بدع ابن تيمية2

أثري لا كالأثريَّة (منقول)

أثري لا كالأثريَّة

يخبرك أنه أثري، على طريقة أهل الحديث، ملتزم بكلام السلف لا يتخطاه، ولا يتعدى لفظ الكتاب والسنة إلى حجج المعقول

هو في الأخيرة صدق، نعم لا يتعداه ولا يقرنه بالحجج العقلية، لكن يفهمه بهواه ويستدركه بخياله ووهمه، ويغلب عليه طبعه المادي البهيمي، فيسميه فطرة

هو أثري، لكنه يقول بقدم العالم الذي أجمع كبار أئمة السلف على كفر قائله، ونقل ابن حزم الإجماع على ضده وهو الحدوث، وهنا الإجماع يشمل قدم الفلاسفة والقدم النوعي

هو أثري، غير أنه يعتقد بفناء النار، أو أن ذلك قول مرجوح وخلاف مغفور، وقائله إمام أهل السنة والحق، بينما حصل الإجماع القطعي الثابت على بقاء الجنة والنار، وما يستدلون به إما معلول السند أو متوهمين في فهم متنه!

هو أثري، لكنه يقول بحدوث كلام الله، وتجدده، يفارق المعتزلة والجهمية في محل هذا الحدوث، هم يقولون خارج ذاته، وهو يقول في ذاته، ونصوص أئمة السلف واضحة في قدم كلام الله، ومنه القرآن، إنما الحادث اللفظ

قال البخاري في خلق أفعال العباد:

(ومن الدليل عليه أن الناس يكتبون الله ويحفظونه ويدعونه فالدعاء والحفظ والكتابة من الناس مخلوق ولا شك فيه والخالق الله بصفته )

هو أثري، لكنه يقول بالتحسين والتقبيح العقليين، ووجوب الصلاح على الله، وبالداعية لأفعاله، وباللطف المعتزلي

هو أثري، لا يتعدى ألفاظ الكتاب والسنة، وينقل لك نص ابن تيمية في كون لفظ الجسم بدعة، وقول ابن عثيمين لا نثبته ولا ننفيه، ليهرب من النزاع العسير عليه -لضلاله- من المعاني إلى النزاع اللفظي

ثم هو هو، بشحمه ولحمه، يتفنن في وصف النزول وكيف أنه يمكن أن يكون سبحانه كالقاعد على السرير وينزل مائلًا تحته، ويشرح لك التركيب في ذات الله، ويقاتل عليه، لكنه لا يزيد على ما في الكتاب والسنة!

إذا اتضح هذا، وبان للناس كذب ادِّعائه بأنه المستمسك بأنفاس الصحابة واعتقادهم -الثابت بألفاظهم عنهم- لا ندَّعي بطلان مذهبه لذلك وحده، لكن يتكشَّف للحجاج العقلي الصريح، ويؤتي البحث حقه، لكن هذا الأثري الذي ليس له علاقة بالأثرية (وربما يجوز على مذهبه لأن الكلي لا وجود له في الخارج) يهرب من الإلزامات الكفرية كتأليه النجوم والأوثان بأن الشرع هو الذي نأخذ منه المعرفة عن الله، فلما ورد بخلافها أنكرها، وطالما ثبوت الشرع لا يتوقف على تمييز الحق المعبود عن النجوم، فلا نحتاج الرد، وهو هنا واقع في مغالطتين:-

الأولى: مناقضته لمنهجه الذي يدعي انتظاره للشرع، وتوقف معرفة ذات الله هل هي نجم أو لا على النص، فيصرح بالتركيب، بل يجعله حقيقة كل موجود، ولا موجود إلا جسم أو قائم بجسم، وهو هنا يجعلها بديهيات وجودية مقدمًا لها على كل شيء، بما فيه النص، ومن يلتزم التركيب بفهمه لنصوص الصفات فإنما يلتزمه اللزوم العقلي البين، بهذا صرح شيخهم ونسبه لكافة العقلاء والحكماء ولأحمد بن حنبل

الثانية: لا يقتضي ثبوت الشرع بالمعجزات وحدها بطلان إلزام عابد النجوم لهم، فما يعود على الأصل بالنقض غير القابل للدفع: يبطل الأصل

ولو جاءه عابد نجم، وتدرَّع بالكيف المجهول، لن يستطيع إبطال قوله، لذلك يهرب إلى انتظار النص به أو بضده كما سبق، وسبق كذلك بيان كذب هذه الدعوى

والأمر عند أهل السنة هين: كل جسم حادث، والله قديم، والنجم جسم، فهو حادث، انتهت القصة!

ليس أن نعجز أمام الوثني، لكن المجسم والوثني أبناء عم، واحد يعبد جسمًا يراه، والآخر يعبد جسمًا لا يراه، لكنه يطلق العنان لخياله، حتى يصف الميل!

المهم لا تنسى أنه أثري، مستقيم الوجهة، ليس من الذين ينتقون من المذاهب أردأها ومن الأقوال أسخفها

السابق
ابن تيمية يقول بأنه لا يمكن أن يفعل الله شيئا في العالم دون أن يحصل له تلذذ وتألم (منقول)
التالي
الشيخ ابن تيمية كما عرفته..(الشيخ عبد الناصر حدارة)