سبق أن نشرتُ منشورين عن الألباني ـ رحمه الله ـ وكتابه “صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم” وأنه دعا فيه لتقليده حين قال ” إن كتابنا هذا لمَّا جمع السنن الثابتة عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صفة صلاته ؛ فلا عذر لأحد في ترك العمل بها ” … فراح بعضُ الإخوة يماري في ذلك ويجادل ويدافع عن كتاب الألباني ويثني عليه[1]… وقد رددت عليه في منشور سابق[2]….والآن بين يدي رسالة جامعية قامت بدراسة موضوعية لكتاب الألباني “صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم” ومؤلف الرسالة من محبي الألباني وليس من خصومه[3] …. !!! فتعالوا لنرى الآن وزن كتاب الألباني الذي طبّل له الألباني ـ رحمه الله ـ وشيعتُه، وقال عنه الألباني “لا عذر لأحد في ترك العمل بها” ……!!!!!
لقد قامت الباحثة هند أكني بإعداد رسالة ماجستير بعنوان “الاختيارات الفقهية للألباني من خلال كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ” وهي رسالة ضخمة تتألف من 576 صفحة، وبذلت فيها مجهودا ضخما، ولا يتسع المجال لبسط ما في هذه الرسالة فهي تحتاج إلى قراءة متأنية….!!! ولكن حاليا يكفي أن تنظر في فهرس الرسالة فحينها ستتلاشى تلك الهالة العظمى التي صنعها الألباني لكتابه في مقدمته وأوجب العمل به ولم يجعل لأحد عذرا في تركه …..!!!!وذلك لأنك سوف تعلم حين تنظر في فهرس هذه الرسالة[4] أن الألباني الذي قال عن كتابه أنه تفرغ له وأنه جمع فيه ما لم يجمعه أحد وما لا يستطيعه كثير من العلماء فضلا عن العوام….!!! وأنه لا يحوي إلا الأحاديث الثابتة ولذلك لا عذر لأحد في تركه[5] ……… ستعلم أن كل هذا الذي قاله الألباني عن كتابه كلاما للترويج له فقط …. !!!!!
إذ إن فهرس رسالة الباحثة هند سيبين لك أن كتاب الألباني يعج بالمسائل الفقهية الخلافية، وكثير منها اشتد فيها الخلاف بين الفقهاء من لدن الصحابة إلى عصرنا، ولهم فيها آراء عديدة وذلك لتعارض الأدلة ونحو ذلك من أسباب الخلاف…. غاية ما فعله الألباني أنه اختار رأيا منها ورجحه بأدلة ـ عارضها أخرى غالبا ـ ثم أضفى على رأيه القداسة فلم يجعل لأحد عذرا في مخالفته لأنه ـ بنظره ـ يخالف بذلك الرسولَ صلى الله عليه وسلم …!!!! وسيتبين لك أيضا أن كثيرا من الآراء التي رفضها الألبانيُّ ورجح غيرَها هي آراء قوية ولها أدلة ناهضة تعمّد الألبانيُّ أن لا يبرزها بل أهمل تلك الآراء أصلا كما قالت الباحثة ، كما في الصورة 6.بل سيتبين لك أن هذه المسائل ليس فيها خلاف فقهي فقط… بل هي أيضا مبنية أصلا على مسائل خلافية شائكة في علمي أصول الفقه ومصطلح الحديث .
لذلك قامت الباحثة هند بتقسيم رسالتها إلى بابين :الباب الأول جعلته بعنوان: اختيارات الألباني الفقهية التي تنبني على مسائل على مسائل تتعلق بأصول الحديث (أي مصطلح الحديث). وجعلتَ هذا البابَ في فصولٍ، منها فصْل في المسائل المبنية على زيادة الثقة وضربت عدة أمثلة على ذلك منها مسألة: رص العقبين في السجود .ومنها مسألة : محل تأمين المأموم.
وفصْلٌ جعلته بعنوان: اختياراته في مسائل فقهية تنبني على اختلافهم في تصحيح الأحاديث وتضعيفها .وضربت على ذلك عدة أمثلة منها كيفية الهوي إلى السجود. وفصْل جعلته بعنوان: : اختياراته في مسائل فقهية تنبني على اختلافهم في العمل الضعيف، وضربت عليه أمثلة.
والباب الثاني جعلته بعنوان: اختيارات الألباني الفقهية التي تنبني على مسائل على مسائل تتعلق بأصول الفقه.وجعلته على فصول، فصْل بعنوان: اختياراته في مسائل فقهية تنبني على اختلافهم في توجيه دلالة الأمر.وضربت على ذلك أمثلة كثيرة منها ثمانية أمثلة خالف فيها الألباني عامة العلماء حسب كلام الباحثة ….منها هيئة الركوع. وفصْل جعلته في : اختياراته في مسائل فقهية تنبني على اختلافهم في كيفية توجيه وفهم دلالات النصوص وأخرى في كيفية دفع التعارض…. وضربتْ على ذلك عدة أمثلة.وفصْل جعلتْه في : اختياراته في مسائل فقهية تنبني على معارضة خبر الواحد لبعض القواعد الأصولية…. وضربتْ على ذلك عدة أمثلة.وكل هذا تناولته الباحثةُ هند مع بسط الخلاف في هذه المسائل وبيان أدلة كل فريق مع المناقشة والترجيح بكل موضوعية وكثيرا ما كانت الباحثة ترجّح خلافَ ما ذهب إليه الألبانيُّ وتُبيّن أن …
وانظر اللاحق: https://drwaleedbinalsalah.com/2-وزن-كتاب-الألبانيصفة-صلاة-النبي-صلى-ا/
===========================
[1] والغريب أن يبرأه أيضا من نهيه للناس عن تقليد الأئمة ، حيث قال هذا الأخ معلقا على الحالة السابقة: ” ابحث شهرا وائتني بكلمة من أحدهم قال اتركوا مذاهب الأئمة “، وأنا أقول للأخ لا تنتظر شهرا ولا أدنى من ذلك ، فقد نقلتُ نصوصا كثيرة للألباني في أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (1/ 32) على نبذ التقليد مستشهدا بكلام الأئمة أنفسهم أنهم نهوا عن تقليدهم ـ الذي خالفهم الألباني حين لم يجعل لأحد عذرا في ترك كتابه ـ ومن ذلك ما نقله عن أحمد بن حنبل: ” لا تقلدني، ولا تقلد مالكاً، ولا الشافعي، ولا الأوزاعي، ولا الثوري،وخذ من حيث أخذوا “، ونقل عنهأيضا قوله: ” رأي الأوزاعي، ورأي مالك، ورأي أبي حنيفة؛ كله رأي، وهو عندي سواء، وإنما الحجة في الآثار”.اهـ وربما سيماري هذا الأخ ويقول : الألباني إنما قصد أن لا تقلدهم تقليدا أعمى وإنما تنظر في المسألة وتنظر ماذا قال الأئمة فيها وتنظر في أدلتهم وتأخذ بالأرجح ….. !!!!!قلنا: إذا وصلتَ إلى هذه الدرجة فربما هُم من يجب عليهم أن يقلدوك…لأنك حينها أنت أعلم منهم بكثير ….!!!!!وقد بسطت هذا في رسالتي للدكتوراة، انظر: https://www.facebook.com/Soufiahdrmut/posts/517467028290840
[2] https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=435588403284424&id=100004998042091&pnref=story
[3] كما يتضح ذلك من إهداء الرسالة ومقدمتها، كما في الصورة أدناه: 1،8، ولم أستشهد هنا بكتاب ” صحيح صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تنظر إليه، للشيخ حسن السقاف، الذي عارض بكتابه هذا كتابَ الألباني ورد عليه، لئلا يقال إن السقاف كان خصما للألباني.
[4] وقد صورتُ الفهرس، انظر الصور أدناه: 2، 3، 4، 5.
[5] فقال الألباني في أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (1/ 15): ولما كان معرفة ذلك على التفصيل يتعذر على أكثر الناس – حتى على كثير من العلماء -؛ لتقيدهم بمذهب معين، وقد عَلِمَ كل مشتغل بخدمة السنة المطهرة – جمعاً وتفقهاً – أن في كل مذهب من المذاهب سُنَناً لا توجد في المذاهب الأخرى، وفيها جَميعِها ما لا يصح نسبته إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ من الأقوال والأفعال، وأكثر ما يوجد ذلك في كتب المتأخرين….. ولما كنت لم أقف على كتاب جامع في هذا الموضوع ….إن كتابنا هذا لمَّا جمع السنن الثابتة عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صفة صلاته؛ فلا عذر لأحد في ترك العمل بها؛ لأنه ليس فيه ما اتفق العلماء على تركه – حاشاهم من ذلك -….اهـ
قال وليد ابن الصلاح: لو أن الألباني تواضع قليلا وقال ـ كما يقول سائر الباحثين في رسائلهم الجامعية ـ مثلا: لقد بذلتُ في كتابي هذا كل جهدي مستعينا بالله، وحاولتُ فيه الترجيح في المسائل الخلافية على قدر استطاعتي وحسب ما بدا لي، على قصورٍ في رأيي وعلمي، فما فيه من صواب فمن الله، وما فيه من خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بَراء….ومن رأى أني وُفّقت فيه فليتبع ما فيه من صواب، وإلا فليرشدني إلى ما أخطأت فيه مأجورا….!!!!
فلو أن الألباني قال ذلك لما أنكر عليه أحد … أما أن يُعظّم كتابَه ويجعله منزلا بحيث لا يكون لأحد العذر في تركه … فهذا هو محل الإنكار …. والمضحك أن الألباني قال في مقدمة كتابه أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (1/ 23): ومن المفيد أن نسوق هنا ما وقفنا عليه منها أو بعضها، لعلَّ فيها عظةً وذكرى لمن يقلدهم – بل يقلد من دونهم بدرجات – تقليداً أعمى، ويتمسك بمذاهبهم وأقوالهم ؛ كما لو كانت نزلت من السماء.اهـ قال وليد: إذن لماذا جعلتَ كتابك مُنزّلا ولم تجعل لأحد عذرا في مخالفته…؟!!!!