مقالات في الرد على نظرية تقسيم التوحيد وما بني عليها

(12) التقرب إلى الله زلفى في تفسير قوله تعالى “مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى”*

(12) التقرب إلى الله زلفى في تفسير قوله تعالى “مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى”*

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/452076194906408/

ومما يؤيد كذِبَ المشركين أيضا أنهم كانوا كما قال الله عنهم: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الزمر : 45] ، فلو كانوا صادقين في ادعائهم أنهم يعبدون الأصنام تقربا إلى الله، فلِم كانوا يشمئزون من مجرد ذكر الله وحده؟ هذا لا يكون أبدا، تماما كما لو أن إنسانا أحب ملِكا حبا شديدا حتى أحب وزراءه وخدامه بحيث لو سمع بأحد من وزراءه أو خدامه أو رآهم انتشى طربا، وحنَّ شوقا إلى الملك؛ لأنهم ذكّروه به، فما بالك لو رأى الملك نفسه أو سمع به، ألا يرقص قلبه وينتعش فؤاده أضعاف أضعاف ما لو رأى أو سمع بأحد وزراء الملك أو خدامه؟!

ولكن تأمّلْ لو أن هذا الشخص ذُكر أمامه الملك أو رآه بعينيه فاشمأز منه وأعرض عنه، فهل سوف يصدقه أحد حين يدّعي أنه يحب وزراء الملك وخدامه من أجل الملك؟!! لا….. أبدا… لأنه سيُقال له على الفور: إنك كنت كاذبا في ادعائك أنك ما أحببت الوزراء إلا من أجل مَلِكهم…. فهاهو الملِكُ نفسُه أمامك فما بالك أعرضت عنه، وإذا ذُكر اشمأزيت من ذكره….؟!!! فما بالك إذا كان هذا الكاذب يسبُّ الملكَ ويشتمه ؟!!!!

وهذا ما حصل مع المشركين، بل ما حصل مع المشركين أشد؛ لأن المشركين لم يقتصروا على حبِّ الأصنام بل عبدوها واتخذوها آلهة؛ ثم إن وزراء الملك وخدامه يعترف بهم الملِكُ ويقربهم إليه، ولذلك جعلهم من حاشيته، وأما الأصنام فليست مقربة إلى الله، ولا جعل الله لها جاها ولا شفاعة فضلا عن أن تكون أندادا لله وشركاء، وإنما هذا كله من افتراء المشركين على الله، قال تعالى: { إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم : 23] فهم الذين اتخذوها آلهة وأربابا وعبدوها من دون الله، وادعوا لها الشفاعة والمنزلة عند الله، وأنها تملك التصرف والنصر والرزق والنفع والضر وأنه تُحِل وتحرم؛ وهذا كله نفاه الله عن الأصنام فقال: { أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ} [الزمر: 43].

وهذا بخلاف المَلِك الذي لم ينف أنّ ما حوله هم وزراؤه وخدامه ومعاونوه وحاشيته والمقربون إليه وأنهم يشفعون إليه، ومع ذلك استحق مدعي محبة الملك ـ الذي يشمئز من ذكره ـ التشنيعَ والتكذيب، فما بالك بالمشركين الذين عبدوا الأصنام التي هي من افتراء المشركين أصلا؟!! أفلا يستحق المشركون التشنيع والتكذيب في ادعائهم أنهم ما عبدوا الأصنام إلا لتقربهم إلى الله ….أكثر مما يستحقه هذا الذي ادعى محبة الوزراء تقربا إلى مَلِكهم في الوقت الذي يشمئز من مجرد ذِكر المَلك أمامه؟!!!!

ومن هنا ندرك لم ختم الله آية الزمر بتكذيب المشركين(1) حيث قال: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 3].

وهنا تجدر الإشارة إلى أمر هام جدا …………..انتظره

ـــــــــــــــــ

*وانظر السابق: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/451629338284427/

(1) ومع تصريح الله بكذبهم، يعز على ابن قيصر الأفغاني أن يصف المشركين بالكذب، وينهال بالشتائم والسبائب على الشيخ محمد العلوي المالكي وغيره ممن يتهم المشركين بالكذب، في الوقت الذي يتهم الأفغانيُّ أكابرَ علماء المسلمين بالكذب والإفك والبهتان وقد سبق ذلك، لا بل ادعى الأفغاني أن القول بأن المشركين كاذبون في دعواهم: هو من وحي الشيطان؛ وهذا يعني أن الأفغاني يقول عن آية الزمر نفسها التي نسبت الكذب لهم أنها من وحي الشيطان؛ ولكن الأفغاني مع كثرة إيراده لآية الزمر وتكفيره للمسلمين بها لم يوردها ولو مرة واحدة كاملة بل بتر آخرها وهو قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 3]؛ ليتسنى له أن يقول ما يشاء، ولئلا يُفتضح أمره؛ فانظر إلى من يتهم الأمة بالشرك كيف انخرط في صف المشركين الذي قالوا عن القرآن بأنها من تنزيل الشياطين فرد الله عليهم بالقول: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ} [الشعراء : 210]. فنعوذ بالله من الخذلان. انظر: جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية لابن قيصر الأفغاني (1 / 192)، (1 / 281).

السابق
(7) التقرب إلى الله زلفى في تفسير قوله تعالى “مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى”*
التالي
8ـ التقرب إلى الله زلفى في تفسير قوله تعالى “مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى”*