بدع ابن تيمية2

ما قرره ابن تيمية من التفريق بين إرادة كونية تقع وإرادة شرعية قد تقع، وما استدل به على ذلك: يرده الطبري(منقول)

التفريق بين إرادة كونية تقع وإرادة شرعية قد تقع وقد لا تقع أمر غريب عجيب ومما قرأته للتيمية الوهابية:
“الإرادة الدينية الشرعية تعني: إرادة الله تعالى المتضمنة للمحبة والرضا، فهي تتعلق بكل ما يأمر الله تعالى به عباده ممَّا يحبُّه ويرضاه؛ (مجموع فتاوى ابن تيمية؛ جـ 11، صـ: 266).

ويقول ابن عثيمين: “قوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} تعليل لقوله تعالى: {ومن كان مريضاً أو على سفر} إلخ؛ و {يريد} أي يحب؛ فالإرادة شرعية؛ والمعنى: يحب لكم اليسر؛ وليست الإرادة الكونية؛ لأن الله سبحانه وتعالى لو أراد بنا اليسر كوناً ما تعسرت الأمور على أحد أبداً؛ فتعين أن يكون المراد بالإرادة هنا الشرعية؛ ولهذا لا تجد – والحمد لله – في هذه الشريعة عسراً أبداً.”

1- قال تعالى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾
الإرادة الشرعية هي المذكورة في مثل قول الناس لمن يفعل القبائح: هذا يفعل ما لا يريده الله؛ أي: لا يحبُّه، ولا يرضاه، ولا يأمُر به.

الفرق بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية:

الفرق بين الإرادتين أن الإرادة الكونية لا بد فيها من وقوع ما أراده الله تعالى، ولا يلزم أن يكون هذا الأمر الواقع محبوبًا عند الله تعالى، وأما الإرادة الشرعية، فلا بد أن يكون المراد فيها محبوبًا لله، ولكن لا يلزم وقوعه، فقد يقع المراد، وقد لا يقع”اهــ
فهل إذا أراد الله شيئا قد يقع وقد لا يقع؟
وعدم وقوعه مع ارادته دليل العجز -والعياذ بالله.
رجعت لتفسير الإمام الطبري السلفي لهذه اللآية فقال:
“”القول في تأويل قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: يريد الله بكم، أيها المؤمنون -بترخيصه لكم في حال مرضكم وسَفركم في الإفطار، وقضاء عدة أيام أخر من الأيام التي أفطرتموها بعد إقامتكم وبعد بُرئكم من مرضكم- التخفيفَ عليكم، والتسهيل عليكم، لعلمه بمشقة ذلك عليكم في هذه الأحوال “ولا يُريد بكم العسر”، يقول: ولا يريد بكم الشدة والمشقة عليكم، فيكلفكم صوم الشهر في هذه الأحوال، مع علمه شدة ذلك عليكم، وثقل حمله عليكم لو حمّلكم صومه، كما:-
حدثني المثني قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:”يُريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر”، قال: اليسر: الإفطار في السفر، والعسر الصيام في السفر.
حدثنا محمد بن المثني قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا
شعبة، عن أبي حمزة، قال: سألت ابن عباس عن الصوم في السفر، فقال: يُسرٌ وعُسرٌ. فخذ بيسر الله.
حدثني المثني قال، حدثنا سويد بن نصر. قال، أخبرنا ابن المبارك، عن شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:”يريد الله بكم اليسر” –قال: هو الإفطار في السفر، وَجعل عدةً من أيام أخر-“ولا يريد بكم العسر”.
حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:”يريد الله بكمُ اليسر ولا يُريد بكم العسر”، فأريدوا لأنفسكم الذي أراد الله لكم.
حدثني المثني قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن ابن عيينة، عن عبد الكريم الجزري عن طاوس، عن ابن عباس قال: لا تَعِبْ على من صام ولا على من أفطر -يعنِي في السفر في رمضان-“يريد الله بكم اليسر ولا يُريد بكم العسر”.
حدثت عن الحسين بن الفرج قال، حدثنا الفضيل بن خالد قال، حدثنا عبيد بن سليمانَ، قال سمعت الضحاك بن مزاحم في قوله:”يريد الله بكمُ اليسر” -الإفطار في السفر-“ولا يريد بكم العسر”، الصيام في السفر” اهــ

فالمراد هنا تشريع الافطار في السفر والمرض. وقد تحقق هذا التشريع بالفعل.

وقال الامام الزجاج في تفسيره
“وقوله عزَّ وجلَّ: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) .
أيْ أن يُيسِّر عليكم بوضعه عنكم الصوم في السفر والمرض
تفسير الإمام السمعاني: “وَقَوله تَعَالَى: {يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر} يَعْنِي فِي إِبَاحَة الْفطر بِالْمرضِ وَالسّفر، وَتَأْخِير الصَّوْم إِلَى أَيَّام أخر”

السابق
(6) متابعة المناظرة مع أخي الفاضل أبو رقية الدمشقية حول حديث الجارية.
التالي
تحرير مراد الإمام القرطبي في إثبات الجهة(د.سيف العصري)