مقالات في الرد على نظرية تقسيم التوحيد وما بني عليها

(10) التقرب إلى الله زلفى في تفسير قوله تعالى “مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى”*

(10) التقرب إلى الله زلفى في تفسير قوله تعالى “مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى”*

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/450774388369922/

……..وأيضا فقد عظّم اللهُ شأنَ الأنبياء والأولياء والصالحين عامة أحياء وأمواتا، وأمرنا أيضا بتعظيمهم وبتوقيرهم والاقتداء بهم، قال تعالى: { أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]، وقال { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا } [النساء: 69]، بل أَمرنا بتعظيم سائر المؤمنين والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، قال تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 88]، {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: 10]، [الحجرات: 12]، وقال: { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } [نوح: 28].

كما حرّم إيذاءهم واغتيابهم وسبّهم، قال تعالى: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } [الأحزاب: 58]، وقال أيضا: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا }، وأخرج الشيخان عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «سباب المسلم فسق وقتاله كفر» .

وجَعلَ حرمةَ المسلم من أكبر الحُرمات ، وأوجبها صوناً على المسلمين و المسلمات، و هذا ما فهمه السلف قبل الخلف ؛ فقد روى ابن حبان والترمذي بإسنادٍ حسن أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما نظر يوماً إلى الكعبة فقال : ( ما أعظمَكِ و أعظمَ حُرمتِكِ ! و المؤمنُ أعظم حُرْمةً مِنْكِ)

و حرمة المسلم غير مقيدة بحياته ، بل هي باقية في الحياة و بعد الممات و يجب صونها والذب عنها في كلّ حال ، و على كلّ حال .

روى البخاري أن عبد الله بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما شهد جِنَازَةَ مَيْمُونَةَ أم المؤمنين رضي الله عنها بِسَرِفَ فَقَالَ : ( هَذِهِ زَوْجَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ فَإِذَا رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا فَلا تُزَعْزِعُوهَا وَ لا تُزَلْزِلُوهَا و ارْفُقُوا )

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله [ كما في فتح الباري 9/113 ] : يُستفاد من هذا الحديث أنَّ حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته ، و فيه حديث ( كسْرُ عَظْمِ المؤمن ميْتاً كَكَسرِهِ حياً ) أخرجه أبو داود و ابن ماجه و صححه ابن حبان . اهـ .

كما أُمرنا بتكريم أموات المسلمين، وذلك بتغسيلهم والصلاة عليهم والإسراع بدفنهم، والدعاء والاستغفار لهم والتصدق عنهم، وزيارة قبورهم والسلام عليهم في مقابرهم، وعدم المشي على قبورهم أو نبشها على ما سبق بيانه.

والأدلة على تعظيم الأنبياء والصالحين وسائر المؤمنين كثيرة جدا، وهذا كله بخلاف حال الأصنام التي ذمها الله وذم عابديها في كتابه، وكم من الآيات تبين عوار هذه الأصنام وتقبحها وتحتقرها وتشتمها، وتبطل إلهيتها المزعومة، وتأمرنا باجتنابها، وتحث على تحطيمها، قال تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } [الأنبياء: 98]، وقال : { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } [الأعراف: 195]، وقال : {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ } [الحج: 30]، وقال: { وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ } [الأنبياء: 57ـ 58]،

وجاء في تفسير ابن كثير (5/ 448) عند قوله تعالى ” {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ } [الأنعام: 108]”: يقول الله تعالى ناهيا لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن سب آلهة المشركين وإن كان فيه مصلحة إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين وهو ” الله لا إله إلا هو ” كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية قالوا يا محمد لتنتهين عن سبك آلهتنا أو لنهجون ربك فنهاهم الله أن يسبوا أوثانهم ” فيسبوا الله عدوا بغير علم ” وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة كان المسلمون يسبون أصنام الكفار فيسب الكفار الله عدوا بغير علم فأنزل الله ” ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله “.اهـ

والحاصل أن الله عظّم الأنبياء والأولياء والمؤمنين وأمر بتوقيرهم وحرّم وسبّهم وإيذاءهم ولو بالكلمة، وأما الأصنام فذمّها وعابها وأمر باجتنابها وبتكسيرها؛ فإذا كان الأمر كذلك فكيف تقيسون الأنبياء والأولياء على الأصنام والأوثان في مسائل القبور ـ ولاسيما مسألة الطواف حول القبور ـ وتجعلون كلها سواء في التحريم والشرك، مع أن الشارع فرّق بينهم أيما تفريق، ولو كان القياس جائزا هنا لكان الأولى بهذه المسائل الجواز أو الندب لا العكس كما زعمتم، على ما سبق بيانه؟!

فثبت مما تقدم أن مفهوم ابن تيمية لما يسميه …….انتظره

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*وانظر السابق: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/437871379660223/

السابق
(5) التقرب إلى الله زلفى في تفسير قوله تعالى “مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى”*
التالي
(13) التقرب إلى الله زلفى في تفسير قوله تعالى “مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى”*