قال صديقنا العلامة أحمد زاهر في رسالته للماجستير “قياس الأولى وأثره في فهم صفات الله بين الأشاعرة وابن تيمية”:صفة العلو والفوقية:لقد أثبت ابن تيمية العلو وجهة الفوق لله تعالى، وأن الله فوق العرش المجيد بذاته، وأنه مباين للعالم لا يمازجه ولا يخالطه، بل هو في جهة العلو والفوق منه، والعالم أسفل منه، مستدلاً على ذلك بظواهر بعض الآيات والأحاديث، مثل قوله تعالى: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ) (1) وقوله تعالى: (وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ) (2) وسؤاله صلى الله عليه وسلم للجارية: “أين الله؟ قالت: في السماء، فقال لسيدها: أعتقها فإنها مؤمنة”.
انظر السابق
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/459191590861535/
(1) – الملك:16(2) – الأنعام:18*************************************وأضاف إلى هذه الأدلة النقلية أدلة عقلية، فادعى أن العلو صفة كمال للذات، وأن الموجود لابد أن يكون إما محايثاً للموجود الآخر أو مبايناً عنه، ولما كان حلول الله في خلقه محالاً فلم يبق إلا أن يكون الله بائناً منفصلاً عن خلقه في جهة من خلقه منحازاً عنهم، ليس في ذاته شيء من خلقه، ولا في خلقه شيء من ذاته، وإذا لم يكن من الجهة بد فالذي يناسب كمال الله أن يكون في أكمل وأشرف الجهات وهي جهة الفوق، لا سيما أن ذلك موافق لظواهر من الآيات والأحاديث والآثار المروية عن السلف الصالح.فالعلو عند ابن تيمية ثابت بالعقل والنقل، أما خصوص الاستواء في العلو فهو الذي ثبت بالنقل فقط.ولما كان ابن تيمية يثبت العلو والفوقية صفة راجعة إلى الذات نفسها، وإن كان يفيد فوقية وعلو الرتبة والمكانة، أوردت الكلام عن ذلك في فصل (صفات الأعيان).أما أهل السنة من السلف والأشاعرة فهم يثبتون العلو صفة راجعة إلى المعنى لا إلى الذات، لأنهم ينفون عن الله المكان والجسمية وينزهونه عن مشابهة المخلوقات، ولا يفهمون من قوله تعالى: (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (1) علواً في الذات ومباينة للعالم وانفصالاً بالذات، بل علو الرتبة والمكانة.__________(1) – الزمر:67*********************ولما اعترض علماء عصره عليه لقوله بالجهة التي تقتضي الجسمية وتستلزم الاحتياج والإمكان وحلول الله في العالم وهي محالات، فكر ودبر وتأمل ونظر، ثم خرج على الناس بخُلفٍ من الرأي فقال: (إن لفظ الجهة مما تنازع الناس في معناه، وهي من الألفاظ المجملة الموهمة التي يراد بها معنى حق وباطل، فقد يراد بالجهة شيء موجود غير الله، أي: أمر وجودي كالفلك الأعلى أو نفس العرش، أو نفس السموات، وقد يراد بالجهة أمر عدمي وهو ما فوق العالم، فإنه ليس وراء العالم إلا العدم المحض، فمن قال: إن الله تعالى في جهة وأراد بالجهة أمراً موجوداً فهو مخطئ، وإن أراد بالجهة الأمر العدمي وقصد أن الله فوق العالم فهو مصيب) (1).وهذا التقسيم في الحقيقة باطل متهافت، فإن أحداً من أهل السنة لا يريد بالجهة الشيء الحاصل فيها، فلو قلت: ذهبت جهة الكعبة فإن الكعبة ليست هي نفس الجهة بل أمر حاصل في تلك الجهة، أما الجهة فهي أمر نسبي واعتباري، وليست حقيقة ثابتة لا تتبدل ولا تتغير، والجهات ست وهي الفوق والتحت واليمين والشمال والأمام والخلف، ومعنى الفوق فيما يمشي على أربع أو بطنه: ما يحاذي ظهره من فوقه، والنملة إذا مشت على سقف كان الفوق بالنسبة إليها جهة الأرض لأنه المحاذي لظهرها، ولو كان كل حادث مستديراً كالكرة لم توجد واحد من هذه الجهات لأنه لا أس* له حينئذ ولا رجل ولا يمين ولا شمال ولا ظهر ولا وجه.فالجهة لا وجود لها في نفسها، وإنما هي معنى إضافي يلاحظ بين موجودين، فهي نسبة المكان الذي تقصده في حركتك إلى مكان ابتداء الحركة، وأصلها هو الحيز، فالحيز إنما يصير جهة إذا أضيف إلى شيء آخر متحيز، فكل ما قيل: إنه في جهة، فقد قيل: إنه في حيز مع زيادة أو إضافة (2).إذا عرفت هذا فإن أهل السنة أبطلوا كون الله في جهة، لأنها…..انظر اللاحق:
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/460359257411435/
(1) – منهاج السنة ج2 ص588، شرح التدمرية ص203 – 207. قال وليد: النص أعلاه فيه تصرف، فليس في المرجعين قوله “وهي من الألفاظ المجملة الموهمة التي يراد بها معنى حق وباطل”، نعم قال ذلك في مواضع أخرى منها قوله في منهاج السنة النبوية (2/ 322): لأن المتأخرين قد صار لفظ الجهة في اصطلاحهم فيه إجمال وإبهام .اهـ وقد نقلت ذلك عنه في الحالة السابقة.* كذا، والصواب: لا رأس .(2) – الاقتصاد ص111ـ 112، المسامرة ج 1 ص30.