مقالات قيمة في التفويض

[13] هل تعلم أن اللاءات التي يرددها ابن تيمية في كتبه ويستشهد بها وينسبها للسلف وهي: “نثبت الصفات بلا تمثيل ولا تعطيل ولا تكييف ولا تأويل” هي عبارة ملفقة ومبتورة ومتلاعَب فيها؟!

‘‘‘‘‘إمام المحدثين أحمد بن حنبل ( 241 هــــــــــ ) :

ومتبعو ظواهر المتشابهات يحتجون بالإمام أحمد ، ولذلك سنطيل الكلام هنا كما أطلناه عند الإمام مالك .

هل مذهب أحمد حمل النص على الظاهر اللغوي أم تفويض التفسير ؟ هل مذهب أحمد الحمل على الحقيقة اللغوية أم مذهبه عدم العلم وتفويض العلم لله في هذه النصوص ؟

هل مذهب أحمد الخوض في ظواهر المتشابهات أم مذهبه تفويض معناها لله؟

لكي نعرف كل هذا يجب علينا أن نستند لنصوص الإمام أحمد نفسه ، ولنصوص كبار أئمة المذهب الحنبلي .

فإذا ما ثبت بهاتين الطريقتين أن مذهب أحمد هو أحد هاتين الدعوتين وجب المصير إليها .

فإليكم إثبات ما نعتقده بهاتين الطريقتين :

الطريقة الأولى : نصوص الإمام

النص الأول :

يجب أن نفهم أولا أن الذي نهى عنه السلف الصالح في المتشابهات هو أن يُحمل الاستواء وغيرها مما أضيف لله على المعنى الذي يخطر على أذهان البشر ، والمعنى الذي يخطر في أذهان المتخيلين الموسوَسين من الاستواء هو الاستقرار والجلوس والقعود واتخاذ المكان والحلول وغيرها من المعاني التي تخطر بالبال والتوهمات والتخيلات فهل هذا كان مذهب الإمام أحمد ؟

يقول الإمام أحمد في الاستواء : استوى كما أخبر ، لا كما يخطر ببال البشر . [1]

والذي يخطر ببال البشر من الاستواء على العرش هو الجلوس والاستقرار وأن الله له حد وغاية ونهاية وجهة . ومتبعو المتشابهات قد صرحوا بالنص على أنهم يعتقدون هذه المعاني في حق الله كلها والعياذ بالله .

والذي يخطر ببال البشر من معنى النزول هو الهبوط من أعلى إلى أسفل ، وهذه شتيمة لذي الجلال والإكرام ، ومع ذلك صرح بعض المجسمة بتفسير النزول بها وقالوا عندما سئلوا : كيف ينزل ؟ قالوا : ينزل بذاته ، وقالوا عندما سئلوا : كيف نزوله ؟ قالوا : نزوله نزول حقيقي .

والسلف عندما سئلوا عن النزول لم يقولوا هذا ، بل قالوا : بلا كيف والسؤال عنه بدعة .

فكيف يكون منهج هؤلاء منهج سلفي يا معشر العقلاء ؟

النص الثاني : يقول الإمام أبو الفضل التميمي رئيس الحنابلة ببغداد ( 410 هـــــــــــــــ ) عن أحمد : وسُئل قبل موته بيوم عن أحاديث الصفات فقال : تمر كما جاءت ويؤمن بها ، ولا يرد منه شيء إذا كانت بأسانيد صحاح ، ولا يوصف الله بأكثر مما وصف به نفسه ، بلا حد ولا غاية ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، ومن تكلم في معناها ابتدع . [2]

فهذا هو مذهب أحمد ، تفويض معنى هذه النصوص إلى الله ، وأنه لا يعلم تأويلها إلا الله مع القطع بالتنزيه التام لما قد يُفهم من النصوص من معاني التجسيم كالحد والغاية ونحوها ، فهو لا يجيز حملها على المعنى المتبادر ، ولا يجيز البحث عنها بالمعاني المجازية .

النص الثالث :

يظن متبعو المتشابهات أن هذا يتعارض مع الإيمان بالصفات فتجدهم يقولون : كيف نؤمن بنصوص ونحن لا نعرف معناها ، وتكون الإجابة أننا فنحن نؤمن بها إجمالا ونفوض تفسيرها . وهذا ليس قولنا بل هو قول الإمام أحمد نفسه .

قال أحمد في ” أصول السنة ” : ومن لم يعرف تفسير الحديث ، ويبلغه عقله ، فقد كفي ذلك ، وأحكم له ، فعليه الإيمان به والتسليم له . [3]

فالذي لا يفهم تفسير النص ولم يعقل معناه فيكفيه – بنص أحمد – الإيمان الإجمالي والتسليم الغيبي به ، فنحن نؤمن بالنصوص المتشابهات إجمالًا وإن لم نعلم تفسيرها .

وكل هذه النصوص عن أحمد تثبت ما قلناه من أن اعتقاد الأسلاف تفويض تفسير المتشابهات ، وليس حملها على المعنى الظاهر اللغوي .

النص الرابع :

يقول أحمد فيما تشابه من نصوص الصفات : نؤمن بها ونصدق بها ، لا كيفَ ولا معنًى ، ولا نرد شيئا منها ونعلم أن ما جاء به الرسول حق ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية . [4]

وهي رواية صحيحة ، وراويها عن الإمام أحمد هو ابن عمه الإمام الحافظ الحجة حنبل بن إسحاق [5] وهي صريحة في تفويض المعنى .

النص الخامس :

أخرج الخلال بإسناد صحيح قول أحمد في حق الله ونصوص الصفات : لا يبلغ وصفه الواصفون وهو كما وصف نفسه ، نؤمن بالقرآن مُحكمه ومتشابهه ، كل من عند ربنا قال الله عز وجل : { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا } الآية ، فنترك الجدال والمراء في القرآن ، ولا نجادل ولا نماري فيه ، ونؤمن به كله . ونرده إلى عالمه إلى الله تبارك وتعالى فهو أعلم به . منه بدأ وإليه يعود . [6]

النص السادس :

في المسودة لآل تيمية عن أحمد قال : والإيمان بما صح عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم مع التنزيه عن التشبيه والتجسيم والتكييف والتمثيل والتفسير والتأويل والتعطيل وكل نقص . [7]

وهذا يهدم دعوى المجسمة : السلف لم يرد عنهم نفي التجسيم ولم يفوضوا التفسير بل السلف هم سلفنا في ذلك .

– وهذا لأن التابعين كانوا يتوجسون من الخوض في المتشابهات حتى أن الإمام أحمد قال : آيات الصفات وأحاديث الصفات صناديق مقفلة مفاتيحها بيد الله . [8]

النص السابع :

يقول الإمام أحمد : أحاديث الصفات تمر كما جاءت ، من غير بحث على معانيها ، وتخالف ما خطر بالخاطر عند سماعها . [9]

الطريقة الثانية في فهم مذهب أحمد ……’’’’’’ انتظره

كذا من بحث بعنوان “الأخبار المتشابهات سبيل سلف الأمة وطريق العلماء الأئمة” للأخ الفاضل يوسف زمزم

وانظر السابق: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/507757446004949/

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] دفع شبه من شبه وتمرد للحصني [ 17 ] ط المكتبة الأزهرية ، وأقاويل الثقات للكرمي [ 1 / 121 ] ط الرسالة ، لوامع الأنوار البهية للسفاريني [ 1 / 200 ] ط الخافقين

[2] اعتقاد أحمد للتميمي [ 87 ] ط الكتب العلمية

[3] أصول السنة لأحمد [ 19 ، 20 ] ت الوليد بن محمد نبيه

[4] لمعة الاعتقاد لابن قدامة [ 45 ] ط الدار السلفية ، ذم التأويل لابن قدامة [ 22 ] ط الدار السلفية

[5] إبطال التأويلات لأبي يعلى [ 45 ] ط إيلاف

قال وليد: وقد بسطت الكلام على هذه الرواية على: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/502454313201929/

[6] السنة للخلال [ 6 / 25 ] ط الراية

[7] المسودة لآل تيمية [ 458 ] طبعة الكتاب العربي

[8] نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي [ 4 / 239 ] ط الكتاب الإسلامي

[9] نهاية المبتدئين لابن حمدان [ 33 ] ط الرشد

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/677196332394392/

السابق
[9] هل تعلم أن عبارة اللاءات التي يرددها ابن تيمية في كتبه ويستشهد بها وينسبها للسلف وهي: “نثبت الصفات بلا تمثيل ولا تعطيل ولا تكييف ولا تأويل” هي عبارة ملفقة ومبتورة ومتلاعَب فيها؟!*
التالي
[2] هل تعلم أن عبارات اللاآت التي يرددها ابن تيمية في كتبه ويستشهد بها وينسبها للسلف وهي: “نثبت الصفات بلا تمثيل ولا تعطيل ولا تكييف ولا تأويل” هي عبارة ملفقة ومبتورة ومتلاعَب فيها؟! (مصحح)