هل فهم السلف حجة؟
لقد أدرك بعض السلفية أن الدعوة إلى اتباع قول السلف ليس من ورائها طائل لما سبق بيانه، فعدّلوا دَعوتهم، فقالوا: ليس المقصود باتباع السلف اتباع أقوالهم، وإنما المقصود: هو اتباع فهمهم للكتاب والسنة؛ فقالوا: “السلفي” هو: من يتبع فهْم السلف للكتاب والسنة لأنهم كانوا أفهم لكتاب الله وسنة نبيه، لما لهم في ذلك صفات تؤهلهم (1) . وقال ابن تيمية: فمن عَدَل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا فى ذلك، بل مبتدعا وإنْ كان مجتهدا مغفورا له خطؤه (2) . وقال الألباني: ” لا يكفي الاعتماد على القرآن والسنة دون منهج السلف المبين لهما في الفهم والتصور، والعلم والعمل، والدعوة والجهاد” (3) .
قال وليد: هذا الكلام باطل من تسعة وجوه:
الوجه الأول: يلزمكم الإشكالات السابقة نفسها، إذ متى نتبع فهم السلف؟ هل ذلك حينما يتفقوا على فهْم ما، أم حين يختلفون؛ فإن اتفقوا على فهْم ما ففهمهم حجة، ولكن لا لأنه فهْم السلف، وإنما لأنه إجماع والإجماع حجة سواء كان من السلف أم من الخلف.
وأما إن اختلفوا في فهْم ما على قولين أو أكثر فكيف نتبع فهمهم؟ هذا لا يتأتى مع اختلافهم كما هو ظاهر، وإنما يتأتى باتباع قول منهم وهذا ما فعلته غالبية الأمة بتقليدها المذاهب الأربعة فأخَذ أتباعُ كلِ مذهب ٍبفَهْم إمامِ المذهبِ الذي هو أصلا من السلف.
وانتظر باقي الوجوه الثمانية في بطلان حجية فهم السلف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد لعثمان حسن ص503، 524، 525
(2) مجموع الفتاوى لابن تيمية (13/361)
(3) المنهج السلفي عند الشيخ ناصر الدين الألباني ص21، ص26، ص 27، تأليف: عمرو عبد المنعم سليم، دون بيان دار وتاريخ النشر.