الدرس التاسع والأربعون
مبحث الرؤية ١
من عقائد أهل السنة والجماعة أن الله تعالى يجوز أن يراه المؤمنون في الآخرة
. وخالف المعتزلة في ذلك كله، ومثلهم الشيعة الإمامية والإباضية ، وفيما يلي حجة أهل السنة وحجة غيرهم : احتج أهل السنة بالقرآن والسنة، أما القرآن :
1 – فقول الله تعالى : ( وجوه يوميذ ناضرة – إلى ربها ناظرة ﴾ [القيامة : ۲۲-۲۳۰]؛ أي : وجوه المؤمنين يوم القيامة مشرقة تنظر إلى ربها عز وجل، وهذه الآية واضحة الدلالة على المراد . ۲ – قول الله تعالى عن موسى عليه السلام: «قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن أنظر إلى الجبل فإن أستقر مكانه فسوف تراني﴾ [الأعراف : 143]،
ووجه الدلالة: أن الرؤية لو كانت مستحيلة لما طلبها موسى عليه السلام، لأن الأنبياء لا يجهلون المستحيل على الله تعالى، فدل طلب موسى عليه السلام لها على جوازها. وقوله تعالى : ( فإن أستقر مكانه فسوف تراني» دليل آخر فإن الله تعالى
قادر على أن يستقر الجبل، فلما علقت رؤية موسى لربه تعالى على أمر جائز، وهو استقرار الجبل، دل على أن الرؤية جائزة . 3 – قول الله تعالى عن أهل الجنة : « لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد [ق: ٣٥]، وقد فسر رسول اللہ ﷺ المزيد بأنه «النظر إلى وجه الله الكريم»، رواه
مسلم وغيره . ٤ ـ قول الله تعالى : ( كلا إنهم عن ربهم يوميذ لمحجوبون﴾ [المطففين : 15] . ووجه الدلالة : أنه تعالى لما جعل الحجاب عقاباً للكافرين دل على أن المؤمنين غير محجوبين .
وأما السنة فاحتجوا بأحاديث صحيحة منها :
1 – قول النبي ﷺ : «أما أنكم ستعرضون على ربكم عز وجل، فترونه كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة
قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا» ، رواه البخاري ومسلم وغيرهما ، ومعنى تتضامون: أي لا ينضم بعضكم إلى بعض من أجل ذلك . ٢ – حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الناس قالوا: يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال رسول اللہ ﷺ: «هل تمارون في رؤية القمر ليلة البدر وليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: فإنكم ترونه
كذلك»، رواه مسلم والترمذي وأبو داود .
3 – قول الرسول ﷺﷺ في تفسير قول الله تعالى : ( ومن دونهما جنتان» [الرحمن : ٦٢]: «جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب أنيتها وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن»، رواه البخاري ومسلم والترمذي .
واحتج أهل السنة أيضاً بأن هذا ـ أي إثبات الرؤية – مروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وحذيفة بن اليمان، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله ابن عباس، وأبي موسى الأشعري، وغيرهم رضي الله عنهم، ولم يرد عن أحد من الصحابة نفيها، ولو كانوا مختلفين لنقل اختلافهم إلينا