صفة الاستواء

[3] “القول الشافي فيما روي في الاستواء عن ابن الأعرابي”

[3] “القول الشافي فيما روي في الاستواء عن ابن الأعرابي”

https://www.facebook.com/groups/202140309853552/posts/782472188487025

والمتتبع لقاموس الفيروزآبادي يجده يُثبت كثيرا من الألفاظ والمعاني والأوجه التي أنكرها بعض أهل اللغة بل أحيانا ينكرها الجمهور كما يظهر ذلك من شرح الزبيديّ على القاموس، ومع ذلك فلم يلتفت إلى ذلك الإنكار صاحبُ القاموس ولا شارحه… وكذا فعل غيرهما من أصحاب المعاجم وإليك طائفة من النصوص في ذلك:

1. جاء في تاج العروس (1/ 147): (و) بُرَاء مثل (رُخَالٍ) ، وَهُوَ من الأَوزانِ النادرةِ فِي الْجمع، وأَنكره السُّهيليُّ فِي الرَّوْض.اهـ

2. وفي تاج العروس (2/ 80): وَفِي الحَدِيث: (إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُطْبِقْ فَاهُ) قَال الوَلِيُّ العِرَاقيُّ فِي (شَرْح التِّرْمِذيِّ) : تَثَاوَبَ فِي أَصْلِ السَّمَاعِ بالوَاو، وَفِي بَعْض الرِّوَايَاتِ بالهَمْز والمَدِّ، وَهِي روَايَة الصَّيْرَفيِّ. وَقد أَنكَرَ الجَوْهَريُّ والجُمْهُورُ كَوْنَه بالوَاو .اهـ

قال وليد: فتأمل كيف أنكر الجمهور وجهَ الواو هنا مع أن هذا الوجه هو رواية مسموعة عند المحدثين… قال ابن حجر في فتح الباري (10/611): قوله “باب إذا تثاوب” كذا للأكثر وللمستملي تثاءب بهمزة بدل الواو قال شيخنا في شرح الترمذي وقع في رواية المحبوبي عند الترمذي بالواو وفي رواية السنجي بالهمز ووقع عند البخاري وأبي داود بالهمز وكذا في حديث أبي سعيد عند أبي داود وأما عند مسلم فبالواو قال وكذا هو في أكثر نسخ مسلم وفي بعضها بالهمز.اهـ ثم نقل عن الجوهري إنكار لغة الواو هذه كما سبق في تاج العروس.

3. وفي تاج العروس (2/ 101): ورَجُلٌ ثِلْبٌ: مُنْتَهَى الهَرَمِ مُتَكَسِّرُ الأَسْنَان، والجَمْعُ أَثْلاَبٌ والأُنْثَى ثِلْبَةٌ، وأَنْكَرَهَا بَعْضُهُمْ وَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ ثِلْبٌ.اهـ

4. وفي تاج العروس (2/ 246): (والحُدَيْبِيَةُ) مُخَفَّفَةً (كدُوَيْهِيَةٍ) نقَلَه الطُّرْطُوشِيُّ فِي (التَّفْسِير) ، وَهُوَ الْمَنْقُول عَن الشافعيّ، وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عِيسَى: لاَ يَجُوزُ غيرُهُ، وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: التَّخُفِيفُ أَكْثَرُ عندَ أَهلِ الْعَرَبيَّة، وَقَالَ أَبو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: سأَلتُ كلَّ مَنْ لَقيتُ مِمَّن وَثِقْتُ بعِلْمِه من أَهلِ العَرَبِيّة عنِ الحُدَيْبِيةِ فَلم يَخْتَلِفوا علَى أَنَّهَا مُخففَةٌ، ونقَلَه البَكْرِيُّ عنِ الأَصمعيِّ أَيضاً، ومِثْلُه فِي المَشَارِق والمَطَالع، وَهُوَ رأْسُ أَهْلِ العِرَاقِ (وقَدْ تُشَدَّدُ) يَاؤُهَا، كَمَا ذَهَب إِليه أَهلُ المَدِينَةِ، بَلْ عامَّةُ الفُقَهَاءِ والمُحَدِّثِينَ، وَقَالَ بعضُهُم: التَّخْفيفُ هُوَ الثَّابِتُ عِنْد المُحَقِّقِينَ، والتثقيلُ عندَ أَكْثَرِ المُحَدِّثِينَ، بل كثيرٌ من اللُّغوِيِّينَ والمُحَدِّثِينَ أَنْكَرَ التَّخْفِيف، وَفِي (الْعِنَايَة) : المُحَقَّقُونَ على التَّخْفِيفِ كَمَا قَالَه الشافعيُّ وغيرُه، وإِن جَرى الجمهورُ على التشديدِ.اهـ

قال وليد: فتأمل كيف حكى الزبيديُّ في أول الأمر عن السهيلي أن الجمهور على التخفيف هنا؛ وحكى عن النحاس أنه لا خلاف في التخفيف هنا؛ بل حكى عن أحمد بن عيسى أنه: لا يجوز إلا التخفيف هنا، ثم حكى الزبيدي في آخر المطاف أن الجمهور على أنها مشددة، بل قد أنكر جمهورُ المحدثين وكثيرٌ من اللغويين التخفيفَ….!!!

والشاهد أن كل هذا لم يقدح في أن التخفيف والتشديد كلاهما وجهان واردان في كلمة الحديبية، لذلك أوردهما صاحب القاموس وشارحه غيرَ آبهين بإنكار من أنكر أيا من هذين الوجهين….!!!!!

5. وفي تاج العروس (2/ 277): (والحِسْبَةُ) والحَسْبُ (والتَّحْسِيبُ: دَفْنُ المَيِّتِ فِي الحِجَارَةِ) قَالَه الليثُ (أَوْ مُحَسَّباً بِمَعْنَى (مُكَفَّناً) وأَنْشَدَ:

غَدَاةَ ثَوَى فِي الرَّمْلِ غَيْرَ مُحَسَّبِ

أَي غَيْرَ مَدْفُونٍ وَقيل، غيرَ مُكَفَّنٍ وَلاَ مُكَرَّمٍ، وَقيل: غَيْرَ مُوَسَّدٍ، والأَوَّلُ أَحْسَنُ، قَالَ الأَزهريُّ: لَا أَعْرِفُ التَّحْسِيبَ بمَعْنَى الدَّفْنِ فِي الحِجَارَةِ وَلَا بِمَعْنَى التَّكْفِينِ، والمَعْنَى فِي قَوْلِهِ غَيْرَ مُحَسَّبِ أَيْ غَيْرَ مُوَسَّدٍ، وَقد أَنْكَرَهُ ابنُ فَارسٍ أَيضاً كالأَزْهَرِيِّ، ونقَلَه الصاغانيُّ.اهـ

6. وفي تاج العروس (2/ 330): (و) الخَبِيبَةُ عَلَى مَا عَرَفْتَ (لَيْسَ بِصُوفٍ، وغَلِطَ الجوْهَرِيُّ، وإِنَّمَا) هُوَ الجنيبة بمعنَى (الصُّوف، بِالْجِيم وَالنُّون) والباءِ الموحَّدةِ، وَقد تقدَّمَ ذِكرُهُ فِي مَحَلِّه، وَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَه المؤلفُ على الجوهريّ هُوَ قولُ أَكْثَرِ أَئِمَّة اللُّغَة.اهـ

قال وليد: فتأمل كيف أنكر صاحبُ القاموس على الجوهوي قولا اعتبره الزبيديُّ هو قول جمهور اللغويين….!!!!

إذن ليس كل من ينكر قولا على غيره يكون إنكاره هو الصواب بل ربما يكون العكس صحيحا لاسيما إذا كان هذا الإنكار في لغة العرب الواسعة كما في هذا الشاهد وأمثاله كثير جدا.

7. تاج العروس (2/ 364): وَقَالَ الأَزهريّ: أَخْطَأَ الليثُ فِي تفسيرِ الخَصْبَةِ، والخِصَابُ عِنْدَ أَهْلِ البَحْرَيْنِ، الدَّقَلُ، الوَاحِدَة خَصْبَة، ومَا قَالَ أَحَدٌ إِنَّ الطَّلْعَةَ يقالُ لهَا الخَصْبة، ومَنْ قَالَه فقد أَخْطَأَ، وَفِي حديثِ وَفْدِ عَبْدِ القَيْسِ (فَأَقْبَلْنَا مِنْ وِفَادَتِنَا وإِنَّمَا كانَتْ عِنْدَنا خَصْبَةٌ نَعْلِفُهَا إِبِلَنَا وحَمِيرَنَا) الخَصْبة: الدَّقَلُ، وقيلَ: هِيَ النَّخْلَةُ الكَثُيرَةُ الحَمْلِ. قلتُ: وهذَا الَّذِي أَنْكَرَه الأَزهريّ فَقَدْ أَوْرَدَه الصاغانيّ فِي التكملة وجوَّزَه.اهـ

8. وفي تاج العروس (2/ 382): (و) الخِنَّابَةُ 🙂 الكِبْرُ، وقَدْ تُهْمَزُ الخِنَّابَةُ) وكَذَا الخِنَّابُ، هَمزَهُمَا اللَّيْث، وأَنْكَرَها الأَصمعيّ، وَقَالَ: لاَ يصِحّ، والفراءُ قَالَ: لَا أَعْرِفُ، قَالَ أَبو منصورٍ: الهمزةُ الَّتِي ذكرهَا الليثُ فِي الخِنَّأْبَةِ والخِنَّأْبِ لاَ تَصِحُّ عِنْدِيِ إِلاَّ أَنْ تُجْتَلَبَ كَمَا أُدْخِلَت فِي الشَّمْأَلِ وغِرْقِيِء البَيْضِ، وَلَيْسَت بأَصْلِيَّةٍ.اهـ

فتأمل كيف أدخل صاحبُ القاموس لغة الهمز هنا في كتابه مع إنكار ثلاثة من فطاحل العربية لها ….!!!!!!

9. وفي تاج العروس (2/ 434): وجَمْعُ الذِّعْلِبَةِ: الذَّعَالِيبُ، وجَمَلٌ ذِعْلِبٌ: سَرِيعٌ بَاقٍ عَلَى السَّيْرِ، والأُنْثَى بالهَاءِ، وأَنكر ابنُ شُميل فَقَالَ: وَلا يُقَالُ: جَمَلٌ ذِعْلِبٌ.اهـ

10. تاج العروس (2/ 495): (والمِرْزَابُ) لُغَةٌ فِي (المِيزَابِ) وَلَيْسَت بالفَصِيحَة، وأَنْكَره أَبو عُبيدٍ، ومثلُه فِي (شفاءِ الغَليل) لِلشِّهَابِ الخَفَاجِيِّ.اهـ

11. وفي تاج العروس (3/ 48): (و) السِّرْبُ: الطَّرِيقُ. قَالَه أَبُو عَمْرو وثَعْلَب، وأَنكَرَهُ المُبَرِّدُ قَالَ: إِنَّه لَا يَعْرِفه إِلّا بالفَتْحِ. وَقَالَ ابْن السّيد فِي مثلثه: السَّرْبُ: الطَّرِيق، فَتَحه أَبُو زَيْد، وكَسَرُه أَبُو عَمْرو.اهـ

إلى غير هذه النصوص وما أكثرها … وكلها تدل على أن إنكار بعض أئمة أهل اللغة لكلمة أو معنى لا يؤثر ولا يمنع من إدارج تلك الكلمة أو المعنى في المعجم طالما أنها منقولة عن غيرهم من أهل اللغة لأنهم علموا وحفظوا ما لم يعلمه ولم يحفظه أولئك، فكان ماذا؟!!!!

وإلا لوجب ألا ندرج في المعجم إلا ما أجمع عليه أهل اللغة وحفظوه أجمعين أكتعين أبصعين …. وهذا فضلا عن أنه يكاد يكون مستحيلا…. فإن اللغة العربية سوف تتقلص إلى نسبة ضئيلة عما هي في المعاجم الآن …. لأن كثيرا من اللغة منقولة آحادا ومع ذلك فهي محتج بها كخبر الآحاد …. جاء في المُزهر في علوم اللغة وأنواعها للسيوطي(1/ 93) نقلا عن بعض العلماء: “ان الدليلَ الدالَّ على أن خبرَ الواحد حجةٌ في الشرع يمكن التمسّك به في نَقْل اللغة آحادًا إذا وُجدت الشرائط المعتبرة في خبر الواحد”.اهـ

وما نحن فيه من هذا الباب؛ فقد سبق أن نقلنا نصوصَ أكثر من عشرين عالما من كبار أئمة اللغة أن “استوى” يأتي في لغة العرب بمعنى استولى*؛ وقول هؤلاء مقدم على قول ابن الأعرابي … بل هنا أولى من تلك المواضع السابقة التي رجح الزبيدي فيها الإثبات، وإنما قلنا أولى لوجوه:…. انظر اللاحق: https://www.facebook.com/groups/202140309853552/permalink/790747974326113/

وانظر السابق: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/667527113361314/

ــــــــــــــــــــ

* انظر ذلك على هذا المنشور وما بعده: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/4267415474398

السابق
[4] “القول الشافي فيما روي في الاستواء عن ابن الأعرابي”*
التالي
[1] “القول الشافي فيما روي في الاستواء عن ابن الأعرابي”

اترك تعليقاً