الدرس الثالث والعشرون
هل أسماء الله توقيفية أو توفيقية ؟
اختار جمهور أهل السنة أن أسماءه تعالى توفيقية، وكذا صفاته. فلا نثبت الله اسما ولا صفة إلا إذا ورد بذلك توقيف من الشارع، ومال إليه الباقلاني،
وتوقف فيه إمام الحرمين، وفصل الغزالي، فجوز إطلاق الصفة ـ وهي ما دلت على معنى زائد على الذات ـ ومنع إطلاق الاسم، وهو ما دل على نفس الذات . والحاصل أن علماء الإسلام اتفقوا على جواز إطلاق الأسماء والصفات على الباري عز وجل إذا ورد بها الإذن من الشارع، وعلى امتناعه إذا ورد المنع منه. واختلفوا حيث لا إذن ولا منع، والمختار منع ذلك، وهو مذهب الجمهور.
قال الغزالي رحمه الله في كتابه المقصد الأسنى ( صفحة 157): إن أسماء الله تعالى من حيث التوقيف غير مقصورة على تسعة وتسعين، بل ورد التوقيف بأسماء سواها، إذ في رواية أخرى عن أبي هريرة إبـدال لبعض هذه الأسماء بما يقرب منها وإبدال بها لا يقرب. فأما الذي يقرب فالأحـد بـدل مـن الـواحد. والقاهـر بـدل من القهار والشاكر بدل من الشكور، والذي لا يقرب كالهادي والكافي والدائم والبصير والمنور والمبين والجميل والصادق والمحيط والقريب والقديم والوتر والفاطـر والعلام والمليك والإكرام والمدبر والرفيع وذي الطول وذي المعارج وذي الفضل والخلاق. وقد ورد أيضاً في القرآن ما ليس متفقاً عليه في الروايتين جميعاً: كالمولى والنصير والغالب والقريب والرب والناصر، ومن المضافات، كقوله: شديد العقاب، وقابل التوب،
وغافر الذنب، ومولج الليل في النهار، ومولج النهار في الليل، ومخرج الحي من الميت، ومخرج
الميت من الحي. وقد ورد في الخبر أيضاً: السيد، إذ قال رجل لرسول الله ﷺ یا سید، فقال: «السيد هو الله تعالى»، وكأنه قصد المنع من المدح في الوجه (رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، عن عبد الله بن الشخير). وإلا فقد قال : «أنا سيد ولد آدم ولا فخر». (رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه، عن أبي سعيد)، والديان أيضاً قد ورد، وكذلك الحنان والمنان. ومما وقع عليه الاتفاق بين الفقهاء والعلماء من الأسماء: المريد والمتكلم والموجود والشيء والذات والأولي والأبدي، وأن ذلك مما يجوز إطلاقه في حق الله تعالى، وقد ورد في الحديث: «لا تقولوا جاء رمضان، فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى، لكن قولوا: جاء شهر رمضان»