هارون قال: هذا هارون فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد،ثم قال: مرحبا با? خ الصالح،والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى إذا أتى السماء السادسة …….. فإذا موسى قال:هذا موسى فسلم عليه،فسلمت عليه،فرد ثم قال مرحبا با? خ الصالح،والنبي الصالح ……….
ثم صعد بي إلى السماء السابعة …… فإذا إبراهيم،قال: هذا أبوك فسلم عليه،قال: فسلمت عليه،فرد السلام،قال: مرحبا با? بن الصالح والنبي الصالح … ) رواه البخاري في الصحيح وغيره.
فتأمل ترى أن الحياة البرزخية ليست جامدة، بل هي حياة أرحب من الحياة الدنيا، وأعظم،وقد تخلص فيها ا? نسان من العلائق،فهي حياة طليقة ليس فيها احتياجات الجسد من أكل،أو شرب، أو نكاح أو غير ذلك.وتأمل في هذه النصوص الصحيحة الصريحة ترى أنهم أحياء ويصلون ويتكلمون،وليسوا مقيدين،بل أرواحهم طليقة.
??الدليل الثالث: ما جاء في مسند ا? مام أحمد، والصحيحين،وسنن النسائي من رواية أنس ابن مالك رضي الله عنه وهو حديث القليب يوم بدر، والحديث رواه البخاري ومسلم والنسائي وغيرهم
ونص الحديث: من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: وقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم على قليب بدر فقال:”هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ ثم قال: أنهم ا? ن يسمعون
ما أقول.
وفي رواية في الصحيح (البخاري): “أن النبي _ صلى الله عليه واله وسلم جعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فأنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد ? أرواح لها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم _:”والذي نفس محمد بيده ماأنتم بأسمع لما أقول منهم،ولكن ? يجيبون)).
فيعلم من الحديث أنهم يسمعون سماعا أدق من سماع من حوله من الصحابة غير أنهم? يجيبون، وهذا حديث صحيح صريح في أن ا? موات يسمعون سماعا يزيد على سماع الناس في الدنيا.
??الدليل الرابع: سماع ا? موات حتى لقرع النعال:
جاء في صحيح البخاري في كتاب الجنائز. باب: الميت يسمع خفق النعال. ما نصه: … عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”العبد إذا وضع في قبره،وتولي وذهب
أصحابه، حتى إنه ليسمع قرع نعالهم، … )) الحديث.و أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها
وأهلها، باب: عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، رقم: 2870 ورواه النسائي وأبو داود.
فتأمل في كونه يسمع خفق النعال رغم أننا ? نسمع ذلك غالبا ونحن في الدنيا ولكن الحياة البرزخية أقوى في خصائصها، فإذا سمع الميت قرع النعال،وخفق النعال؛أ? يسمع كلام الزائرين أ? يعلم بحالهم ويستبشر بهم عندما يزورنه ويكلمونه؟!
??الدليل الخامس: استئناس أهل البرزخ:
عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: “إذا دفنتموني أقيموا حول قبري قدر ما ينحر جزور
ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي”رواه مسلم.
فهذا الصحابي الجليل يعلم أن الميت يستأنس بمن حوله من الناس ويشعر بهم.
??الدليل السادس: الكلام مع أهل القبور وصيغة السلام عليهم:
في حديث أبي هريرة والسيدة عائشة وبريدة رضي الله عنهم “السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين،وإنا إن شاء الله بكم ? حقون، أسال الله لنا ولكم العافية”
يقول ابن القيم:فإن السلام على من ? يشعر،و? يعلم بالمسلم محال، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أمته إذا زاروا القبور أن يقولوا:”سلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم ? حقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية” وهذا السلام والخطاب والنداء لموجود يسمع، ويخاطب، ويعقل، ويرد، وإن لم يسمع المسلم الرد، وإذا صلى قريبا منهم شاهدوه، وعلموا صلاته، وغبطوه على ذلك. انتهى كلام ابن القيم كما في كتابه الروح.
فتأمل وتدبر.
??الدليل السابع: النبي عليه الصلاة والسلام يسمع من يصلي عليه عند قبره:
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في كتاب أحاديث ا? نبياء عليهم السلام عند شرح الحديث رقم 3185 في (باب قول الله تعالى: واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها) ما نصه:وأخرجه أبو الشيخ في ” كتاب الثواب ” بسند جيد بلفظ “من صلى علي عند قبري سمعته،ومن صلى علي نائيا بلغته ” ووافقه الحافظ السخاوي فأكد أن سنده جيد كما في كتابه القول البديع ص 313 تحقيق الشيخ محمد عوامة،فهذان الحافظان يجودان سند هذا الحديث. والحديث رواه البيهقي في كتابه حياة ا? نبياء وفي الشعب،وراجع كتاب:رسالتين في حياة ا? نبياء للحافظين البيهقي والسيوطي بتحقيق ا? شقر.
??الدليل الثامن: عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم “والذي نفس أبي القاسم بيده لينزلن عيسى بن مريم إماما مقسطا، وحكما عد? ،فليكسرن الصليب و يقتلن الخنزير وليصلحن ذات البين و ليذهبن الشحناء و ليعرضن المال فلا يقبله أحد، ثم لئن قام على قبري فقال يا محمد، ? جبته)) قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 211): (هو في الصحيح باختصار رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح).
وا?دلة على هذا كثيرة ويكفي المسلم دليلا واحدا.
??الرد على شبهات من ينكر سماع ا? موات!
قوله تعالى {وما أنت بمسمع من في القبور} وقوله تعالى “إنك لا تسمع الموتى … “بهذا استدلوا على أن ا? موات ? يسمعون ا? حياء مطلقا،وقالوا إن كل هذه النصوص الواردة في سماع ا? حياء للاموات هي خاصة ? عامة،فيقتصر فيها على خصوص السبب.!!
الجواب: أجاب علماء أهل السنة بالتالي:
1_ أن المراد بالسمع المنفي في الآيات هو سمع القبول والهداية والدخول في الإسلام،لأن الإنسان لا ينفعه الإيمان والتوبة إذا بلغت الروح الحلقوم فكيف إذا مات؟! وليس السمع المنفي في الآيات هو السمع الحسي،ولذا تقول العرب أنصح فلانا و? يسمع لي، أي ? يقبل مني.
ويدل على هذا المعنى آيات كثيرة في القرآن الكريم فمنها قوله تعالى في وصف المنافقين”صم بكم عمي فهم لايرجعون”مع أنهم يسمعون ويتكلمون،ويرون فليس المراد هو الصمم،والبكم والعمى الحسي،بل المراد هو نوع آخر وهو عدم الانتفاع بالحق وقبوله،ولذا وصفهم في آية أخرى فقال تعالى “وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم … ” يقال مهما أكلمه فلن يسمع،أي لن يطيع.
فإذن ليس في ا? ية ما يستدل به على أن أهل البرزخ ? يسمعون أهل الدنيا،? ن ا? ية منصبة على معنى آخر وهو قبول الدعوة إلى ا?سلام،?ن حياة القبور حياة جزاء وليست حياة تكليف واهتداء.
قال ا?مام ابن كثير: وهذا مثل ضربه الله للمؤمنين وهم ا? حياء، وللكافرين وهم ا? موات،
كقوله تعالى: {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات
ليس بخارج منها} اه وقال ابن كثير: وقوله: {إن الله يسمع من يشاء} أي: يهديهم إلى سماع الحجة وقبولها وا? نقياد لها {وما أنت بمسمع من في القبور} أي: كما ? ينتفع ا? موات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم وهم كفار بالهداية والدعوة إليها، كذلك هؤ? ء المشركون الذين كتب عليهم الشقاوة ? حيلة لك فيهم، و? تستطيع هدايتهم. انتهى كلام ابن كثير بحروفه. فالمقصود هو سمع الاهتداء والقبول،وليس السمع الحسي. 2 أننا نعلم بالضرورة أن الكفار الذين كان يدعوهم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسمعون سمعا حسيا،ولم يكن بسمعهم أي عائق يمنعهم من سماع كلام النبي صلى الله عليه وسلم ،ولذلك فليس وجه الشبه بين من في القبور وبين الكفار هو السمع الحسي،بل هو سمع ا? ستجابة والهداية فقط،فكما أن الموت يحول بين الكافر ودخول الإيمان فلا ينتفع بعد موته بسمع الدعوة إلى الإسلام،فكذلك التكبر عن قبول الحق لا ينفع معه السمع الحسي، لإعراضهم فلا يستجيبون و? يهتدون إلى ا? سلا م. فالمقصود في ا? يات هو سمع الهداية وا? ستجابة وليس السمع الحسي ? ن السمع الحسي للكفار وللأموات ثابت بأدلة كثيرة.
3 ـ إذا علمنا أن ا? ية التي استدلوا بها إنما هي في سمع الهداية ? السمع الحسي علمنا يقينا ? شك فيه أنها ? تعارض ا? دلة الكثيرة الدالة على سماع ا? موات للأحياء والتي سقنا بعضا منها.
والعبرة بعموم اللفظ ? بخصوص السبب.
???شأن الروح:
??يقول ابن القيم في كتاب (الروح) في المسألة الخامسة عشرة، ص: 102 – 103، دار الكتب العلمية، بيروت، 1975 م:) فصل: ومما ينبغي أن يعلم أن ما ذكرنا من شأن الروح يختلف بحسب حال الأرواح من القوة والضعف والكبر والصغر، فللروح العظيمة الكبيرة من ذلك ما ليس لمن هو دونها. وأنت ترى أحكام الأرواح في الدنيا كيف تتفاوت أعظم تفاوت بحسب تفارق الأرواح في كيفياتها وقواها وإبطائها وإسراعهاوالمعاونة لها، فللروح المطلقة من أسر البدن وعلائقه وعوائقه من التصرف والقوة والنفاذ والهمة وسرعة الصعود إلى الله والتعلق بالله ما ليس للروح المهينة المحبوسة في علائق البدن وعوائقه، فإذا كان هذا وهي محبوسة في بدنهافكيف إذا تجردت وفارقته واجتمعت فيها قواها وكانت في أصل شأنها روحا علية زكية كبيرة ذات همة عالية، فهذه لها بعد مفارقة البدن شأن آخر وفعل آخر. وقد تواترت الرؤيا في أصناف بني آدم على فعل الأرواح بعد موتها ما لا تقدر علىمثله حال اتصالها بالبدن من هزيمة الجيوش الكثيرة بالواحد والاثنين والعدد القليل ونحو ذلك، وكم قد رئي النبي) صلى الله عليه وسلم (ومعه أبو بكر وعمر في النوم قد هزمت أرواحهم عساكر الكفر والظلم فإذا بجيوشهم مغلوبة مكسورة مع كثرة عددهم وعددهم وضعف المؤمنين وقلتهم (.انتهى كلام ابن القيم.
.يقرر ابن القيم في كلامه هذا أن أرواح الأموات تتصرف بعد موتها، بل إن أرواح الصالحين تكون أقوى بعد انفصالها عن البدن، ويقرر أنه قد تواتر أن روح النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر قد هزمت جيوشا من جيوش الكفار. فما معنى تكفير الوهابية للمسلمين الذين يستغيثون بالأنبياء والأولياء؟ فإذا كانت أرواح الأنبياء والأولياء تتصرف في العالم بإذن الله تعالى وتهزم الجيوش فما الفرق بين الاستعانة بها والاستعانة بالحي؟ فكلاهما مخلوق لا يملك نفعا ولا ضرا ولكن الله تعالى رزقه هذه القوة. فكيف يعتبر المستعيث بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته – موحدا والمستغيث به بعد لحوقه بالرفيق الأعلى مشركا شركا أكبر! مع أن روحه صلى الله عليه وسلم تهزم الجيوش؟ فما هو الفرق بين النوعين على رأي ابن القيم هذا؟
ويقول الشيخ أبو مدين المغربي: «عليك يا أخي بزيارة المشايخ حيث كانوا، لأن في زيارتهم خصالا محمودة:
أولها زيادة في الإيمان واليقين والعلم الباطني،
واكتساب الخلق،
ومعرفة الطريق،
والأجر والثواب،
فإن ثمانين شيخا أتفقوا على زيارة المشايخ …
وقد اتفقت المشايخ أنه لا يرد المريد عن الزيارة إلا زنديق.
ومن منع الزيارة فقد خالف الصحابة».
??ويقول الشيخ فخر الدين الرازي: «الأرواح الشريفة العالية لا يبعد أن يكون فيها ما يكون لقوتها وشرفها، يظهر منها آثار في أحوال هذا العالم فهي المدبرات أمرا.
أليس أن الإنسان قد يرى أستاذه في المنام ويسأله عن مشكله فيرشده إليها؟
أليس أن الابن قد يرى أباه في المنام فيهديه إلى كنز مدفون؟
??فتوى الامام شمس الدين الرملي الشافعي في جواز الاستغاثة بالأنبياء والأولياء والعلماء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين وخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.سألوا الفقيه الشافعي الكبير الإمام شهاب الدين أحمد بن حمزة الرملي المصري المتوفى سنة 957 هـ، السؤال الآتي:
((سئل: عما يقع من العامة من قولهم عند الشدائد يا شيخ فلان، يا رسول الله، ونحو ذلك من الاستغاثة بالأنبياء والمرسلين والأولياء والعلماء والصالحين، فهل ذلك جائز أم لا وفهل للرسل والأنبياء والأولياء والصالحين والمشايخ إغاثة بعد موتهم، وماذا يرجح ذلك؟
فأجاب: بأن الاستغاثة بالأنبياء والمرسلين والأولياء والعلماء والصالحين جائزة، وللرسل والأنبياء والأولياء والصالحين إغاثة بعد موتهم، لأن معجزة الأنبياء وكرامات الأولياء لا تنقطع بموتهم.
أما الأنبياء فلأنهم أحياء في قبورهم يصلون ويحجون كما وردت به الأخبار وتكون الإغاثة منهم معجزة لهم، والشهداء أيضا أحياء شوهدوا نهارا جهارا يقاتلون الكفار، وأما الأولياء فهي كرامة لهم، فإن أهل الحق على أنه يقع من الأولياء بقصد ويغير قصد أمور خارقة للعادة يجريها الله تعالى بسببهم، والدليل على جوازها أنها أمور ممكنة لا يلزم من جواز وقوعها محال وكل ما هذا شأنه فهو جائز الوقوع، وعلى الوقوع قصة مريم ورزقها الآتي من عند الله على ما نطق به التنزيل، وقصة أبي بكر وأضيافه كما في الصحيح، وجريان النيل بكتاب عمر، ورؤيته وهو على المنبر بالمدينة جيشه بنهاوند حتى قال لأمير الجيش: يا سارية الجبل، محذرا له من وراء الجبل لكمين العدو هناك وسماع سارية كلامه وبينهما مسافة شهرين، وشرب خالد السم من غير تضرر به.
وقد جرت خوارق على أيدي الصحابة والتابعين ومن بعدهم لا يمكن إنكارها لتواتر مجموعها وبالجملة ما جاز أن يكون معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة لولي لا فارق بينهما إلا التحدي.)) المصدر: كتاب فتاوى الرملي في فروع الفقه الشافعي، ص 733، ط دار الكتب العلمية، بيروت، 1424 هـ
??التوسل والتبرك والاستغاثة بالانبياء والاولياء.
….. من. كتاب المدخل لابن الحاج المالكي (المتوفى 727 هجرية)
قال (ثم نرجع إلى ما كنا بسبيله من زيارة القبور فيما ذكر من الآداب، وهو في زيارة العلماء، والصلحاء ومن يتبرك بهم.
وأما عظيم جناب الأنبياء، والرسل – صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين –
فيأتي إليهم الزائر ويتعين عليه قصدهم من الأماكن البعيدة، فإذا جاء إليهم فليتصف بالذل، والانكسار، والمسكنة، والفقر، والفاقة، والحاجة، والاضطرار، والخضوع ويحضر قلبه وخاطره إليهم، وإلى مشاهدتهم بعين قلبه لا بعين بصره؛ لأنهم لا يبلون ولا يتغيرون، ثم يثني على الله تعالى بما هو أهله، ثم يصلي عليهم ويترضى عن أصحابهم، ثم يترحم على التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم يتوسل إلى الله تعالى بهم في قضاء مآربه ومغفرة ذنوبه ويستغيث بهم ويطلب حوائجه منهم ويجزم بالإجابة ببركتهم ويقوي حسن ظنه في ذلك فإنهم باب الله المفتوح، وجرت سنته سبحانه وتعالى في قضاء الحوائج على أيديهم وبسببهم ومن عجز عن الوصول إليهم فليرسل بالسلام عليهم وذكر ما يحتاج إليه من حوائجه ومغفرة ذنوبه وستر عيوبه إلى غير ذلك، فإنهم السادة الكرام، والكرام لا يردون من سألهم ولا من توسل بهم، ولا من قصدهم ولا من لجأ إليهم هذا الكلام في زيارة الأنبياء، والمرسلين – عليهم الصلاة والسلام – عموما.
فصل زيارة سيد الأولين والآخرين]
فصل وأما في زيارة سيد الأولين، والآخرين صلوات الله عليه وسلامه فكل ما ذكر يزيد عليه أضعافه أعني في الانكسار، والذل، والمسكنة؛ لأنه الشافع المشفع الذي لا ترد شفاعته ولا يخيب من قصده ولا من نزل بساحته ولا من استعان، أو استغاث به، إذ أنه – عليه الصلاة والسلام – قطب دائرة الكمال وعروس المملكة، قال الله تعالى في كتابه العزيز: {لقد رأى من آيات ربه الكبرى} [النجم: 18] قال علماؤنا رحمة الله تعالى عليهم رأى صورته – عليه الصلاة والسلام -، فإذا هو عروس المملكة فمن توسل به، أو استغاث به، أو طلب حوائجه منه فلا يرد ولا يخيب لما شهدت به المعاينة، والآثار ويحتاج إلى الأدب الكلي في زيارته – عليه الصلاة والسلام -، وقد قال علماؤنا رحمة
الله عليهم: إن الزائر يشعر نفسه بأنه واقف بين يديه – عليه الصلاة والسلام – كما هو في حياته، إذ لا فرق بين موته وحياته أعني في مشاهدته لأمته ومعرفته بأحوالهم ونياتهم وعزائمهم وخواطرهم، وذلك عنده جلي لا خفاء فيه.
فإن قال القائل: هذه الصفات مختصة بالمولى سبحانه وتعالى، فالجواب أن كل من انتقل إلى الآخرة من المؤمنين فهم يعلمون أحوال الأحياء غالبا، وقد وقع ذلك في الكثرة بحيث المنتهى من حكايات وقعت منهم ويحتمل أن يكون علمهم بذلك حين عرض أعمال الأحياء عليهم ويحتمل غير ذلك، وهذه أشياء مغيبة عنا.
وقد أخبر الصادق – عليه الصلاة والسلام – بعرض الأعمال عليهم فلا بد من وقوع ذلك، والكيفية فيه غير معلومة والله أعلم بها وكفى في هذا بيانا قوله – عليه الصلاة والسلام – «المؤمن ينظر بنور الله» انتهى.
ونور الله لا يحجبه شيء هذا في حق الأحياء من المؤمنين فكيف من كان منهم في الدار الآخرة؟، وقد قال الإمام أبو عبد الله القرطبي في تذكرته ما هذا لفظه: ابن المبارك أخبرنا رجل من الأنصار عن المنهال بن عمرو حدثنا أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: ليس من يوم إلا وتعرض على النبي – صلى الله عليه وسلم – أعمال أمته غدوة وعشية فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم؛ فلذلك يشهد عليهم قال الله تعالى: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} [النساء: 41]، قال: وقد تقدم أن الأعمال تعرض على الله تبارك وتعالى يوم الخميس ويوم الاثنين وعلى الأنبياء، والآباء، والأمهات يوم الجمعة ولا تعارض، فإنه يحتمل أن يختص نبينا – عليه الصلاة والسلام – بالعرض كل يوم ويوم الجمعة مع الأنبياء انتهى.
فالتوسل به – عليه الصلاة والسلام – هو محل حط أحمال الأوزار وأثقال الذنوب، والخطايا؛ لأن بركة شفاعته – عليه الصلاة والسلام – وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب، إذ أنها أعظم من الجميع فليستبشر
من زاره ويلجأ إلى الله تعالى بشفاعة نبيه – عليه الصلاة والسلام – من لم يزره اللهم لا تحرمنا من شفاعته بحرمته عندك آمين يا رب العالمين.
ومن اعتقد خلاف هذا فهو المحروم
المدخل ابن الحاج.
ص (255 __260)
??واخيرا: فإذا سمع الميت خطاب الحي فبامكان الميت أن يدعو للحي
والفاعل هو الله تعالي وإذا فعل ذلك فهي كرامة للميت
والله يكرم الحي لأجل الميت ويكرم الميت لأجل الحي
وكما أن الحي يسأل الله ويدعوه كذلك الميت وخاصة الأنبياء والاولياء لا يحجبون عن الله تعالى في حالة الموت
من قال النبي والولي يحجب عن الله في حالة موته فلا يستطيع أن يكلمه ويسأله فليراجع إيمانه’
لترمذي 3281 – حدثنا يحيى بن حبيب بن عربى حدثنا موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصارى قال سمعت طلحة بن خراش قال سمعت جابر بن عبد الله يقول لقينى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال لى «يا جابر ما لى أراك منكسرا». قلت يا رسول الله استشهد أبى قتل يوم أحد وترك عيالا ودينا. قال «أفلا أبشرك بما لقى الله به أباك». قال قلت بلى يا رسول الله. قال «ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب وأحيا أباك فكلمه كفاحا “
??
نواصل بإذن الله تعالى الجزء الخامس