الاجتهاد والتقليد واللامذهبية عند الوهابية

الرد على الألباني وابن عثيمين في زعمهما جواز أن يتابع المتسحر طعامه وشرابه الذي بيده حتى يكمل نهمته منه ولو سمع ندآء الفجر!! (منقول)

اتفق الفقهآء من المذاهب الأربعة : (( الحنفية ، والمالكية ، والشافعية ، والحنابلة ))
على أنَّ من طلع عليه الفجر وفي فمه طعام أن يلفظه ويتم صومه ، فإن ابتلعه بعد علمه بالفجر بطل صومه حتى ولو كانت لقمة واحدة ولزمه القضآء ؛ وذلك لأنه ابتلع طعاماً باختياره مع إمكانية لفظه. – بل ذهب الحنفية والمالكية إلى وجوب القضآء والكفارة عليه لتعمده الأكل أو الشرب بعد دخول وقت الفجر.

  • قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله في المجموع :
    تحريم الطعام والشراب والجماع بطلوع الفجر هو مذهبنا، ومذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد وجماهير العلماء.
    وهذا لا خلاف فيه.
  • وقال الإمام ابن القيم رحمه الله :
    ” وذهب الجمهور إلى امتناع السحور بطلوع الفجر , وهو قول الأئمة الأربعة , وعآمة فقهآء الأمصار , وروي معناه عن عمر وابن عباس : ” وهو قول عامة فقهآء الأمصار .
  • واستدلوا :
    أ – بصريح قول الله تعالى : (( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ )) ،
    أي : ويباح لكم الأكل والشرب والمباشرة عامة الليل ، حتى يظهر بياض النهار من سواد الليل ، ويتبين بطلوع الفجر الصادق ، ثم أمر بالإمساك عن الأكل ، والشرب ، والجماع في النهار بقوله : (( ثم أتموا الصيام إلى الليل )) فدل أن ركن الصوم لا يتحقق من غير ذلك الإمساك.
    ب – وبقول النبي – صلى الله عليه وسلم -فيما رواه البخاري ومسلم وغيرهما : (( إِنَّ بِلاَلًا يُنَادِي بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ )). ومن المعلوم أن ابْن أُمِّ مَكْتُوم ٍ- رضي الله عنه – كان ينادي بالصلاة عند طلوع الفجر ..

لكن شذَّ الألباني ووافقه الشيخ ابن عثيمين رحمهما الله من المعاصرين في جواز أن يتابع المتسحر طعامه وشرابه الذي بيده حتى يكمل نهمته منه ولو سمع ندآء الفجر ، محتجين بحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا سمع أحدكم الندآء والإنآء على يده ، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه )).
رواه أبو داود وأحمد
فهذا الحديث لا يصلح للاحتجاج به لأمرين :
الأمر الأول: – مخالفته لمفهوم ظاهر النص القرآني . الأمر الثاني: – كون الحديث مختلف في تصحيحه وتضعيفه ،والقاعدة الأصولية تقول : “
ما تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال “
وقد ضعف الحديث الإمام الحافظ أبو حاتم الرازي : ( 195 – هـ ) ( كما نقل ابنه ، وقال ابن القطان رحمه الله : ” وهو حديث مشكوك في رفعه”

  • وعلى فرض صحته فقد حمله العلمآء على وجوه :

الوجه الأول: – الأذان المشكوك في دلالته على طلوع الفجر. الوجه الثاني: – وفي قول آخر حُمل على الأذان الأول الذي يؤذن بليل وليس للفجر.
– أما الأذان الثاني : ( أذان طلوع الفجر حقيقة ) فلا يحل الأكل بعده.

  • قال العلامة المحدث صدر الدين المُنَاوِي رحمه الله تعالى : ت( 803 – هـ )
    بعد ذكره للحديث : ” ولا بد من حمل الحديث على أنه لم يتحقق طلوع الفجر ولا غلب على ظنه “
    لذا فيجب على من تناول شيئاً من المفطرات بعد بدء الأذان أن يمسك عن الطعام في هذا اليوم , ويقضيه بعد رمضان ؛ لأن بداية الأذان تدل على دخول الفجر ، وإن تعمد ذلك فهو آثم يلزمه مع الإمساك والقضآء ، القضآء مع الكفارة عند الحنفية والمالكية ، والقضآء دون الكفارة عند الشافعي ، وأحمد .
    والتوبة النصوح بالندم والعزم على عدم تكرار ذلك ، والإكثار من الاستغفار.
  • وعلى المسلم أن يحتاط لدينه وعباداته فيتَّبع أقوال جماهير علمآء الأمة ، ويبتعد عن الأقوال الشاذة والمخالفة.
    ولذا علماء المالكية رحمهم الله تعالى كما في العمل الفاسي
    وقد نظم بعضهم فقال:
    وثلث ساعة قبيل الفجر ///يمسكها الصائم للتحري …
    سؤال من أين جاء المالكية بهذا التقدير بثلث ساعة قبيل الفجر.
    والجواب على ذلك
    أنهم جاءوا بهذا التقدير من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال «تسحَّرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قام إلى الصلاة، قال أنس: قلت لزيد: كم كان بين الأذان والسَّحور؟ قال: قدر خمسين آية». رواه الشيخان.
السابق
كلام النهار يمحوه الليل، وكلام الليل يمحوه النهار عند الوهابية!! ففي الليل يقولون: طلب الشفاعة من الصالحين عبادة لهم ، وفي النهار ينقضون غزلهم تحت مطرقة البرهان فيقولون: بل هي سنّة!!!!
التالي
كتب الشيخ د. سعيد فودة حفظه الله وسدده (منقول)