يقول الكوثري:
«.. بل من قال إن كلام معبوده حرف وصوت قائمان به، فهو الذي نحت عجلا جسداً له خوار، يحمل أشياعه على تعبّده»(10).
ويقول: «إن كان يريد حديث جابر بن عبدالله عن عبدالله بن أنيس: ويحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب..» الحديث.. فهو حديث ضعيف علّقه البخاري بقوله: ويُذكَر عن جابر، دلالة على أنه ليس من شروطه، ومداره عن عبدالله بن محمّد بن عقيل، وهو ضعيف باتّفاق، وقد انفرد عنه القاسم بن عبد الواحد وعنه قالوا: إنه ممّن لا يحتجّ به.
وللحافظ أبي الحسن المقدسي جزء في تبيين وجوه الضعف في الحديث المذكور.
وأما إن كان يريد حديث أبي سعيد الخدري: يقول يا آدم يقول لبيك وسعديك فينادى بصوت إن الله يأمرك.. الحديث. فلفظ (ينادي) فيه على صيغة المفعول جزماً بدليل (إن الله يأمرك) ولو كان على صيغة الفاعل لكان إني آمرك، كما لا يخفى. على أن لفظ (بصوت) انفرد بن حفص به غياث، وخالفه وكيع وجرير وغيرهما فلم يذكروا الصوت، وسئل أحمد عن حفص هذا فقال: كان يخلط في حديثه كما ذكره ابن الجوزي. فأين حجة الناظم في مثله؟
على أن الناظم نفسه خرّج في حادي الأرواح وفي هامشه أعلام الموقعين (2ـ97) عن الدار قطني من حديث أبي موسى: يبعث الله يوم القيامة منادياً بصوت يسمعه أولهم وآخرهم… الحديث. وهذا يعين أن الإسناد مجازي على تقدير ثبوت الحديثين.. فظهر بذلك أن الناظم متمسك في ذلك بالسراب»(11).
ويقول تقي الدين السبكي:
«.. اللفظ الذي في البخاري (فينادى بصوت) وهذا محتمل لأن تكون الدال مفتوحة والفعل لم يسمّ فاعله، وأن تكون مكسورة فيكون المنادي هو الله. فنقله عن البخاري نداء الله ليس بصحيح (قال ابن القيم: وأذكر حديثاً في صحيح محمّد ذاك البخاري، فيه نداء الله يوم معادنا بالصوت) والعدالة في النقل أن ينقل المحتمل محتملا. وإذا ثبت أن الدال مكسورة فلِمَ يقول إن الصوت منه؟ فقد يكون من بعض ملائكته أو من يشاء الله..»(12).