[6] هل صحيح ما زعمه ابن عبد الوهاب وأتباعه من أن من ينطق بكلمة التوحيد “لا إله إلا الله ” ولا يعرف المعنى الصحيح لها الذي كان يعرفه أبو جهل وسائر المشركين فهو كالحمار يحمل أسفارا وهو أشد كفرا وشركا من أبي جهل وأبي لهب ….؟!!!!!*
بل إن الله وملائكته الذين شهدوا بأنه لا إلا إلا الله، كما قال تعالى:”شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ [آل عمران : 18] لا يعلمون[1] بأن معنى شهادة (لا إله إلا الله): لا سجود ولا حلف ولا نذر ولا ذبح ولا استغاثة ولا طواف ….إلا لله كما زعم ابن عبد الوهاب؛ وذلك لأن الله أمر ملائكته أن تسجد لآدم؟ فسجدوا فرفعهم الله، وأبى إبليس فلُعن، كما قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } [البقرة: 34][2]. فهل تقولون: إن إبليس أعلم بمعنى الشهادة من الصحابة ومن الملائكة ومن الرسل ومن ربهم لأنهم لم يعلمون أن (لا إله إلا الله) تعني لا سجود …. إلا لله؟! يا قوم ارفقوا بأنفسكم لا بخصومكم، لئلا تقعوا في مثل هذا الكفر البواح!!
فأمَامكم أحد أمرين، أحلاهما مُر،ّ فإما أن تقولوا إن الله ورسله وملائكته والصحابة لا يعلمون معنى الشهادة لأنهم لم يعلموا أن السجود لا يكون لغير الله طبقا لمفهوم كلمة التوحيد والشهادة؛ أو تقولوا إن ابن عبد الوهاب ومن شايعه لا يعلمون معنى الشهادة لأنهم ذكروا أن معنى كلمة التوحيد هو لا سجود ولا ذبح ووو… إلا لله، ثم تبين بطلان هذا المعنى لما سبق من أمر الله الملائكة بالسجود لآدم، ونحو ذلك.
فإن اخترتم الأول وهو أن الله ورسله وملائكته والصحابة لا يعلمون معنى الشهادة ـ والعياذ بالله ـ فهو كفر بواح كما هو ظاهر.
وإن اخترتم الثاني، وهو أن ابن عبد الوهاب ومن شايعه لا يعلمون معنى الشهادة، فيكون ابن عبد الوهاب وأتباعه هم الذين كانوا ينطقون بكلمة التوحيد ولا يعلمون معناها، وهم أولى بأن يُشبَّهوا بالحمار الذي يحمل أسفارا، وهم الذين لا تنفعهم كلمة لا إله إلا الله لأنهم نطقوا بها دون أن يعلموا معناها، لأنه يُشترط عند ابن عبد الوهاب وشيعته ثمانية شروط([3]) حتى ينتفع المرء بنطقه بالشهادة أحدها أن يعلم معناها الصحيح، فيكون ابن عبد الوهاب الذي اشترط هذه الشروط ليُكفّر المسلمين بحجة أنهم لم يلتزموا بتلك الشروط ـ هو أول من لم يلتزم بهذه الشروط بل بأهمها وهو العلم بمعناها، وبالتالي فإن الفخ الذي نصبه ابن عبد الوهاب لخصومه هو أول من وقع فيه، وزاد على ذلك فكفّر المسلمين وسفك دماءهم بغير حق بل تقليدا لابن تيمية وجهلا منه بكلمة التوحيد.
وبعدُ فنحن لم نَجْنِ عليكم، بل هذه بضاعتكم ردت إليكم، وكفى الله المؤمنين القتال، ورد الله الذين كَفّروا المسلمين بغيظهم لم ينالوا خيرا؛ فانظر كيف صار ابن قيصر الأفغاني وشيوخه ـ وهم الذين تبجحوا بتكفير المسلمين بحجة عدم معرفتهم بمعنى كلمة التوحيد ـ صرعى، كأنهم أعجاز نخل خاوية، فهل ترى لهم من باقية؟!!
انظر اللاحق: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/442726669174694/
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*انظر السابق: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/442091615904866/
[1] نفينا عن الله عِلمَ المعنى الذي ذكره ابن عبد الوهاب لشهادة التوحيد، لأن هذا المعنى غير صحيح، لأنه غير مطابق للواقع لما هو موضح أعلاه، والعلم ما كان مطابقا للواقع وإلا كان جهلا، والله يعلم المعنى الصحيح للشهادة المطابق للواقع، وأما المعنى الباطل فلا يعلمه، بل يعلم أنه باطل، ومن ثَمّ قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } [يونس: 18]، جاء في تفسير البغوي (4/ 126): { قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ } أتخبرون الله، { بِمَا لا يَعْلَمُ } الله صحته. ومعنى الآية: أتخبرون الله أن له شريكا، أو عنده شفيعا بغير إذنه، ولا يعلم الله لنفسه شريكا؟! { فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }.اهـ
[2] إن هذه الآية بمفردها كافية في نقض تقسيم التوحيد إلى ربوبية وألوهية، وما ترتب على ذلك من الغلو والتكفير بمسائل القبور عند ابن تيمية وابن عبد الوهاب وأتباعه وخاصة ابن قيصر الأفغاني الذي ألف كتابا من ألفي صفحة تقريبا واشتغل فيه سنين عددا ورجع فيها إلى كتب كثيرة جدا ليبرهن على صحة مذهب ابن تيمية ابن عبد الوهاب في تكفيرهم للناس بمسائل القبور، وشتْم وتكفير من يخالفهما، ولكن ابن قيصر بدأ كتابه بكلمة تنقضه برمته حين قال في كتابه المشار إليه “جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية” (1/ 17): نشأة القبورية في الأمم الخالية: وقد كان إبليس عليه لعائن الله تترى عدوًّا لدودًا لهم جميعًا، وكان وضعهم هذا يسيئه؛ لكونه يراهم في طاعة الله يسيرون، وعلى شرع الله يسلكون، والله وحده يعبدون، وإياه يوحدون؛ فكان يتحين لهم الفرص لإغوائهم بطرق إبليسية سرية شيطانية مزخرفة؛ فلم يتمكن من ذلك؛ إلى أن توفي بعض الصالحين الذين لهم مكانة في قلوبهم؛ أمثال ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر، فحزنوا لفراقهم حزنًا شديدًا.فاحتال عليهم الشيطان، وسول لهم أمورًا استدرجهم بها إلى أن عكفوا على قبورهم فعبدوهم. وبهذه الطريقة الشيطانية، ظهرت فرقة قبورية في بني آدم قبل رسول الله نوح عليه الصلاة والسلام؛ حيث انحرفوا عن عبادة الله تعالى وحده، وناقضوا توحيده سبحانه.اهـ
قال وليد: إن قوله تعالى: : {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } [البقرة: 34] كاف في الرد على هذا الزعم وإثبات نقيضة كما هو موضح أعلاه، فإبليس ما لُعن إلا لعدم سجوده لآدم، ولو سجد لما لُعن، وهذا عكس مذهب ابن عبد الوهاب وشيعته ومنهم ابن قيصر الذين يعتبرون السجود لغير الله شرك وقبورية وقدْح في توحيد الألوهية، فلذلك كفّروا من سجد لقبر أو غيره، وبمنطق الوهابية يكون إبليس طُرد لأنه أبى أن يكون قبوريا …!!! فكيف يزعم ابن قيصر أن إبليس هو من سوّل وابتدع القبورية للناس ليضلهم عن سبيل الله وتوحيده؟ كان الأولى بإبليس أن يزين لهم رفْضَ القبورية لا قبولها، لأن رفض القبورية هو الذي كان سببا لطرده، وليس قبولها، هذا كله بمنطق القوم طبعا….!!!!!
فانظر كيف انهدم كتابُ الأفغاني كله بآية واحدة، وارتد كل الشتم والتكفير ـ الذي حشى بهما كتابه ووجهه لعلماء الأمة وصالحيها ـ عليه وعلى أمثاله، ولعل هذا هو السر في عدم إيراد الأفغاني في كتابه كله لهذه الآية ومثيلاتها….!!!
وأخيرا لا بد من الإشارة إلى أن ما ذكره الأفغاني هنا وهو قوله عن قوم نوح ” إلى أن عكفوا على قبورهم فعبدوهم ” هذا مبني على أثر لفّقه ابن تيمية كما وضحته في غير هذا الموضع، وإنما الصحيح هو:” فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ ” كما في البخاري عن ابن عباس موقوفا.
انظر: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/415143831932978/
([3]) وعددوها فقالوا: العلم بمعناها المنافي للجهل 2ـ اليقين المنافي للريب، 3ـ الإخلاص المنافي للشرك والرياء، 4ـ الصدق المنافي للكذب، 5ـ المحبة المنافية للبغض والكره، 6ـ الانقياد المنافي للترك، 7ـ والقبول المنافي للرد. وقد نظمها الحكمي في معارج القبول2/418:
فإنَّه لا ينتفع قائلها … بالنطق إلا حيث يستكملها
العلم واليقين والقبول … والانقياد فادر ما أقول
والصدق والإخلاص والمحبه … وفقك الله لما أحبه.
وقد عثر صبري شاهين محقق كتاب التوحيد لابن رجب ص40، على شرط ثامن!!! وجدَه في تيسير العزيز الحميد وهو: الكفر بما يعبد من دون الله. وانظر: تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي – ( 279)، للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر، الناشر: غراس للنشر والتوزيع، الأولى، 1424هـ/2003م، جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية – (1 / 164).
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/442251002555594/