التأويل

الدرس الرابع والعشرون/الصفات الخبرية/ تعريف المتشابه والمحكم عند المفسرين (منقول)

الدرس الرابع والعشرون

الصفات الخبرية
ظاهر بعض النصوص التي أخبرنا الله بها يـوهـم أن لله تعالى مكاناً، أو جارحة، وهـو مخالف لصريح قوله تعالى: «ليس كمثله شي ﴾ [الشورى: 11] . « ولم يكن له كفوا أحد “

فعند سماع مثل هذه الآيات الموهمة فهناك طريقين لفهمها إما التأويل والمراد من التأويل ـ هنا ـ حمل اللفظ على خلاف ظاهره، مع بيان المعنى المراد، فيحكم المكـلـف بـأن اللفظ مصروف عـن ظـاهـره قطعاً، ثـم يؤول اللفظ تأويلاً تفصيلياً بأن يبين فيه المعنى الذي يظن أنه المقصود من اللفظ ، وإما التفويض والمراد من التفويض صرف اللفظ عن ظاهره، مع عدم التعرض لبيان المعنى المراد منه، بل يترك ويفوض علمه إلى الله تعالى، بأن يقول: الله أعلم بمراده.

وقبل أن نبين مذهبي السلف والخلف نورد تعريف كل من المحكم والمتشابه.

🌺 تعريف المحكم: المحكم ـ لغة ـ المتقن الذي لا يطرأ إليه الفساد، وأحكمه أتقنه فاستحكم ومنعه عن الفساد . واصطلاحاً: ما لا يعرض فيه شبهة من حيث اللفظ، ولا من حيث المعنى “. والآيات المحكمات هي التي أحكمت فلا يحتاج سامعها إلى تأويلهـا لبيانها، فـلا تحتمل التصريف، ولا التحريف، ولا يحتاج سامعها إلى تأويلها، وهي قطعية الدلالة على المعنى المراد. قال ابن كثير: فالآيات المحكمات هن حجة الرب، وعصمة العبد، ودفع الخصم الباطل ليس لهن تصريف، ولا ريف عما وضعن عليه، ولا يطرأ عليهن احتمال أو اشتباه”. وقال الرازي: ما يتأكد ظاهرها بالدلائل العقلية فذاك هو المحكم حقاً. وقال أبو السعود: هي قطعية الدلالة على المعنى المراد، محكمة العبارة، محفوظة من الاحتمال والاشتباه.

🌺 تعريف المتشابه: والمتشابه ـ لغـة ـ هو اسم لكل مالا يهتدي إليه الإنسان، لأن مـن شـأن الأمور المتشابهة أن يعجز العقل عن التمييز بينها، والشبه: المثل، وشابهه: أمثله، وأمور مشتبهة: مشكلة ). والشبه والشبيه: حقيقتها في الماثلة من جهة الكيفية، كاللون والطعم، والعدالة والظلم. والشبهة: هو أن لا يتميز أحد الشيئين من الآخر لما بينها من التشابه عيناً كان أو معنى. وأصل التشابه: أن يشبه اللفظ اللفظ والمعنيان مختلفان. قال تعالى في وصف ثار الجنة 🙁 وأتوا به، متشابها ) أي [ البقرة : ٢٥ ] أي : متفق المناظر، مختلف الطعوم).
وأما اصطلاحاً: فالمتشابه من القرآن ما أشكل تفسيره لمشابهته لغيره، إما من حيث اللفظ أو من حيث المعنى”، وقال في شرح المنار]: هو اسم لما انقطع معرفة الرجاء منه ” . وقال ابن كثير : فالمتشابه هو الذي يقابل المحكم. أي هو النص المشتبه من حيث لفظه أو من حيث معناه، والمحتمل للتصريف والتحريف، والذي يحتاج سامعه إلى تأويله، فليس قطعي الدلالة على المعنى المراد، وتتظاهر الأدلة العقلية على أن ظاهره غير مراد.

💎 وقال القرطبي: المتشابهات لهن تصريف وتحريف وتأويل ابتلى الله فيهن العباد. وقال الرازي: المتشابهات هي التي قامت الدلائل القاطعة على امتناع ظواهرها، ذاك الذي يحكـم فـيـه بـأن مـراد الله تعالى به غير ظاهره. وقال أبو السعود: هن المحتملات لمعان متشابهة، لا يمتاز بعضها من بعض في استحقاق الإرادة بها، ولا يتضح الأمر إلا بالنظر الدقيق والتأمل الأنيق، فالتشابه في الحقيقة وصف لتلك المعاني، وصف به الآيات على طريق وصف الدال بوصف المدلول، وقال النسفي: المتشابهات : المحتملات، مثال ذلـك: «الرحمن على العرش استوى ﴾ [طـه: 5]. فالاستواء يكون بمعنى الجلوس وبمعنى القدرة والاستيلاء، ولا يجوز الأول على الله تعالى بدليل المحكم، وهو قوله: «ليس كمثله شي ﴾ [الشوری: ۱۱].

💎 وعرف السبكي المتشابه بأنه: (كل ما ورد في الكتاب أو السنة الصحيحة موهما مماثلته تعالى للحوادث في شيء ما، وقامت الدلائل القاطعة على امتناع ظاهره في حق الله تعالى ولذا أجمع السلف والخلف على تأويلـه تـأويلاً إجمالياً، أي بصرف اللفظ عن ظاهره المحال على الله تعالى، لقيام الأدلة القاطعة على أنه تعالى ليس كمثله شيء)

🧊 وبناء على التعريفين السابقين يتبين :-

🌺أن المحكم:
١ـ هـو الـنص الذي لا تعرض فيه شبهة من حيث لفظه، ولا من حيث معناه، فلا يحتمل التصريف والتحريف .

٢ـ وهو الذي لا يحتاج سامعه إلى تأويله، فهو قطعي الدلالة على المعنى المراد.

3 ـ وهو الذي تظاهرت الأدلة العقلية على أن ظاهره هو المراد.

🌺والمتشابه هو:
1 ـ النص المشتبه مـن حيث لفظه، أو من حيث معناه، فهو يحتمل التصريف
والتحريف.

٢ـ والذي يحتاج سامعه إلى تأويله، فليس قطعي الدلالة على المعنى المراد.
3 ـ والذي تتظاهر الأدلة العقلية على أن ظاهره غير مراد.

يتبع….

السابق
تابع الصفات الخبرية/ التأويل والتفويض (منقول)
التالي
هل أسماء الله توقيفية أو توفيقية ؟ (منقول)