تاريخ وتراجم وأعلام

فقال له: اسكت؛ وددتُ أنّ واحدا من هؤلاء الأربعة يأتي إليّ ويذهب عني السبعون الذين ذكرتَهم/ لِتعلم أن المَدار ليس على كثرة الآخذين، وإنما المَدار على انتفاعهم (منقول)

مع سَعة علوم الشيخ العلامة ابن الحاجب – رحمه الله- لم يُرزَق طلبةً كثيرين، بل كان مَن يَحضُر درسَه جماعةً قليلين جدا لا يتجاوزون أصابع اليدين، حتى إن بعض الطلبة في زمنه قال لبعض المشايخ المعاصرين لابن الحاجب: يا مولانا، من مِنّة الله عليك أنْ جعل طُلابك الذين يحضرون درسك فوق السبعين، وطلاب نظيرك ابن الحاجب أربعة.

فقال له: اسكت؛ وددتُ أنّ واحدا من هؤلاء الأربعة يأتي إليّ ويذهب عني السبعون الذين ذكرتَهم.

قال الشيخ ابن حجر الهيتمي رحمه الله مُعلّقا على هذه الواقعة:

ينبغي لك أن تتأمل هذه القضية؛ لِتعلم أن المَدار ليس على كثرة الآخذين، وإنما المَدار على انتفاعهم، ويشهد لذلك الحديثُ الصحيح، وهو أنه – صلى الله عليه وسلم – قال لعليٍّ- رضي الله عنه-:” لَأنْ يهدي الله بك رجلا واحدا خيرٌ لك من حُمر النعم” فجعل هداية الواحد تعادل الناقات الحُمر التي هي أشرف أموال العرب عندهم، ولم يُبال بكون المَهدِيَّ واحدا؛ لِما تقرر أن المَدار على حصول غاية التعليم، وهي الوصول للمقصود من الهداية إلى ما الإنسان بصددِه، لا كثرة الطلبة من غير وصول أحد منهم لذلك؛ فإن هذا لا ينظر الله إليه، ولا يعُدُّه فخرًا إلا مَن كان عِلمه غير خالص لوجه الله، وإنما القصدُ به الرياء والسمعة والتوصّل إلى الأعراض الكاسدة والأغراض الفاسدة، وجمْع الحُطام من غير نظرٍ إلى أنه يُحاسَب عليه في ذلك الموقف العظيم.

سامي الأزهري.

السابق
فُجِعنا قبل قليل بوفاة العالم الجليل، والداعية المربي النَّفَّاعة الشيخ هيثم إدلبي… (منقول)
التالي
إذا نزل الله سبحانه إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل فهل يكون متصفا بصفة العلو أم النزول؟