قصة قطع سيدنا عمر رضي الله عنه لشجرة البيعة
لا تصحّ قصّة قطع سيّدنا عمر رضي الله عنه لشجرة بيعة الرضوان لأسباب:
١_ لأن رواي القصة هو التابعي نافع رحمه الله تعالى ،ونافع لم يلق سيدنا عمر رضي الله عنه ففي السند إرسال .
فقد ورد عن نافع أنه قال :” بلغ عمر بن الخطاب أن ناساً يأتون الشجرة التي بويع تحتها ، فأمر بها فقطعت “. أخرجه ابن أبي شيبة (2/73/2) ، وابن سعد في الطبقات (2/100) ، وابن حجر في الفتح (7/448) ، وهو حديث ضعيف منقطع بين نافع رحمه الله تعالى وسيدنا عمر رضي الله عنه، وإن كان سندها الى نافع صحيح ولكن لا يصح الى سيدنا عمر رضي الله عنه .
٢_ أنها تخالف مارواه نافع نفسه رحمه الله تعالى بالسند الصحيح كما في صحيح البخاري حيث ثبت عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال :”رجعنا من العام المقبل ، فما اجتمع اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها ، كانت رحمة من الله “. رواه البخاري برقم (2958) ،أي أن الصحابة تشابهت عليهم الأشجار فاختلفوا في معرفة نفس الشجرة التي تمت تحتها البيعة.
☀️ فكيف يقال أن سيدنا عمر رضي الله عنه قطعها والشجرة قد اختفت منذ عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
٣_ أنها تخالف الأحاديث الصحيحة الثابتة في صحيح البخاري وغيره فعن سعيد بن المسيّب عن أبيه قال : “لقد رأيت الشجرة ، ثمّ أتيتها بعد فلم أعرفها ، قال محمود : ثمّ أنسيتها بعد ” .
وفي صحيح البخاري أيضاً : ” حدّثنا محمود ، حدّثنا عبيد الله عن إسرائيل عن طارق بن عبد الرحمن قال :” انطلقت حاجّاً فمررت بقوم يصلّون قلت : ما هذا المسجد ؟ قالوا : هذه الشجرة حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان ، فأتيت سعيد بن المسيّب فأخبرته ، فقال سعيد : حدّثني أبي أنّه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم :تحت الشجرة ، قال : فلمّا خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها ، فقال سعيد : إنّ أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم لم يعلموها ، وعلمتموها أنتم فأنتم أعلم ” صحيح البخاري 5 / 64 .
وفيه أيضاً : ” حدّثنا موسى حدّثنا أبو عوانة ، حدّثنا طارق عن سعيد بن المسيّب عن أبيه : أنّه كان ممّن بايع تحت الشجرة ، فرجعنا إليها العام المقبل فعميت علينا ” رواه البخاري برقم (4164) .
فهذه النصوص الثابتة بالأسانيد المتصلة تخالف الرواية المرسلة الضعيفة التي تقول أن سيدنا عمر رضي الله عنه قطعها ،فلا يجوز الاحتجاج بالمرسل إذا خالف النص الصحيح .
☀️🔺وأما معنى قول سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما( كانت رحمة من الله ). فإما أنه يعني أنها قبل اخفاءها كانت رحمة من رحمة الله وإما أن خفاءها كان رحمة ،بمعنى أن الله لم ينزل تشريعا يأمرهم بزيارتها والصلاة عندها لله تعالى فيكون في ذلك تكليف آخر قد يشق عليهم فكان اخفاءها قبل نزول تشريع بزيارتها رحمة من الله تعالى. والله أعلم .