[2] الأدلة العقلية على امتناع حلول الحوادث بذات الله تعالى عند الأشاعرة*
(د8، علم الكلام)
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/488659864581374/
قال صديقنا العلامة أحمد زاهر في رسالته العلمية “قياس الأولى وأثره في فهم صفات الله بين الأشاعرة وابن تيمية” تحت العنوان أعلاه:
2ـ أن قيام الحوادث به تعالى واتصافه بها تغيُّر، وهو على الله تعالى محال، وقد قال الخليل عليه السلام: لا أحب الآفلين، والأفول عبارة عن التغير، وهذا يدل على أن المتغير لا يكون إلهاً وقد استدل به معظم الأشاعرة (1)، وادعى ابن تيمية أنه عمدة الشهرستاني وأنه لم يحتج بغيره مع أنه قد احتج بدليل آخر (2). وقد أفاض الإمام الشهرستاني في بيانه وشرحه فقال: (لو قامت الحوادث بذات الباري سبحانه وتعالى لاتصف بها بعد أن لم يتصف، ولو اتصف لتغيّر، والتغير دليل الحدوث، إذ لا بد من مغير. وتحقيق المقدمة الأولى (أي وهي: لو قامت الحوادث بذاته تعالى لاتصف بها ) أن معنى قيام الأعراض بمحالها كونها أوصافاً لها، كالعلم إذا قام بجوهرٍ، وُصف الجوهرُ بأنه عالم، وكذلك سائر المعاني والأعراض، فليس ذلك كالوصف بكون الباري تعالى خالقاً صانعاً على مذهب من لم يفرق بين الخلق والمخلوق، فإن المخلوق لا يقوم بذات الخالق، والخلق قائم بذاته تعالى عندكم فيجب أن يكون وصفاً له وكذلك يقال أراد فهو مريد بإرادة، وقال فهو قائل بقول، وإذا تحقق كونه وصفاً له، بعد أن لم يكن موصوفاً به فقد تحقق التغير، والتغير خروج شيء إلى غير ما كان عليه، ولا يشترط فيه بطلان صفة وتجدد صفة، فإنه إذا كان خالياً من صفات ثم اعتراه صفات فقد تغيّر عما كان عليه) (3).
وهذا الدليل عمدة الفلاسفة في نفي جميع الصفات عن الواجب تعالى، لأنها توجب تغيّر الذات، فلو قامت به صفات الأفعال حقيقة، وهي الحوادث التي حصلت بعد أن لم تكن وجب تغير الذات بحصول معنىً جديد لم يكن قائماً به، وعلى هذا نفوا الإرادة والقدرة والعلم، وغيرها من الصفات (4).
*انظر السابق:
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/482535535193807/
(1) انظر: الرازي في الأربعين ج1 ص172، والمطالب العاليةج ص، والآمدي في الأبكار ج2 ص26 والسعد في شرح المقاصد ج2 ص71والإيجي والجرجاني في شرح المواقف ج ص.
(2) الدرء ج2 ص185.
(3) 1 … نهاية الأقدام ص115.
(4) الإمام التفتازاني وجهوده ج3 ص923.
وقد اعتُرض على هذا الدليل فقيل: إن أردتم بالتغير حلول الحوادث بذاته تعالى ومجرد الانتقال من حال إلى حال فالكبرى نفس المتنازع فيه، ويتحد اللازم والملزوم ويصير حاصل الشرطية: لو قامت الحوادث بذاته لقامت الحوادث بذاته، وهو غير مفيد ومصادرة على المطلوب لا تقبل، وإن أريد به تغيّر في الواجبية أو تأثير وانفعال عن الغير فالصغرى ممنوعة ـ وهي: الاتصاف بالحادث تغير ـ لجواز أن يكون الحادث معلول الذات بطريق الاختيار، أو بطريق الإيجاب بأن يقتضي صفة كمالية متلاحقة الأفراد مشروطاً ابتداء كل واحد منها بانتهاء الآخر كحركات الأفلاك عند الفلاسفة وإن أردتم به معنى آخر وراء قيام الحوادث بذات الله تعالى فهو غير مسلّم ولا سبيل إلى إقامة الدلالة عليه، وينبغي أن تبينوه لنا لنتكلم فيه.
ولكن العلامة محمد وسيم السنندجي محشي (1) يقول: لا يبعد أن يقال: المراد من التغير المحال عليه الحاصل بذلك الاتصاف تأثره بحدوث ذلك الحادث فيه ولو بإحداث من ذاته، فإنه كما يمتنع تأثره بحدوث ذاته ولو من ذاته كذلك يمتنع تأثره بحدوث الوصف فيه ولو من ذاته، فليتأمل تأملاً يليق بالمقام ا. هـ
وقد تأملته فوجدته قوياً، فإن المراد بالتغير التأثر والانفعال ـ ولو من ذاته ـ، وبيان ذلك: أن تغيُّرَ صفاته يوجب انفعال ذاته، لأن المقتضي لصفاته ذاته، وتغير الموجَب ـ بالفتح ـ دليل على تغير الموجِب ـ بالكسر ـ، فإنه يمتنع أن يكون المقتضى للشيء باقياً والشيء منتفياً.
والواجب لذاته يستحيل عليه الانفعال مطلقاً، لأن وجوب وجوده لذاته محقق لعدم الانفعال. ثم إن تغير الصفة يقتضي الانفعال، والانفعال مطلقاً مستحيل على الواجب سبحانه (2).
وأيضاً التغير يستلزم الحدوث فيستحيل على القديم سبحانه، لأنه إن كان من عدم إلى وجود كان وجوده طارئاً بعد عدم وهو عين الحدوث، والفرض أنه قديم، هذا خلف. وإن كان من وجود إلى عدم كان وجوده جائزاً بدليل قبوله العدم وكل جائز لا يقع بنفسه، فيلزم أن يكون وجوده وقع بمقتضى، والفرض أنه قديم، هذا أيضاً خلف (3).
وأيضاً التغير الذي هو بمعنى الانتقال من حال إلى حال هو في نفسه نقص يتنزه عنه القدوس سبحانه، فإنه لا ينتقل من الحال الأول إلى الثاني إلا إذا كان الحال الثاني كمالاً، وذلك يقتضي حدوث ذلك الكمال الثاني وانقضاء ذلك الكمال الأول وخلو الله عن الكمال الثاني قبل اتصافه به، وكل ذلك على الله تعالى محال يفضي إلى اتصاف المولى سبحانه بالنقائص.
3ـ ويقوم هذا الدليل على مناقضة الحدوث …..انتظره
(1) تقريب المرام في تهذيب الكلام ج2ص117.
(2) التحقيق التام ص90ـ93.
(3) شرح الكبرى ص128.