(شبهات حول الأشاعرة)
نعم، هكذا زعم ابن تيمية وأتباعه ومنهم د.سفر الحوالي، وإليك ما قاله الحوالي مع الرد عليهم نظريا وتطبيقيا ، وذلك من كتاب د.صلاح الدين الإدلبي في كتابه عقائد الأشاعرة للشيخ صلاح الدين الإدلبي (ص: 150):
الموضوع الحادي عشر: التأويل
قال الباحث:
[ومعناه المبتدَع: صرف اللفظ عن ظاهره الراجح إلى احتمال مرجوح لقرينة ، فهو بهذا المعنى تحريف للكلام عن مواضعه] .
ثم قال: [وهو أصل منهجي من أصول الأشاعرة ، … وضرورته لمنهج عقيدتهم أصلها أنه لما تعارضت عندهم الأصول العقلية التي قرروها بعيداً عن الشرع مع النصوص الشرعية وقعوا في مأزق رد الكل أو أخذ الكل ، فوجدوا في التأويل مهرباً عقلياً من التعارض الذي اختلقته أوهامهم ، ولهذا قالوا إننا مضطرون للتأويل وإلا أوقعنا القرآن في التناقض]. وأضاف قائلاً: [فأي تناقض في كتاب الله يا مسلمون نضطر معه إلى رد بعضه أو الاعتراف للأعداء بتناقضه؟!] .
ثم قال: [وهنا لا بد من زيادة التأكيد على أن مذهب السلف لا تأويل فيه لنص من النصوص الشرعية إطلاقاً ، ولا يوجد نص واحد ـ لا في الصفات ولا غيرها ـ اضطر السلف إلى تأويله] .
ثم قال: [وإن تعجب فاعجب لهذه اللفظة النابية التي يستعملها الأشاعرة مع النصوص ، وهي أنها توهم التشبيه ولهذا وجب تأويلها ، فهل في كتاب الله إيهام؟ ! أم إن العقول الكاسدة تتوهم والعقيدة ليست مجال توهم؟ !] .
ثم قال: [أما دعوى أن الإمام أحمد استثنى ثلاثة أحاديث وقال لا بد من تأويلها فهي فرية عليه افتراها الغزالي في الإحياء وفيصل التفرقة] .
__________
(1) نهاية الإقدام في علم الكلام للشهرستاني: ص 370 ، 379 – 380 .
**********************************************************
ثم قال: [فلماذا يكون تأويلُ الأشاعرة لعلو الله ـ الذي تقطع به العقول والفطر والشرائع ـ تنزيهاً وتوحيداً وتأويلُ الباطنية للبعث والحشر كفراً وردة؟ ! أليس كل منهما رداً لظواهر النصوص مع أن نصوص العلو أكثر وأشهر من نصوص الحشر الجسماني ؟!] .
أقول:
1- يجيز الأشاعرة صرف اللفظ عن ظاهره الراجح إلى احتمال مرجوح لدليل يقترن باللفظ فيصرفه عن ظاهره ، وهذا الدليل هو الذي قد يسمى عندهم “قرينة” ، فأما صرف اللفظ عن ظاهره لغير دليل فلا يجوز ، وهذا هو الذي يعد تحريفاً ، أما “التأويل الصحيح” الذي يشهد له دليل بالصحة فلا شك في وجوب قبوله ، ومن الانحراف أن يطلق عليه لفظة “التحريف” .
واستمع إلى الإمام الباقلاني وهو يقول في معرض مناقشة المعتزلة والرد عليهم: [وذلك أن هذا عدول عن الظاهر إلى غيره بغير دليل] [ (1) ] . أي: فلا يجوز .
وقال فخر الدين الرازي: [إذا كان لفظ الآية والخبر ظاهراً في معنى فإنما يجوز لنا ترك ذلك الظاهر بدليل منفصل ، وإلا لخرج الكلام عن أن يكون مفيداً ولخرج القرآن عن أن يكون حجة] . ثم قال: [صرف اللفظ عن ظاهره إلى معناه المرجوح لا يجوز إلا عند قيام الدليل القاطع على أن ظاهره محال ممتنع] [ (2) ] .
وقال تاج الدين السبكي في أوائل مباحث “الكتاب” من جمع الجوامع: [ولا يجوز ورود … ما يُعنى به غير ظاهره إلا بدليل] . ثم قال في مبحث الظاهر والمؤول من مباحث “الكتاب” : [الظاهر ما دل دلالة ظنية ، والتأويل حمل الظاهر على المحتمل المرجوح ، فإن حُمل لدليل: فصحيح ، أو لما يُظن دليلاً: ففاسد ، أو لا لشيء: فلعب ، لا تأويل] [ (3) ] .
__________
(1) الإنصاف للباقلاني: ص 178 .
(2) أساس التقديس للرازي: ص 234 ، 235 .
(3) جمع الجوامع: ص 131 ، 151 .
***************************************
فانظر ـ رحمك الله ـ إلى تمسك الأشاعرة بظاهر ما يدل عليه اللفظ ، وإلى أن الخروج عن ظاهر اللفظ إنما يصح عند قيام الدليل القاطع على أن ظاهره محال ممتنع ، وهو ما يطلقون عليه “التأويل الصحيح” ، أما الخروج عن ظاهر اللفظ لما يظنه المرء دليلاً دون أن يكون في حقيقة الأمر دليلاً فهو “التأويل الفاسد” ، وأما الخروج عن ظاهر اللفظ لا لدليل ولا لشبهة دليل فهذا لعب ، وليس من التأويل في شيء ، وهو الذي يجب أن نطلق عليه أنه “تحريف للكلام عن مواضعه” ، فلا تخلط ـ هداك الله ـ بين التأويل الصحيح وبين غيره من التأويل الفاسد والتحريف .
2 ـ وأضرب لك مثالاً على التأويل الصحيح عند الأشاعرة……….انتظره
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/401046483342713