(7) التقرب إلى الله زلفى في تفسير قوله تعالى “مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى”*
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/426179794162715/
الوجه الثالث: إننا كما أُمرنا بزيارة الكعبة والدعاء عندها، فكذلك أمرنا بزيارة القبور كما في حديث مسلم مرفوعا” نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها”، وأمرنا بالسلام عليها كما والدعاء عندها أيضا كما في حديث مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم علّم عائشة أن تقول إذا زارت البقيع: “يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون”، وروى مسلم عن بريدة عن أبيه قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول: السلام عليكم أهل الديار، من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله للاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية.
وهذا بخلاف الأصنام فما أمرنا بزيارتها ولا بالسلام عليها ولا بالدعاء عندها، بل أمرنا باجتنابها كما يجتنب الخمر كما في قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج : 30]، فكيف تقيسون القبور التي أُمرنا بزيارتها والسلام عليها والدعاء عندها على الأصنام التي أمرنا باجتنابها، وتزعمون أن الطواف حول القبور شرك بالله كالطواف حول الأصنام؟!!
لو جاز القياس هنا لكان الأَولى أن نقول: الطواف حول القبور عبادة لله كالطواف حول الكعبة؛ بجامع أن كليهما ـ الكعبة والقبر ـ أُمرنا بزيارتهما والدعاء عندهما كما سبق؛ ولكن لا القياس الأول صحيح وهو قولكم ” الطواف حول القبور شرك بالله كالطواف حول الأصنام ” للفرق السابق بين الأصنام والقبور، ولا القياس الثاني المفترض صحيح وهو قولنا : ” الطواف حول القبور عبادة لله كالطواف حول الكعبة “، لأنه لا يتقرب إلى الله إلا بما شرعه تعالى.
هذا غاية ما يقال في هذا المقام أن الطواف حول القبر تقربا إلى الله مكروه أو محرم[1] ـ على أكبر تقدير ـ لأن الله لم يشرع لنا أن نتقرب إليه بالطواف حول القبور، بخلاف الطواف حول الكعبة فقد شرعه الله لنا لنتقرب إليه بذلك لقوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29].
أما القول بأن الطواف حول القبور شرك وعبادة للقبور وأن هذا ما يدل عليه قوله تعالى: { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3]، فهذا قول مبتدع[2] باطل لأنه يفضي إلى القول بأن الحج وسائر العبادات شرك كما سبق بيانه.
نعم لو نوى[3] بالطواف حول القبر التقرب لصاحب والقبر وعبادته معتقدا أن صاحبه إله أو رب أو فيه صفة من صفات الألوهية أو الربوبية كالخلق والإيجاد والتدبير فهذا شرك وكفر لا شك في ذلك، ولكن يبعد أن يصدر ذلك من مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، اللهم إلا إذا كان جاهلا أو حديث عهد بإسلام، فهذا يُعلّم برفق قبل أن نسرع إلى تكفيره، لأننا نحن نريد هداية الناس لا تكفيرهم.
الوجه الرابع:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*انظر السابق: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/426086500838711/
[1] على خلاف في ذلك بين الفقهاء فمنهم من صرح بالكراهة كالبهوتي من الحنابلة في كشاف القناع، ومنهم من صرح بالحرمة كالنووي وغيره، انظر تفصيل ذلك على الرابط: http://feqhweb.com/vb/t10285.html
[2] وقد طُلب من أحد السلفية أن يأتي بنص لأحد الفقهاء فيه تصريح بأن الطواف حول القبور شرك، فاعترف بأنه لا يوجد، وإليك نص كلامه: ‘‘‘… المسألة انتشرت في القرن السادس ولذا فلا كلام للمتقدمين فيها, ومن تكلم فيها من أهل القرن السادس فإنما وصفوها بأنها بدعة دون تفصيل, ومن المعلوم ان كلمه بدعة يدخل فيها البدع الشركية, والبدع الكفرية في نهاية القرن السادس وبداية السابع يصفها شيخ الاسلام وتلميذه بأنها من الشرك’’’’ ثم نقل عن ابن تيمية في مجموع الفتاوي (2/308) قوله”وأما الطواف بالأنبياء والصالحين، فحرام بإجماع المسلمين. ومن اعتقد ذلك ديناً فهو كافر سواء طاف ببدنه أو بقبره”.اهـ انظر: http://feqhweb.com/vb/t10285.html
قال وليد: فتأمل هذا التناقض..!! إذ طالما أن مسألة الطواف بالقبور لا كلام للمتقدمين فيها لأنها انتشرت في القرن السادس فكيف ينقل عن ابن تيمية الإجماع علي حرمته؟!!! ثم إن في نص ابن تيمية نفسه أن الطواف بالقبر محرم وليس شركا ولا كفرا، وإنما يصير كفرا إذا اعتقد أن الطواف بالقبر من دين الله، وهذا أمر آخر خارج عن محل النزاع، فتأمل كيف ينقل هذا الأخ كلاما هو في الواقع ضده لا معه. وحتى لو ثبت أن ابن تيمية يقول بأن الطواف بالقبر شرك مطلقا فهذا يثبت ما نقوله دائما من أن هذا قول مبتدع نشأ من نظرية ابن تيمية المبتدعة في تقسيم التوحيد وما جرته من بدع وتخليط وتناقض وزندقة أيضا وويلات وسفك للدماء، ولا أدل على ذلك من أن هذا الأخ وغيره من السلفية بحثوا عن سلف لابن تيمية في هذا القول فلم يجدوا على حد علمي…!!!
[3] فالنية شرط أساسي في اعتبار الفعل عبادة، وهذا دل عليه حديث الشيخين المشهور وهو “إنما الأعمال بالنيات”، وقد صرّح بعض السلفية باشتراط النية هنا فقال الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف:( فإن المراد بالطواف الذي يكون شركاً هو الطواف بغير الكعبة مع قصد التقرب لغير الله تعالى، كالطواف بالقبور والمشاهد ونحوها، فالطواف عبادة لقوله تعلى: ” وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ” وصرف العبادة أو شيء منها لغير الله شرك، وأما لو طاف بتلك القبور بقصد التقرب إلى الله تعالى فهذا محرم، وبدعة منكرة، ووسيلة لعبادة تلك القبور ) إهـ