«21 – المستخرجة من الأسمعة (العتبية): لمحمد بن أحمد العتبي (ت 255 هـ) (4):
—————-
(4) العتبي: محمد بن أحمد بن عبد العزيز، يكنى أبا عبد الله، سمع من يحيى بن يحيى، وسعيد بن حسان، وسحنون، وأصبغ، ونظرائهم. كان حافظاً للمسائل جامعاً لها، عالماً بالنوازل، عظيم القدر عند العامة، معظماً في زمانه، من أهل الخير، والجهاد، والمذاهب الحسنة (توفي سنة 255، وقيل 254 هـ).
انظر: تاريخ علماء الأندلس، رقم (1104)، جذوة المقتبس (ص 39)؛ ترتيب المدارس (4/ 252 – 254)، بغية الملتمس (ص 48).»
======================
المستخرجة: “عبارة عن حصر شامل لمعلومات فقهية يرجع معظمها لابن القاسم العتقي عن مالك بن أنس، وهي برواية من جاءوا بعده مباشرة، كما أنها تحتوي على آراء فقهية لتلاميذ مالك وخلفائه” (1)، “فالمستخرجة إذن هي سماعات أحد عشر فقيهاً، ثلاثة منهم أخذوا عن مالك مباشرة، وهم ابن القاسم، وأشهب، وابن نافع المدني، والآخرون أمثال: ابن وهب، ويحيى الليثي، وسحنون، وأصبغ” (2).
“والواقع أن العتبي حفظ في المستخرجة – فضلاً عن الروايات المسموعة – سماعات كثيرة عن مالك، وتلاميذه؛ لولاه لضاعت، إلا أنه لم يتمكن من تمحيصها وعرضها على أصول المذهب، ومقارنتها بالروايات الأخرى” (3)، وهو الأمر الذي يفسر لنا اختلاف موقف علماء المالكية – وبالذات المعاصرين للمؤلف – منها قبولاً ورفضاً.
ولعل ما يؤيد هذا التفسير أن ابن لبابة (4) – تلميذ العتبي – يرى
———————————-
(1) دراسات في مصادر الفقه المالكي (ص 118).
(2) معلمة الفقه المالكي (ص 142).
(3) ابن رشد، محمد بن أحمد، البيان والتحصيل (مقدمة المحقق د. محمد حجي 1/ 21).
(4) ابن لبابة: محمد بن عمر، كان إماماً في الفقه، مقدماً على أهل زمانه في حفظ الرأي، والبصر بالفتيا، كان اعتماده على العتبي، وابن مزين، دارت عليه الأحكام ستين عاماً، فقيه الأندلس، اعرف الناس باختلاف أصحاب مالك وغيره (توفي سنة 314 هـ). انظر: تاريخ علماء الأندلس رقم (1189)؛ جذوة المقتبس (ص 76)، ترتيب المدارك (5/ 153 – 157).
======================
للعتبي في المستخرجة اصطلاح خاص بعناوين السماعات (الأجزاء/ الأبواب/ الفصول) حيث يعنونها بأول مسألة فيها، فيقول مثلاُ: “رسم القبلة، رسم حبل الحبلة، ورسم سلف ونحو ذلك” (1)، وهذا الاصطلاح أملاه عليه الطريقة التي اتبعها العتبي في تسجيل سماعاته عن أساتذته أولاً، ثم في تنظيمها حسب المواضيع.
“وذلك أن العتبي – رحمه الله – لما جمع الأسمعة: سماع ابن القاسم عن مالك، وسماع أشهب وابن نافع عن مالك، وسماع عيسى بن دينار وغيره عن ابن القاسم كيحيى بن
—————————————–
(1) مواهب الجليل (1/ 41).
============================================
يحيى، وسحنون، وموسى بن معاوية (1)، وزونان (2)، ومحمد بن خالد (3)، وأصبغ، وأبي زيد (4)، وغيرهم، جمع كل سماع في دفاتر، وأجزاء على حدة، ثم جعل لكل دفتر ترجمة يعرف بها
————————
(1) موسى بن معاوية الصمادحي، أبو جعفر، ثقة مأمون، عامل بالحديث والفقه، كثير الأخذ عن المدنيين، والكوفيين، والبصريين، سمع من ابن القاسم وغيره، وسمع منه سحنون (ت سنة 125/ 126 هـ). انظر: طبقات علماء إفريقية (ص 190 – 194)، رياض النفوس (1/ 376 – 384)، ترتيب المدارك (4/ 93 – 96). (2) زَوْنان، عبد الملك بن الحسن، من أهل قرطبة، يكنى أبا مروان، سمع من أشهب، وابن القاسم، وابن وهب، وغيرهم من المدنيين، وهو أقدم هؤلاء كلهم طبقة، كان فقيهاً، فاضلاً أدخل العتبي سماعه في المستخرجة، لم يسمع مالكاً، ولي قضاء طليطلة، (توفي سنة 332/ 334 هـ). انظر: تاريخ علماء الأندلس، رقم (815)، المقتبس (ص 217 – 218)، جذوة المقتبس (ص 282)، ترتيب المدارك (4/ 110 – 111)، بغية الملتمس (ص 376 – 377). (3) محمد بن خالد بن مرتنيل، سمع من ابن القاسم، وابن وهب، وأشهب، وابن نافع، ونظرائهم من المدنيين والمصريين، كان الغالب عليه الفقه، ذكره العتبي في المستخرجة، وكان صلباً في أحكامه، ورعاً فاضلاً (توفي سنة 220/ 224 هـ). انظر: تاريخ علماء الأندلس رقم (1101)، المقتبس (ص 216)؛ جذوة المقتبس (ص 53)؛ بغية الملتمس (ص 72)، ترتيب المدارك (4/ 117 – 118). (4) أبو زيد بن أبي الغمر. تقدمت ترجمته في صفحة (111) من البحث.
===========
وهي أول ذلك الدفتر، فدفتر أوله: الكلام على القبلة، وآخر أوله: حبل الحبلة، وآخر أوله: جاع فباع امرأته، وآخر: أخذ يشرب خمراً، ونحو ذلك. فيجعل تلك المسألة التي في أوله لقباً له، وفي كل دفتر من هذه الدفاتر مسائل مختلطة من أبواب الفقه، فلما رتب العتبية على أبواب الفقه، جمع في كل كتاب من كتب الفقه ما في الدفاتر من المسائل المتعلقة بذلك الكتاب، فلما تكلم عن كتاب الطهارة مثلاً، جمع ما عنده من مسائل الطهارها كلها، ويبدأ ذلك بما كان من سماع ابن القاسم، ثم بما كان من سماع أشهب وابن نافع، ثم بما في سماع عيسى بن دينار، ثم بما في سماع يحيى بن يحيى، ثم بما في سماع سحنون، ثم بما في سماع موسى بن معاوية، ثم بما في سماع محمد بن خالد، ثم بما في سماع زونان – وهو عبد الملك بن الحسن – ثم بما في سماع محمد بن أصبغ (1) [هكذا] ثم بما في سماع أبي زيد، فإذا لم يجد في سماع أحد منهم مسألة تتعلق بذلك الكتاب أسقط ذلك السماع، وقد تقدم أن كل سماع من هذه الأسمعة في أجزاء ودفاتر، فإذا نقل مسألة من دفتر عيَّن ذلك الدفتر الذي نقلها منه؛ ليعلم من أي دفتر نقلها إذا أراد مراجعتها، واطلاعه عليها في محلها، فيقصد الدفتر المحال عليه، ويعلمه بترجمته، فتكون الأسمعة كالأبواب للكتاب، والرسوم التي هي
————————————–
(1) لعل الصواب أصبغ كما ذكر في صدر النص.
=================================
التراجم بمنزلة الفصول للأبواب، وأقرب إلى العزو إلى الكشف ما عين فيه الرسم، وفي أي سماع هو من أي كتاب” (1).
(1) مواهب الجليل (1/ 41 – 42).
قدم لنا مؤلف كتاب: دراسات في مصادر الفقه المالكي دراسة عن المخطوطة التي وصلت إلينا من العتبية، كما قام بمقارنة بعض نصوص المخطوطة بالنصوص التي اقتبسها ابن أبي زيد في نوادرها.
انظر: دراسات في مصادر الفقه المالكي، الصفحات (110 – 132، 221، 227 – 229).
كذا في «اصطلاح المذهب عند المالكية» (ص120) د/ محمد إبراهيم علي
وفي مقدمة «المسالك في شرح موطأ مالك» (1/ 145):
«3 – والطريق الثّالثة: طريق محمّد بن أحمد الأندلسي، المعروف بالعُتْبّي [ت. 255 هـ]، (1)، كان من كبار الفقهاء، له رحلة إلى المشرق، ألَّفَ أجزاء فقهية سُمِّيَت: بـ”العُتْبيَّة” (2) وهي المستَخْرَجَة من الأسْمِعَة المسموعة من الإمام مالك (3).»
_
(1) انظر أخباره في أخبار الفقهاء والمحدثين للخشني: 119، وتاريخ ابن الفرضي: 2/ 8، وجَذْوَة المقتبس: 36، وترتيب المدارك: 4/ 252، وبغية الملتمس: 48.
(2) طبعت ضمن كتاب البيان والتحصيل لابن رشد الجد، في دار الغرب الإِسلامي.
(3) انظر اصطلاح المذهب عند المالكيّة، للأستاذ محمَّد إبراهيم علي: 123. دار البحوث للدراسات، دبي.
======
وقال ابن فتوح الحميدي في «جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس» (ص39):
«محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عتبة بن حميد بن عتبة. أندلسي فقيه يعرف بالعتبى، منسوب إلى ولاء عتبة بن أبي سفيان روى عن يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي؛ وله رحلة سمع فيها من جماعة بالمشرق، وحدث، وألف في الفقه كتبا كثيرة سميت العتبية، وهي المستخرجة من الأسمعة المسموعة من مالك ابن أنس، رواها عنه أبو عبد الله محمد بن عمر بن لبابة. أخبرنا بها أبو عمر يوسف ابن عبد الله الحافظ بالأندلس، قال: أخبرنا بها أبو عمر أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي الباجي وقرأتها عليه، قال: أخبرنا بها أبي عن محمد بن عمر بن لبابة عنه.»
وقال المقريزي في «المقفى الكبير» (5/ 115):
«1758 – العتبيّ القرطبيّ – 255
محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عتبة بن حميد بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أميّة بن عبد شمس، وقيل: بل هو مولى لآل عتبة ابن أبي سفيان، وهو أصحّ. وقيل: محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عتبة بن حميد بن عتبة بن أبي عتبة بن محمد بن عبيد الله بن يزيد بن أبي يزيد، مولى عمرو بن عتبة بن أبي سفيان. وقيل:
العتبيّ، نسبة إلى جدّ له يسمّى عتبة.»
وقال الحميديّ: محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عتبة بن حميد بن عتبة: أندلسيّ تفقّه يعرف بالعتبيّ، منسوب إلى ولاء عتبة بن أبي سفيان، وهو: أبو عبد الله، الأندلسيّ، القرطبيّ، من أهلها، الفقيه المالكيّ، المشهور بالعتبيّ- بضمّ العين المهملة وإسكان التاء المثنّاة من فوق ثمّ باء موحّدة.
وقال [ابن] الفرضيّ: سمع بالأندلس من يحيى ابن يحيى، وسعيد بن حسّان وغيرهما. ورحل إلى المشرق فسمع من سحنون بن سعيد، وأصبغ بن الفرج، وأبي عبد الله محمد بن عمر بن لبابة وغيرهم.
وكان حافظا للمسائل جامعا لها عالما بالنوازل.
وهو الذي جمع المستخرجة من الأسمعة المسموعة غالبا من [83 ب] مالك بن أنس وتعرف بالعتبيّة، وكثّر فيها من الروايات المطروحة والمسائل الغريبة الشاذّة. وكان يؤتى بالمسألة الغريبة فإذا سمعها (2) قال: أدخلوها في المستخرجة!
وروي عن ابن وضّاح أنّ المستخرجة فيها خطأ كثير. وعن محمد بن عبد الحكم: جلّها كذب.
وقال الحميديّ: هي المستخرجة من الأسمعة العالية المسموعة من مالك بن أنس، رواها عنه أبو عبد الله محمد بن عمر بن لبابة.
وقال ابن يونس: توفّي بالأندلس سنة خمس وخمسين ومائتين.
وقال [ابن] الفرضي: في يوم الاثنين لثماني عشرة خلت من ربيع الأوّل.