مقالات في العقيدة وعلم الكلام

الكندي: “من كانت حواسه الآلية موصولة بأضواء عقله، وكانت مطالبه وجدان الحق وخواصه، وغرضه الاستناد للحق واستنباطه والحكم عليه، والمُزَكي عنده في كل أمر شَجَرَ بينه وبين نفسه العقل، فإن من كان كذلك انتهكت عن أبصار نفسه سجوفُ سدفِ (ظلمة) الجهل”

الكندي: “من كانت حواسه الآلية موصولة بأضواء عقله، وكانت مطالبه وجدان الحق وخواصه، وغرضه الاستناد للحق واستنباطه والحكم عليه، والمُزَكي عنده في كل أمر شَجَرَ بينه وبين نفسه العقل، فإن من كان كذلك انتهكت عن أبصار نفسه سجوفُ سدفِ (ظلمة) الجهل”
(د13، فلسفة)

‘‘‘مما سبق: فإن الإنسان فيه ما هو خاضع للإدراك الحسي، ويمكن للحواس أن تلاحظه، وفيه ما هو خارج عن نطاق الحسي ويدرك بالعقل، إذن يدرس الإنسان بنوعين من المناهج هما: منهج الاستقراءالتجريبي، والمنهج الرياضي.
وذلك لأن العلوم الطبيعية هي التي تدرس الوقائع الجزئية بأنواعها، الجامدة كالطبيعة والفلك والكيمياء، والحية كالأعضاء ووظائفها والجسم وتركيبه وأحواله (تتحصل المعرفة العقلية، ويستنبط العقل ما وسعه الاستنباط، ويستدل علي الأمور بما أمكنه، يقول (الكندي):
إن من “كانت حواسه الآلية موصولة بأضواء عقله، وكانت مطالبه وجدان الحق وخواصه، وغرضه الاستناد للحق واستنباطه والحكم عليه، والمُزَكي عنده في كل أمر شجر بينه وبين نفسه العقل، فإن من كان كذلك انتهكت عن أبصار نفسه سجوف سدف الجهل” (1) 5)
واستعمال المنهج الطبيعي والرياضي في دراسة الوجود الإنساني شيء منطقي عند القائلين بالثنائية. (2) 6)
وهي المدرسة العقلية منذ (أفلاطون)، ومن قبله (انكساغوراس)، ومن بعده (أرسطو)، و (الرواقيين) الذين لم ينكروا _ علي رغم ماديتهم _ القول بفاعلية هذا الجوهر النفسي المغاير للبدن.
وقالت بذلك المدرسة الذرية، والمدرسة المشائية في الفلسفة الإسلامية والمسيحية، والإشرافية منها، وفي علم الكلام عموماً (اليهودية والمسيحية والإسلامية)، و (ديكارت) و (سبينوزا).
بينما أنكر ذلك (هوبز) و (جاسندي) حديثاً، وفي (فرنسا) في القرن الثامن عشر عند الماديين الموسوعيين، دعاة العودة إلي الطبيعة، واستقاء المفاهيم منها، وتحرير الإنسان من القيد الديني، ومن الوهم الذي سيطر علي العقول بأن هناك شيئا خارجا عن المادة هو أصل الحياة والحركة، (جوليان أوفراي دي لاميتري، 1709 – 1751)، و (كلود أدريان هلفسيوس، 1715 – 1771) و (بول تيرى هولباخ، 1723 – 1789) و (دني ديدرو).
ومن المعاصرين القائلين بالثنائية (برجسون) و (الكسندر) و (هوايتهيد) و (هوسيرل).
الغاية أن الثنائية تفرض تنوع المنهج، وكثيراً ما استعمل (الكندي) المناهج المتعددة كما بينا في الفصل الأول من هذا الباب.’’’’

كذا في: فِكر الكندي بين الأصالة والمعاصرة”دراسة مقارنة”
رسالة دكتوراه، إعداد الباحث/عبد الرحمن فهمي رياض


(1) المصدر نفسه، 1، 110،214.
(2) انظر: طريق الفيلسوف، جان فال، 446، 460، (سابق).

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=317664325076833&id=100004998042091&sfnsn=mo

السابق
احتج الوهابي بحديث الإسراء على العلو الحسي ـ وفيه: فارجع إلى ربك ـ فجاءه الجواب من آية “إني ذاهب إلى ربي سيهدين”
التالي
شكاوى فنية كثيرة على تسجيلاتي في قناتي على اليوتيوب