الرد على النصارى

[1] فِرق النصارى وطوائفهم / اليعاقبة أو اليعقوبية الأرثوذكس

[1] فِرق النصارى ……..
(الدورة 4، مقارنة أديان)
‘‘‘‘اعلم أنّ فرق النصارى كثيرة ولكن المشهور منهم الآن ثلاث فرق: اليعاقبة والروم والنسطور(2). وعقائدهم في الإله مختلفة وآراؤهم متباينة ومقالاتهم متناقضة، ولم أر لهم قدماً يثبت ولا قاعدة تستقر في هذه الدعوى، وسبب خبطهم أن كلاًّ منهم يريد أن يفرِّع عن أصل مستحيل؛ مذهباً صحيحاً جائزاً عند العقلاء(3) وما ذلك إلاّ كقول القائل:
ومتى كان في الأنابيب خلف … وقع الطيش في صدور الصِعَاد
الفرقة الأولى:


(1) في ص، م: ثلاثة، والتصويب من المحقِّق.
(2) في م: النسطورية.
(3) إن اتّحاد اللاهوت بالناسوت – حسب اعتقاد النصارى – غير معقول؛ لأنه بعد الاتّحاد إما أن يكونا اثنين كما كانا، أو صار الاثنان واحداً. فإن كانا اثنين كما كانا فلا اتّحاد، بل هما متعددان، كما كانا متعددين، وإن كانا قد صارا شيئاً واحداً، فإن كان هذا الواحد هو أحدهما فالآخر قد عدم. وهذا عدم لأحدهما لا اتّحاده. وإن كان هذا الذي صار واحداً – ليس هو أحدهما – فلا بدّ من تغييرهما واستحالتهما، وإلاّ فلو كانا بعد الاتّحاد اثنين بَاقِيَيْنِ بِصِفَاتِهِمَا لم يكن هناك اتّحاد. (ر: الجواب الصحيح 2/267، النصيحة الإيمانية ص 144، 145، تنقيح الأبحاث ص 54، 55 لابن كمونة، إظهار الحقّ ص 337).


فرقة يعقوب السروجي ويسمى البرادعي أيضاً. ادّعت أنّ المسيح أصاره الاتّحاد طبيعة واحدة وأقنوما واحداً(2)
قالوا: لأن طبيعة اللاهوت تركبت مع طبيعة الناسوت كما تركبت نفس الإنسان بجسده فصار إنساناً واحداً فكذلك المسيح. فالمسيح عندهم إله كلّه وإنسان كلّه وله طبيعة واحدة. / (2/17/أ) وهو يفعل بها ما يشبه أفعال الإله وما يشبه أفعال الإنسان وهو [أقنوم] واحد، [والأقنوم]…………انتظره.
كذا في “تخجيل مَن حرَّف التّوراة والإِنجيل”
للإمام القاضي أبي البقاء صالح بن الحسين الجعفري الهاشمي
المتوفَّى سنة 668هـ
دراسة وتحقيق: د/ محمُود عبد الرّحمن قدح


(1) في ص (وقنوما)، وهو خطأ يكرره الناسخ كثيراً. والصواب ما أثبتّه.
(2) اليعقوبية: أتباع المذهب القائل بأنّ المسيح طبيعة واحدة – من طبيعتين لاهوتية وناسوتية – ومشيئة واحدة. (المونوفيزيتية MONOPHSIYES)، وأوّل من قال به أوطاخي (أوتيكيس EUTYCHES)، وهو رئيس ديربالقرب من القسطنطينية. وقد أنكر هذا القول فلافيان FLAVIAN بطريك القسطنطينية وعقد مجمعاً محليّاً لإنكار هذه المقالة وحرمان قائلها أوتيكس من الكنيسة، إلاّ أن الراهب لجأ إلى بطريق الإسكندرية ديسقورس، الذي أقنع الأمبراطور ثودوسيوس الصغير بعقد مجمع أفسس الثاني سنة 449م برئاسة ديسقورس. وصدر قرار المجمع بإعلان مذهب الطبيعة الواحدة ولعن من يخالفه، إلاّ أنّ هذا القرار أغضب البابا (ليو الأوّل) الذي أطلق على المجمع السابق اسم: (مجمع اللصوص) وعقد مجمعاً آخر من خلقيدونية سنة 451م قرر فيه تأييد ازدواج طبيعة المسيح وإبطال قرار المجمع السابق. ولعن يسقورس ومن شايعه ونفيه إلى فلسطين. ومن هذا المجمع افترق النصارى إلى ملكية ممن تبعوا مذهب الملك مرقيانوس – إمبراطور الروم الذي أمر بانعقاد المجمع ـ. ويعقوبية على مذهب ديسقورس المنفي.
وقد اشتهر تسمية أتباع المذهب باليعقوبيين نسبة لى يعقوب البرادعي (JACOB BARADOS) الذي ظهر في القرن 6م، فكان داعية لهذا المذهب بليغ الأثر، جزئياً في الجهر برأيه.
وقيل: نسبة إلى ديسقورس الذي كان اسمه قبل بطريكيته: (يعقوب)، فكان يكتب – وهو في منفاه – إلى أصحابه أن يثبتوا على أمانة المسكين المنفي يعقوب.
وقد أخذت بهذا المذهب ثلاث كنائس من الكنائس التي سمت نفسها (الأرثوذكسية ORTODOXE) وهي كلمة يونانية معناها: (الرأي الصحيح المستقيم). وقد استخدم القساوسة اليونانيون هذا الاصطلاح في القرن الرابع الميلادي – وهذه الكنائس الثلاث هي: 1- الكنيسة الأرثوذكسية في مصر والحبشة. 2- الكنيسة الأرثوذكسية السريانية ويتبعها كثير من مسيحي آسيا. 3- الكنيسة الأرثوذكسية والأرمنية موطنها أرمنيا. (من بلاد روسيا). (ر: قصة الحضارة 12/96، 102، 103، 233، ول ديورانت، موجز تاريخ المسيحية ص 318-323، يسطس الديوري، دائرة المعارف البريطانية 7/597-598، قاموس أكسفورد للكنيسة النصرانية ص 931، 932، 1014، خطط المقريزي 2/488، النصيحة الإيمانية ص 127-130،نصر المتطبب،الأسفار المقدسة ص 132،133،د. عبد الواحد وافي).
وأصحاب هذا المذهب يزعمون أن مريم ولدت الله – تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً – وأنه صلب متجسداً وسُمِّر ومات ودفن ثم صعد إلى السماء، وإليهم أشار القرآن الكريم فقال تعالى: { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ…}. [سورة المائدة، الآية: 17، 72].

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/457961890984505/

=================================

[2] فِرق النصارى والرد عليها……..*
(الدورة 7، مقارنة أديان)
‘‘‘‘الفرقة الأولى:فرقة يعقوب السروجي ويسمى البرادعي أيضاً. ادّعت أنّ المسيح أصاره الاتّحاد طبيعة واحدة [وأقنوما] واحداً قالوا: لأن طبيعة اللاهوت تركبت مع طبيعة الناسوت كما تركبت نفس الإنسان بجسده فصار إنساناً واحداً فكذلك المسيح. فالمسيح عندهم إله كلّه وإنسان كلّه وله طبيعة واحدة. / (2/17/أ) وهو يفعل بها ما يشبه أفعال الإله وما يشبه أفعال الإنسان وهو [أقنوم] واحد، والأقنوم هو الشخص، والأقانيم هي: الأشخاص. ومجرد حكاية هذا المذهب يكفي في الرّدّ عليه؛ إذ حاصله أنّ الإله هو الإنسان والإنسان هو الإله.
وسبيل الرّدّ على هذه الفرقة:
أن يقول لهم: أخبرونا عن هاتين الطبيعتين اللتين أصارهما الاتّحاد طبيعة واحدة، هل تغيرت كلّ واحدة عما كانت عليه قبل التركيب أم لا؟
فإن زعمت أنهما لم يتغيرا بل بقيت طبيعة الإله بحالها وطبيعة الإنسان أيضاً بحالها؛ فقد نقضوا مذهبهم ورجعوا عن قولهم إلى قول من يقول: إن المسيح بعد الاتّحاد كَهُوَ قبل الاتّحاد. وسيأتي الكلام عليه.
وإن زعمت أن الطبيعتين قد صارتا طبيعة ثالثة، لا تشبه واحدة من الأوليين، فهذا تصريح بأنّ هذه الطبيعة لا إله ولا إنسان. فكان ينبغي على سياق هذا القول أن لا يصفوا المسيح بأنه إله ولا يصفوه بأنه إنسان؛ بل شيء آخر غريب عجيب؛ وذلك / (2/17/ب) لأن الطبيعتين كانتا قبل التركيب إلهاً كاملاً وإنساناً كاملاً، فإن كان التركيب قد أخرجهما إلى طبيعة غيرهما لم تكن تلك الطبيعة لا إلهاً ولا إنساناً. فإن زعموا أنّهما كانتا قبل التركيب كاملتين، والتركيب لم يخرجهما عن الكمال بل بقي المسيح إلهاً كاملاً وهو بعينه إنسان كامل، فقد تحامقوا إذ زعموا أنّ القديم هو بعينه الحادث، وأنّ الزَّمني هو بنفسه الأزلي؛ وذلك بمثابة قول القائل: إن الحركة هي السكون وأنّ السواد هو البياض. وذلك هو الجنون.
الحجّة الثّانية: الجمع بين الجوهرين(2)، [والأقنومين] في الجوهرية [والأقنومية] يوجب كون الطبعين طبعاً واحداً [والأقنومين] أقنوماً واحداً. فيسقط القول فيه بالدنايا إن كان المسيح إلهاً. أو يسقط القول بظهور الآيات إن كان المسيح إنساناً(3)


*انظر السابق: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/457961890984505/
(1) في ص، م: (إله كامل) وهو خطأ، والتصويب من المحقِّق.
(2) الجوهر: ما قام بنفسه. فهو متقوم بذاته ومتعين بماهيته. وهو المقولة الأولى من مقولات أرسطو، وبه تقوم الأعراض والكيفيات ويقابل العرض. (ر: المعجم الفلسفي ص 64).
(3) زيادة في الإيضاح نورد هذه الحجّة بصيغة أخرى، فنقول: إن اليعقوبية إذا قالوا: إن المسيح جوهر من جوهرين وأقنوم من أقنومين، لا يخلو أن يقولوا: إن أحدهما أبطل الآخر وأخرجه عما كان عليه عند الاتّحاد. أو كل واحد منهما بحاله لم يتغير ولم يبطل الآخر. فإن قالوا: إن كلّ واحد منهما لم يتغير عما كان عليه، فخرجوا عن قولهم إلى النسطورية في أنهما باقيان بحالهما بعد الاتّحاد. وظاهر أن ذلك ليس باتّحادٍ.
وإن قالوا: إن أحدهما قد غيَّر الآخر وأبطله كانوا قد أقروا ببطلان الإله، ولزمهم أن يكون المسيح لا قديماً ولا محدثاً، ولا إلهاً ولا غير إله. إذا كان كلّ واحد منهما قد خرج عما كان عليه إلى مشابهة الآخر. والعيان شاهد بأن ناسوت المسيح على ما كان عليه ناسوت غيره من الناس. فإن قالوا: اللاهوت أبطل الناسوت، كان العيان يبطل قولهم فإن ناسوت المسيح مثل ناسوت غيره في الجسمية واللحمية. وإن قالوا: الناسوت أبطل اللاهوت لزمهم أن يكون المحدث يبطل القديم. وهذا لا يجوز؛ إذ اللاهوت هو الذي يُؤثِّر في غيره. وغيره يمتنع أن يُؤثِّر فيه. (ر: تنقيح الأبحاث ص 56 لابن كمونه اليهودي، النصيحة الإيمانية ص 144-146، نصر المتطبب).


. فبطل القول بكونه طبعاً واحداً [وأقنوماُ] واحداً.
الحجّة الثّالثة: لو قد صار الجوهران واحداً للزم أن يكون القديم هو الحادث من الوجه الذي هو قديم، / (2/18/أ) والمحدث قديماً من الوجه الذي هو محدث. فبطل أن يكونا صارا واحداً.
الحجّة الرّابعة: هذا الرأي(2) من اليعقوبية مردود بأقوال المسيح في الإنجيل حيث يقول: “أنا ذاهب إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم”(3). ففرق بين الذاهب والذي يذهب إليه. فبطل أن يكونا قد صارا واحداً، وإلاّ لاتّحد الذاهب ومن يذهب إليه والداعي والمدعوّ، ودعاء المسيح نفسه محال.
الحجّة الخامسة: إن كان طبع الإله وطبع الإنسان قد صارا واحداً والإله خالق والإنسان مخلوق، فطبع(4) الخالق هو طبع المخلوق، وطبع العلة هو طبع المعلول، وذلك محال.
الحجّة السّادسة: إن كان جوهر الأزلي قد تغيّر [وأقنومه] قد تغيّر فقد صار الأزلي زمنياً والزّمنيّ أزليّاً، وذلك جهل من قائله.
الحجّة السّابعة: إن كان جوهر(5) الابن الأزلي، وجوهر الإنسان قد تغيّرا عن طباعهما فقد بطلت فائدة الاتّحاد التي يدّعيها النصارى؛ لأنّ فائدته عندهم أن يقع الفيض من الطبيعة اللاهوتية على الطبيعة الناسوتية / (2/18/ب) بحلولها فيه.وإذا كانت الطبيعتان قد انقلبتا إلى ثالثة، فلا المفيد بقي مفيداً، ولا المستفيد بقي مستفيداً.
الحجّة الثّامنة: إن كان الجوهران و[الأقنومان] سليمين في المسيح، لم يصدق قول من يقول إنهما صارا واحداً بالعدد. وكيف يقال في الكثرة إنها واحد(7) من الجهة التي هي كثرة؟!. وكيف يقال في الواحد إنه كثرة من الجهة التي هو بها واحد؟!.
وإن كان الجوهران والأقنومان قد تفاسدا وعدما فكان ينبغي أن لا يوجد المسيح بل يعدم ويتلاشى.‘‘‘‘‘‘
كذا في “تخجيل مَن حرَّف التّوراة والإِنجيل”
للإمام القاضي أبي البقاء صالح بن الحسين الجعفري الهاشمي
المتوفَّى سنة 668هـ
دراسة وتحقيق: د/ محمُود عبد الرّحمن قدح


(1) في ص (قديم) والصواب ما أثبتّه.
(2) في م: الذي.
(3) يوحنا 20/17.
(4) في م: فبطبع.
(5) ليست في (م).
(6) في ص، م (الطبيعتين)، وهو خطأ. والتصويب من المحقِّق.
(7) في م: واحدة.

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/484457725001588/

السابق
منهج السكاكي في كتابه “مفتاح العلوم”
التالي
الألباني يحظر الدعاء المسنون في حديث الأعمى، ويستحسن دعاءً آخرَ من استنباطه….!!!