حكم الاستغاثة ودعاء غير الله

أقوال السادة المالكية في التوسل وطلب الشفاعة من النبي الأكرم:

أقوال السادة المالكية في التوسل وطلب الشفاعة من النبي الأكرم:

15- نقل الإمام القاضي عياض في ” الشفا بتعريف حقوق المصطفى ” عن إمام دار الهجرة مالك رحمه الله تعالى أنه قال لأبي جعفر المنصور لما سأله عن استقبال النبي -- حين الدعاء ، فقال الإمام مالك له : و لِمَ تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم من قبلك ؟ ، بل استقبِلْه واستشفعْ به , فيشفّعْه الله .}

ومعنى ” استشفعْ به ” أي : اطْلُبْ منه الشفاعة.

16- وقال الإمام ابن الحاج المالكي في كتابه ” المدخل ” :

{ وأما في زيارة نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم سيد الأولين والآخرين ، فيزيد على ذلك أضعافاً مضاعفة ، لأنه الشافع المشفّع الذي لا تردّ شفاعته ، ولا يخيب مَن قصده ولا مَن نزل بساحته ، ولا من استعانه أو استغاث به ، لما شهدت به المعاينة والآثار، و حديث “الصحيحين ” : { إنما مَثَلي ومَثَلكم ، كمَثَل الفراش تقعون في النار وأنا آخذ بحُجُزكم} دليل على استحباب التوسل والاستغاثة به ، فإن الدليل عامّ ولا يختص بزمان دون زمان ، كما لا يختص بشخص دون شخص}.اهـ

17- وقال الإمام أبو عبد الله ابن النعمان المالكي رحمه الله تعالى في كتابه “مصباح الظلام” :

{ إن الإستغاثة والتوسل والتشفع والتوجه بالنبي -- ، واقعٌ في كل حال قبل خلقه وبعد خلقه ، في مدة حياته وبعد موته ، في البرزخ ، وفي عرصات القيامة }اهـ .

18- وقال الشيخ المحدّث ابن أبي جمرة المالكي – مختصِر البخاري وشارحُه – :

{ لما دخلتُ مسجد المدينة ، ما جلست إلا الجلوس للصلاة ، وما زلت واقفاً هناك حتى رحل الركْب ، ولم أخرج للبقيع ولا غيره ، ولم أر غيره صلى الله عليه وعلى آله وسلم . وقد خطر لي أن أخرج إلى البقيع ، فقلتُ: إلى أين أذهب ! هذا باب الله المفتوح للسائلين والطالبين ، والمنكسرين والمضطرين ، والفقراء والمساكين ، وليس ثَمّ من يُقصد مثله!} .اهـ .

وهو يعني النبي -- .

19- و قال الإمام عبد الواحد بن عاشر رحمه الله في “المرشد المعين” :

و سِرْ لقبر المصطفى بأدبِ = و نيّةٍ تُجَبْ لكل مطلبِ

سلِّمْ عليه سِرْ إلى الصدّيقِ = ثم إلى عمر تفوز بالتوفيقِ

و اعلمْ بأنّ ذا المقامَ يُستجابْ = فيه الدُّعا فلا تملَّ منْ طِلابْ

و سَلْ شفاعةً و ختْمًا حَسَنَا = و عجّلْ الأوبةَ إذ نلتَ المنا

20- قال شارحه العلامة الشيخ محمد بن أحمد الفاسي المالكي (المعروف بـ”مياره”) في “الدر الثمين و المورد المعين”:

{ إذا خرج الحاج من مكة يُستحب له الخروج من “كدا”، فإن زيارته صلى الله عليه و سلم سنّة مجمع عليها وفضيلة مرغّب فيها …..

..و لْيحذرْ الزائر من الطواف بالقبر الشريف على ساكنه أفضل الصلاة والسلام و التمسح بالبناء و إلقاء المناديل و الثياب عليه، ومِن تقرّب العامة بأكل التمر في الروضة و إلقاء شعورهم في القناديل ، و هذا كله من المنكرات. و يستحب أن يزور البقيع و القبور المشهورة فيه و مسجد قباء و يتوضأ من بئر أريس و يشرب منها ، و هذا في حق من كثرت إقامته ، وإلا فالمُقام عنده -- أحسن ليغتنم مشاهدته -- ، و قد قال ابن أبي جمرة:[و نقل الكلام السابق الذي نقلناه عن الإمام ]} .اهـ

و انظر إلى أمر الإمام ابن عاشر للزائر بطلب وسؤال الشفاعة من النبي -- , تعلم أن ذلك الطلب مما أجمع على استحبابه السادة المالكية , إذ أن متن ابن عاشر هو عمدة المالكية المتأخرين باتفاق بينهم .

(21-24)- وقال العلامة الفيشي المالكي رحمه الله تعالى في ” شرح العزية ” نقلاً عن الشيخ خليل صاحب “المختصر ” المشهور في مذهب مالك رحمه الله تعالى في ” منسكه ” عن القابسي ، وأبي بكر بن عبد الرحمن وغيرهما قال :

{ تأتي القبر وأنت متّصف بكثرة الذل والسكينة والانكسار والفقر والفاقة والاضطرار والخضوع ، وتُشعر نفسك أنك واقف بين يديه عليه وآله الصلاة والسلام ، إذ لا فرق بين حياته ومماته ، وقد ورد أن أعمال أمّته تُعرض عليه غدوة وعشية ، فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم . ولْيتوسل به صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويسأل الله بجاهه ، إذ هو محطّ جبال الأوزار وأثقال الذنوب ، لأن بركة شفاعته وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب . ومن اعتقد خلاف ذلك ، فهو المحروم الذي أطمس الله بصيرته ، وأضل سريرته . ألم ير قوله تعالى : { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً } ؟!.}. انتهى .

25- ابن جزي الكلبي المالكي , قال في ( القوانين الفقهية ) :

ينبغي لمن حج أن يقصد المدينة فيدخل مسجد النبي – صلى الله عليه وسلم – فيصلي فيه ويسلم على النبي – صلى الله عليه وسلم – وعلى ضجيعيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ويتشفع به إلى الله ويصلي بين القبر والمنبر ويودع النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا خرج من المدينة .

فكُن من الإيمان في مَزِيد = وفي صفاءِ القلبِ ذا تَجديد

بكَثْرة الصلاةِ والطاعاتِ = وتَرْكِ ما للنَّفس من شَهْوَات

السابق
نصوص المذاهب الأربعة في طلب الشفاعة من النبي -صلى الله عليه وسلم- عند زيارته وغيرها/ أقوال السادة الشافعية / منقول
التالي
هل يصح أن يقال: الله موجود؟ والفرق بين موجَد وموجود/ منقول