نفثة :
لا تذهلنّكَ لذّة المطالعة عن فائدتها، فليس من شرط الفائدة المتعة.
وكم قراءةٍ يضيقُ بها صدرك، وتكلّ عينك، ويرتبك ذهنك؛ فإذا انتهيت منها قدّمَتْ لكَ ما يعزّ نيلُه، ويثقلُ كَيْلُه .
ولا تكن غايتك من قراءتك تقييدَ آبدة، أو صيدَ شاردة، أو نيْلَ غريبة، أو الفوز بعجيبة؛ فكم كتابٍ لا يخرجُ منه قارئُه بفائدة مسطورة فيه، ولكن بفائدةٍ يتشرَّبُها عقلُهُ تشَرُّبَ الشَّمُول، فليسَتْ تُرى، ولا هي تزول .
واعرف قيمةَ ما تقرأ، فمن الكتب ما يحتاجُ منكَ كلَّ عقلك، فلا تمرّ على مثل هذا مَرَّ البرْق، لا يكاد يظهرُ حتى يختفي، ولا تقف عليه وقوفَ ليلٍ “كأنّه فوق متنِ الأرضِ مَشْكولُ” ولكن “مَرُّ السحابة لا رَيْثٌ ولا عجَلُ”
ومن الكتب ما يحتاجُ مرورَ عينِك فقط، فلا تضيّع فيه وقتًا تحتاجه؛ فالعمر قصير، والعلم كثير .
واصرف ذهنك حين تشرع في القراءة عن كلّ ما سواها، وحدّث نفسَك بأنّك لن تعود للكتاب بعد إنهائه، لتنشط له، فلا بد من تأمّل كلّ سطر فيه.. وليس ذلك مع كل كتاب .
أيوب الجهني.