مقالات عن الجهمية

هل الأشاعرة جهمية كما يشيع ابن تيمية وأتباعه؟!!! (1) مسألة دخول الأعمال في الإيمان نموذجا…!!

فطالما لم يَثبت ولم يُثبت الباحثُ ياسر في رسالته هذه المقولةَ ـ أي دخول الأعمال في الإيمان ـ عن الجهم بن صفوان كما رأينا، فأي موافقة للأشاعرة لجهم يتحدث عنها ياسر وسائر الوهابية والتيمية وابن تيمية نفسه ؟!!!!!

هل الأشاعرة جهمية كما يشيع ابن تيمية وأتباعه؟!!! (1) مسألة دخول الأعمال في الإيمان نموذجا…!!

إن مسألة دخول الأعمال في الإيمان جعلها ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وأتباعه مثالا آخر على ما سبق أن ادعوه من أن الأشاعرة جهمية[1]، حيث اعتبر ابنُ تيمية[2]وأتباعُه[3] قولَ الأشاعرة في مسألة دخول الأعمال في الإيمان موافقا لقول جهم والجهمية، فذكروا أن الأشاعرة والجهمية كليهما أخرجوا الأعمالَ من مسمى الإيمان، لذلك اعتبر ابن تيمية وأتباعه كُلّا من الأشاعرة ـ وكذا الماتريدية ـ والجهمية من فِرق المرجئة….!!!

وهنا سنعود مرة أخرى لكتاب ” مقالات الجهم بن صفوان وأثرها في الفرق الإسلامية” لأحد باحثي الوهابية المدعو ياسر قاضي ـ وقد سبق أن قلنا بأن أصله رسالة جامعية ضخمة في هذا الموضوع ـ وذلك لنبحث هذه المسألة من خلاله ومن خلال غيره من الكتب.

في الواقع لقد بسط الباحث ياسر قاضي هذه المسألة في كتابه هذا بتوسع في فيما يزيد عن مائة صحيفة ، وذلك من 1/ 197 إلى 307….!!

وقد خَرَج هذا الباحثُ بنتيجة هي أن الأشاعرة موافقون لجهم في هذه المسألة[4]…. !!!! (انظر الصورة 7، 😎

فتعالوا لنمشي مع الباحث خطوة خطوة في مناقشة هذه المسألة وهي موافقة الأشاعرة لجهم في إخراهم للأعمال من الإيمان.

وأول خطوة سنبحث فيها هي مدى ثبوت هذه المسألة عن الجهم بن صفوان، أي هل فعلا كان الجهم بن صفوان يقول بأن الأعمال في الإيمان، وهل ثبت ذلك عنه بالسند المتصل إليه، أم هو قيل عن قال ؟!!!!

في الواقع لقد تطرق الباحثُ ياسر لهذا الأمر وحاول أن يثبت أن الجهم كان يقول بذلك…. ولكن هل نجح الباحث في ذلك ؟!!! تعالوا لننظر فيما كتبه الباحث هنا ….؟!!

لقد ذَكر الباحث ياسر في كتابه مقالات الجهم بن صفوان ج1 ص 201 أن جهما كان يقول بأن “الإيمان هو مجرد معرفة الإنسان ربَّه بالقلب، وإن لم يكن هناك قول ولا عمل”. وحاول ياسر أن يثبت هذا القول عن جهم من خلال كتب الفِرق وغيرها التي نَسبت هذا الرأي لجهم، ولكن بدون ذِكر أي سند له عن جهم ……!!!!!

وبيان ذلك أن ياسر بدأ أولا بالنقل من كتاب الإيمان لأبي عُبيد القاسم بن سلّام حيث ذَكر فيه أبو عبيد أن الجهمية يقولون بذلك[5]، ولكن أبا عبيد القاسم بن سلّام هذا توفي سنة 224هـ، وولد نحو سنة 157 كما ذكر ذلك الذهبي وغيره[6]، أي ولد بعد وفاة الجهم بحوالي ثلاثين سنة، لأن الجهم مات سنة 128 هـ كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في لسان الميزان، ت العلامة أبو غدة (2/ 500) كما سبق ….!!!

ثم نَقل ياسر مقالة الجهم هذه عن الأشعري (260 – 324 هـ) في المقالات، ثم عن أبي منصور البغدادي (429 هـ) في الفَرق بين الفِرق، ثم عن ابن حزم (384 – 456هـ) في الفِصل، ثم عن الشهرستاني (479 – 548 هـ) في الملل والنحل، ثم عن الجيلاني (471 – 561 هـ) في الغنية، ثم عن أبي محمد اليماني (من علماء القرن السادس الهجري) في كتابه “عقائد الثلاث والسبعين فرقة”[7]، ثم عن المطرزي (538 – 610 هـ) في المُغرب، ثم عن ابن تيمية (661 – 728 هـ) في مجموع الفتاوى، ثم عن ابن القيم (691 -751هـ) في النونية، ثم عن الذهبي (673 هـ – 748هـ) في سير أعلام النبلاء، رحم الله الجميع. (انظر الصور أدناه: 1، 2، 3، 4، 5، 6).

قال وليد ابن الصلاح ـ سدده الله ـ : كل أصحاب هذه الكتب ـ كما ترون ـ هم متأخرو الولادة ـ فضلا عن الوفاة ـ عن وفاة الجهم بعشرات أو مئات السنين كما يتضح ذلك من سني ميلادهم ووفاتهم؛ وبالتالي فإن ثبوت هذه المقالة عن الجهم محل شك على أقل تقدير، وهذا أقل ما يمكن أن يقال في هذا الأمر على ضوء ما سبق، وعليه فإن كل ما بناه الباحث ياسر قاضي في هذه المسألة واستنتجه بعد ذلك من أن الأشاعرة وافقوا جهما في مسألة الإيمان هذه: يتهاوى، وليس له أي قيمة، طالما أن الباحث ياسر نفسه لم يثبت ولم يستطع إثبات هذه المقالة عن الجهم، والقاعدة تقول: أثبت العرشَ ثم انقش عليه، فطالما لم يَثبت ولم يُثبت الباحث هذه المقولة ـ أي دخول الأعمال في الإيمان ـ عن الجهم بن صفوان كما رأينا، فأي موافقة للأشاعرة لجهم يتحدث عنها ياسر وسائر الوهابية والتيمية وابن تيمية نفسه ؟!!!!!

قد يقال: ….. #انتظره_لاحقا

——————————————————

[1] انظر: https://www.facebook.com/…/permalink/921984621248894/

[2] قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (7/ 195): والمرجئة ثلاثة أصناف “: الذين يقولون: الإيمان مجرد ما في القلب ثم من هؤلاء من يدخل فيه أعمال القلوب وهم أكثر فرق المرجئة كما قد ذكر أبو الحسن الأشعري أقوالهم في كتابه وذكر فرقا كثيرة يطول ذكرهم لكن ذكرنا جمل أقوالهم ومنهم من لا يدخلها في الإيمان كجهم ومن اتبعه كالصالحي وهذا الذي نصره هو وأكثر أصحابه.اهـ

وقال د. عبد الرحمن المحمود في موقف ابن تيمية من الأشاعرة (3/ 1354): …ثم يقول شيخ الإسلام عن الأشاعرة الذي وافقوا الجهم: “ومن كان موافقاً لقول جهم في الإيمان بسبب انتصار أبي الحسن لقوله في الإيمان، يبقى تارة يقول بقول السلف والأئمة، وتارة يقول بقول المتكلمين الموافقين لجهم” (الإيمان (ص:384-384) .اهـ فيعلق د. المحمود قائلا: ويلاحظ من هذا النص لشيخ الإسلام أن مذهب الأشاعرة في الإيمان قد تطور في بعض مسائله، فمثلاً كان للأشعري قولان، أحدهما موافق للسلف – كما سبق – وقول آخر وافق فيه جهما، ومع ذلك فهو في الاستثناء في الإيمان موافق لمذهب السلف. فلما جاء أصحابه من بعده نصروا قوله الموافق لجهم دون أقواله الأخرى الموافقة لمذهب السلف.اهـ

وقال أيضا في موقف ابن تيمية من الأشاعرة (3/ 1356):يقول شيخ الإسلام عن أبي الحسن الأشعري: “وأبو الحسن الأشعري نصر قول جهم في الإيمان.اهـ

وقال أيضا في موقف ابن تيمية من الأشاعرة (3/ 1357) نقلا عن ابن تيمية: “بل قد كفر كأحمد بن حنبل ووكيع وغيرهما من قال بقول جهم في الإيمان الذي نصره أبو الحسن، وهو عندهم شر من قول المرجئة” (الإيمان (ص:115) ط المكتب الإسلامي)

[3] قال د. المحمود في موقف ابن تيمية من الأشاعرة (3/ 1351): هذه خلاصة الأقوال في الإيمان، ومنها يتبين أن للأشاعرة فيه قولين، أحدهما موافقا لمذهب السلف، والثاني موافقا للجهم.اهـ

وقال أيضا (3/ 1363): أما الجهمية ومن وافقهم من الأشعرية فيحصرون الإيمان بالتصديق القلبي فقط الذي يفسرونه بالعلم أو المعرفة.اهـ

وقال عبد الله بن عبد الرحمن الجربوع في أثر الإيمان في تحصين الأمة الإسلامية ضد الأفكار الهدامة (1/ 132): الإرجاء: معناه في اللغة التأخير، والمراد به تأخير العمل عن الإيمان، حيث زعموا أن الأعمال الصالحة من الأقوال، والأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان، وترتب على هذا القولُ بعدم زيادة الإيمان ونقصانه، والمرجئة فرق كثيرة مختلفة في قولها في الإرجاء. فمنهم الجهمية الذين قالوا: الإيمان هو المعرفة فقط، ومنهم من قال: هو تصديق القلب، كالأشاعرة ومن نحا نحوهم، ومنهم من قال: هو قول اللسان كالكرامية، ومنهم من قال هو: تصديق القلب وقول اللسان.اهـ

وقال محمد با كريم محمد با عبد الله في وسطية أهل السنة بين الفرق (ص: 337): ويقول الجويني: “والمرضي عندنا أن حقيقة الإيمان التصديق بالله تعالى فالمؤمن بالله من صدقه، ثم التصديق على التحقيق كلام النفس، ولكن لا يثبت إلا مع العلم”.وهذا القول فيه شائبة من قول جهم ويفضي إليه بوجه، ولهذا قال شيخ الإسلام فيهم ما قال. وللجويني قول آخر يرى فيه: أن من صدق بقلبه ولم ينطق بلسانه جحودًا أنه ليس بمؤمن، وإن لم ينطق به من غير جحود فهو مؤمن باطنًا، وإن نطق فهو مؤمن ظاهرًا وباطنًا.اهـ

وقال د. غالب بن علي عواجي في فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها (3/ 1097): فإن من أنكر تلازم الأعمال الظاهرة بأعمال القلوب وقال: إن الإيمان هو المعرفة فقط فهو جهمي، وكذا من قال: إنه التصديق فقط مثل الأشاعرة فقد تجهم، إذ لا فرق بين دعوى المعرفة ودعوى التصديق فقط-وكلاهما من دون عمل.اهـ

وقال د. سفر الحوالي في ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي (ص: 149):وإنما أصبحت أعمال القلوب محل نزاع كبير بعد أن تبنى الأشاعرة مذهب جهم في الإيمان، وحصروه في عمل قلبي واحد وهو التصديق، ومال إليهم الماتريدية الذين كان أصل مذهبهم على إرجاء المتقدمين (الحنفية) ، فحينئذ بعدت الشقة وعظمت الظاهرة حتى آل الأمر إلى أن تصبح عقيدة الإرجاء الجهمي هي عقيدة عامة الأمة في القرون الأخرى.اهـ

وقال أيضا د.الحوالي (ص: 375): وأصل هذا المذهب هو ذلك المبتدع الضال ” الجهم بن صفوان “والمؤسف جدا أن أكثرية متكلمى الأمة – وهم الأشاعرية والماترية – اعتنقوا هذا المذهب مع إطباق أئمة السلف العاصرين لنشأته على تكفير جهم وأصحابة، واعتبار الجهمية فرقة خارجة عن فرق أهل القبلة الثلاث والسبعين .

ومن أغرب التناقضات عند هؤلاء أن يكون ما نقله أبو الحسن الأشعرى نفسه فى المقالات عن جهم والصالحى وبشر المريسى اليهودى هو ذات عقيدتهم التي صرح بها الباقلانى والجوينى وسائر أئمتهم إلى الإيجى ومن جاء بعده.

وليس هذا موضع المقارنة بين الجهمية والأشاعرة، وحسبنا إن ننقل مذهب جهم كما سطره الأشعرى نفسه، ثم نقارنه بكلام أكبر أئمة الأشاعرة المتقدمين وناشر مذهبهم – القاضى الباقلانى.اهـ

وقال أحمد بن عطية بن علي الغامدي في الإيمان بين السلف والمتكلمين (ص: 181): إن حاصل ما تقدم من الآراء في حقيقة الإيمان يمكن إجمالها في نوعين: مفرد ومركب. فالبسيط منها ثلاثة:

1 ـ التصديق الذي هو رأي المرجئة والمختار عند الأشاعرة وبعض الأحناف.

2 ـ المعرفة وهذا رأي جهم بن صفوان الترمذي.

3 ـ الإقرار فقط وهو ما ذهبت إليه الكرامية.اهـ

وجاء في شرح البراك للواسطية (ص: 236):وهذا هو الحق الذي لا ريب فيه أن الإيمان قول، وعمل ، خلافا للمرجئة من الجهمية، والأشاعرة وغيرهم؛ خلافا للمرجئة؛ خلافا لكل من أخرج الأعمال عن مسمى الإيمان؛ فالأعمال من الإيمان.اهـ

وقال سفر الحوالي في منهج الأشاعرة في العقيدة – الكبير (ص: 203): فالأشاعرة في الإيمان مرجئة جهمية، هذا هو صريح مذهبهم في مصنفاتهم، وعليه نصَّ شيخ الإسلام ابن تيمية في معظم كتبه، لا سيما كتاب (الإيمان) الذي أطال فيه في الرد عليهم، حتى أن حوالي ثلثي الكتاب إنما هو مناقشة لهم وحْدَهم. وكونهم على رأي جهم في أن الإيمان هو مجرد التصديق القلبي، يجعلهم في مرتبة أشد بدعة من مرجئة الحنفية الذين يطلق عليهم (مرجئة أهل السنة)، أو (مرجئة الفقهاء).

بل نص شيخ الإسلام ابن تيمية على أنهم أبعدُ قولًا من الكرامية الذين يقولون: إن الإيمان هو الإقرار باللسان فقط. فهم في هذه المسألة على أسوأ الأقوال، وأكثرها بدعة وضلالًا، وهو قول جهم.اهـ

وقال الموجان في الرد الشامل (17/ 2): لكن كل هذا فرع عن اعتقاد الأشاعرة في تصورهم للإيمان، فهم قد تابعوا الجهم في جعلهم الإيمان هو التصديق على نحو ما قال الجهم بأنه هو المعرفة، ولم يدخلوا الأعمال في مسمى الإيمان.اهـ

[4] انظر: مقالات الجهم بن صفوان 1/ 278

[5] ونصه في الإيمان للقاسم بن سلام (ص: 50): فقالت الجهمية: الإيمان معرفة الله بالقلب , وإن لم يكن معها شهادة لسان , ولا إقرار بنبوة , ولا شيء من أداء الفرائض احتجوا في ذلك بإيمان الملائكة.اهـ

[6] قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (10/ 491): مولد أبي عبيد سنة سبع وخمسين ومئة..اهـ وذكر ذلك أيضا الألباني في مقدمة تحقيقه لكتاب الإيمان للقاسم بن سلام ص3.

[7] لمن أراد تحميل الكتاب فهو على http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=265830

السابق
يامن أسأتم للعمائم والقيم (قصيدة للشاعر أحمد كعيد)
التالي
هل الأشاعرة جهمية كما يشيع ابن تيمية وأتباعه؟ (1) دليل الحدوث نموذجا .