[2] هل تعلم أن عبارات اللاآت التي يرددها ابن تيمية في كتبه ويستشهد بها وينسبها للسلف وهي: “نثبت الصفات بلا تمثيل ولا تعطيل ولا تكييف ولا تأويل” هي عبارة ملفقة ومبتورة ومتلاعَب فيها؟! (مصحح)*
بعد ذلك التمهيد الذي قدمناه سابقا، ندخل في صلب الموضوع، ونقوم بالبحث عن هذه العبارة في الكتب المشار إليها.
ولدى البحث في هذا الموضوع وجدت العبارات التالية عن السلف:
العبارة الأولى: عبارة محمد بن الحسن
روى ابن قدامة في كتابه ذم التأويل بسنده عن “عبد الله بن أبي حنيفة الدوسي يقول سمعت محمد بن الحسن يقول اتفق الفقهاء كلهم من الشرق إلى الغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله في صفة الرب عز و جل من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه فمن فسّر شيئا من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي، وفارق الجماعةَ، فإنهم لم يصفوا ولم يفسّروا ولكن آمنوا بما في الكتاب والسنة، ثم سكتوا فمن قال بقول جهم فقد فارق الجماعة لأنه وصفه بصفة لا شيء.اهـ(1) .
ومحمد بن الحسن هذا هو الشيبابي (توفي سنة 189هـ) تلميذ أبي حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله، وهذا النص نقله ابن تيمية مسلّما بصحته حيث قال في مجموع الفتاوى – (4 / 4): وثبت عن محمد بن الحسن – صاحب أبي حنيفة – أنه قال : ” اتفق الفقهاء كلهم من الشرق والغرب : …….
وأورده ابن القيم أيضا(2) وزاد فيه(3) : وقال محمد رحمه الله تعالى أيضا في الأحاديث التي جاءت أن الله تعالى يهبط إلى سماء الدنيا ونحو هذا، هذه الأحاديث قد رواها الثقات فنحن نرويها ونؤمن بها ولا نفسرها، ذكر ذلك عنه أبو القاسم اللالكائي.اهـ
قال وليد غفر الله له: بعد هذا السرد لنص محمد بن الحسن الشيباني الذي ذكره ابن تيمية مسلّما بصحته كما سبق، تعالوا بنا نقارن بين هذا النص وبين عبارة اللاآت التي يرددها ابن تيمية وأتباعه في كتبهم التي سبق نقلها وتوثيقها؛ ولا بأس أن نستذكرها هنا.
يقول ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/ 26): ومذهب السلف : أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.اهـ
إذن عبارة ابن تيمية: (من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل).
وأما عبارة محمد بن الحسن فهي: (من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه).
فإذا قارنتم بين العبارتين فهل تجدون كلمة واحدة مشتركة بين العبارتين؟!
الجواب: لا؟
ثم: هل تلاحظون أن ابن تيمية جَعل اللاءات أربعا، بينما هي ثلاث عند الشيباني؟
وعلى كلٍ ليست المشكلة الآن في عدد اللاآت، لكن فقط نشير هنا إلى ما سبق أن ذكرناه أن هذه العبارة زِيد فيها وأُنقص منها، فزيد هنا واحدة، وأنقص منها ثلاثا، واستبدلت هذه الثلاث بأخرى كما هو ظاهر بالمقارنة.
السؤال الآن: لم قام ابن تيمية بهذ الحذف لبعض اللاءات، والزيادة لأخرى؟
أو قل: لم قام بهذا “التلاعب” إن شئت؟
ولِم لَم يلتزم ابنُ تيمية بكلام السلف حرفيا طالما هو ينقل مذهبهم، ويتظاهر باتباعه، ويُنكر على مخالفيهم؟
في الواقع: إن كل كلمة زادها ابن تيمية أو أنقصها له هدفٌ من ذلك، وهذا يتطلب بحثا طويلا جدا، وسوف نخوض فيه إن أعاننا الله، لأهميته البالغة فإن هؤلاء الناس ـ أتباع ابن تيمية ـ يبّدِّعون ويضللون الأمةَ أو جماهيرها بدعوى مخالفتها لمذهب السلف في الصفات خاصة وفي غيرها عامة، وهذا يتطلب منا البحث والنظر لتحقيق مذهب السلف في الصفات، وهو ما سنشرع فيه، نسأل الله أن يوفقنا في هذا البحث، وأن يلهمنا الإنصاف ويبعدنا عن الإجحاف.
الآن نأخذ الكلمة الأولى من عبارة محمد بن الحسن وهي من غير “تفسير”……انتظره
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*انظر السابق: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/410826029031425/
(1) انظر ذم التأويل لابن قدامة ص12، تحقيق : بدر بن عبد الله البدر، دار الفتح بالشارقة، ط1/ عام 1994م. ولكن قال المحقق: في الإسناد من لم أهتد إلى ترجمتهم.اهـ ، وأورده الحافظ في فتح الباري (13 / 407)، وأخرجه اللالكائي 3/432، وأورده الذهبي في العلو ص113، وانظر أيضا: معارج القبول – (1 / 188).
(2) انظر اجتماع الجيوش الإسلامية، لابن القيم (2/ 222)، تحقيق: عواد عبد الله المعتق، الناشر: مطابع الفرزدق التجارية – الرياض، الطبعة: الأولى، 1408هـ / 1988م.
(3) وأورد هذه الزيادة أيضا ابن قدامة في ذم التأويل ص12، وقال الشيخ البدر محقق ذم التأويل عن عبارة محمد بن الحسن هذه: أسندها اللالكائي ص741، وعنه المقدسي في إثبات صفة العلو ص98، وعنه الذهبي في العلو ص113، وفي إسنادها من لم أهتد إلى ترجمته.اهـ
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/468569736590387/