إذا قال لك الوهابي: (نظرية تقسيم التوحيد دل عليها استقراء الكتاب والسنة) أو (مئة وخمسون سؤالا ويزيد موجهة لمن زعم أن تقسيم التوحيد عند ابن تيمية مأخوذ من الكتاب والسنة)
فقل له:
- أليس الاستقراء دليلا منطقيا؟
- ألم يقل الأخضري في السلم المنورق في علم المنطق:
وَإِنْ بِجُزْئِيٍّ عَلَى كُلِّيْ اسْتُدِلْ …فَذَا بِالاسْتِقْرَاءِ عِنْدَهُمْ عُقِلْ
- ألم تقولوا من تمنطق تزندق[1]؟
- فما بالك تتمنطقون؟
- أم أن كلام الليل يمحوه النهار؟
- ثم هل دل استقراء الكتاب والسنة على نظرية تقسيم التوحيد كما زعمتم[2] أم دل على نقضها؟
- أليست نظرية تقسيم التوحيد عند ابن تيمية قائمة على عشرة أصول أو دعاوى[3] ويتفرع عنها دعوى أخرى كما بسطناه مرارا؟
- أليست كلها منقوضة بآيات من الكتاب والسنة وآثار السلف كما بيناه مطولا في خمسة مجلدات[4] ؟ وإليكم التفصيل:
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد أن مشركي قريش كانوا يؤمنون بالله!
- ولكن أليس هذا هو خلاف ظاهر قوله تعالى ( إِنَّهُۥ كَانَ لَا يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ ٱلۡعَظِيمِ) [الحاقة: 33] ؟
- أليست هذه الآية في مشركي العرب؟
- ألم يقل الله تعالى عن المنافقين (وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ ) [البقرة: 8] ؟
- ألم يقل أيضا: (كَٱلَّذِي يُنفِقُ مَالَهُۥ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَلَا يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۖ) [البقرة: 264]
- أليس في ذلك تصريح بأن المنافقين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر؟
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد أن المشركين من كل الأمم كانوا يؤمنون بالله!
- ولكن ألا ينقض هذا ظاهر قوله تعالى: ﴿إِنِّي تَرَكۡتُ مِلَّةَ قَوۡم لَّا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ ) [يوسف: 37] ؟
- أليست هذه الآية في الأمم السابقة؟
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد أيضا أن أحدا لم ينكر توحيد الربوبية؟
- وكيف يستقيم هذا مع قول فرعون : أنا ربكم الأعلى، كما حكى الله ذلك عنه[5]؟
- فهل فرعون موحد في الربوبية مع قوله هذا؟
- ألم يقل النمرود أنا أحيي وأميت كما حكى الله عنه[6]؟
- فهل النمرود موحد في الربوبية مع قوله هذا؟
- أليس الإحياء والإماتة من توحيد الربوبية كما أقررتم بذلك؟
- ألم تقولوا بأن توحيد الربوبية “هو الإقرار بأن الله تعالى رب كل شيء ومليكه وخالقه ورازقه، وأنه المحيي المميت النافع الضار”[7]؟
- ألا تقول هذه النظرية بأن أحدا لم يخالف في توحيد الربوبية[8]؟
- ولكن أليس حديث أصحاب الأخدود ينسف هذا نسفا ؟
- ألم يرد فيه عند مسلم (فقال له الملك: من ردّ عليك بصرك؟ قال: ربي. قال: ولك رب غيري؟ قال: ربي وربك)[9]؟
- أليس فيه دلالة على أن الناس في تلك المملكة كانت تجعل الملك من البشر ربا حتى استنكر الملِكُ على من اتخذ اللهَ ربا، لأن الملِك كان يدعي لنفسه أنه الرب وحده؟
- ألا يؤكد ذلك ما ورد فيه أيضا: (فقال الناس: آمنا برب الغلام. آمنا برب الغلام. آمنا برب الغلام. فأتى الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر؟ قد، والله! نزل بك حذرك. قد آمن الناس)؟
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد عند ابن تيمية أن الرسل عليهم السلام لم تدعُ الناسَ إلى الإيمان بالرب تعالى وإنما دعت إلى توحيد الألوهية؟
- ولكن ألا يَنقض هذا قولُه تعالى: (وَمَا لَكُمۡ لَا تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ لِتُؤۡمِنُواْ بِرَبِّكُمۡ وَقَدۡ أَخَذَ مِيثَٰقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ) [الحديد: 8] ؟
- أليس ينقضه أيضا آية: (رَّبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعۡنَا مُنَادِيٗا يُنَادِي لِلۡإِيمَٰنِ أَنۡ ءَامِنُواْ بِرَبِّكُمۡ فَـَٔامَنَّاۚ ) [آل عمران: 193] ؟
- أليس قوله “أن آمنو بربكم ” في هذه الآية أمر بالإيمان بالربوبية؟
- فكيف زعم الفوزان قائلا ( فليس هناك آية واحدة قالت أقروا بالربوبية) [10]؟
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد أن الرسل عليهم السلام لم يَدعوا الناسَ للإيمان بالله وإنما دعوهم إلى لا إله إلا الله ؟
- ولكن ألا ينقض هذا آيات كثيرة تدعوا للإيمان بالله تعالى؟
- ألم يقل الله: ﴿فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ ) [آل عمران: 179] ؟
- ألم يقل أيضا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ) [النساء: 136]؟
- أليس ينقضه أيضا أحاديث كثيرة منها تأمر بالإيمان بالله وتثني على ذلك؟
- ألم يرو الشيخان عن أبي هريرة (… فأتاه جبريل، فقال: ما الإيمان ؟ قال: “أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ..”)؟
- ألم يأت في حديث ابن عمر عند مسلم أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم : فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله…الحديث؟
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد أن الإيمان لا يتم بتوحيد الربوبية ما لم يقترن بتوحيد الألوهية؟
- ولكن ألا ينقض حديث الجارية؟
- ألم يشهد النبي صلى الله عليه وسلم للجارية بالإيمان بعد أن سألها أين الله فقالت في السماء؟
- ألم يقل أعتقها فإنها مؤمنة؟
- فكيف شهد لها بالإيمان دون تأتي بشهادة أن لا إله إلا الله؟
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد أن شهادة أن لا إله إلا الله لا تقبل إلا بسبعة شروط كما زعم ابن عبد الوهاب ؟
- ولكن ألا ينقض هذا حديث الجارية التي شهد لها بالإيمان دون أن تأتي أصلا بشهادة أن لا إله إلا الله فضلا عن أنها لم تأت بشروطها السبعة؟
- أيضا أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد أن توحيد الربوبية لا مدح ولا ثواب عليه؟
- ولكن أليس هذا خلاف قوله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30] ؟
- أليس في هذه الآية أعظم الثواب والثناء والمدح على من آمن بربوبية الله واستقام على ذلك؟ فكيف زعمتم خلاف ذلك؟
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد التباين بين كلمتي الرب والإله؟
- ولكن أليس هذا منقوضا بعدة آيات وأحاديث جاء فيها الرب بمعنى الإله والعكس ؟
- ألم يقر ابن عبد الوهاب النجدي نفسه بذلك ؟
- ألم يقل النجدي بالحرف : فقول الملكين للرجل في القبر: من ربك، معناه: من إلهك.. وكذلك قوله: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ}.. وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}
- ألم يستنتج من ذلك قائلا : فالربوبية في هذا هي الألوهية، ليست قسيمة لها كما تكون قسيمة لها عند الافتراق”[11]؟
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد أن تفسير الإله بالرب هو أم الطامات كما زعمتم[12] ؟
- ولكن ألم يفسر ابن تيمية نفسه الإله بالرب في بعض الآيات ؟
- ألم يقل ابن تيمية : فلو كان ربّان لكان مخلوق كل واحد منهما متميزا عن مخلوق الآخر كما قال تعالى: {إذًا لذهب كل إله بما خلق ..}؟
- ألم يكن الواجب أن يقول ابن تيمية هنا (فلو كان إلهان) بدل قوله (فلو كان ربّان) ؟
- بل ألم يفسر اللهُ تعالى نفسه الإلهَ بالرب الخالق ؟
- ألم يقل الله في سورة الصافات: إن إلهكم لواحد رب السماوات والأرض وما بينهما[13]؟
- ألم يفسر هنا الإلهَ الواحد بأنه رب السموات والأرض كما ذكر المفسرون والنحاة كما بيناه مطولا في كتابنا تنوير الرب الإله[14]؟
- فكيف شتمتم من فسر الإله بالرب في شهادة أن لا إله إلا الله، مع أن القرآن فسره بذلك كما ترون؟
- ألم تزعموا أن الأشاعرة جهلوا أن الإله هو المعبود بحق في شهادة التوحيد؟
- ولكن ألم ينص الأشاعرة على هذا في كتبهم مرارا؟
- ألم ننقل نصوص كثيرة للأشاعرة في ذلك في مقال مطول ؟
- هل قرأتم هذا المقال الذي هو بعنوان (هل صحيح أن الأشاعرة والماتريدية لا يعرفون معنى لا إله إلا الله كما زعم التيمية والوهابية؟ ونقض ذلك بأكثر من عشرين نصا) [15]؟
- ثم أليس المعبود بحق هو الخالق كما نص على ذلك ابن تيمية وأتباعه كما بينا ذلك من نصوصهم في كتابنا تنوير الرب الإله [16]؟
- ألم ينص ابن تيمية على أن آلهة المشركين معبودة بباطل لأنها لا تخلق؟
- ألا يعني هذا أن الذي لا يَخلق ليس بإله ولو عُبد كما سيأتي؟
- فما الفرق بين تفسير الإله بالمعبود بحق وتفسيره بالخالق طالما أن المعبود بحق هو الخالق ؟
- ولماذا أنكرتم فقط على الأشاعرة الذين فسروا الإله بالخالق في شهادة التوحيد؟
- ألم يفسره غيرُهم بذلك؟
- ألم يقل ابن أبي زمنين عند قوله تعالى {لا إله إلا هو} [فاطر: 3]: لا خالق ولا رازق غيره[17]؟
- ألم ينص على ذلك السمرقندي في تفسيره مرارا كما بيناه في كتابنا[18]؟
- أليس من فَسر الإلهَ بالمعبود بحق يلتقي مع من فسره بالخالق لأن المعبود بحق هو الخالق كما بيناه في كتابنا تنوير الرب الإله[19]؟
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد أن الإله هو المعبود وليس القادر على الاختراع؟
- ولكن ألا ينقض هذا تصريحُ ابن تيمية مرار أن العاجز لا يكون إلها ولا ربا؟
- ألم يقل ابن تيمية بأن “العاجز لا يفعل شيئا، فلا يكون لا ربا ولا إلها”[20] ؟
- بل ألم ينف ابن تيمية أن تكون أصنام المشركين آلهة مع أنهم عبدوها؟!
- ألم يقل ابن تيمية أيضا: “فالآلهة التي جعلها عابدوها آلهة يعبدونها كثيرة؛ لكن هي لا تستحق العبادة فليست بآلهة” [21]؟
- ألم يتابع ابنُ القيم شيخه ابن تيمية في ذلك؟
- ألم يقل ابن القيم: “وليس لها من الإلهية إلا مجرد الأسماء .. وهذا كمن سمى قشور البصل لحما، وأكلها .. فإنه لا حقيقة لإلهيتها بوجه”[22]؟
- فإذا كانت أصنامهم ليست بآلهة مع أنهم عبدوها فأين زعمكم أن الإله هو المعبود سواء كان يستحق العبادة أم لا ؟
- ألم يقل ابن تيمية أن “الإله هو المألوه المعبود” [23]؟
- ألم تقولوا بأن الإله “كل معبود بحق أو باطل ثم غلب على المعبود بحق وهو الله تعالى”[24]؟
- أليس من أصول نظريتكم أيضا أن القرآن لم يأت ليبين أن الله خالقنا وخالق السموات والأرض بحجة أن الفطرة تقضيه وأن المشركين كانوا يقرون بذلك؟
- ولكن أليس هذا ينقضه عشرات الآيات[25] التي تبيّن مرارا بأن الله خالق السموات والأرض وخالق كل شيء؟
- ثم أليس العلو مفطورا عليه؟ فلم زعمتم إذن أنه يوجد ألف دليل في الكتاب والسنة على العلو بل ألفان؟
- فلماذا لا يوجد في القرآن أدلة على توحيد الربوبية أصلا ـ بزعمكم ـ بحجة أن الفطرة تقضيه، ويوجد ألفَا دليل العلو مع أنه مقتضى الفطرة عندكم؟
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد أن المشركين لم يكونوا يعبدون حجارة صماء وإنما كانوا يعبدون عقلاء من الأنبياء والأولياء ؟
- لكن ألا ينقض هذا قولُه تعالى: ﴿أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَۚ قُلۡ أَوَلَوۡ كَانُواْ لَا يَمۡلِكُونَ شَيۡـٔا وَلَا يَعۡقِلُونَ) [الزمر: 43]؟
- أليس في هذه الآية تصريح بأن آلهة المشركين لا تعقل؟
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد أن العبادة لا تحتاج إلى نية لتسمى عبادة !
- ولكن ألا ينقض هذا حديثُ الشيخين “إنما الأعمال بالنيات”؟
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد أن المشركين ” لم يكونوا يعدلون آلهتهم بالله“[26] ؟
- ولكن أليست هذه الدعوى مناقَضة صريحة لقوله تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1]؟
- ولقوله: { ..وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 150]؟
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد أن المشركين كانوا يتوسلون ويتشفعون ويعبدون الأنبياء عليهم السلام ؟
- ولكن هل كان المشركون يؤمنون بالأنبياء عليهم السلام أصلا حتى يعبدوها ويتوسلوا بها؟
- ألم يقل تعالى: (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُۥ كَانَت تَّأۡتِيهِمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَقَالُوٓاْ أَبَشَرٞ يَهۡدُونَنَا فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْۖ ) [التغابن: 6] ؟
- ألم يقل أيضا: ﴿وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤۡمِنُوٓاْ إِذۡ جَآءَهُمُ ٱلۡهُدَىٰٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَرا رَّسُولا ) [الإسراء: 94] ؟
- أليس في هذه الآية تصريح بأن المشركين والكفار عامة امتنعوا من الإيمان بالرسل لأنهم بشر! فكيف يؤمنون بهم ؟
- بل ألم يكن المشركون يتشاءمون من الأنبياء وأتباعهم فكيف يتوسلون بهم؟
- ألم يقل الله عنهم: (قَالُوٓاْ إِنَّا تَطَيَّرۡنَا بِكُمۡۖ لَئِن لَّمۡ تَنتَهُواْ لَنَرۡجُمَنَّكُمۡ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٞ) [يس: 18]
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد أن المشركين يعبدون الله؟
- ولكن ألا ينقض هذا قولُه أيضا: (قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي شَكّٖ مِّن دِينِي فَلَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِنۡ أَعۡبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّىٰكُمۡۖ ) [يونس: 104]
- أليس في هذه الآية تصريح بأن المشركين لا يعبدون ما يعبد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ؟
- بل ألا ينقضه أيضا سورة كاملة وهي سورة “الكافرون”؟
- ألم يقل تعالى فيها: (قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ ١ لَآ أَعۡبُدُ مَا تَعۡبُدُونَ ٢ وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ ٣ وَلَآ أَنَا۠ عَابِدٞ مَّا عَبَدتُّمۡ ٤ وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ ٥ لَكُمۡ دِينُكُمۡ وَلِيَ دِينِ) [الكافرون: 1-6] ؟
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد أنهم كانوا ينفرون من توحيد الألوهية دون توحيد الربوبية؟
- ألم تستدلوا على ذلك بقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ ) [الصافات: 35]؟
- ولكن أليست هذه الدعوى ينقضها قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا ذَكَرۡتَ رَبَّكَ فِي ٱلۡقُرۡءَانِ وَحۡدَهُۥ وَلَّوۡاْ عَلَىٰٓ أَدۡبَٰرِهِمۡ نُفُورا ﵞ [الإسراء: 46]؟
- أليس ظاهرها أنهم ينفرون من توحيد الربوبية؟!
- بل ألم يكونوا يشمئزون من ذكر الله وحده؟
- ألم يقل الله :(وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُ ٱشۡمَأَزَّتۡ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِۖ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُون)َ [الزمر: 45] ؟
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد أن المشركين موحدون في الربوبية؟
- ولكن ألم يُخرِج المشركون النبيَ صلى الله عليه وسلم وأصحابه لقولهم ربنا الله ؟
- ألم يقل الله : (ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بِغَيۡرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُۗ )[الحج: 40] ؟
- فلو كان المشركون يقولون : “ربنا الله” فلم أخرجوا من قال بذلك؟
- أليس من أصول نظريتكم أن المشركين مؤمنون بأن الله خالق السموات والأرض؟
- ولكن أليس هذا خلاف ظاهر قوله تعالى : (قُلۡ أَئِنَّكُمۡ لَتَكۡفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ فِي يَوۡمَيۡنِ وَتَجۡعَلُونَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ ذَٰلِكَ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ)[فصلت: 9] ؟
- أليس في نص هذه الآية أنهم يكفرون بمن خلق الأرض ؟
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد دعوى أن كفرهم بالبعث لا يعني أنهم كافرون بالربوبية[27]؟!
- ولكن هذه الدعوى ألا يبطلها قوله تعالى: ﴿وَإِن تَعۡجَبۡ فَعَجَب قَوۡلُهُمۡ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبًا أَءِنَّا لَفِي خَلۡق جَدِيدٍۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ ) [الرعد: 5] ؟
- ألم يقرر ابن القيم أن المنكر للبعث جاحد بربه، وأطال في بيان ذلك؟
- ألم يختم ذلك بالقول: فمنكر المعاد كافر برب العالمين وإن زعم أنه مقر به[28]؟!
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد أنه “حتى النصارى المثلثة ما زالوا يقولون: نحن نؤمن بالرب الواحد“[29] كما زعم دمشقية؟
- ولكن ألا ينقض هذا آيات من القرآن مثل قوله تعالى : (لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ مَرۡيَمَۚ) [المائدة: 17] ؟
- فكيف يكون موحدا في الربوبية من يقول عن المسيح بأنه الله ؟
- ألم يقل تعالى أيضا: (لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلَٰثَةٖۘ وَمَا مِنۡ إِلَٰهٍ إِلَّآ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۚ ) [المائدة: 73] ؟
- فكيف يكون موحدا في الربوبية من يقول بأن الله ثالث ثلاثة؟
- وإذا كان التثليث لا ينافي الربوبية فهل ينافي الألوهية فقط؟ ولم؟
- أليس من دعاوى نظرية تقسيم التوحيد أن المشركين ما كانوا يرجون من آلهتهم إلا الشفاعة ولا يعتقدون فيهم ضرا ولا نفعا ؟
- ألم تقولوا أنه مخطئ من زعم ” زعم أن مشركي العرب يعتقدون النفع والضر لغير الله “[33]!
- ولكن ألا ينقض هذا آية: (إِن نَّقُولُ إِلَّا ٱعۡتَرَىٰكَ بَعۡضُ ءَالِهَتِنَا بِسُوٓءٖۗ ) [هود: 54] ؟
- ألم يقل مجاهد أن المراد ” أصابتك الأوثان بجنون”؟
- ألم يقل قتادة في تفسير هذه الآية: إنما تصنع هذا بآلهتنا أنها أصابتك بسوء[34].
- ألا ينقضه أيضا آية: ﴿وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ ءَالِهَة لِّيَكُونُواْ لَهُمۡ عِزّا ) [مريم: 81] ؟
- ألا ينقضه أيضا آية : ﴿وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ ءَالِهَة لَّعَلَّهُمۡ يُنصَرُونَ ) [يس: 74]؟
- ألم تدل هذه الآية وآية مريم التي قبلها على أن الله قد “عاقب من اتخذ معه إلها آخر، ينتصر به، ويتعزز به: بأن جعله عليه ضدا يذلّ به، ويخذل به”[35]؟
- أليس من أصول نظرية تقسيم التوحيد الزعم أنه ليس في القرآن برهان على وجود الله[36] “؟
- ألم تقولوا: وإنما كان القرآن يقيم الحجة على المشركين حين يقرر توحيد الألوهية الذي ينكرونه بتوحيد الربوبية الذي يقرون به [37]؟
- ولكن ألا ينقض هذا قولُه تعالى: {أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ } [الطور: 36]
- أليس معناه “أي إذا سئلوا: من خلقكم .. قالوا: الله، وهم شاكون فيما يقولون لا يوقنون“[38]؟
- ألم ييين ابن تيمية نفسه أن هذه الآية فيها دليل عقلي على وجود الصانع[39] ؟
- أله ينقضه أيضا قوله (نَحۡنُ خَلَقۡنَٰكُمۡ فَلَوۡلَا تُصَدِّقُونَ) [الواقعة: 57] ؟
- ألم يقل الشوكاني أن المشركين قد يتشككوا ويتلعثموا فيما إذا سئلوا عن الخالق ولذا أمر اللهُ رسوله أن يجيب عنهم كما في قوله (قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ قُلِ ٱللَّهُۚ) [الرعد: 16] [40]؟
- أبعد كل هذه الآيات والأحاديث السابقة التي تنقض نظرية تقسيم التوحيد عند ابن تيمية تدّعون أن الاستقراء دل عليها؟
- فهلا امتثلتم للكتاب والسنة وتركتم هذه النظرية المخالفة لهما؟
- ألم يقل تعالى (وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ)[آل عمران: 132] ؟
- ألم يقل أيضا وبه نختم ( إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيدٞ ) [ق: 37] ؟
[1] «منهج علماء الحديث والسنة في أصول الدين» د. مصطفى حلمي (ص253).
[2] وفي ذلك يقول الأمين الشنقيطي: “دل استقراء القرآن العظيم على أن توحيد الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام الأول: توحيده في ربوبيته .. الثاني: توحيده جل وعلا في عبادته .. النوع الثالث: توحيده جل وعلا في أسمائه وصفاته. أضواء البيان (3/ 488)، وانظره أيضا في: القول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد (ص: 28).
[3] جاء في تنوير الرب الإله في دعوى التباين بين كلمتي الرب والإله (1/ 4): وكل فصل منها تضمن النظر في إحدى دعاوى نظرية تقسيم التوحيد، وهذه الدعاوى هي بمثابة أدلة استدلوا بها على صحة نظريتهم في تقسيم التوحيد إلى ربوبية وألوهية، وهي ما يلي:
1) أن توحيد الربوبية مباين لتوحيد الألوهية للتباين بين كلمتي الرب والإله.
2) أن المشركين كانوا مقرين بتوحيد الربوبية دون توحيد الألوهية.
3) أن خلاف الرسل – عليهم السلام – مع أقوامهم كان بسبب توحيد الألوهية لا بسبب توحيد الربوبية ولا بسبب غيره.
4) أن توحيد الربوبية أمر فطري، وأما توحيد الألوهية فهو كسبي.
5) أن توحيد الربوبية لم ينازع فيه أحد، بخلاف توحيد الألوهية.
6) أن الرسل إنما جاءت بتوحيد الألوهية لا بتوحيد الربوبية.
7) توحيد الربوبية هو حجة الله على المشركين في إثبات توحيد الألوهية.
8) أن التعويل في الدارين على توحيد الألوهية لا توحيد الربوبية.
9) أن استقراء القرآن يدل على أن التوحيد قسمان: ربوبية وألوهية.
10) أن ثمة من سبق ابن تيمية إلى تقسيم التوحيد إلى: ربوبية وألوهية.
[4] روابط تنزيل المجلدات الخمسة التي ألفتها ـ بفضل الله ـ في نقض بدعة تقسيم التوحيد نظريا:
المجلد الأول : “تنوير الرب الإله في دعوى التباين بين كلمتي الرب والإله”/ طبع في دار الأصلين / وهذا رابط تنزيله
المجلد الثاني: “ولئن سألتهم “، واسمه الكامل (الكافية الشافية لنقض استدلال ابن تيمية بآيات “ولئن سألتهم” الثمانية) طبع في دار المنهل بالكويت ودار نون في بيروت ، وهذا رابط تنزيله:
drwaleedbinalsalah.com/تنزيل-حصري-لكتاب-ولئن-سألتهم-أو-الكاف/
المجلد الثالث: “البراهين الشرعية في إبطال بدعة توحيد المشركين في الربوبية”.
ليس له نسخة مطبوعة، وإنما أصدرناه كتابا إلكترونيا مباشرة ، وهذا رابط تنزيله:
المجلد الرابع: “مناقب المشركين ومثالبهم وحقيقة شركهم في الألوهية” او (ثناء الوهابية على المشركين لتكفير المسلمين). وليس له نسخة مطبوعة أيضا، وإنما نشرته نسخة الكترونية مجانية، وهذا رابط تنزيله :
والمجلد الخامس والأخير وهو الذي بين أيديكم وهو: “الصواعق الصلاحية في الإجهاز على النظرية التيمية”، أيضا لم نتمكن من طباعته كما سبق، وإنما أنشره لأول مرة على موقعي الرسمي وهذا رابط تنزيله:
[5] كما في قوله تعالى: (ٱذۡهَبۡ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ ١٧ فَقُلۡ هَل لَّكَ إِلَىٰٓ أَن تَزَكَّىٰ ١٨ وَأَهۡدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخۡشَىٰ ١٩ فَأَرَىٰهُ ٱلۡأٓيَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰ ٢٠ فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ ٢١ ثُمَّ أَدۡبَرَ يَسۡعَىٰ ٢٢ فَحَشَرَ فَنَادَىٰ ٢٣ فَقَالَ أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ ٢٤ فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلۡأٓخِرَةِ وَٱلۡأُولَىٰٓ) [النازعات: 17-25]
[6] كما في قوله تعالى: (أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبۡرَٰهِـۧمَ فِي رَبِّهِۦٓ أَنۡ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ إِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِـۧمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحۡيِۦ وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا۠ أُحۡيِۦ وَأُمِيتُۖ قَالَ إِبۡرَٰهِـۧمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأۡتِي بِٱلشَّمۡسِ مِنَ ٱلۡمَشۡرِقِ فَأۡتِ بِهَا مِنَ ٱلۡمَغۡرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ) [البقرة: 258]
[7] أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة (ص: 9)، نخبة من العلماء، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بالسعودية، ط 1، 1421هـ
[8] الصواعق الصلاحية في الإجهاز على النظرية التيمية ججو بعد التصحيح اللغوي 2 (ص: 153)
المطلب الثاني: الدليل من السنة على وجود من أنكر الله
الدليل الأول: قصة أصحاب الأخدود: وهي قصة مذكورة في القرآن فضلا عن السنة وفي القرآن إشارة إلى أن هؤلاء اضطُهدوا لأجل إيمانهم بالله كما في قوله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج: 8].
والقصة جاءت مفصّلة في السنّة، وحاصلها أن ملِك ذلك الزمان ادعى الربوبية واتخذه قومُه ربّا، وكان أحدُ جلساء الملك رجلا أعمى، وكان قد ظهر في زمنه غلام يبرئ الأكمه والأبرص، فذهب إليه ذلك الأعمى، وعرض عليه هدايا ليشفيه من العمى، فقال له الغلام ” .. إني لا أَشفي أحدا إنما يشفي الله، فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك. فآمن بالله فشفاه الله، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس، فقال له الملك: من ردّ عليك بصرك؟ قال: ربي. قال: ولك رب غيري؟ قال: ربي وربك الله. فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دلّ على الغلام فجيء بالغلام .. ” (1)
فأراد الملك أن يقتله فرماه من شاهق جبل فلم يمت! وجرّب الوسائل حتى علّمه الغلام أن يقول الملك عند قتله: “باسم الله رب الغلام”، ففعل فمات الغلام “فقال الناس: آمنا برب الغلام”، “وهنا أدرك الملك مكر الغلام به، وأنه بفدائه بنفسه، فدى شعبه من الإيمان به إلى الإيمان بربه تبارك وتعالى، هنا جاءت قصة الأخدود، فحفر الأخدود وأوقد النار” (2).
وموضع الشاهد من هذه القصة قوله “ولك رب غيري؟ “، ففيه أن الملك كان يدّعي تفرّده بالربوبية وصفاتها كالشفاء، لذلك أنكر على الأعمى أن يكون شفاه غيره، فهو مُنكر لله أصلا، وقد قام الغلام بما قام به ليكون سببا في إيمان الناس ونقلهم من إيمانهم بهذا الطاغية ربا إلى الإيمان بالله رب هذا الغلام كما قال الألباني.
__________
(1) أخرجه مسلم (3005) من حديث صهيب مرفوعا، كتاب الزهد والرقائق، باب قصة أصحاب الأخدود.
(2) موسوعة الألباني في العقيدة (3/ 1107)
[9] «صحيح مسلم» (4/ 2299 ت عبد الباقي):
«وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس من سائر الأدواء. فسمع جليس للملك كان قد عمي. فأتاه بهدايا كثيرة. فقال: ما ههنا لك أجمع، إن أنت شفيتني. فقال: إني لا أشفي أحدا. إنما يشفي الله. فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك. فآمن بالله. فشفاه الله. فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس. فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي. قال: ولك رب غيري؟ قال: ربي وربك الله. فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام. فجئ بالغلام. فقال له الملك: أي بني! قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل. فقال: إني لا أشفي أحدا. إنما يشفي الله. فأخذه فلم يزل يعذبه»
[10] إعانة المستفيد شرح كتاب التوحيد للفوزان (1/ 70)
[11] الدرر السنية في الأجوبة النجدية (1/72، 73)، وانظر: دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ص: 335)، جهود علماء الحنفية (1/ 239). القول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد (ص: 81)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/ 253).
[12] جهود علماء الحنفية للشمس الأفغاني (1/ 178)، وانظر أيضا: حقيقة التوحيد بين أهل السنة والمتكلمين (ص: 478)، ودعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ص: 328).
[13] (وَٱلصَّٰٓفَّٰتِ صَفّٗا ١ فَٱلزَّٰجِرَٰتِ زَجۡرٗا ٢ فَٱلتَّٰلِيَٰتِ ذِكۡرًا ٣ إِنَّ إِلَٰهَكُمۡ لَوَٰحِدٞ ٤ رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَٰرِقِ ٥)[الصافات: 1-5]
[14] حيث جاء في تنوير الرب الإله في دعوى التباين بين كلمتي الرب والإله (1/ 378): الآية الثامنة: {إن إلهكم لواحد (4) رب السماوات والأرض} [الصافات: 4، 5] فهنا الإله في الآية الأولى فسرته الآية الثانية بالرب كما ترى، إذ “رب السماوات والأرض: خبر بعد خبر، ويجوز أن يكون بدلا من واحد، ويجوز أن يكون مرفوعا على إضمار مبتدأ” (1)، والمبتدأ المضمر “هو” فصار التقدير (أي هو رب) (2)، لذا فإن الوقف على “لواحد” هو كما (قال ابن الأنباري: .. وقف حسن، ثم تبتدى ” رب السموات والارض ” على معنى هو رب السموات) (3)، “ومعنى الآية: أن إلهكم لواحد، وهو رب السموات والأرض وما بينهما” (4). أي ” لا إله إلا هو رب السماوات والأرض” (5)، “ويجوز في الكلام نصبه بإضمار أعني. أو على الصفة لاسم {إن} ” (6). فقد (بين سبحانه معنى وحدانيته وألوهيته وكمال قدرته بأنه “رب السموات والأرض ” أي خالقهما ومالكهما) (7). و”أن إله البشرية كلها واحد وهو الله خالقها ورازقها وليس من إله غيره” (8).
والحاصل أن الإله فسرته الآية بأنه “هو رب السموات” كما قال ابن الأنباري وغيره، وهذا عين ما تنكرونه وهو تفسير الإله بالرب، والإله هنا ليس بمعنى مجرد المعبود إذ لو كان كذلك لما صدقت الآية إذ إن المعبودات كثيرة جدا، فكيف يقال إن إلهكم لواحد؟!
__________
(1) إعراب القرآن للنحاس (3/ 277)
(2) مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي (3/ 117) وانظر أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي (5/ 5)
(3) الجامع لأحكام القرآن، للإمام القرطبي، ط/ الرسالة (18/ 8) وكذا في فتح القدير للشوكاني 4/ 443.
(4) تفسير السمعاني (4/ 391)
(5) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (12/ 6)
(6) الكتاب الفريد في إعراب القرآن المجيد للمنتجب الهمذاني (5/ 371)، إعراب القرآن وبيانه للدرويش 8/ 243
(7) الجامع لأحكام القرآن، للإمام القرطبي، ط/ الرسالة (18/ 8) وكذا في فتح القدير للشوكاني 4/ 443.
(8) أيسر التفاسير للجزائري (4/ 397)
[15] انظر:
[16] جاء في تنوير الرب الإله في دعوى التباين بين كلمتي الرب والإله (1/ 467): وكذا أكده التيمية فذكروا أن”العبادة لا تكون إلا لرب خالق مدبر” (2)، أي “إنما يستحق أن يفرد بالعبادة من هو المتفرد بالخلق والرزق (3) “، فـ “لا يصلح أن يعبد إلا من كان ربا خالقا مالكا مدبرا” (4)، و”لا يكون إلها مستحقا للعبادة إلا من كان خالقا رازقا مالكا متصرفا مدبرا لجميع الأمور” (5)،”وقد تكرر في القرآن الإنكار عليهم أن يعبدوا ما لا يخلق شيئا” (6)، كما في قوله تعالى {أفمن يخلق كمن لا يخلق} “فأخبر أنه خالق منعم عالم وما يدعون من دونه لا تخلق شيئا ولا تنعم بشيء .. فكيف يعبدونها من دون الله مع هذا الفرق” (7). إذ إنه “لا يتأله إلا للرب عز وجل الذي يعتقد أنه هو الخالق وحده” (8)، “والإله اسم صفة لكل معبود بحق أو باطل ثم غلب على المعبود بحق وهو الله تعالى، وهو الذي يخلق ويرزق ويدبر الأمور” (9).
__________
(1) مجموع الفتاوى (2/ 37)
(2) شبهات المبتدعة في توحيد العبادة ص 302.
(3) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (10/ 419)
(4) قاله محمد السليماني في مقدمة تحقيقه لكتاب قانون التأويل لابن العربي (ص: 379).
(5) معارج القبول (2/ 395).
(6) بدائع الفوائد لابن القيم (1/ 263)
(7) مجموع الفتاوى (14/ 178)
(8) مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (7/ 23)
(9) عقيدة محمد بن عبد الوهاب السلفية (1/ 376)، نقلا عن مؤلفات الشيخ، القسم الخامس، الشخصية رقم 16 ص 106.
[17] تفسير ابن أبي زمنين (4/ 24)، ت حسين عكاشة، دار الفاروق بالقاهرة، ط 1/ 2002 م.
[18] جاء في تنوير الرب الإله في دعوى التباين بين كلمتي الرب والإله (1/ 486): نذكر فيما يلي بعض المفسرين وبعض نصوصهم التي يفسرون الإله فيها بالخالق:
الأول: أبو الليث السمرقندي في تفسيره في مواضع كثيرة، وإليك بعضها:
قال عند قوله تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [البقرة: 255]: لا خالق ولا رازق ولا معبود إلا هو
2) وقال عند قوله: {هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو} [آل عمران: 6]: يعني لا خالق ولا مصور إلا هو العزيز، يعني المنيع بالنقمة لمن جحده، الحكيم يحكم تصوير الخلق على ما يشاء (1).
3) {لا إله إلا هو} [الأنعام: 102]: يعني: لا خالق غيره (2).
4) {لا إله إلا هو} [الأعراف: 158] يعني: لا خالق ولا رازق في السماء ولا في الأرض إلا هو (3).
5) {الله لا إله إلا هو} [طه: 8] يعني: هو الله الخالق الرزاق، لا خالق ولا رازق غيره (4).
6) {وهو الله لا إله إلا هو} [القصص: 70]: يعني: لا خالق ولا رازق غيره (5).
__________
(1) بحر العلوم (1/ 194)
(2) بحر العلوم (1/ 472)
(3) بحر العلوم (1/ 557)
(4) بحر العلوم (2/ 390)
(5) بحر العلوم (2/ 617)
[19] حيث قلت في تنوير الرب الإله في دعوى التباين بين كلمتي الرب والإله (1/ 327): فأنت ترى أن البيهقي والرازي والصاوي فسروا الإله مرة بالمعبود بحق أو المستحق للعبادة، ومرة بأنه الرب الخالق والقادر على الاختراع، وفسروا الإلهية بالربوبية والخالقية والقدرة على الاختراع، وهذا ليس اضطرابا بل تمام الاتساق والتوافق لأن المعبود بحق والمستحق للعبادة هو الخالق، قال التفتازاني: قوله تعالى: أفمن يخلق كمن لا يخلق، في مقام التمدح بالخالقية، وكونها مناطا لاستحقاق العبادة . “يعني بأنه سبحانه الخالق الذي يستحق العبادة لا غيره .. أن مناط المدح واستحقاق العبادة إنما هو نفس الخلق” .
[20] منهاج السنة النبوية (3/ 315)
[21] مجموع الفتاوى (14/ 173)
[22] تفسير القرآن الكريم لابن القيم (ص: 329)
[23] مجموع الفتاوى (8/ 100)، وانظر: بيان تلبيس الجهمية (3/ 142) عقيدة التوحيد في القرآن الكريم (ص: 75)، وانظر: أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة (ص: 242)، فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (ص: 11)، الانتصار لحزب الله الموحدين والرد على المجادل عن المشركين (ص: 25)
[24] عقيدة محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي (1/ 376) نقلا عن مؤلفات الشيخ، القسم الثالث، الفتاوى رقم 8 ص 43، وانظر أيضا: منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة (ص: 468)، بلوغ الأماني في الرد على مفتاح التيجاني، أحمد ولد الكوري العلوي الشنقيطي (ص: 151).
[25] منها الآيات التالية:
- (وَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ ) [الجاثية: 22]
- (ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَۖ ) [الأنعام: 1]
- (وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۖ ) [الأنعام: 73]
- (إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ) [الأعراف: 54]
- (خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۚ تَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ) [النحل: 3]
- (خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۖ ) [الزمر: 5]
- ( ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ) [السجدة: 4]
- ( خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۚ) [العنكبوت: 44]
- (وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٖۚ ) [الشورى: 29]
[26] جهود علماء الحنفية (1/ 372)
[27] قال د. البدر في القول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد (ص: 77): “وعلى هذا فالاستدلال بالنصوص المثبتة لإنكار المشركين للبعث والمعاد على أنَّهم ينكرون وجود الخالق الرازق خلطٌ بيِّنٌ، وغلطٌ ظاهرٌ، إذ لا تلازم بين إنكار البعث وإنكار الربوبية.اهـ
[28] إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم (1/ 267) وكلامه بتمامه: فليس مع المكذبين بالقيامة إلا مجرد تكذيب الله ورسوله وتعجيز قدرته ونسبة علمه إلى القصور والقدح في حكمته ولهذا يخبر الله سبحانه عمن أنكر ذلك بأنه كافر بربه جاحد له لم يقر برب العالمين فاطر السموات والأرض كما قال تعالى .. ثم سرد آيتي الرعد والكهف السابقتين ثم قال: فمنكر المعاد كافر برب العالمين وإن زعم أنه مقر به
[29] موسوعة أهل السنة لعبد الرحمن دمشقية (ص: 149)
[30] «مجموع الفتاوى» (14/ 380): «فلماذا يعبدون غيره معه وليس له عليهم خلق ولا رزق ولا بيده لهم منع ولا عطاء بل هو عبد مثلهم لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا»
[31] كشف الشبهات (ص: 24): “لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له ومقرون أن أوثانهم لا تدبر شيئا ، وإنما أرادوا الجاه والشفاعة”.
[32] كيف نفهم التوحيد لباشميل (ص: 11): ” من يدعونهم من دونه من الآلهة والأنبياء ليسوا إلا بعضاً من عبيده وخلقه لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، وأن الضر والنفع والموت والحياة بيده وحده سبحانه وتعالى لا يشاركه في ذلك”
[33] دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، للعبد اللطيف(ص: 336)، والمقصود بكتاب التوضيح هنا هو “التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق” للشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، كما ذكر العبد اللطيف ذلك ص 59.
[34] جامع البيان ط هجر (12/ 448).
[35] إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (1/ 359) وانظر: طريق الهجرتين لابن القيم (ص: 105)
[36] حيث قالوا: ” القرآن الكريم لم ينشغل بإقامة الأدلة على وجود الله، وأنه لم يأمر بالاستدلال على ذلك، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطلب من أحد من الناس كما أن أحدا لم يطلب منه دليلا على وجود الله، إذ المسألة .. ضرورية وأن الناس وكل الكائنات قد فطروا على معرفة الله والإقرار بوجوده … ولهذا فان عقيده اهل السنه والجماعه انه ليس في القران الكريم ايه واحده تدعو الى اثبات وجود الله بل هناك الايات الكثيره الداله على ان معرفه الله تعالى فطريه[36] ” انظر: منهج المتكلمين الفلاسفة المنتسبين للإسلام في الاستدلال على وجود الله تعالى (عرض ونقد على ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة)، ج 2، ص 829، وبالترقيم الآلي ص 344، رسالة دكتوراة بجامعة أم القرى ليوسف الأحمد. وقد عزا إلى مجموع الفتاوى 16/ 332
[37] انظر مثلا: منهج السلف والمتكلمين في موافقة العقل للنقل ط (ص: 271)، المبحث الثاني: الاستدلال ببرهان الربوبية المستقر في الفطر والعقول على توحيد الألوهية 271
[38] البحر المحيط (8/ 149)
[39] ويقول ابن تيمية: إن المُحْدَث قبل أن لم يكن، لا يتصور أن يحدث عن غير محدِث، ولا أن يحدث نفسه. فلا يكون الشيء صانعًا لنفسه، لا مصنوعًا لنفسه، ولا يكون أيضًا علة غائية لنفسه … قال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} قالوا: من غير خالق لهم، قال جبير بن مطعم: لما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية في صلاة المغرب أحسست بفؤادي قد انصدع. انظر بيان تلبيس الجهمية (1/ 482)
[40] «فتح القدير للشوكاني» (3/ 89): “قل من رب السماوات والأرض” أمر الله سبحانه رسوله أن يسأل الكفار من رب السموات والأرض؟ ثم لما كانوا يقرون بذلك ويعترفون به كما حكاه الله سبحانه في قوله: ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم «2» وقوله: ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله «3» أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجيب، فقال: “قل الله” فكأنه حكى جوابهم وما يعتقدونه، لأنهم ربما تلعثموا في الجواب حذرا مما يلزمهم، ثم أمره بأن يلزمهم الحجة ويبكتهم فقال: قل أفاتخذتم من دونه أولياء والاستفهام للإنكار