ابن تيمية حكما على الأمة

اعتراف بعض الوهابية أن السيوطي إمام حافظ أشعري متأصل في أشعريته وصوفي له شطحات ولكن لا يستغنى عن كتبه وعلومه لأن الأمة بحاجة إليها لكن مع التنبيه على خطئه بأدب، وأن السيوطي ما عنده من فضائل تغطي أخطاءه في العقيدة وله أجر على خطئه عند اللجنة الدائمة السعودية

‌‌مناسبتها بما بعدها (السجدة).
قال السيوطي: «أقول: وجه اتصالها بما قبلها أنها شرحت مفاتح الغيب
‌‌_—————
(1) السيوطي هو: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الخضيري السيوطي، جلال الدين: إمام حافظ مؤرخ أديب. (849 – 911 هـ) له نحو (600) مصنف، من أشهرها: الإتقان في علوم القرآن، لباب النقول في أسباب النزول، تفسير الجلالين وغيرهم، ينظر: الزركلي، الأعلام (3/ 302).
والسيوطي أشعري متأصل في أشعريته وكتبه مشحونة بتأويل صفات الرب جل في علاه، كالإتقان وتفسير الجلالين وغيرها، هذا مع ماله من شطحات في التصوف والغلو في الأولياء وغير ذلك من المخالفات.
والموقف الصواب من السيوطي وغيره من العلماء، هو التنبيه والتحذير-إن أخطأ-‌مع ‌التزام ‌أدب ‌الرد والتحذير، وما من أحد من الناس إلا ويؤخذ من قوله ويرد إلا المعصوم -صلى الله عليه وسلم- وإجلال أولي العلم لا يعني الأخذ بكل ما يصدر عنهم دون تمحيص وتبين، فالحق يُقبل والباطل يرد على صاحبه كائنًا من كان مع لزوم الأدب وبهذا يُعطى ويُؤتى كل ذي فضل فضله بلا إفراط ولا تفريط.
ومما يجدر الإشارة إليه والتنبيه عليه أنه لا ينبغي أن يُخلط بين إجلال أولي العلم وتوقيرهم وبين قبول كل ما يصدر عنهم حقًّا كان أم باطلًا.
فاستفادة طالب العلم المتبصر الحاذق في العقيدة من مصنفات السيوطي لا بأس بها، لما حوته وضمته من علوم شتى نافعة، فهو عالم متبحر في علوم شتى وله مصنفات كثيرة لا يستغني عنها طالب علم، أما في جانب العقيدة فيجب الحذر كل الحذر من أشعريته، فهو مع أشعريته عنده من العلم ما يُنتفع به، ولو هُجرت كتبه وكتب مَن هم مثله لهجر وترك علم جمّ ولهجر ميراث علمي كبير، الأمة في حاجة إليه، والقول الوسط في ذلك أنه يُنتفع بعلمه وعلم أمثاله مع التحذير من الجانب العقدي الذي كانوا عليه.
والذي ينبغي التوجيه إليه هو أن يستفاد من كتب هؤلاء العلماء في جانب الفقه والأصول والتفسير وما شابه ذلك، أما في الجانب العقدي فيرجع إلى أئمة أهل السنة والجماعة الذين عُرِفوا باتباع السلف عقيدة ومنهاجًا. … =
= ومنهج أهل السنة منهج وسطي لا إفراط فيه ولا تفريط ولا غلو ولا تنطع، وإليك أيها القارئ الكريم كلام بعض أهل العلم وفتاواهم في هذا الجانب.
سؤال وجه إلى الإمام العلامة شيخنا ابن باز بشأن تفسير الجلالين فقال:
«تفسير مفيد وفيه بعض الأخطاء في الصفات … لكنه مفيد وقلّ كتاب إلَّا وقد يكون فيه بعض الأخطاء». اهـ. (نور على الدرب شريط: 800)
وسئل العلامة صالح الفوزان-حفظه الله-:
ما رأيكم في «تفسير الجلالين»؟
فأجاب: «تفسير الجلالين» تفسير مختصر ألفه الحافظان: الحافظ المحلي والحافظ السيوطي، وكل منهما يلقب بجلال الدين، لذلك سمي بالجلالين، أي: تفسير جلال الدين المحلي، وتفسير جلال الدين السيوطي؛ لأن جلال الدين المحلي توفي قبل إكماله فأكمله السيوطي. وهو تفسير مختصر جدًّا يسهل على طالب العلم أو المبتدئ قراءته أو حفظه، لكن من المعلوم أن كلا المُفسّرين على عقيدة الأشاعرة وهما يؤولان آيات الصفات كما هو مذهب الأشاعرة، ومن هذه الناحية يجب الحذر في الاعتماد على تفسيرهما في آيات الصفات «. اهـ. «المنتقى من الفتاوى».
وقال العلَّامة محمد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله-:
«تفسير الجلالين لطالب العلم جيد؛ لأنه في الحقيقة زبدة، وكما تعلم أنه يتمشى في مسألة الصفات على مذهب الأشاعرة، فلا يوثق به بل يرد قوله في ذلك، لكن في غير ذلك جيد جدًّا من حيث سبكه للقرآن، وتنبيهه في كلمات وجيزة على أمور تخفى على من يطالعه من أهل العلم!، فإذا اجتمع الفتوحات الإلهية وهو ما يعرف بحاشية الجمل مع الجلالين كان طيبًا اهـ (4) – «لقاء الباب المفتوح» شريط رقم: (32)».
وقال العلَّامة المحدث «مقبل الوادعي» -رحمه الله-:
«تفسير الجلالين مؤلفه مضطرب مرة يفسر «استوى» بمعنى: استولى ومرة بما جاء عن السلف وفيه من الاعتزال». …
نبذة يسيرة من حياة أحد أعلام الجزيرة. لأبي همام البيضاني.
وختامًا إجابة اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية عن سؤال بهذا لصدد: … =
= السؤال:
ما موقع تتبع عورات العلماء من الشرع، بدعوى التحذير من زلاتهم، ولفت نظر الناس إليها؟ مع العلم أن هذا العمل يقوم به طلبة العلم، ويحذرون العوام من الناس، وممن يحذرونهم من علماء أجلاء أحيانًا، كالسيوطي (بدعوى أنه أشعري) وغيره كثير.
الجواب:
«العلماء ليسوا معصومين من الخطأ كما في الحديث: «إذا اجتهد ‌الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد»، ولا ينقص ذلك من قدرهم ما دام قصدهم التوصل إلى الحق، ولا تجوز الوقيعة في أعراضهم من أجل ذلك، وبيان الحق والتنبيه على الخطأ واجب، مع احترام العلماء ومعرفة قدرهم. إلا ما كان مبتدعًا أو مخالفًا في العقيدة، فإنه يحذر منه إن كان حيًّا، ومن كتبه التي فيها أخطاء؛ لئلا يتأثر بذلك الجهال، لا سيما إذا كان داعية ضلال؛ لأن هذا من بيان الحق والنصيحة للخلق، وليس الهدف منه النيل من الأشخاص، والعلماء الكبار-مثل السيوطي وغيره- ينبه على أخطائهم، ويستفاد من علمهم، ولهم فضائل تغطي على ما عندهم من أخطاء، لكن الخطأ لا يقبل منهم ولا من غيرهم».
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … … عضو … … عضو … … عضو …
بكر أبو زيد … عبد العزيز آل الشيخ … صالح الفوزان … … عبد الله بن غديان …
الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
فتاوى اللجنة الدائمة: (12/ 98).
وقد تطرقت بعض الدراسات المعاصرة إلى عقيدته منها رسالة الدكتور سعيد إبراهيم مرعي خليفة، جامعة أم القرى، كلية أصول الدعوة وأصول الدين، قسم العقيدة، وهي أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه، وهي بعنوان «جلال الدين السيوطي وآراؤه الاعتقادية عرض نقد على ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة»، وقد أشرف عليها الدكتور محمود محمد مزروعة، سنة (1420 هـ). … =
= وكذلك رسالة للباحث طلعت جبر المجدلاوي، الجامعة الإسلامية بغزة، كلية أصول الدين، قسم العقيدة الإسلامية والمذاهب المعاصرة، وهي أطروحة مقدمة لنيل شهادة الماجستير، وهي بعنوان: «مواقف الإمام السيوطي من الإلهيات والنبوات دراسة ونقدًا»، وأشرف عليها الدكتور جابر زايد السميري (1423 هـ).
ولعل في هذا كفاية، والحمد لله رب العالمين. الباحث

كذا في : عناية الإسلام بتربية الأبناء كما بينتها سورة لقمان

المؤلف: أبو عبد الرحمن عرفة بن طنطاوي

عدد الصفحات: ٦٤٦

[كتاب إلكتروني بترقيم الشاملة]

السابق
ارفع رأسك يا اشعري فانت حامي عقيدة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم … وقائمة من علماء الأشاعرة في شتى العلوم الشرعية (منقول)
التالي
[26] هل صحيح أن لله يدين؟[1]