التبرك بالصالحين وبقبورهم

حكم التبرك بالقبور عند المذاهب الأربعة من الموسوعة الفقهية الكويتية

21 – اختلف الفقهاء في حكم وضع اليد على القبر:

فذهب المالكية والحنفية في قول – والشافعية في قول كذلك – إلى أن وضع اليد على القبر بدعة (1) .

__________

(1) الفتاوى الهندية 5 / 351، والمدخل لابن الحاج 1 / 263، والشفا 2 / 670، والمجموع 5 / 311، ومغني المحتاج 1 / 364


جاء في المدخل لابن الحاج المالكي: ترى من لا علم عنده يطوف بالقبر الشريف كما يطوف بالكعبة الحرام ويتمسح به ويقبله ويلقون عليه مناديلهم وثيابهم يقصدون به التبرك، وذلك كله من البدع لأن التبرك إنما يكون بالاتباع له عليه الصلاة والسلام، وما كان سبب عبادة الجاهلية للأصنام إلا من هذا الباب (1) .

وفي الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض: قال مالك في رواية ابن وهب: إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا يقف ووجهه إلى القبر الشريف لا إلى القبلة ويدنو ويسلم ولا يمس القبر بيده (2) .

وجاء في الفتاوى الهندية: قال شمس الأئمة المكي: وضع اليد على المقابر بدعة (3) .

وجاء في المجموع للنووي نقلا عن أبي الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني: لا يستلم القبر بيده ولا يقبله، وعلى هذا مضت السنة، واستلام القبور وتقبيلها الذي يفعله العوام الآن من المبتدعات المنكرة شرعا ينبغي تجنب فعله وينهى فاعله.

__________

(1) المدخل لابن الحاج 1 / 263

(2) الشفا 2 / 671

(3) الفتاوى الهندية 5 / 351، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار 1 / 383، الاختيار لتعليل المختار 1 / 473، البحر الرائق 1 / 210، وشرح الشفا لملا علي القاري 2 / 152، وهداية السالك لابن جماعة ص 1389


قال الحافظ أبو موسى الأصفهاني: قال الفقهاء المتبحرون الخراسانيون: ولا يمسح القبر بيده، ولا يقبله، ولا يمسه؛ فإن ذلك عادة النصارى، قال: وما ذكروه صحيح؛ لأنه صح النهي عن تعظيم القبور، ولأنه لم يستحب استلام الركنين الشاميين من أركان الكعبة، لكونه لم يسن مع استحباب استلام الركنين الآخرين، فلأن لا يستحب مس القبور أولى.

وقال الغزالي: وليس من السنة أن يمس الجدار، ولا أن يقبله فإن المس والتقبيل للمشاهد عادة النصارى واليهود (1) .

وقال الشيخ ابن تيمية: اتفق السلف والأئمة على أن من سلم على النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء والصالحين فإنه لا يتمسح بالقبر ولا يقبله، بل اتفقوا أنه لا يستلم ولا يقبل إلا الحجر الأسود، والركن اليماني يستلم ولا يقبل على الصحيح (2) .

ويرى الشافعية في المذهب وأحمد في رواية أنه يكره استلام القبر باليد، واستثنى الشيخ سليمان الجمل من هذا الحكم ما إذا

__________

(1) إحياء علوم الدين 1 / 259، 271، المجموع للنووي 5 / 311

(2) الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 92، وكشاف القناع 2 / 151


قصد به التبرك حيث قال: إنه لا يكره حينئذ.

قال الشربيني الخطيب: يكره تقبيل التابوت الذي يجعل على القبر كما يكره تقبيل القبر واستلامه وتقبيل الأعتاب عند الدخول لزيارة الأولياء فإن هذا كله من البدع التي ارتكبها الناس.

وقال سليمان الجمل: يكره تقبيل التابوت الذي يحمل فوق القبر كما يكره تقبيل القبر واستلامه وتقبيل الأعتاب عند الدخول لزيارة الأولياء، نعم إن قصد بتقبيل أضرحتهم التبرك لم يكره، كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى.

قال المرداوي: وعن أحمد يكره لمس القبر باليد. قال أحمد: أهل العلم كانوا لا يمسونه. وقال الأثرم: رأيت أهل العلم من أهل المدينة لا يمسون قبر النبي صلى الله عليه وسلم، يقومون من ناحية فيسلمون. قال أحمد: وهكذا كان ابن عمر يفعل (1) .

وذهب الحنفية في قول، والحنابلة في المذهب إلى أن وضع اليد على القبر لا بأس به.

__________

(1) مغني المحتاج 1 / 364، وحاشية الجمل 2 / 206، وتحفة المحتاج مع حاشية الشرواني 3 / 175، والمغني 3 / 559، والإنصاف 2 / 562، 4 / 53، وحاشية البجيرمي على شرح المنهج 1 / 495، 496


جاء في الفتاوى الهندية نقلا عن برهان الترجماني: لا نعرف وضع اليد على المقابر سنة ولا مستحسنا ولا نرى به بأسا (1).

وقال عين الأئمة الكرابيسي: هكذا وجدناه من غير نكير من السلف (2) .

وفي غاية المنتهى: لا بأس بلمس قبر بيد لا سيما من ترجى بركته، (3) وفي كشاف القناع: لا بأس بلمسه، أي القبر باليد، (4) وفي الإنصاف: يجوز لمس القبر من غير كراهة، قدمه في الرعايتين والفروع (5) .

ويرى الإمام أحمد بن حنبل في رواية أنه يستحب لمس القبر، وقال أبو الحسين في تمامه عن هذه الرواية: هي أصح (6) .

انظر مصطلح (زيارة النبي صلى الله عليه وسلم ف 6)

كذا في الموسوعة الفقهية الكويتية (43/ 311)

__________

(1) الفتاوى الهندية 5 / 351، وكشاف القناع 2 / 150، والإنصاف 2 / 562، ومطالب أولي النهى 1 / 934، وحاشية الجمل2 / 206

(2) الفتاوى الهندية 5 / 351

(3) غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى 1 / 259

(4) كشاف القناع 2 / 150

(5) الإنصاف 2 / 562

(6) الإنصاف 2 / 562 – 563

السابق
كلمات وومضات في ترجمة الأستاذ عصام العطار رحمه الله
التالي
وفاة العلامة الشيخ السيد إبراهيم بن عبد الباعث الكتاني الحسيني رحمه الله (منقول)