الاتباع الانتقائي للوهابية للسلف

(1) الاتباع الانتقائي للسلفية للسلف من خلال مثال الاستواء، (سلسلة هل هو انتقاء طماطم وخيار أم اتباع للسلف الأخيار؟!!)

وبالتالي ماذا يبقى لكم بعد أن ضعّفتم بأيديكم أسانيد آثار مجاهد وأبي العالية والربيع بن أنس في تفسير الاستواء لأنها واردة بنفس الأسانيد التي جاءت عنهم في تأويل الساق ؟! نعم يبقى ما روي عن ابن عباس من أن استوى بمعنى استقر أو صعد هو أصلا مروي بإسناد سلسلة الكذبأي أنك من أجل أن تفسيرهم لم يعجبك لآية واحدة أبطلتَ تفسيرهم لسائر آيات القرآن الواردة عنهم بنفس تلك الأسانيد، مع ثناء الأئمة على بعض تلك الأسانيد … ثم تأخذ ما جاء عنهم بسلسلة الكذب في تفسر الاستواء..!! ثم ماذا بقي لك من وجوب اتباع فهم السلف وتبديعك للناس من أجل ذلك بعد أن ضعفت أسانيدهم؟ فانظر كيف يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله عدوه به!!

(1) الاتباع الانتقائي للسلفية للسلف من خلال مثال الاستواء

(سلسلة هل هو انتقاء طماطم وخيار أم اتباع للسلف الأخيار؟!!)

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/3051804608266874/

دأب ابن تيمية وأتباعه على الدعوة إلى اتباع فهم السلف وفي ذلك يقول ابن تيمية: فمن عَدَل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا فى ذلك، بل مبتدعا وان كان مجتهدا مغفورا له خطؤه[1]. ويقول هو عن نفسه:أمهلت كل من خالفني ثلاث سنين إن جاء بحرف واحد عن السلف يخالف شيئا مما ذكرته كانت له الحجة[2].اهـ

وقال الألباني: ” لا يكفي الاعتماد على القرآن والسنة دون منهج السلف المبين لهما في الفهم والتصور، والعلم والعمل، والدعوة والجهاد”[3].اهـ ويعرفون السلفي فيقولون “فالمراد من كلمة السلفي هو النسبة إلى من يتّبع أصحاب القرون المزكاة المشهود لها بالخيرية اتباعا في أصول الدين وعقائده، واتباعا في فروعه ومقاصده[4]. وأن “السلفية: إشارة إلى أن أصحابها يتبعون السلف الصالح في الأصول والفروع”[5].

ويقول الأمير شكيب أرسلان فإن “الوهابية يسمون مذهبهم عقيدة السلف”[6]ويستشهدون بما قاله الزركلي عن ابن عبد الوهاب بأنه كان “ناهجاً منهج السلف الصالح[7]“، ويقولون بأن “عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – هي عقيدة السلف الصالح، وهي ما كان عليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه والتابعون والأئمة المهتدون”[8]. “وأن ابن عبد الوهاب لم يبتدع مذهبًا جديدًا في الإسلام لكنه كان يدعو إلى ما كان عليه الصحابة والأئمة الأربعة من اتباع القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم”[9].

ويتهمون الأشاعرةَ بأنهم جاهلون بمذهب السلف فضلا عن أنهم مخالفون لعقيدتهم وفهمم للكتاب والسنة. فمثلا يقول ابن تيمية في درء التعارض 9/67: “والقول الذي جاء به الرسول، وكان عليه الصحابة والتابعون أئمة المسلمون لا يعرفونه ولا يذكرونه”.

وحين قال بعض أصحابنا في كتاب ” أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم” بأن مذهب الأشاعرة “هو في حقيقة الأمر امتداد لما كان عليه الصحابة والتابعون ومن بعدهم من أهل السنة” وقالوا: وهو الامتداد الطبيعي لما كان عليه السلف”، وقالوا: “وما ذاك إلا لأنه الامتداد الطبيعي لما كان عليه الصحابة والتابعون وتابعوهم”[10].

وأتوا على ذلك بقول الإمام السبكي حيث قال عن الأشعري: اعلم أن أبا الحسن لم يبدع رأيا ولم ينش مذهبا وإنما هو مقرر لمذاهب السلف مناضل عما كانت عليه صحابة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فالانتساب إليه إنما هو باعتبار أنه عقد على طريق السلف نطاقا وتمسك به وأقام الحجج والبراهين عليه فصار المقتدى به فى ذلك السالك سبيله فى الدلائل يسمى أشعريا[11].

فألف أحد الوهابية –وهو المدعو أبو عمر الحاي – كتابا سماه ” بيان أن مذهب الأشاعرة ليس على مذهب السلف العزيز” رد ذلك قائلا ص 75: بأن مجرد الانتساب إلى المذهب الأشعري بدعة، فكيف يكون مذهب الأشعرية امتدادا لمذهب السلف الصالح وقد خالفوا السلف في مسائل التوحيد والاعتقاد والقدر والقرآن.اهـ وقال أحد مقدمي كتابه ص 8 : ولا شك بأن للأشعرية جهودا مشكورة وعلماء ذبوا عن الإسلام، لكنهم لم يذبوا وينافحوا من أجل نصرة مذهب السلف، والسلفيون لا ينكرون جهود الأشاعرة في علم الحديث والمصطلح والأصول.اهـ

وقد عنون د.المحمود في كتابه موقف ابن تيمية من الأشاعرة (2/ 792) في سياق كلامه عن منهج ابن تيمية العام في الرد على الأشاعرة: “خامساً: جهلهم بالسنة وبمذهب السلف” فقال: كثيراً ما يحكم شيخ الإسلام ابن تيمية على أهل الكلام من الأشاعرة وغيرهم بأن معرفتهم بالسنة وأحاديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – قليلة، وأن خبرتهم بمذهب السلف وأهل السنة والجماعة ضعيفة….اهـ

وحاصل ما سبق هو أن القوم يدعون أنهم – أي ابن تيمية وابن عبد الوهاب ومن تبعهما – هم السلفية لأنهم متبعون للسلف، وأما الأشاعرة فليسوا كذلك لأنهم مخالفون للسلف الصالح بل جاهلون بأقوالهم.

قال وليد – أعطاه الله سؤله -: بيد أني ومن خلال تتبعي لكتب ابن تيمية وكتب أتباعه ولمنهجهم لم أجد إلا منهجية انتقائية في اتباعم للسلف؛ بحيث يأخذون ما يوافقهم مهما كان سنده ضعيفا بل موضوعا، ويردّون ما سوى ذلك ولو كان صحيحا وبأسانيد عديدة، هذا فيما لو ورد عن السلف شيء أصلا، وإلا فالغالب أنهم يتكلمون في مسائل لم يتكلم فيها السلف أصلا ولاسيما الصحابة إلا ربما نادرا كمسائل الصفات والقدر والتحسين والتقبيح وتعليل أفعال الله والقوة المودعة وقدم العالم وتقسيم التوحيد إلى غير ذلك، وسنتكلم عن كل ذلك بالتفصيل لاحقا إن شاء الله، ولكن هنا سنتكلم عن المسائل التي ورد فيها بعض الآثار عن بعض السلف في مسألة الصفات الخبرية، وذلك من خلال مثال وهو تفسير السلف لآيات الاستواء.

نتناول في هذا المنشور ثلاثة من السلف وهم ابن عباس من الصحابة وتلميذه مجاهد والربيع بن أنس من التابعين، لتروا كيف ينتقي القوم عن هؤلاء الثلاثة ما يشتهون ويرفضون ما لا يعجبهم حتى ولو كان بنفس السند أو أفضل!!

أولا:أما ابن عباس، فقد قبلوا بل احتجوا [12] بما روي عنه بسلسلة الكذب من أنه فسر استوى بمعنى استقر، وفي رواية عنه: صعد، كما بسطته في موضعه[13]، ولكن ورد عنه وبنفس السند تأويل استوى بأنه صعد أمره، أو استوت عنده الخلائق، فأعرضوا عنه كما بينته في موضعه[14]،فتأمل كيف ينتقون ما يعجبهم حتى من أقوال نفس الصحابي وبنفس السند!!!

بل ردّوا ما جاء عن ابن عباس بعشرة أسانيد من تأويله للساق بالشدة!!! فكلها ضعفها الهلالي في المنهل الرقراق من ص17 إلى ص68، حتى أنه لم يجعلها من الحسن لغيره بحجة أن ضعفها شديد وأن فيها اضطرابا[15]!!

مع أن فيها ما ورد بسند حسن بل صحيح، قال الحافظ في فتح الباري (13/ 428): وأما الساق فجاء عن بن عباس في قوله تعالى يوم يكشف عن ساق قال عن شدة من الأمر .. وأسند البيهقي الأثر المذكور عن بن عباس بسندين كل منهما حسن وزاد إذا خفي عليكم شيء من القرآن فاتبعوه من الشعر وذكر الرجز المشار إليه .. وأسند البيهقي من وجه آخر صحيح عن بن عباس قال يريد يوم القيامة.اهـ

وأقر الحاشدي الوهابي محقق الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 185) بصحة أثر ابن عباس في تأويل الساق وهو قوله “يريد يوم ‌القيامة ‌والساعة ‌لشدتها”، كما أقر(2/ 186) بحسن أثر عكرمة في تأويل الساق، وكذا شعيب الأرنؤوط أقر بصحة أثر ابن عباس الأخير كما في تحقيقه لصحيح ابن حبان (١٦/ ٣٨٢)، وكما في تحقيقه لكتاب «العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم» (٥/ ١٣٧). وكذا محققو كتاب التفسير البسيط للواحدي وقد حقق كرسائل جامعية في السعودية[16]أقروا بصحة أثر ابن عباس هذا.

ولكن بعض الوهابية رد على الأرنؤوط فقال: وهذا الذي جنح له الشيخ الأرنؤوط موافق لعقيدة الأشاعرة، والصواب ما قرره السلف رحمهم الله، والصواب ما قرره السلف – رحمهم الله – كما قال الترمذي في صفة القدم لله تعالى ونحوها من الصفات …. وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تُروى هذه الأشياء كما جاءت ويُؤمن بها ولا تفسر ولا تتوهم ولا يقال كيف.. وقرر العلامة ابن القيم – رحمه الله – أن صفة الساق لله تعالى ثابتة بالكتاب والسنة[17].اهـ

فقولوا ما شاء الله … ابن عباس ـ وكذا تلامذته ـ هنا ليس من السلف لأنه يؤول الساق… ولكن هناك عندما روى السدي عن الكلبي عن أبي صالح عنه[18] بأن استوى: استقر أو صعد.. يصير من السلف!! بل ما روي عنه بنفس هذا السند من تأويل استوى بأنه صعد أمره أو استوت عنده الخلائق … فإن ابن عباس حينئذ ليس من السلف .. إذن فخذ القاعدة التالية: أي صحابي أو تابعي فإنه تدور سلفيته وجودا وعدما مع موافقته لابن تيمية وزمرته، فإن وافقه فهو سلفي وإلا فهو خلفي!!!

ثم تأمل كيف يقول بأن تأويل الساق ليس مذهب السلف .. ثم يسوق كلام ابن القيم … أي أن ابن القيم هو السلف لا ابن عباس ..!! ألم أقل لكم يوما: هؤلاء حينما يقولون: السلف والسلف وأهل السنة والجماعة، فإنما يقصدون ابن تيمية وشلّته ؟!!

ثم لاحظوا الكلام الذي تضحك منه الثكلى .. حينما يقولون بعد أن يسردوا روايات تأويل الساق عن السلف بأن الصواب هو مذهب السلف من إثبات الصفات ومنها طبعا صفة الساق لله[19]!!! أتينا لهم بحوالي عشرين سندا فيها تأويل السلف للساق، فردوها جميعا وضعفوها… ثم يتكلمون عن السلف.. إذا لم تستح فاصنع ما شئت!!! أين السلف من الصحابة والتابعين الذي قالوا بأن لله ساقا ثم فسروها على ظاهرها الحسي الذي هو جارحة؟ هاتوا لنا أسانيد عنهم بذلك ولو موضوعة وبسلسلة الدجالين والرقاصين والسكرانين !!! غاية ما أتوا به هي روايات لحديث الباب، ولكن ألفاظه مختلفة كما سنرى فبعضها جاء بلفظ: فيكشف عن ساق وهو الموافق للفظ القرآن، وبعضها: فيكشف عن ساقه، هكذ بالإضافة.

وابن تيمية نفسه أقر بأن الصحابة تنازعوا في آية الساق هذه، وأقر أيضا بأن ظاهر القرآن لا يدل على إثبات الساق له تعالى خلافا لتلميذه ابن القيم، فقال في مجموع الفتاوى (6/ 394): تمامُ هذا ‌أني ‌لم ‌أجدهم ‌تنازعوا إلا في مثل قوله تعالى {يوم يكشف عن ساق} فروي عن ابن عباس وطائفة أن المراد به الشدة أن الله يكشف عن الشدة في الآخرة وعن أبي سعيد وطائفة أنهم عدوها في الصفات؛ للحديث الذي رواه أبو سعيد في الصحيحين. ولا ريب أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات فإنه قال: {يوم يكشف عن ساق} نكرة في الإثبات لم يضفها إلى الله ولم يقل عن ساقه فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنه من الصفات إلا بدليل آخر ومثل هذا ليس بتأويل إنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف.اهـ

ومع أن الهلالي ساق نص ابن تيمية هذا في المنهل الرقراق ص35، 36 ليقول بأن هذا من ابن عباس إن صح فهو تفسير لغوي لا تأويل، إلا أن الهلالي ساق نص ابن تيمية مبتورا، حيث لم يذكر قولَه “‌لم ‌أجدهم ‌تنازعوا إلا في مثل قوله تعالى {يوم يكشف عن ساق} فروي عن ابن عباس ..” ولماذا بتره؟ لأن الهلالي رد ص 68 على من قال بأن الصحابة اختلفوا في تفسير هذه الآية، طبعا الهلالي لا يريد أن يظهر بمظهر أنه يردّ على ابن تيمية فبتر نصه ليوهمنا أنه يرد على شخص آخر من الأشاعرة ادعى ذلك!!

والحاصل كما ترى أن هؤلاء التيمية ردوا عن ابن عباس ما صح في تأويله للساق، وأخذوا بما هو مروي عنه بسلسلة الكذب من تفسير الاستواء بصعد واستقر، بل تركوا ما روي عنه بنفس هذا السند من تأويله للاستواء بصعود أمره أو بأنه استوت عنده الخلائق..

وقد فعلوا مثل ذلك في تفسير الكرسي، فأخذوا بما روي عن ابن عباس من أن الكرسي موضع القدمين مع اضطرابه واحتمال أنه من الإسرائيليات كما أقر بذلك ابن باز والألباني، وردوا ما روي عنه بأن كرسيه علمه، كما بسطته مطولا سابقا[20].

وكذا فعلوا في صفة العين فقالوا “روى عكرمة عن ابن عباس عند تفسير قوله تعالى: {واصنع الفلك بأعيننا}، أنه قال رضي الله عنه بعين الله تبارك وتعالى”[21]. وهذا الأثر أورده دمشقية في موسوعته ثلاث مرات لستدل به على أنه يدل على أن الصحابة فسروا آيات الصفات على ظاهرها[22]، ولكن أثر ابن عباس هذا ضعيف بإقرار الحاشدي في تحقيقه الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 116) .

وذكر دمشقية رواية أخرى فقال: “وفي رواية أنه أشار بيده إلى عينه”.اهـ وأحالنا إلى شرح الاعتقاد للحافظ اللالكائي، وبالرجوع إليه وجدته يرويه عن حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، في قوله عز وجل {تجري بأعيننا} قال: أشار بيده إلى عينيه. ولكن فضيلة الشيخ الهلالي الذي أحلتنا عليه يا دمشقية قد قال ص 25 في سند مشابه لهذا السند ورد به عن ابن عباس في تأويل الساق : إسناده مظلم. وضعّف الهلالي أثرا في تأويل الساق عن ابن جريج عن مجاهد بعلة أن في إسناده ابن جريج وهو مدلس وقد عنعنه كما في ص 39، كما أن الألباني قال في سند “عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس عن سلمان مرفوعا” قلت ـ أي الألباني ـ: “وابن جريج: مدلس وقد عنعنه!”[23]، حتى لو صح فليس فيه تفسير للعين كما هو ظاهر.

ثانيا: وأما مجاهد، فقد تمسكوا بما جاء عنه من أنه فسر استوى بمعنى علا، ورفضوا ما جاء عنه من تأويله للساق ص37… مع أن كليهما جاءا عن مجاهد بنفس السند، وفيما يلي بيان ذلك:

قال الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق (5/ 345): وأما قول مجاهد فقال الفريابي في تفسيره ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهدفي قوله تعالى {استوى على العرش} قال: علا على العرش. اهـ وأسند الطبري عنورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: {يوم يكشف عن ساق} قال: شدة الأمر[24].اهـ فلاحظ السند نفسه إلى مجاهد، فقبلوا الأول في الاستواء، ورفضوا الثاني وضعفوه، يا أخي هكذا يكون الاتباع (لا هيك الاتباع لا بلا … ما في كلام)!!!

وترى دمشقية يشرّق ويغرّب بأثر مجاهد في تفسير استوى بأنه علا، ويملأ الدينا صراخا به في كتبه[25]وفي ردوده ودروسه ومناظراته[26]ويجعله حجة على أن السلف فسروا آيات الصفات على ظاهرها، ولكن لما جاء إلى الآثار المروية عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والربيع فقال دمشقية “وأما ما يروى عن ابن عباس من تأويل الساق بالكرب والشدة فمروي من طرق ضعيفة تابعها واحدة بواحدة فضيلة الشيخ سليم الهلالي في كتابه العظيم (المنهل الرقراق في تخريج ما روي عن الصحابة والتابعين في تفسير {يوم يكشف عن ساق}… وتعقب الروايات المروية عن غير ابن عباس كمجاهد وقتادة وغيرهما.ثم انتهى إلى الجزم بعدم ثبوت الأثر عن ابن عباس، وتعقب الحافظ ابن حجر رحمه الله في تحسين بعض الروايات بالرغم من اضطرابها[27].اهـ

ولما رجعت إلى هذا الكتاب العظيم لفضيلة شيخكم الهلالي وإذ وجدتُ سندَ أثر مجاهد الذي ضعفه الهلالي هو نفسه سند أثره في تفسير استوى بعلا الذي علقه البخاري والذي ملأتَ به الدنيا به صراخا على السلف فسروا آيات الصفات المتشابهة …!!!

فقد أورد الهلالي أثرا من تفسير الطبري عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: {يوم يكشف عن ساق} قال: شدة الأمر . ثم قال الهلالي في المنهل الرقراق ص38: هذا إسناد ضعيف فيه العلل الآتية؛ الأولى: ورقاء هو ابن عمر كليب اليشكري ثقة لكنه ضعيف في التفسير… الثانية: ابن ابي نجيح هو عبد الله كان مدلسا وقد عنعنه ولم يسمع التفسير من مجاهد .اهـ

أي أن الهلالي هذا ضعّف في الوقت نفسه – ومن غير أن يشعر ربما – أثرَ مجاهد في تفسير الاستواء لأنه هو نفسه السند الذي ورد به عنه تأويل الساق الذي ضعفه الهلالي، وبالتالي فإن الهلالي وكذا دمشقية الذي أحالنا عليه قد هدما أكبر حجة لهما على أن السلف لم يفوضوا آيات الصفات بل فسروها … فكانت النتيجة أنهم لم يؤولوا ولم يفسروا ..!! وعدم التفسير هو التفويض بعينه وهو ما يعتبره ابن تيمية شرَّ أقوال أهل البدع …!! فيكون كمن هدم مصرا ليبني قصرا !!!

واالله كم فرحت بكتاب الهلالي هذا!! لأني كنت من سنوات حينما تكلمت في منشور[28]على أثر مجاهد في تفسير الاستواء ذكرت ما حاصله بأنه وإن علقه البخاري جازما ولكن فيه علل وذكرتها، فضلا عن أنه ليس فيه تفسير للاستواء سوى بالعلو وهو أعم من أن يكون حسيا كما بسطته[29]، ثم وجدت الهلالي نفسه نص على تلك العلل فكفاني المؤونة!! فقلت في نفسي: إذن المرة القادمة إذا احتج علينا دمشقية وغيره بأثر مجاهد في تفسير الاستواء ليثبت أنه السلف فسروا آيات الصفات فسوف أحيله إلى فضيلة شيخكم الهلالي الذي أحلنا عليه دمشقية ليعرف علل سنده التي وضحها الهلالي نفسه، لأني لو بينت علله بنفسي لشاغب دمشقية وأمثاله وقالوا: أنت تطعن فيما علقه البخاري بصيغة الجزم، مع أن ألبانيهم طعن في أحاديث مسندة في الصحيحن كما سيأتي وليست معلقة فقط!!

ولكن أثر مجاهد في تأويل الساق له سند آخر، قال الطبري: حدثني محمد بن عبيد المحاربي وابن حميد، قالا: ثنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: {يوم يكشف عن ساق} قال: شدة الأمر وجده[30].

فضعفه أيضا الهلالي أيضا، فهب أن كليهما ضعيفا ألا يشدا من أزر بعضها ويرتقيا إلى درجة الحسن؟ طبعا لا، لأن الهلالي إذا لم ير في الأسانيد العشرة الواردة عن ابن عباس في تأويل الساق ما يقوي بعضها البعض، بالعكس هو جعل ذلك دليلا على اضطراب ما روي على ابن عباس، أفيجعل فيما روي بإسنادين عن مجاهد في تأويل الساق قوة لبعضهما البعض!!!

أكثر من ذلك فإن الهلالي لم ير في القرآن نفسه قوة لروايات الباب التي تخالف مشربه، وبيانه أن حديث أبي سعيد عند البخاري الذي جاء فيه “فيكشف عن ساقه”[31]هكذا بإضافة الساق إليه تعالى، جاء في رواية مسلم[32] “فيكشف عن ساق” بدون إضافة إلى الله وهو موافق للفظ القرآن “يوم عن يكشف عن ساق”، أي أن الروايات اختلفت في ذلك فرجح الإسماعيلي رواية من رواه بدون إضافة لموافقتها لفظ القرآن، قال الحافظ: ووقع في هذا الموضع يكشف ربنا عن ساقه وهو من رواية سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم فأخرجها الإسماعيلي كذلك ثم قال في قوله عن ساقه نكرة ثم أخرجه من طريق حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم بلفظ يكشف عن ساق قال الإسماعيلي هذه أصح لموافقتها لفظ القرآن في الجملة لا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين تعالى الله عن ذلك ليس كمثله شيء[33].اهـ

فرفض الهلالي قول الإسماعيلي “هذه أصح لموافقتها لفظ القرآن”، لماذا؟ قال لأن “اشتراط موافقة الحديث للقرآن شرط باطل، روى فيه قوم لا خلاق لهم روايات أوهى من بيت العنكبوت وأفسد من الخل خالط العسل”[34]!!!

فتأمل يرعاك الله ، صار موافقة القرآن للسنة سبّةً عند القوم !!! فما شاء الله، فأين الإمام الشافعي المسكين حين قال: وما ينسب إلى الاختلاف من الأحاديث ناسخ ومنسوخ فيصار إلى الناسخ دون المنسوخ ومنها ما يكون اختلافا في الفعل من جهة أن الأمرين مباحان كاختلاف القيام والقعود وكلاهما مباح ومنها ما يختلف ومنها ما لا يخلو من أن يكون أحد الحديثين أشبه بمعنى كتاب الله أو أشبه بمعنى سنن النبي مما سوى الحديثين المختلفين أو أشبه بالقياس فأي الأحاديث المختلفة كان هذا فهو أولاهما عندنا أن يصار إليه[35].

حقا مسكين الإمام الشافعي حينما جعل من علامات الترجيح في الأحاديث المختلفة هو ترجيح الحديث الموافق للقرآن فقال ” ومنها ما لا يخلو من أن يكون أحد الحديثين أشبه بمعنى كتاب الله ” فأين هو من علم فضيلة الشيخ الهلالي !!!

ولكن الهلالي الذي لا يرى في القرآن مرجحا هو نفسه يرى في ما يرويه المجاهيل والوضاعين قوة لرواية يكشف عن ساقه” حيث احتج بما رواه ابن منده في الرد على الجهمية (ص: 40): أخبرنا علي بن أحمد بن الأزرق، بمصر، ثنا أحمد بن محمد بن مروان، ثنا أحمد بن محمد بن أبي عبد الله البغدادي، ثنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يوم يكشف عن ساق} قال: «يكشف الله عز وجل عن ساقه». قال الهلالي في المنهل الرقراق ص64 عن هذا الحديث: إسناده صحيح.اهـ

قال وليد: ولكن فيه ابن مروان، ولا يوجد إلا واحد في لسان الميزان بهذا الاسم متهم بوضع الحديث[36]، فمن أين جاءته الصحة؟ فتأمل كيف يضعف أسانيد ابن عباس في تأويل الساق ويتشدد فيها ولا يرى فيها ما يقوي بعضها، بل لا يرى في القرآن مرجحا لرواية من روى الحديث بدون إضافة الساق إليه، ثم يصحح لغاية في نفسه ما في إسناده متهم بالوضع!!!

وفضلا عن ذلك فقد ورد من نفس هذا الطريق عن أبي هريرة في التوحيد لابن خزيمة (1/ 378): حدثنا محمد بن معمر بن ربعي القيسي قال ثنا يحيى بن حماد قال ثنا أبو عوانة عن سليمان قال وحدثني أبو صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال إن أحدكم ليلتفت ويكشف عن ساق.اهـ فهذه الرواية وردت على الجادة كما ترى أي بدون إضافة الساق إلى الله، ولكن الهلالي كتم هذه الطريق فلم يذكرها لئلا يفسد عليه صفوه مشربه!!!!

لا بل إن الهلالي ذكر بأن حديث أبي هريرة الذي عزاه لابن منده في الرد على الجهمية، ذكر الهلالي أيضا بأنه أخرجه ابن منده في الإيمان، والطبري في تفسيره، ولكن لدى الرجوع إليهما وجدت أن الرواية فيهما بدون إضافة، وهنا الخيانة العلمية!!

قال الطبري: قال وثني أبو صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ” … حتى إن أحدهم ليلتف فيكشف عن ساق، فيقعون سجودا[37].

وجاء في الإيمان لابن منده (2/ 794): .. عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «ينفخ في الصور» .. فذلك قول الله عز وجل: {يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون}

وأزيدكم أيضا طريقا في الغيلانيات حيث جاء فيها: قال أبو عوانة: وحدثني الأعمش قال: وحدثني أبو صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” حتى إن أحدهم ليلتفت فيكشف عن ساق قال: فيخرون سجدا[38].

فهذا ثلاث طرق لحديث أبي هريرة ليس فيها إضافة الساق، وموافقة للقرآن، فتكون طريق ابن منده الأولى في الرد على الجهمية، مخالفة لهذه الطرق فتكون شاذة، أم أن الهلالي هنا سيقول بأنه لا يشترط أن للحديث أن يوافق حديثا آخر كما لا يشترط أن يوافق القرآنَ؟ إذن لماذ حكم الهلالي على طرق ابن عباس بالاضطراب؟!! حيث زعم أنها تخالف بعضها فبعضها جاء فيها أن الساق كرب وشدة، وفي أخرى: يكشف الأمر وتبدو الأعمال، وفي بعضها يكشف عن أمر عظيم، وفي أخرى يوم[39]القيامة والساعة لشدتها ، وفي بعضها جاء أنها يوم القيامة[40]!! كذا قال ولكن هذا ليس بشيء إذ يمكن أن يجمع بين معظمها فيقال بأنه يُكشف عن أمر عظيم وكرب شديد وذلك يكون يوم القيامة حين تبلى السرائر وتنشر أعمال الناس على الملأ، فلا تنافي بين الروايات إذن، وهذا أصلا مصرح به تقريبا في رواية “يريد يوم ‌القيامة ‌والساعة ‌لشدتها”، ومع ذلك يتعالم الهلالي ويرد على الحافظ تصحيحه وتحسينه لآثار ابن عباس في الباب بزعم اضطرابها، والاضطراب إنما هو في عقل الهلالي!!!

على كل نحن حتى لو سلمنا بضعف كل الآثار التي رويت في تأويل الساق فهذا لا يضرنا بل هذا أحظّ لنا … إذغايته أن السلف لم يثبت عنهم أنهم تكلموا في الآية بتأويل ولا تفسير وهذا هو التفويض الذي نسبناه للسلف وأنكرتموه .. بل هو أشد عندكم من التأويل “فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد”[41]!!

وبالتالي فماذا جنيتم من تضعيف آثار تأويل الساق كما فعل الهلالي سوى أنكم هدمتم أكبر صرح وحجة على تفسير السلف للصفات وهو أثر مجاهد… وهكذا يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله عدوه به .. إذ أني لو قدحت – وفعلا قدحت كما تقدم – في أثر مجاهد في الاستواء لأقاموا الدنيا علي وقالوا كيف تضعّفه مع تعليق البخاري له بصيغة الجزم؟!! مع أن الألباني ضعّف أحديث في البخاري[42] وفي مسلم[43]ما هو مسند وليس فقط معلق ولكن عين الرضا عن كل عيب كليلة .

ثالثا: وأما الربيع ابن أنس، فقد تمسكوا بما روي عنه في أن استوى بمعنى ارتفع، كما فعل ابن تيمية ودمشقية والألباني كما سيأتي، ثم ضعّفوا ما جاء عنه بنفس السند في تأويله للساق كما في المنهل الرقراق ص 43 .

قال الطبري: حُدِّثت بذلك عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس:”ثم استوى إلى السماء”. يقول: ارتفع إلى السماء[44].

وقال الطبري: حدثني جعفر بن محمد البزوري، قال: ثنا عبيد الله، عن أبي جعفر، عن الربيع، في قول الله {يوم يكشف عن ساق} قال: يكشف عن الغطاء، قال: {يدعون إلى السجود وهم سالمون}[45].

فضعفه الهلالي بأبي جعفر وهو الرازي فقال إنه سيء الحفظ!!! جميل فإنه هو نفسه موجود في سند الربيع كما سبق فضلا عن أن الطبري قال: حُدثت، وموجود في سند أبي العالية في تفسير الاستواء، فقد قال ابن أبي حاتم في تفسيره (6/ 1925): حدثنا عصام بن رواد ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية في قوله: ثم استوى يقول: ارتفع[46].اهـ أضف إلى ذلك أن الربيع بن أنس نفسه: صدوق له أوهام ورمي بالتشيع كما في التقريب[47].

وهكذا يكون الهلالي قد ضعّف كلَّ الآثار الواردة عن ابن عباس من الصحابة وعن ستة من التابعين وبعضهم ورد عنهم بإسنادين كالآثار عن مجاهد وقتادة والنخعي، ولم يصحح سوى أثر قتادة وهو قوله أنه يكشف “عن أمر فظيع جليل”، ولكن مع ذلك قال الهلالي لعل قتادة أراد بقوله بالأمر الفظيع الجليل: الساق[48]!! إذن فالمراد بالأمر الفظيع: الساق!!! فقولوا ما شاء على هذه العقول الفظيعة!!!!

وما يهمنا هنا هو أن القوم حين ضعفوا أسانيدَ آثارِ تأويلِ الساقِ هم ضعفوا في الوقت نفسه ومن حيث لا يشعرون الآثار – وهي أثر مجاهد وأبي العالية والربيع بن أنس- في تفسير الاستواء بمعنى علا أو ارتفع، وهذه الآثار كم وكم صدعوا رؤوسنا بها مستشهدين بها على أن السلف فسروا آيات الصفات الخبرية كالاستواء ونحوه وحملوها على ظاهرها، وبالتالي يبطل نسبة مذهب التفويض إلى السلف عندهم.

وقد حشوا بهذه الآثار عشرات ومئات الكتب بداء من ابن تيمية فإنه قال في شرح حديث النزول (ص: 144): الصحابة والتابعون لهم بإحسان كانوا يقرون أفعاله من الاستواء والنزول وغيرهما على ما هي عليه. قال أبو محمد بن أبي حاتم في تفسيره: .. عن أبي العالية، {ثم استوى إلى السماء} يقول: ارتفع..اهـ ثم سرد الآثار الأخرى السابقة.

وقال في «مجموع الفتاوى» (١٣/ ٣١٠): ثم السلف ‌متفقون ‌على ‌تفسيره بما هو مذهب أهل السنة. قال بعضهم: ارتفع على العرش علا على العرش. وقال بعضهم عبارات أخرى وهذه ثابتة عن السلف قد ذكر البخاري في صحيحه.اهـ

وتجد في كتب أتباعه حشد هذه الآثار العناوين الطنانة كقول دمشقية ” الدليل على أن السلف فسروا آيات الصفات” ثم يقول: ونضرب مثالا على أن السلف ما تجاهلوا معاني الصفات: فقد قال مجاهد {استوى على العرش} أي علا على العرش. وقال أبو العالية استوى أي ارتفع. وعن ابن عباس في قوله تعالى { واصنع الفلك بأعيننا } ” أي بعين الله تبارك وتعالى ” . وفي رواية أنه أشار بيده إلى عينه”[49].

ويقول الألباني ـ تبعا للذهبي في العلو[50] ـ: تفسير ابن جرير مشحون بأقوال السلف على الإثبات، فنقل في قوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء} عن الربيع بن أنس أنه بمعنى ارتفع. ونقل في تفسير “ثم استوى على العرش” في المواضع كلها أي: علا وارتفع. وقد روى قول مجاهد … [51].

ويقول خليفة التميمي في مقدمة تحقيقه لكتاب العرش للذهبي (١/ ١٩٢) بعد أن يسرد هذه الآثار ” وفي هذا التفسير لمعنى الاستواء من قبل السلف رد على من زعم أن مذهب السلف هو التقيد باللفظ مع ‌تفويض المعنى المراد، وأنهم كانوا لا يفسرون الاستواء ولا يتكلمون فيه، فمن خلال ما تقدم من الأقوال التي نقلت عن السلف يتضح كذب هؤلاء وزيف ادعائهم”.اهـ

ولكن ماذا يبقى لكم بعد أن ضعّفتم بأيديكم أسانيد آثار مجاهد وأبي العالية والربيع بن أنس في تفسير الاستواء؟! نعم يبقى ما روي عن ابن عباس من أن استوى بمعنى استقر أو صعد هو أصلا مروي بإسناد سلسلة الكذب، وبالتالي فهذه أربعة أقوال يحكونها عن السلف قد سقطت، وهي كما قالوا “ومعنى الاستواء: العلو، والارتفاع، والاستقرار، والصعود؛ كما قال ابن القيم:فلهم عبارات عليها أربع … [52]اهـ

وهذه الأبيات من نونيته حيث يقول متبجحا بهذه الأقوال في نونيته:

واقرأ تفاسير الأئمة ذاكري الإسـ … ـناد فهي هداية الحيران

وانظر إلى قول ابن عباس بتفسـ… ـير استوى إن كنت ذا عرفان

وانظر إلى أصحابه من بعده … كمجاهدومقاتل حبران

وانظر إلى الكلبيأيضا والذي … قد قاله من غير ما نكران

وكذا رفيع التابعي (أي أبو العالية) أجلهم … ذاك الرياحي العظيم الشان

كم صاحب ألقى إليه علمه … فلذاك ما اختلفت عليه اثنان

فليهن من قد سبه إذ لم يوا … فق قوله تحريف ذي البهتان

فلهم عبارات عليها أربع … قد حصلت للفارس الطعان

وهي استقر وقد علاوكذلك ار … تقع الذي ما فيه من نكران

وكذاك قد صعد الذي هو أربع … وأبو عبيدة صاحب الشيباني

يختار هذا القول في تفسيره … درى من الجهمي بالقرآن[53]

فهذه الأقوال الأربعة التي تبجح بها ابن القيم قد سقطت .. وهي تقريبا مُعوّلهم الوحيد على أن السلف فسروا آيات الصفات وبالتالي على بطلان نسبة التفويض للسلف.

ولكن هم مع ذلك يأخذون بآثار هؤلاء في تفسير الاستواء مع أنهم ضعفوا آثارهم في تأويل الساق وهي واردة بنفس أسانيد آثار تفسير الاستواء، وهذا هو الهوى والكيل بمكيالين بأبهى صوره … بل قل: هذا هو الهوى … نعوذ بالله منه!!!

والأمر أشد جلاء حينما يضعّفون عشرةَ أسانيد جاءت عن ابن عباس في تأويل الساق وبعضهم حسن على الأقل، ويأخذون بإسناد مسلسل بالكذابين في تفسير الاستواء كما رأينا … فما شاء الله على هذا الاتباع للسلف!! والأدهى أنهم يرمونك بالابتداع لأنك لا تتبع السلف … ألا تبا لمثل هكذا اتباع الذي هو أشبه بانتقاء التفاح والبرتقال والمشمش والخوخ فتأخذ منها يطيب لك وتشتهيه وتترك ما لا يطيب ولا تشتهيه !!! فهو حري بأن يشبّه بانتقاء الطماطم والخيار من اتباع للسلف الأخيار.

ناهيك عن أن القوم بذلك هدموا أصلهم القائم على وجوب اتباع فهم السلف برمته، لأنهم ضعفوا حوالي عشرين سندا وردت في تأويل الساق، عشرة عن ابن عباس، وتسعة أسانيد عن التابعين، ستة أسانيد لثلاثة منهم لكل منهم إسنادان، وثلاثة من التابعين لكل منهم إسناد، حسّن الهلالي إسنادا واحدا منها، بقي 18 إسنادا، وكثير إن لم يكن معظم التفاسير التي تأتي عن السلف للقرآن تأتي من خلال هذه الأسانيد، وبالتالي فحين تضعّف أسانيدهم لا سيما بعض الأسانيد وهي “طريق معاوية بن صالح، عن على بن أبى طلحة، عن ابن عباس، وهذه هى أجود الطرق عنه، وفيها قال الإمام أحمد رضى الله عنه: “إن بمصر صحيفة فى التفسير رواها على بن أبى طلحة، لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدا ما كان كثيرا“. وقال الحافظ ابن حجر: “وهذه النسخة كانت عند أبى صالح كاتب الليث، رواها عن معاوية بن صالح، عن على ابن أبي طلحة، عن ابن عباس، وهى عند البخارى عن أبى صالح، وقد اعتمد عليها فى صحيحه فيما يعلقه عن ابن عباس”. وكثيرا ما اعتمد على هذه الطريق ابن جرير الطبرى، وابن أبى حاتم، وابن المنذر بوسائط بينهم وبين أبى صالح. ومسلم صاحب الصحيح وأصحاب السنن جميعا يحتجون بعلى بن أبى طلحة”[54].

وقد ورد بهذه الطريق تأويل الساق عن ابن عباس، ومع ذلك يضعفها الهلاليُّ[55]، في الوقت الذي يقبلون فيه ما روي عن ابن عباس في تفسير الاستواء مع أنه وارد عنه بسلسلة الكذب، فأي ظلمات بعد هذا أنتم فيها؟!!!

ثم أنت حين تضعف كل تلك الأسانيد لأجل أن تنكر أنهم أولوا الساق، ماذا تكون فعلت؟ ألا تكون أبطلت كل الآثار التي تأتي عنهم في تفسير الآيات الأخرى للقرآن[56] ووافقت بعض المستشرقين في طعنهم بتلك الأسانيد كما فعل جولدزيهر في طعنه في الطريق السابقة وهي ” عند أبى صالح كاتب الليث، رواها عن معاوية بن صالح، عن على ابن أبي طلحة، عن ابن عباس” مستغلا بعض الطعون فيها[57]!!

أي أنك من أجل أن تفسيرهم لم يعجبك لآية واحدة أبطلتَ تفسيرهم لسائر آيات القرآن لأنها واردة عنهم بنفس الأسانيد تقريبا، وأنت بعد ذلك لم تضرنا في شيء لأنه حتى لو لم يثبت عنهم التأويل فإنه لم يثبت عنهم التفسير أيضا لآيات الصفات المتشابهة، وأنت بنفسك ضعّفت أسانيدها آثارهم في تفسير الاستواء من غير أن تشعر…!! وهذا أشد سوءا في مذهبك القائل بأن التفويض شر من التأويل!!

فماذا بقي لك من وجوب اتباع فهم السلف؟ وماذا يبقى لقول ابن تيمية في سياق إبطاله للتفويض: التفاسير الثابتة المتواترة عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان تبين أنهم إنما كانوا يفهمون منها الإثبات، بل والنقول المتواترة المستفيضة عن الصحابة والتابعين في غير التفسير موافقة للإثبات ولم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين حرف واحد يوافق قول النفاة[58].اهـ

وقد استدللتم بقوله هذا على بطلان التفويض[59] فأي تواتر هذا تتحدثون عنه؟ وها أنتم ضعّفتم عيانا بيانا حينما ضعّفتم حوالي عشرين سندا وَرَدت عن السلف في تأويل الساق، فأي تواتر بعد هذا تدعيه؟ وهل ورد أصلا نصف عدد هذه الأسانيد في تفسير الاستواء أو اليد أو الوجه أو العين أو الساق أو النزول أو غير ذلك مجتمعة؟!!!

كيف وقد رأينا أنه لم يأت عن الصحابة والتابعين في تفسير الاستواء سوى أربعة أو خمسة آثار وكلها صارت ضعيفة الآن لأن القوم ضعفوا أسانيدها التي وردت في تأويل الساق كما بسط ذلك الهلالي في المنهل الراقراق..

حقيقة أنا مسرور جدا بكتاب المنهل الرقراق… لأنه هدم ما بناه أسلافه ابنُ تيمية ومن تبعه منذ قرون وفي عشرات أو ربما مئات الكتب … هدمه من غير أن يشعر في كتابه هذا وطبّل له الوهابية مثل دمشقية ومن لف لفه .. فالهلالي لم يضعف فقط آثار تأويلهم للساق بل ضعّف في الوقت نفسه ـ من غير أن يشعر ـ الآثار في تفسير الاستواء لأنها ورادة بنفس بتلك الأسانيد كما سبق بيانه … فكفانا الهلالي المؤونة وكفى الله المؤمنين القتال.

وأما آيات اليد والوجه والعين وحديث النزول ونحوه فهذه لا يوجد أصلا تفسير عن الصحابة والتابعين وأتباعهم تفسير لها .. بالعكس يوجد بعض آثار في تأويل الوجه[60]والعين[61]واليد[62]وغيرها، فإن صحت فبها ونعمت، وإلا فمعنى ذلك أن السلف لم يتكلموا فيها بتفسير ولا تأويل وهذا ما قالوا بالنص من أننا نؤمن بها دون تفسير كما أثبت ذلك عنهم في سلسلة مستقلة[63]، وبالتالي فأين هؤلاء السلف الذين تزعمون بأنهم فسروا آيات الصفات على ظاهرها، بعد أن ضعفتم بأنفسكم أسانيدهم في تأويل الساق .. والتي وردت بتلك الأسانيد تفسير الاستواء.

بل ماذا بقي من اتهامكم للأشاعرة من أنهم لا يتبعون فهم السلف للكتاب والسنة ولا يعرفونه بعد أن ضعفتم معظم الأسانيد التي يرد بها عنهم تفسير القرآن؟!!

تعالوا لنأخذ أمثلة أخرى توضح هذا الانتقاء في اتباع السلف من خلال تفسير آية الاستواء … انتظره

وسأرفق لاحقا الصور من الكتب للتوثيق إن شاء الله لأني ما زلت أعاني من مشكلة عدم تحميل الصور في المنشور فلعلها تحل بحول الله.

وكتبه وليد ابن الصلاح 16/ 6/ 2020 الموافق 24 شوال 1441 لهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

————-

[1] مجموع الفتاوى لابن تيمية (13/ 361)

[2] مجموع الفتاوى (6/ 15)

[3] المنهج السلفي عند الشيخ ناصر الدين الألباني ص 21، ص 26، ص 27، تأليف: عمرو عبد المنعم سليم، دون بيان دار وتاريخ النشر.

[4] السلفية بين التأصيل والابتداع لمصطفى فرحات (ص: 3)

[5] السلفية بين التأصيل والابتداع لمصطفى فرحات (ص: 5)

[6] حقيقة دعوة الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية، عبد الله بن سعد الرويشد(ص: 115)

[7] حقيقة دعوة الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية (ص: 118)، محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه (ص٩٨)

[8] «غاية المريد شرح كتاب التوحيد» د. عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل (ص٢٠)

[9] انظر:

https://ar.wikipedia.org/wiki/سلفية_وهابية#cite_ref-4

[10] أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم (ص: 30 وما بعدها)

[11] طبقات الشافعية الكبرى (3/ 365)

[12] توضيح المقاصد شرح الكافية الشافية نونية ابن القيم (1/ 441)، العلو للعلي الغفار (ص: 160)، الضياء الشارق في رد شبهات الماذق المارق (ص: 224)، التحفة المدنية في العقيدة السلفية (ص: 162)، تنزيه المجيد عن افتراءات العبيد (ص: 86)، جواب أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والزيدية (مطبوع ضمن الرسائل والمسائل النجدية، الجزء الرابع، القسم الأول) (ص: 151)، الرسالة المدنية في بيان العقيدة السنية لابن معمر (ص: 81)، الوهم والإيهام الواقعين في تعليقات الشيخين (ص: 42).

[13] انظر:

https://www.facebook.com/…/permalink/859606894153334/

[14] انظر:

https://www.facebook.com/…/permalink/868122166635140/

[15] المنهل الرقراق ص30

[16] التفسير البسيط» (٢٢/ ١١٣)

[17] «استدراك وتعقيب على الشيخ شعيب الأرنؤوط في تأويله بعض أحاديث الصفات» لخالد الشايع بتعليق ابن باز (ص٧٤)

[18] جاء في التفسير والمفسرون لحسين الذهبي 1/ 61: طريق محمد بن السائب الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس، وهذه أو هى الطرق. والكلبى مشهور بالتفسير، وليس لأحد تفسير أطول منه ولا أشيع كما قال عدى فى الكامل، ومع ذلك فإن وجد من قال: رضوه فى التفسير، فقد وجد من قال: أجمعوا على ترك حديثه، وليس بثقة، ولا يكتب حديثه، واتهمه جماعة بالوضع. وممن يروى عن الكلبى، محمد بن مروان السدى الصغير، وقد قالوا فيه: إنه يضع الحديث، وذاهب الحديث متروك، ولهذا قال السيوطى فى الإتقان: “فإن انضم إلى ذلك – أى طريق الكلبى – رواية محمد بن مروان السدى الصغير، فهى سلسلة الكذب”، وقال السيوطى أيضا فى كتابه الدر المنثور (جـ 6 ص 423) : “الكلبى: اتهموه بالكذب وقد مرض فقال لأصحابه فى مرضه: كل شىء حدثتكم عن أبى صالح كذب.. ومع ضعف الكلبى فقد روى عنه تفسيره مثله أو أشد ضعفا، وهو محمد بن مروان السدى الصغير” وكثيرا ما يخرج من هذه الطريق الثعلبى والواحدى.اهـ

[19] انظر أيضا حاشية الرد على الجهمية لابن منده للفقيهي (ص: 40)

[20] انظر:
https://www.facebook.com/…/permalink/2870284493085554/

[21] الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه لأمان جامي (ص: 319)

[22] موسوعة أهل السنة لعبد الرحمن دمشقية في ثلاثة مواضع (ص: 378) و (ص: 490) و (ص: 546)

[23] سلسلة الأحاديث الضعيفة (13/ 1057)

[24] جامع البيان ط هجر (23/ 188)

[25] موسوعة أهل السنة لعبد الرحمن دمشقية ص: 468، 469، 490، 557، 639، 648، 653. وانظر له استدلال الشيعة بالسنة النبوية في ميزان النقد العلمي – رسالة جامعية (1/ 376).

[26] انظر مثلا:

انظر: http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=68791

[27] موسوعة أهل السنة لعبد الرحمن دمشقية (ص: 551)

[28] انظر:

https://www.facebook.com/…/permalink/904204386360251/

[29] انظر:

https://www.facebook.com/…/permalink/765316223582402/

[30] جامع البيان ط هجر (23/ 188)

[31] صحيح البخاري بتحقيق البغا (6/ 2706)

[32] صحيح مسلم – عبد الباقي 1/ 167

[33] فتح الباري (8/ 664)

[34] المنهج الرقراق 51

[35] اختلاف الحديث للإمام الشافعي (ص: 14)

[36] قال ابن النجار كان يرى رأي الفلاسفة قتل سكران قلت وهو تلميذ يعقوب بن إسحاق الكندي فيلسوف العرب.. وقال ابن أبي أصيبعة في طبقات الأطباء هو أحمد بن محمد بن مروان قلت فكأن الطيب لقب أبيه وذكر عبد الله بن أحمد بن أبي طاهر في أخبار المعتضد أن أحمد بن الطيب هو الذي أشار على المعتضد بلعن معاوية على المنابر … ثم ذكر خبر في ذم معاوية ثم قال: قلت وهذا باطل موضوع ظاهر الوضع إن لم يكن أحمد بن الطيب وضعه وإلا فغيره من الروافض وقال النديم كان علمه أكثر من عقله وذكر له كتبا في المنطق والنجوم وغير ذلك.اهـ انظر: لسان الميزان ت أبي غدة (1/ 489)

[37] جامع البيان ت شاكر (23/ 557)

[38] الفوائد الشهير بالغيلانيات لأبي بكر الشافعي (2/ 794)

[39] وحرّفها الهلالي في المنهل الرقراق ص31 فقال “فيقوم القيامة” وإنما هي “يوم القيامة” كما في فتح الباري وكما في الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 185) “يريد يوم ‌القيامة ‌والساعة ‌لشدتها”، وقد سبق ذلك.

[40] المنهل الرقراق ص31

[41] درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية – (1/ 205).

[42] كقول الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 4/ 184: 1640 – إن الله تعالى قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، و ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ، و ما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه…أخرجه البخاري ( 4 / 231 ) .. من طريق خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره.قلت : و هذا إسناد ضعيف ، و هو من الأسانيد القليلة التي انتقدها العلماء على البخاري رحمه الله تعالى.اهـ وانظر: الأحاديث التي ضعفها الشيخ الألباني في صحيح البخاري، بحث من أبحاث مؤتمر الصحيحين للدكتور محمد حمدي أبو عبده.

[43] انظر كتاب : تنبيه المُسلم إلى تعدّي الألباني على صحيح مُسْلِم، المؤلف: محمود سعيد ممدوح الشافعي.

[44] جامع البيان ت شاكر (1/ 429)

[45] جامع البيان ط هجر (23/ 195)

[46] وانظر شرح حديث النزول لابن تيمية (ص: 144)

[47] تقريب التهذيب – عوامة (ص: 205)

[48] انظر المنهل الرقراق ص44

[49] موسوعة أهل السنة لعبد الرحمن دمشقية (ص: 490)

[50] العلو للعلي الغفار (ص: 205)

[51] مختصر العلو للعلي العظيم (ص: 224)

[52] انظر: منهج الشيخ عبد الرزاق عفيفي وجهوده في تقرير العقيدة والرد على المخالفين (ص: 167)، وانظر أيضا: توضيح المقاصد شرح الكافية الشافية نونية ابن القيم (1/ 439)، شرح العقيدة الواسطية للهراس (ص: 139)، صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي السقاف (ص: 65)، العقيدة الواسطية بتعليق ابن مانع (ص: 8)، إرشاد العباد إلى معاني لمعة الاعتقاد للبراك (ص: 15)، توضيح مقاصد العقيدة الواسطية للبراك (ص: 104)

[53] نونية ابن القيم = الكافية الشافية (ص: 87)

[54] التفسير والمفسرون 1/ 59

[55] المنهل الرقراق ص23

[56] انظر:

http://www.ibnamin.com/tafsir_takhrij.htm

https://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=85655

[57] جاء في التفسير والمفسرون 1/ 59: *طعن بعض النقاد على هذه الطريق: ولقد حاول بعض النقاد أن يقلل من قدر هذه الطريق فقال: “إن ابن أبى طلحة لم يسمع من ابن عباس التفسير، وإنما أخذه عن مجاهد أو سعيد ابن جبير” وعلى هذا فهى طريق منقطعة لا يركن إليها، ولا يعول عليها.

وقد استغل هذا القول الأستاذ “جولدزيهرفى كتابه “المذاهب الإسلامية فى تفسير القرآن” فقال: “صرح النقدة المسلمون بأن ذلك الرجل – على بن أبى طلحة – لم يسمع التفسير الذى تضمنه كتابه مباشرة من ابن عباس، وهكذا فإنه حتى فى صحة القسم الخاص بالتفسير الأكثر تصديقا، يحكم النقدة المسلمون بهذا الحكم فيما يتعلق بصحة نسبته لابن عباس على أنه هو المصدر الأول له” اهـ.

*تفنيد هذا الطعن: ويظهر لنا أن الأستاذ “جولدزيهر”، جهل أو تجاهل ما رد به النقاد المعتبرون على هذا الظن الذى لا قيمة له، فقد فند ابن حجر هذا النقد بقوله: “بعد أن عرفت الواسطة وهو ثقة فلا ضير فى ذلك”. وقال صاحب إيثار الحق: “وقال الذهبى فى الميزان: وقد روى – يعنى على بن أبى طلحة عن ابن عباس تفسيرا كثيرا ممتعا، والصحيح عندهم أن روايته عن مجاهد عن ابن عباس، وإن كان يرسلها عن ابن عباس فمجاهد ثقة يقبل”. وجملة القول: فهذه أصح الطرق فى التفسير عن ابن عباس، وكفى بتوثيق البخارى لها واعتماده عليها شاهدا على صحتها.

ثانيها: طريق قيس بن مسلم الكوفى، عن عطاء بن السائب عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس. وهذه الطريق صحيحة على شرط الشيخين، وكثيرا ما يخرج منها الفريابى والحاكم فى مستدركه.

[58] درء تعارض العقل والنقل (3/ 347)

[59] موقف ابن تيمية من الأشاعرة (3/ 1183)

[60] قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى 6/ 16: في قوله تعالى {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله} قال: نعم. قلت: المراد بها قبلة الله فقال: قد تأولها مجاهد والشافعي وهما من السلف.

[61] جاء في تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (22/ 581): وقوله (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) يقول جلّ ثناؤه: تجري السفينة التي حملنا نوحا فيها بمرأى منا ومنظر. وذُكر عن سفيان في تأويل ذلك ما حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، في قوله (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) يقول: بأمرنا.

[62] جاء في «تفسير ابن أبي حاتم» (٤/ ١١٦٧): حدثنا أبي ثنا أبو صالح كاتب الليث حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: وقالت اليهود يد الله مغلولة قال: لا يعنون يدا لكان يد الله موثقة ولكن يقولون ‌بخيل ‌أمسك ‌ما عنده- تعالى الله عما يقولون علوا كثيرا- وروي عن عكرمة والضحاك نحوه.

وجاء في تفسير الطبري = جامع البيان ط دار التربية والتراث» (١٠/ ٤٥٣): – حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:”وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا” إلى”والله لا يحب المفسدين”، أما قوله:”يد الله مغلولة”، قالوا: الله بخيل غير جواد! قال الله:”بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء”.

[63] وذلك كقول محمد بن الحسن يقول اتفق الفقهاء كلهم من الشرق إلى الغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله في صفة الرب عز و جل من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه فمن فسر شيئا من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي، وفارق الجماعة، فإنهم لم يصفوا ولم يفسروا ولكن آمنوا بما في الكتاب والسنة، ثم سكتوا فمن قال بقول جهم فقد فارق الجماعة لأنه وصفه بصفة لا شيء.اهـ وكقول وكيع بن الجراح (ت 196 هـ): “أدركنا إسماعيل بن أبي خالد وسفيان ومسعرا يحدثون بهذه الأحاديث ولا يفسرون شيئا “، وكقول سفيان بن عيينة يقول” كل ما وصف الله تعالى من نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته، والسكوت عليه. انظر:

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/506912476089446/

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/449858551794839/

السابق
3) مناقشة قول ابن تيمية بأن استواء الله تعالى يُفسر بنفس معنى استوائنا على الدواب[1]
التالي
القياس الشرطي الاستثنائي المتصل والمنفصل/شرح السلم المنورق/الدرس السابع/ الشيخ أدهم العاسمي حفظه الله